أشاد باحثون بأداة ذكاء اصطناعي جديدة، قادرة على إنشاء تمثيلات افتراضية للمرضى والتنبؤ بمسارات صحتهم الفردية، باعتبارها أداةً تُحدث نقلة نوعية في قطاع التجارب السريرية.
استخدم باحثون من جامعة ملبورن الأسترالية ثلاث مجموعات بيانات تحتوي على آلاف السجلات الصحية الإلكترونية للمرضى لتدريب نموذج لغوي كبير. قام نموذج الذكاء الاصطناعي، المسمى DT-GPT، بتحليل البيانات الطبية لمرضى مصابين إما بمرض ألزهايمر أو بسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، بالإضافة إلى مرضى أُدخلوا إلى وحدات العناية المركزة.


أنشأ النموذج توائم رقمية لهؤلاء المرضى، وتوقع كيف من المحتمل أن تتغير صحتهم بمرور الوقت أثناء العلاج، مما ساعد على التنبؤ بمسار مرضهم. وتمكن النموذج من تقديم تنبؤات دقيقة من خلال الاستفادة من معرفته السابقة بالأدبيات الطبية وتقييم التاريخ الطبي للمريض، بما في ذلك نتائج المختبر والتشخيصات والعلاجات.
لم يُزود النموذج بمعلومات عن النتائج الصحية للمرضى، مما سمح للباحثين بالتحقق من صحة تنبؤاته.
نُشرت الورقة البحثية في مجلة npj Digital Medicine.
التوائم الرقمية تُحسّن التنبؤات
صرح الباحث الرئيسي، البروفيسور المشارك مايكل ميندن "لكل مريض، أنشأنا نسخة افتراضية من خلال تهيئة النموذج بملفه السريري الفردي. على سبيل المثال، أنشأنا توائم افتراضية لـ 35,131 مريضًا في وحدة العناية المركزة، وتوقعنا بدقة ما سيحدث لمستويات المغنيسيوم، وتشبع الأكسجين، ومعدل تنفسهم على مدار 24 ساعة، بناءً على نتائجهم المختبرية من اليوم السابق".
بشكل عام، تفوق نموذج DT-GPT على 14 نموذجًا آخر من نماذج التعلم الآلي المتطورة من حيث دقة التنبؤ.
يقول الباحثون إن نموذجهم يُمكن استخدامه لمحاكاة نتائج التجارب السريرية، مما قد يُسهّل تطوير الأدوية ويُقلّل تكلفتها ويُحسّن كفاءتها.
اقرأ أيضا... الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة في تشخيص سرطان الجلد
وصرح البروفيسور ميندن "تُمهّد هذه التقنية الطريق للانتقال من الطب التفاعلي إلى الطب التنبئي والشخصي". يمكن أن يُمكّن هذا النموذج الأطباء من توقع تدهور صحة مريضهم، مما يُمكّنهم من التدخل مُبكرًا"، مضيفا "يمكن استخدامه أيضًا للتنبؤ بالآثار الجانبية السلبية للأدوية، مما يُمكّن الأطباء من تصميم خطط علاجية تُناسب الخصائص الفريدة لكل مريض وتاريخه الطبي، مما يزيد في النهاية من فرص الحصول على نتائج صحية إيجابية".
تجارب طبية ودوائية مُخصصة
يتمتع النموذج بالقدرة على تفسير البيانات الكثيفة والمعقدة بسرعة، ويحتوي على واجهة تفاعلية تُمكّن المستخدمين من التفاعل مثل روبوت الدردشة لفهم المنطق وراء تنبؤاته. وبما أن DT-GPT يُسخّر الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإنه يُمكنه أيضًا إجراء "تنبؤات صفرية"، وهي تخمينات مُستنيرة حول القيم المختبرية التي لم يُدرّب عليها النموذج.
وقال الأستاذ المُشارك ميندن "على سبيل المثال، يُشبه الأمر طلب التنبؤ بطول شخص ما دون تقديم سجلات طوله، مع ذكر وزنه ومقاسات أحذيته السابقة فقط"، مؤكدا "تنبأ نموذجنا بدقة بكيفية تغير مستويات إنزيم نازع لهيدروجين اللاكتات ( lactate dehydrogenase LDH) لدى مرضى سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة بعد 13 أسبوعًا بعد بدء العلاج، على الرغم من عدم تدريب النموذج لهذا الغرض.
وأوضح ميندن "قارنّاه بنماذج التعلم الآلي التقليدية، المُدرّبة خصيصًا على 69 متغيرًا سريريًا، بما في ذلك إنزيم نازع لهيدروجين اللاكتات (LDH) والتي اعتمدنا فيها فقط على التخمينات المُدرّبة. ومن المُثير للدهشة أن تنبؤات DT-GPT غير المُدرّبة كانت أكثر دقة في 18% من الحالات".
مصطفى أوفى (أبوظبي)

أخبار ذات صلة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تتصدر الاستثمار وتتجه إلى الطاقة الشمسية "أكاديمية أدنوك الفنية".. تخريج 403 من الكفاءات الوطنية وتمكينهم بمهارات الذكاء الاصطناعي والروبوتات

