ولد الهدى فالكائنات ضياء
السنباطي وأم كلثوم أم محمد وردي ومحمد الأمين
د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
أتواصل مع أحد الأصدقاء من أقاربي وإن باعدتنا عقود السنوات المتراكمة تقربنا الوسائط الإلكترونية رغم بعد المسافات واختلاف المناخ جغرافيا ومجتمعيا. قبل يومين وبعدما أسدل الليل أستاره وهدأت الشوارع من الضوضاء وبعد الإستراحة النفسية مستمتعا بصحة كوكب الشرق رحمها الله وهي تنشد من شعر أمير الشعراء شوقي رحمه الله " ولد الهدى فالكائنات ضياء " قمت بإهدائها رغم فرق الزمن لهذا الصديق العزيز لعل نور من السماء ينير جوانحه ويبدد ظلمات نفسه وقد طال زمن غربته قدرا مكتوباً عليه، ثم جاءت الحرب اللعينة فدمرت كل شيء وبعثرت الناس أشتاتا أشتاتا، من ضمنهم أهلي وأهله بل جل مواطني السودان .
" تحياتي اخي الحبيب د. عبد المنعم
القصيدة لا شك من روائع امير الشعراء احمد شوقي،
لكن السنباطي اضاع القصيدة و اضاع صوت السيدة، بلحن رتيب ممل و جمل موسيقية مكررة تقاصرت عن مستوى الكلمات و صوت ام كلثوم على الرغم من ان القصيدة سهلة التلحين لأن حرف الروي واحد و أرى ان السنباطي عجز ان يضع لها لحنا يناسبها!!! ترى كيف كان لحنها سيكون لو وضعه محمد وردي او محمد الامين
أقول ما قلت و لي اكثر من ٣٥٠ لحنا خاصة بي و اتذوق الألحان بأذن ناقدة و لا ادري هل تتفق معي ام لا؟ "
بعثت له بهذا الشكل:
سلام وأطيب التحيات عطراً يضمخ جوانحك
أولاً سررت بأنك تلحن وتدندن، فأنت إذاً شاعر وفنان ذو مشاعر رقيقة وراقية. تهانينا، لم أكن أعلم كل ذلك
ثانيا تعليقك على تلحين رياض السنباطي هو رأيك الشخصي وأحترمه ، "ولولا إختلاف الأنظار لبارت السلع".
دعني أقول إن التلحين في الإنشاد الديني قد يختلف عن الغنائي وإن صحبته الموسيقى الآلية . إدخال ألحان الأغاني السودانية على أداء المدائح أفسد رونقها وتجليها وعلى أثرها الروحي فتحولت إلى شبه أغنيات راقصة، يرقص على ضربات دفها الشيب والشباب فيفتقدون الغور للتفكر في معانيها ومتعتها الخالصة . السنباطي رحمة الله عليه أستاذ لا يبارى في دنيا التلحين صقلته كذلك موهبة إلهية وتلحين الأطلال بعينه الذي كتب له الله منفرداً الخلود قمة الروعة والجمال وبصمة تاريخية لن تتكرر خاصة توالفه مع أداء كوكب الشرق أم كلثوم رحمها الله. له أيضا من شعر الإنشاد الديني رائعتين أجاد تلحينهما " القلب يعشق كل جميل ورباعيات الخيام، ترجمة أحمد رامي، سمعت صوتا هاتفاً في السحر" لا أمل الإستماع لهما وأسرح مع الكلمات واللحن وصوت أم كلثوم ساعتها تسمو بروحي الأفكار والخواطر والشجون ، تنقلني إلي عوالم فوق تخوم المجرات أسبح فيها وروحي تنشد لقيا وصحبة حبيبنا رسولنا وهادينا وهو على البراق "يا الله من الإعجاز " يغزو بردا وسلاما الفضاء عبر المسافات "ملايين السنوات الضوئية "، من غير خوذة ووقاء ، بل يعبر كل المتاريس ومعضلات تجاوز السموات ومجراتها بإنفجاراتها الكونية الحارقة وثقوبها السوداء التي من جبروتها تبتلع الكواكب والنجوم وإن كبرت ثم يعود سالما من معراجه التأريخي وإعجازي . يا سلام على قدرة وعظمة الله، شيء عظيم وعجيب
أما أم كلثوم في الفردوس يا رب لا أخفيك عشقي للإستماع لها منذ كنت في المدرسة المتوسطة وكنت أتابع حفلاتها الشتوية على الهواء مباشرة من الإذاعات المصرية وأنا في بربر الثانوية صرت أكثر عشقا وتفهما لكلمات وألحان أغانيها الخالدة خاصة على سبيل المثال " فكروني وهذه ليلتي والأطلال " كانت قمة روعة التطريب وإلي يومنا هذا لا أظل مفتونا بهذا التنوع الراقي من ما خلفته كوكب الشرق . عندما شاء الله أن أستقر هونا طالبا في كلية طب بغداد كان يوجد مقهى كوكب الشرق في يمين بداية شارع الرشيد وانت داخلاً متجها شمالا من ناحية ساحة الميدان. المقهى كان فقط للإستماع لأغاني أم كلثوم وشرب الشاي العراقي المشهور بنقاء لونه الأحمر الصافي (القهوة والسندوتشات لم تكن معروفة لدى الجمهور العراقي ذلك الوقت قبل الغزو الأميركي). كان الناس يجلسون للإستماع في هدوء كأن على رؤوسهم الطير. كنت هناك أهوى الاستماع للقلب يعشق كل جميل. وكم هو جميل حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وكم هو قبره لجميل ومدينته جميلة وسيرته أجمل.
