ما زلتُ أبكيكِ.. #بغداد
#احمد_حسن_الزعبي
خاص #سواليف مقال الثلاثاء 9-4-2025فقدُ #العواصم لا يقل إيلاماً عن فقد #الأمهات ، تعرّجات الشوارع ..تجاعيد يدين،الجبال ..جباه.. #تفاصيل_الرحيل .. #نشيج _حزين ، ورق الورد..مخمل نيسان ، كل تفاصيل #الوجع_البغدادي لم تكن يوماً للنسيان..
ليست مدينة كباقي المدن ، ليست عاصمة كباقي العواصم ، ليست أمّاً كباقي الأمهات ، بغداد تاءُ التاريخ ، بيت الخلافة ،عباءة الشرف ، #عقال_الرجولة ، زفير خيول البطولة ، دورق العلم ، مداد الشعر وصليل السيوف ، #بغداد كانت بوابتنا ، تحرس طمأنينتنا ، تستر ضعفنا العربي المقيم ، نفزع ان سمعنا صريرها الحزين في هزيع العروبة الأخير.
ما زلتُ أبكيك بغداد..لأنني أعرف جيداً، ان سقوط شارع الرشيد..هو سقوط لكل أزقتنا وحوارينا، وأن الدبابة التي مشت فوق #جسر_دجلة مشت فوق أجسادنا جميعاً وفوق اشلائنا جميعاً وفوق احلامنا جميعاً…عندما بكينا بغداد بكينا على كل العرب ، فلا فروسية بعدها ، ولا نخوة “المعتصمِ”..كلما سالت قطرة دم عربيّ..سال شلال من دمي…
ما زلتُ أبكيك بغداد، بعدد الرمال ، أبكيك بكاء الرجل على أكتاف الرجال، أبكيك وأبكي #الرصافة و #الأعظمية والكرّادة ، أبكي #شارع_المتنبي ، شارع الميدان، أبكي ملامح التاريخ الذي نقش فوق مبانيك ، أبكي #النخيل الذي ما زال ينظم الشعر على بحر الوافر..أبكي صدى صهيل الخيل وقدح “الحوافر”.. ما زلت أبكيك بغداد، وأبكي بسالة “أم قصر”..فقد علّمنا التاريخ أن المستعمر لا يكتفي من جرعة نصر..
علّمنا #التاريخ أن #الأعراب ان تفرّقوا وتخاذلوا وتطاعنوا وتطوع بعضهم ليكونوا خدماً “للفرنجه”..سيضع “الرومي” قدمه اليمنى في تكريت ، وقدمه الأخرى في “طنجة”..
Ahmed.h.alzoubi@hotmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: بغداد سواليف العواصم الأمهات تفاصيل الرحيل بغداد جسر دجلة الرصافة الأعظمية شارع المتنبي النخيل التاريخ الأعراب ما زلت
إقرأ أيضاً:
مصطفى النجار .. التاريخ بوجه مبتسم
لو تخيّلت التاريخ بهيئة آدمية، كما يطيب لنا فـي طفولتنا، فإن وجهه يقف أمام وجهي متجهّمًا عبوسًا، لكثرة ما تكدّستْ فـي صفحات ذاكرته من الخطوب والمآسي، لكنّني حين التقيت المؤرخ د. مصطفى النجّار، خبير دراسات الخليج العربي والجزيرة العربية، تبدّدت ملامح تلك الصورة، وحلّت محلها ملامح الوجه البشوش، حاضر النكتة، الإنسان البسيط فـي التعامل، الحنون، الكريم، وهذه الصفات كلّها كان يتحلّى بها النجّار الذي غادر عالمنا مؤخرًا بعد معاناة طويلة مع المرض، وهي بعض صفات الشخصية البصرية، حيث ولد فـي البصرة عام 1936، ونشأ ودرس فـيها، قبل أن ينتقل إلى بغداد، ومن ثم إلى مصر لدراسة الماجستير والدكتوراه فـي جامعة عين شمس، وعلى مدى سنوات عديدة من المعرفة، واللقاءات، لا أتذكّر مرّة من المرّات التقيت فـيها النجّار دون أن يمازح، ويلاطف من يراه فـي طريقه، ملقيا التحيات على الجميع، صغارا وكبارا، ساعيا فـي عمل الخير، وقبل أن يغادر، يسأل مَنْ يقابل إن كان بحاجة إلى عون، أو مساعدة، أو خدمة، ثم يختم الزيارة بمزحة، زارعا البسمة فـي المكان.
