الزميل عبد الله زرفاوي في ذمة الله
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
توفى صباح اليوم الجمعة الزميل عبد الله زرفاوي إثر سكتة قلبية، وكان الفقيد مراسلا لـ "الخبر" من ولاية تبسة.
وبهذا المصاب الجلل تتقدم أسرة "الخبر" بتعازيها القلبية داعين العلي القدير أن يتغمده برحمته الواسعة ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان.
.المصدر: الخبر
إقرأ أيضاً:
مسؤوليات المؤمن
#مسؤوليات_المؤمن
مقال الإثنين: 17 /11/2025
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
ليس صحيحا قول المكذبين بالدين أن الإيمان شأن شخصي بين العبد وربه، بل هو التزام من العبد وتكليف من الرب.
لقد قدر الله لجميع البشر حياتين، بطبيعتين وبدارين، الدار الأولى للابتلاء والأخرى للجزاء، الحياة الأولى منهما هي تأهيل للحياة الأخرى، وقد جعل الأولى دارا يختلط فيها الشقاء بالنعيم، ليجرب الإنسان الأمرين، ويعرف أن ما سيلاقيه في الحياة الثاني واحد منهما خالصا.
كل فرد عمله في الدنيا سيحدد مآله، فمن آمن بالله وعمل صالحا كان مصيره الى النعيم الأبدي، ومن كفر بالله وكذب بمنهاجه فقد اختار لنفسه مصيراً تعسا وشقاء أبديا.
هذا التباين الشاسع بين المصيرين اللذين لا وسط بينهما، لم تكن رحمة الله بالناس لتدعهم ضحايا لسوء اختيارهم أو جهلهم، فجعل لهم رحمتين: الأولى سماها أمانة، لأنها مختزنة في عمق مكنونات النفس البشرية، وهي فطرة الإيمان، ويعرفها الإنسان حينما يجد نفسه مدفوعاً دفعاً لأن يبحث عمن أوجده ولماذا..هذه هي فطرة البحث عن الله من خلال العقل بالتفكر في بديع خلقه وإحكام تدبيره في كل شيء.
وعززها الإله اللطيف بعباده برحمة أخرى، فأرسل الى أمم البشر وعبر كل الحقب رسالات هادية لمن عجز عقله عن الإهتداء الى معرفة الله بذاته، حملها رسل من البشر مكرمون.
ورغم ذلك فقد غلبت على الناس شقوتهم، وانساق أغلبهم الى الشهوات الحيوانية، وأعرضوا عما يرفع قدرهم عنها، فما آمن مع الرسل إلا قليل: “وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا” [الفرقان:50]، ولم يكتف هؤلاء المعرضين بإعراضهم، بل سعوا جهدهم لرد المهتدين عن هدايتهم، فناصبوا متبعي منهج الله العداء، وحاصروهم وقاتلوهم ليوقفوا نشرهم الهدى.
هكذا تحققت سنة الله في خلقه التي تجلت بخضوع كل شيء في هذا الكون لمبدأ الثنائية الضدية، فبات هنالك فسطاطان فسطاط أهل الحق والهدى، وفسطاط أهل الباطل والضلال، وسيظلان في صراع الى يوم الدين، لتتحقق سٌنة الابتلاء والتمحيص: “مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ” [آل عمران:179].
عدالة الله في خلقه اقتضت أن لا تكون حجة للضالين بالقول يوم الحساب أنهم لم يأتهم من نذير ينبئهم بهذا اليوم الموعود، لذلك فقد عمم الرسالات على كل أمة، سواء أعلمنا بتلك الرسالة أم لم يعلمنا بها، لكنه أكد ذلك بقوله: “وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ” [فاطر:24].
ولما أن قدر الله أن البشر قد وصلوا الى مرحلة معرفية متقدمة، وقدرات على التواصل البيني بين كل بقاع الأرض تمكنهم من استيعاب تشريعاته، عندها أكمل لهم الدين بالرسالة الخاتمة، ليجعله المنهج النهائي الناسخ لكل الشرائع السابقة التي كانت مرحلية تمهيدية لها، بدليل أن المرسلين السابقين بشروا بها ودعوا اتباعهم الى اتباعها عند نزولها.
إن انقطاع الرسالات عن البشر عوضه الله بتكليف هذه الأمة بواجب الدعوة بديلا للأنبياء، ولذلك سماها خير أمة، ليس لانتمائها القومي، بل بمقدار أدائها لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المرتكز على الإيمان.
من هنا نتبين أوجه التكليف التي أوجبها الله على من أكرمه بالهدى واتباع منهجه، وهي على ثلاثة أوجه:
1 – الواجب اتجاه المؤمنيين هو حثهم على الاستقامة والعمل الصالح.
2 – وتجاه اتباع الرسالات السابقة، بهديهم لتوحيد والعودة عن ضلالة الشرك لأنه أكبر الكبائر.
3 – والثالث هو دعوة من لم تصلهم الدعوة، ولا يلمون باللغة العربية حتى يعرفوا الله والدين من خلال القرآن.
إن أدى المؤمنون بالله واتبعوا دينه هذه الأمانات الثلاث، فقد أبرأوا ذمتهم أمام الله، وقطعوا حجة المكذبين بأنهم لم يأتهم نذير.
هذه كلها ممكنة ومتاحة، فلم يكلفهم الله بأن يقاتلوا الناس لفرضها عليهم، بل الدعوة بالحسنى: “ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ” [النحل:125].
هذا هو دور هذه الأمة، وسر اختيارها خير الأمم: “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا” [البقرة:134]، فيوم القيامة، سيسأل كل فرد عن عمله، وحتى الصادقين عن صدقهم، هم الذين سيستشهد بهم المرسلون جميعا عند الله أنهم بلغوا رسالاته، حين ينكر اقوامهم ذلك.