رجوعا إلى إختلاف التلحين بطريقة إنشاد أدب المدائح ستلاحظ التنوع والإختلاف في تلحين الأغاني إذا اعتبرت مقارنا لحن وأداء القصيدة المعنية نفسها عندما ينشدها العراقي الشيخ وليد إبراهيم (أرجو أن تستمع له على اليوتيوب".أستاذنا للغة العربية أحمد عبدالجبار كان ينشدها مجيداً على النهج السوداني عندما يقضي وقتا من إجازة المدارس في العاصمة بمنزل »شقيقنا شيخ مجذوب. رحمهما الله
أما محمد وردي والأمين وإن كانا لونان ومدرستان فنيتان معروفتان في أفريقيا وغيرها لا يمكن وضعهما في كفة الميزان مع رياض السنباطي. ليس تقليلاً لمكانتهما على الساحة الفنية وتأثيرهما و بصماتهما الفنية في التأليف الموسيقي لكن لإختلافي معك في ما تفضلت به ، فمثلا محمد وردي حاول كل حياته الفنية تلحين وإنشاد قصيدة واحدة وهي للشاعر المرحوم محمد المكي إبراهيم "مدينتك الهدى والنور، مدينتك القباب ودمعة التقوى ووجه النور" ولم تنتشر . ربنا يرحمهما ويغفر لهما ويسكنهما الفردوس الأعلى .
على كل حال ذلك الجيل من نجوم الشعراء والفنانين لا أعتقد أنه سيتكرر مرة أخرى. وإن كان لكل زمان نجوماً ذات دورات خاصة تظهر فيها ثم تختفي فهناك نجوم ثابتة مثل المريخ وعطارد وزحل وغيرها ثابتة يشع نورها من غير إنقطاع يبدد ظلام السماء الموحش. فوحشية وحشة الحياة التي تخيم على عالمنا اليوم وتأثر سلبياتها على سلوكنا وتعاملنا وعلى حياتنا بمختلف ألوانها نجد السلوى في العلاج بصحبة تلك الأنجم المضيئة التي لا تختفي
تحياتي لقد أطلت عليك فأنا في عطلة يتسع المجال فيها للتأمل والتفكير
شكرا
عبدالمنعم
الشيخ وليد ابراهيم رحمه الله على اليوتيوب " ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء "
https://youtu.be/WWQZjUhfqko?si=Y_Lf3N3DUXytKDl8
aa76@me.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ولد الهدى فالکائنات ضیاء کوکب الشرق محمد وردی أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
ضياء رشوان عن هدنة الـ 60 يوما: ترامب يجمع رصيدا في حسابه الخاص بجائزة نوبل
تحدث الكاتب الصحفي ضياء رشوان، عن هدنة الـ60 يوما في غزة التي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إسرائيل وافقت عليها، قائلا: "الرئيس ترامب يجمع رصيدا في حسابه الخاص بجائزة نوبل، فقد تحدث عن دوره في إنهاء الأزمة بين الهند وباكستان، وإيران وإسرائيل، والكونغو ورواندا، ولا بد أن يفعل ذلك في غزة، حتى يكتمل رصيده".
وأضاف رشوان، في حواره مع الإعلامي محمد المهدي، عبر قناة "إكسترا نيوز": "ترامب يتبقى له قضيتان تحدث عنهما، وهما غزة، وأوكرانيا".
وردا على سؤال: "أي سردية أثرت على الرأي العام العالمي منذ 7 أكتوبر 2023، سردية المقاومة؟ أم سردية الاحتلال؟"، قال رشوان: "هذا سؤال بحثي، وأشكرك عليه، لأنه سؤال في منتهى الأهمية، وأتمنى أن يجيب عليه الباحثون علميا، من حيث الرصد الإعلامي والسياسي لما جرى في العالم من فاعلين مختلفين مثل الدولة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية والإقليمية، وكل ذلك سيفرز في النهاية إجابة السؤال".
وأوضح، أن السردية التي كانت سائدة قبل 7 أكتوبر، والتي كانت موجودة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، هي أن هناك "شعب" اسمه الشعب اليهودي اضطهد في الحرب العالمية الثانية، وارتكبت ضده مذابح، ومن حقه أن يكون له وطن قومي، وهذا الوطن القومي تمثل في عام 1948 الذي شهد استيلاء عصابات صهيونية ويهودية على فلسطين.
وواصل: "لا توجد دولة في العالم ذات طابع ديني غير الفاتيكان والتي تبلغ مساحتها كم مربع في قلب روما، حيث تحتوي على الأماكن المقدسة للكنيسة الكاثوليكية، وهي دولة رمزية تمثل أكبر مذهب في العالم".