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الصحة المرضى الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في الطب: تشخيص أسرع أم خطر أكبر؟

#سواليف

#ثورة_التكنولوجيا و #قلق_الإنسان
في السنوات الأخيرة، تحوّل #الذكاء_الاصطناعي في #الطب من #فكرة_خيالية إلى #واقع_ملموس يغيّر شكل الطب الحديث والرعاية الصحية حول العالم. لم تعد الأجهزة الطبية مجرد أدوات يستخدمها الطبيب، بل أصبحت “عقولًا إلكترونية” قادرة على تحليل صور الأشعة، واكتشاف الأمراض، وحتى اقتراح خطط علاجية دقيقة خلال ثوانٍ معدودة.
لكن، مع هذه القفزة الهائلة في التكنولوجيا الطبية، بدأ الجدل:
هل نحن أمام ثورة تنقذ الأرواح بتشخيص أسرع وأدق؟
أم أننا نفتح الباب أمام مخاطر طبية جديدة قد تهدد خصوصية المريض أو تضع قرارات مصيرية في يد آلة لا تمتلك مشاعر؟
كيف دخل الذكاء الاصطناعي عالم الطب؟
بدأت القصة عندما أدرك الباحثون أن الأنظمة الذكية تستطيع التعامل مع كميات ضخمة من البيانات الطبية في وقت قياسي، وهي مهمة كانت تستغرق من الأطباء ساعات طويلة من التحليل.

فمن خلال خوارزميات تعلم الآلة (Machine Learning) والتعلم العميق (Deep Learning)، أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي فحص آلاف صور الأشعة السينية أو صور الرنين المغناطيسي، والتعرف على أنماط دقيقة تشير إلى تشخيص الأمراض في مراحلها الأولى.

اليوم، تستخدم مئات المستشفيات حول العالم أنظمة ذكاء اصطناعي لمساعدة الأطباء في:
اكتشاف الأورام السرطانية مبكرًا.
تحليل صور القلب والرئتين بدقة عالية.
متابعة حالة المرضى المزمنين لحظة بلحظة.
التنبؤ بحدوث المضاعفات قبل وقوعها.
التشخيص الأسرع: إنقاذ للوقت والأرواح
أحد أهم فوائد الذكاء الاصطناعي في الطب هو السرعة الفائقة في التشخيص.

مقالات ذات صلة لأول مرة.. مركبة فضائية تتحكم ذاتيا باستخدام الذكاء الاصطناعي 2025/11/14

في الماضي، كان تحليل صورة أشعة واحدة يحتاج إلى وقت طويل وخبرة كبيرة، أما اليوم، فيمكن لبرنامج ذكاء اصطناعي أن يحللها في ثوانٍ معدودة، ويقارنها بملايين الصور المشابهة الموجودة في قواعد بيانات ضخمة.

مثلًا، طوّرت شركة “جوجل هيلث” نموذجًا يستطيع اكتشاف سرطان الثدي من صور الأشعة بدقة تفوق أحيانًا أداء الأطباء المتخصصين، كما تستخدم بعض أنظمة الرعاية الصحية الذكية تقنيات تحليل البيانات الحيوية (مثل ضغط الدم ونبض القلب) للتنبؤ بحدوث نوبات قلبية قبل ساعات من وقوعها.

بهذا الشكل، أصبحت التكنولوجيا الطبية حليفًا قويًا للأطباء، وساعدت على تقليل الأخطاء البشرية وإنقاذ المزيد من الأرواح.

الذكاء الاصطناعي لا ينام ولا يمل
من مزايا الذكاء الاصطناعي أنه لا يتعب ولا يحتاج إلى راحة أو مناوبة.
يمكنه مراقبة آلاف المرضى في الوقت نفسه، وتحليل مؤشراتهم الحيوية على مدار الساعة. في وحدات العناية المركزة مثلًا، يتم ربط الأجهزة بأنظمة ذكية تراقب معدل التنفس وضغط الدم وتصدر تنبيهات فورية للطبيب إذا لاحظت أي خلل.

هذه الأنظمة لا تستبدل الطبيب، لكنها تمنحه عينًا إضافية لا تغفل، مما يعزز جودة الرعاية الصحية الذكية ويجعلها أكثر أمانًا وكفاءة.

التكنولوجيا الطبية ودقة غير مسبوقة
لم تعد التكنولوجيا الطبية تقتصر على الأجهزة الميكانيكية أو الأدوات الجراحية.

اليوم، دخل الذكاء الاصطناعي إلى تفاصيل الطب الدقيقة، مثل:
تحليل الجينات لتحديد الأمراض الوراثية بدقة مذهلة.
التشخيص المبكر لأمراض مثل الزهايمر والسكري والسرطان.
الجراحة بمساعدة الروبوتات التي تنفذ العمليات بمهارة لا تخطئ المليمتر.
تخيل روبوتًا جراحيًا يقوده ذكاء اصطناعي يستطيع إزالة ورم دقيق في الدماغ دون إتلاف أي خلية سليمة! هذه ليست خيالًا علميًا بعد الآن، بل واقع يعيشه الطب الحديث يوميًا.

