وين أنتو؟ كنتم موحّدين حتى يونيو ٢٠١٩، ثم تفرّقتم أيدي سبأ.

حكى لي أحد الأصدقاء، ممن اختارتهم بعض قيادات لجان المقاومة للمساهمة في مراجعة مسودات دساتير سلطة الشعب، قصة تهزّ القلب والعقل. قال لي، حين سُئلوا: "لماذا تتواصلون مع شخص لا تعرفونه مثلي؟"، أجابوا ببساطة: "نعرفك، ونقرأ لك."

قال له أحدهم إن لجان المقاومة، في بداياتها، كانت تتكوّن من ١٤٩ شابًا وشابة، جميعهم من خريجي الجامعات أو طلابها.

بدأوا العمل في سرية تامة منذ ما قبل عام ٢٠١٣، بإصرار على أن يمثل هذا العدد كل ألوان الطيف السوداني.

ورغم أنهم عملوا في صمت، فقد خسروا قرابة الخمسين شهيدًا في انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣. وكانت استراتيجيتهم تقوم على الانتشار في كل أرجاء السودان، وبعضهم كان في الشتات والمنافي.

قال صديقي إن تجربة هذا الشاب القيادي كانت خطرة، مؤلمة، ومضيئة في آن واحد:
عمل مزارعًا (ولا يزال)، واغترب لفترة قصيرة، وسُجن في معظم السجون وبيوت الأشباح. ورغم ذلك، لم يتمكن جهاز أمن النظام الكيزاني من انتزاع جملة مفيدة منه أو من رفاقه.
وفي نهاية المطاف، جمعهم صلاح قوش تحت رقابته الشخصية، وفرض عليهم عقوبات رادعة... دون جدوى.

وقبل عام تقريبًا من اندلاع الثورة، أمر قوش معاونيه قائلاً:
"فكوهم… لكن ديل الحيغطسوا حجرنا!"
وفعلًا، غطّسوا حجر الكيزان… لكن إلى حين، لأن "الكبار" خذلوهم.
نعم، الكبار خذلوا هؤلاء الشباب والكنداكات.
وفي إحدى الرسائل التي وجّهها صديقي إلى قادة قحت، طُلب منهم النظر في أوضاع هؤلاء، لا لمجرد الاعتراف الرمزي، بل لدعمهم ماديًا.
ضاقت بهم سبل العيش بعد أن نكصت قوى الحرية والتغيير عن مسؤولياتها في توظيفهم أو مساعدتهم على إيجاد مصادر دخل، وهم الذين ظلّوا يؤدون واجبهم في حماية الثورة.
فمثلًا، حين أغلقوا طريق التجارة مع مصر، احتجاجًا على تهريب السلع بالعملات المزورة، أو على غياب العائد للمنتج الزراعي والحيواني، تم اعتقالهم وزُجّ بهم في سجن دنقلا. لم يكن لديهم حتى حق الضمان، فتم جمع المبالغ لهم بالملاليم.
ومع ذلك، ربط بعض "الكبار" الدعم لهؤلاء الشباب والكنداكات بشرط الولاء السياسي، حتى لو تعلّق الأمر بقوت أطفالهم.
خذلوهم، وأداروا ظهورهم، بل ساوموهم على الكرامة والخبز.

لكن الثورة لم تكن يومًا وقفًا على مناصب أو مكاسب.

الآن، لا بدّ من نهوض جديد.
قطعًا سيتوحد الشباب والشابات من جديد. وسوف يعدّون البدائل، لمن أصابتهم القناصة، من بين مناضلي الصفوف الخلفية.
هم مؤمنون بأن الثورة لن تتوقف عند باب الخذلان، ولن تُختزل في تحالفات جوفاء.

قال لي صديقي إنه، في الموقع الذي هو فيه الآن، مصمّم على العمل من أجل توحيد الصف الثوري، مع شباب وشابات لا تحرّكهم العقائد الجامدة – لا كيزان، ولا شيوعيين، ولا أي ولاءات جهوية أو قبلية تُعمي البوصلة الوطنية.

الثورة مستمرة… والواجب لم ينتهِ.

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٣ أبريل ٢٠٢٥ – روما / نيروبي

 

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مركز شباب مادبا النموذجي ينفذ ورشة عمل توعوية تناولت مفاهيم “رسالة عمّان”

صراحة نيوز -نفّذ مركز شباب مادبا النموذجي ورشة عمل توعوية تناولت مفاهيم “رسالة عمّان” ومبادئها ومحاورها الرئيسية، وذلك بمشاركة 32 عضواً من أعضاء المركز.

واستهل رئيس المركز، السيد محمد المرازقه، الورشة بكلمة ترحيبية أكد خلالها أهمية تعزيز الوعي بمضامين رسالة عمّان بين فئة الشباب، مشيراً إلى دورها في ترسيخ قيم الاعتدال والتسامح.

وقدّم الدكتور غازي اللبابدة شرحاً مفصلاً حول رسالة عمّان، مستعرضاً أبرز محاورها التي تركز على توحيد الخطاب الديني، ونبذ العنف والتطرف، وتعزيز مفاهيم المواطنة والتعايش السلمي.

وشهدت الورشة تفاعلاً لافتاً من الحضور، حيث دار نقاش مفتوح بين الدكتور اللبابدة والمشاركين، أُجيب خلاله عن عدد من الأسئلة والاستفسارات التي أثرت مضمون الورشة وأسهمت في ترسيخ مفاهيمها.

مقالات مشابهة

  • تفاصيل لقاء وكيل وزارة الشباب والرياضة بالدقهلية بمسئولي شباب يدير شباب" YLY " بالدقهلية
  • الحرس الثوري: صواريخ “فتّاح” أوصلت رسالة اقتدار إيران إلى حليف “تل أبيب”
  • "شباب هارفارد يقودون التغيير" يصل عُمان ضمن فعاليات "مختبر التعلم"
  • مسير عسكري مهيب لخريجي “طوفان الأقصى” في ريف حجة دعماً لغزة
  • شباب النواب توصي بالتزام محافظة الاسماعلية بتوفير قطعة أرض لإنشاء نادي أبو خليفة
  • المولَّد يلتقي رئيس نادي شباب ملاح ويشيد بدور الأندية في تنمية وعي الشباب
  • وكيف وزارة الشباب في الإسكندرية تتابع أنشطة مراكز الشباب بالمحافظة
  • شباب النواب: عقدنا 607 اجتماعات وناقشنا 615 طلب إحاطة و400 ساعة عمل
  • رئيس شباب النواب: عقدنا 607 اجتماعات وناقشنا 615 طلب إحاطة
  • مركز شباب مادبا النموذجي ينفذ ورشة عمل توعوية تناولت مفاهيم “رسالة عمّان”