ويعدّ النجار من أبرز المؤرخين العرب، وله مؤلفات عديدة فـي التاريخ السياسي والاجتماعي، وقد شغل عدّة مناصب أكاديمية بارزة، منها أستاذ فـي قسم التاريخ بجامعة البصرة، ومدير لمركز دراسات الخليج العربي، قبل قدومه لسلطنة عمان بعث لي أكثر من رسالة من (صنعاء) حيث كان يقيم، فحمّسته للزيارة، خصوصا أنه سبق أن زار مسقط عام 1996م للمشاركة فـي المؤتمر العالمي (عُمان فـي التاريخ)، وظلّ يحتفظ بعلاقات طيّبة مع الكثيرين، وحين وصل مسقط، تجدّدت المودّة التي تشكّلت منذ أن عرفته فـي بغداد عندما كان يشغل منصب الأمين العام لاتحاد المؤرخين العرب بين عامي 1985 و1992، والأمين العام لمراكز دراسات الخليج والجزيرة العربية (1972 ـ 1984م)، وكان قد حمل معه رسالة من د. العزيز المقالح وكتابا استذكاريا عن الراحل زيد مطيع دماج، لي به مشاركة، وسرعان ما اندمج بالحياة الثقافـية العمانية، وشغل منصب المستشار الأكاديمي لوزارة التعليم العالي ما بين عامي 2001 ـ 2003، كما عمل مستشارًا أكاديميًا فـي مكتب جلالة السلطان للشؤون الثقافـية فـي سلطنة عمان، وشغل منصب السكرتير العام للرابطة العربية لعلماء التاريخ منذ عام 2001م فـي الوطن العربي، وواصل نشر كتبه التي أبرزها: التاريخ السياسي لإمارة عربستان العربية 1897ــ 1925»، وكتاب التاريخ السياسي لمشكلة الحدود الشرقية للوطن العربي فـي شط العرب، ودراسات تاريخية لمعاهدات الحدود الشرقية للوطن العربي، منذ العهد العثماني، وحتى القرن العشرين، وصفحات مشرقة من التاريخ العماني ومذكرات شيخ المؤرخين العرب، وله دور بارز فـي توثيق العلاقات التاريخية بين العراق ودول الخليج العربي، وله مشاركات فـي مؤتمرات علمية دولية حتى منحه المعهد العلمي الأمريكي جائزة رجل العلم لهذا العام (2007) وهي جائزة مرموقة يمنحها المعهد لشخصيات مرموقة تساهم فـي تحقيق إنجازات مهمة لخدمة الإنسانية
كما حصل على العديد من الأوسمة والميداليات والشهادات الفخرية كوسام اتحاد المؤرخين الآسيويين، ووسام الاستحقاق العالمي للفكر من اتحاد مراكز دراسات الشرق الأوسط فـي الولايات المتحدة الأمريكية، ووسام المؤرخ العالمي من الجمعية الدولية للتاريخ فـي فرنسا وغيرها الكثير. وكان يدعو إلى ضرورة إعادة كتابة التاريخ العماني وفق منهج علمي، كما ذكر فـي كتابه (المدخل إلى التاريخ العماني) الصادر عام 2003 عن دار زهران للنشر الأردنية، داعيًا إلى الالتزام بمنهجية فلسفـية تاريخية عمانية ذات أهداف واضحة للسير بالمؤرخ نحو كتابة تاريخ عمان وفق رؤية وطنية وعربية إسلامية تعمل على تبنّي الدراسات الجادة، ذاكرا شواهد على تحريف التاريخ العماني مستعرضا بعض ما ألصق بالتاريخ العماني ظلما دون وعي منهم بأن هذا التشويه فـيه الكثير من المغالطات وقلب الصور، ولا يعبّر إلّا عن رأي صاحبه، وناقش التزوير المغلق للشهادات والوثائق والدراسات وانعكاساتها على الميدان العلمي وتناول إثر العولمة على عمان التاريخ والحضارة والصراع المرير الذي تواجهه للحفاظ على هويّتها، وتقاليدها، وتاريخها وصولا إلى حالة توفـيقية بين تجلّيات الإرث التاريخي العماني وتحديات العولمة.
وفـي السنوات الأخيرة من حياته أقعده المرض، وأبعده عن محبيه، لكن جهوده العلمية ظلت مرجعًا لدارسي التاريخ الذي جعل وجهه مبتسمًا.