لكن… هل هناك جانب مظلم؟
رغم كل هذه الإنجازات، إلا أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الطب لا يخلو من المخاطر الطبية والجدل الأخلاقي،
فبينما يرحب البعض بالثورة التكنولوجية، يشعر آخرون بالقلق من الاعتماد المفرط على الآلات في قرارات قد تتعلق بحياة إنسان.

أبرز المخاوف تشمل:
الأخطاء في التشخيص:
قد يخطئ النظام إذا كانت البيانات غير مكتملة أو منحازة، مما يؤدي إلى تشخيص خاطئ أو علاج غير مناسب.

فقدان اللمسة الإنسانية:
الطبيب لا يعالج الأعراض فقط، بل يواسي المريض ويمنحه الأمل. هذا الجانب الإنساني لا يمكن لأي خوارزمية أن تعوضه.

الخصوصية وحماية البيانات:
الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى ملايين السجلات الطبية للتعلم، وهنا تكمن الخطورة. من يضمن ألا تُستخدم هذه البيانات خارج الإطار الطبي؟

تراجع دور الطبيب:
هناك تخوف من أن تحل الأنظمة الذكية محل الأطباء في المستقبل، مما يثير تساؤلات مهنية وأخلاقية كبيرة.

الطب الحديث بين التعاون والتوازن
الحل ليس في رفض الذكاء الاصطناعي أو الاعتماد الكامل عليه، بل في تحقيق التوازن بين الإنسان والآلة.
فالذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الطبيب، لكنه يستطيع أن يكون مساعدًا قويًا له، يمنحه الوقت ليركز على الجوانب الإنسانية من العلاج.

المستقبل القريب يشير إلى أن الرعاية الصحية الذكية ستعتمد على نموذج “التعاون بين الإنسان والآلة”، حيث يستخدم الطبيب التكنولوجيا لتحليل البيانات بسرعة، بينما يحتفظ بقراره الإنساني في التشخيص والعلاج.

تجارب ناجحة من حول العالم
في المملكة المتحدة، استخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد أمراض العيون الناتجة عن السكري بدقة تضاهي أطباء العيون.
في الولايات المتحدة، تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحديد أنواع السرطان من صور الأنسجة.
وفي اليابان، تعتمد بعض المستشفيات على روبوتات ذكية لتقديم الأدوية ومرافقة المرضى المسنين.

هذه التجارب تثبت أن المستقبل الطبي سيعتمد على التكنولوجيا الطبية بشكل أوسع، لكن مع إشراف بشري صارم يضمن الأمان والعدالة لكل مريض.

هل سيغني الذكاء الاصطناعي عن الطبيب؟
الإجابة ببساطة: لا.

الذكاء الاصطناعي لا يمتلك إحساس الطبيب، ولا يمكنه فهم الألم أو القلق الإنساني. دوره هو تسريع تشخيص الأمراض ومساعدة الأطباء في اتخاذ قرارات أدق، لكنه لن يتمكن من الحلول محل القلب البشري الذي يتعاطف ويشعر.

الطب ليس مجرد علم، بل فن ورحمة وإنسانية، وهذه قيم لا يمكن ترجمتها إلى رموز رقمية.

تشخيص أسرع.. لكن بحذر أكبر
يبدو أن الذكاء الاصطناعي في الطب يمثل بالفعل ثورة علمية غير مسبوقة، فهو يمنحنا أدوات مذهلة لتشخيص أسرع وأكثر دقة، ويخفف العبء عن الأطباء ويُحسّن من مستوى الرعاية الصحية الذكية.

لكن هذه القوة التكنولوجية العظيمة يجب أن تُستخدم بحذر ومسؤولية. فكل خوارزمية مهما بلغت من ذكاء، تظل بحاجة إلى إشراف بشري، ومراجعة دقيقة تضمن سلامة المرضى وتحترم إنسانيتهم.

في النهاية:
المستقبل الطبي سيكون أكثر ذكاءً، لكنه يجب أن يكون أيضًا أكثر إنسانية.
فالتكنولوجيا قد تكتشف المرض قبل ظهوره، لكنها لن تستطيع أن تبتسم للمريض أو تطمئنه على شفائه.

مقالات مشابهة

  • التلغراف: داعش يستخدم الذكاء الاصطناعي في تجنيد عناصره
  • وول ستريت جورنال: متى يختار الذكاء الاصطناعي الرؤساء والمسؤولين؟
  • علماء يستخدمون الذكاء الاصطناعي لبناء أدق نموذج لمجرة درب التبانة على الإطلاق
  • سامسونغ تعلن استثمار 310 مليارات دولار لتعزيز الذكاء الاصطناعي
  • د. عادل القليعي يكتب: الذكاء الاصطناعي.. وحقوق الملكية الفكرية!
  • سامسونج تضيف خطاً لإنتاج الرقائق لمواكبة طفرة الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يُحدث نقلة في تشخيص سرطان الجلد
  • باحثون يحذرون من أنانية الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي في الطب: تشخيص أسرع أم خطر أكبر؟