ترامب: واشنطن ستبيع طائرات إف-35 للسعودية
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الإثنين،17 نوفمبر 2025 ، أنّ الولايات المتحدة "ستُقدِم على بيع مقاتلات إف-35 للسعودية"، وأشاد بـ"الشراكة" مع الرياض.
جاء ذلك خلال حديث ترامب للصحافيين في البيت الأبيض، عشية زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى واشنطن.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية ألمانيا تقرر رفع قيود تصدير الأسلحة إلى إسرائيل مباحثات مصرية أردنية بشأن مشروع القرار الأميركي حول غزة بلدية عيترون جنوب لبنان تخلي مقرها تحسبا لهجوم إسرائيلي محتمل الأكثر قراءة واشنطن تضغط لحلّ أزمة مسلحي حماس برفح سريعاً محدث: موعد نتائج قرعة الحج 2026 الجزائر رسميًا الكنيست يصادق على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين أسعار العملات اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 – الدولار مقابل الشيكل عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
.المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
هل تغير صفقة بيع مقاتلات F-35 للسعودية قواعد اللعبة في الشرق الأوسط؟
منذ تسعينيات القرن الماضي، تبنت واشنطن مبدأ ثابتا يقضي بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل داخل الشرق الأوسط، وتحول هذا الالتزام، الذي وضع أساسه في عهد إدارة كلينتون ثم جددته الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة، إلى ما يشبه قاعدة غير معلنة.
وتثار تساؤلات حول تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موافقته على بيع مقاتلات F-35 للسعودية.
واتخذت الإدارات الأمريكية قرارا مبدئيا للسماح لدولة الاحتلال بالحصول على مقاتلة من الجيل الخامس، انطلاقا من فهم أن التزايد في التهديدات الإقليمية بما في ذلك إيران يتطلب أن يحتفظ الاحتلال بتفوق نوعي كبير".
كانت هذه اللحظة إعطاء إسرائيل وحدها طائرات F-35 بمثابة رسالة استراتيجية واضحة: إسرائيل وحدها تمتلك الحق في أحدث التكنولوجيات العسكرية في المنطقة.
وأفادت صحيفة إسرائيل هيوم أن "الاتفاق الفعلي تم توقيعه خلال إدارة أوباما، التي استمرت في هذه السياسة وأعطت الضوء الأخضر للطلبية الأولى"، كانت هذه البدايات ترسخ ما يعرف بـ"التفوق النوعي العسكري" (QME)، المفهوم الذي يضمن لإسرائيل الاحتفاظ بتفوق عسكري حاسم على أي قوة إقليمية أخرى.
الحرب الإيرانية والتغيير
لم يكن التفوق الجوي مجرد حقيقة تقنية بالنسبة لإسرائيل، فبعد عملية "الأسد الصاعد" على إيران اتضح بشكل أكبر معنى امتلاكها لمقاتلات F-35.
وخلال الحملة الجوية التي استمرت 12 يوما وامتدت لآلاف الكيلومترات داخل العمق الإيراني، لعبت هذه الطائرة دورا حاسما في تغيير قواعد المواجهة، إذ استطاعت التغلغل عميقا داخل الأجواء الإيرانية المليئة بالرادارات والبطاريات الصاروخية ومنظومات الحرب الإلكترونية، من دون الحاجة إلى تمهيد الطريق عبر موجات من الضربات الاستباقية.
غير أن هذا الاطمئنان الإسرائيلي المعتمد على تفوقها الجوي كان قائما على معادلة واحدة: احتكارها لطائرات F-35.
وعند اللحظة التي بدأت فيها إدارة ترامب تبحث إمكانية تزويد السعودية بالطائرة نفسها، ظهر التحول الجوهري، فالأداة التي سمحت لإسرائيل بالتحليق داخل الأجواء الإيرانية بلا قيود باتت مطروحة أمام دولة أخرى للمرة الأولى، بالإضافة إلى أنها عربية وإسلامية.
صفقة F-35 والنقطة الفاصلة
في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، صرح ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية قائلا: "إنهم يريدون شراء عدد كبير من المقاتلات، ويريدون شراء الكثير من طائرات إف-35".
ورغم التصريح العابر، إلا أنها حملت إشارة واضحة إلى احتمال تهديد منظومة إسرائيل الاستراتيجية امتدت لأكثر من عشر سنوات، وكانت رويترز قد ذكرت في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 أن "إدارة ترامب تبحث طلبا سعوديًا لاقتناء 48 طائرة من طراز F-35".
وقالت صحيفة إسرائيل هيوم: "هذا هو بالضبط المكان الذي تكمن فيه المخاوف الإسرائيلية. إذا انضمت المملكة العربية السعودية فعلاً إلى النادي الحصري الذي يملك المقاتلة الأمريكية الشبحية، فإن الدلالة ليست مجرد طائرة متقدمة أخرى في المنطقة؛ بل هي تغيير في أساس التوازن بين القوى".
التفوق النوعي تحت التهديد
بدأت الأصوات الإسرائيلية ترتفع بالقلق، وتزامنت مع ما نقلته "i24 News" عن قيادات عسكرية وسياسية إسرائيلية تحذيرات حادة، "إذا تمت الصفقة، ستفقد إسرائيل تفوقها النوعي العسكري الحيوي، وهي عقيدة أمنية طويلة الأمد تضمن بقاء الدولة اليهودية في منطقة معادية إلى حد كبير"، وأوضحت أن "القانون الأمريكي لعام 2008 يفرض على الولايات المتحدة أن تضمن احتفاظ إسرائيل بتفوق تكنولوجي حاسم على أي خصم إقليمي".
غير أن هذا القانون، الذي ظل يعامل لسنوات كخط أحمر لا يمس، بات يتعرض للتهديد، ووفق تحليل نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن القلق الإسرائيلي "ليس بلا مبرر، فإذا حصلت السعودية على طائرة F-35 بالمواصفات نفسها، فإن التفوق الزمني والعملي الذي تمتلكه إسرائيل الآن قد لا يصمد مستقبلا، فالتكنولوجيا تتغير بوتيرة سريعة، والفجوات تغلق بسرعة في عالم اليوم".
الصفقة كأداة تطبيع
لم تأتِ صفقة F-35 منعزلة عن باقي التطورات الإقليمية، فترامب ربطها مباشرة باتفاقات وخطط التطبيع، حيث قال في نفس المؤتمر الصحفي: "أتمنى أن تنضم السعودية إلى اتفاقات إبراهيم قريبا جدا"، وهنا تبدأ لعبة استراتيجية معقدة: الصفقة العسكرية ليست مقابل أموال فقط، بل هي مقابل تطبيع سياسي وتاريخي.
لكن السعودية، لم تتسارع نحو التطبيع، فوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أشار إلى أن: "المملكة العربية السعودية تؤمن بأن التطبيع يجب أن يكون جزءا من عملية سلام شاملة"، وأضاف أن الرياض أصرت على ما تسميه "مسارا موثوقا وغير قابل للعكس ومحددا بوقت" نحو دولة فلسطينية.
كما نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول إسرائيلي لم يُذكر اسمه قوله: "لا تعارض إسرائيل بيع طائرات إف-35 الأمريكية للسعودية، لكنها تريد أن يكون البيع مرتبطا بتطبيع علاقات المملكة مع تل أبيب"، وأضاف المسؤول أن "نقل طائرات إف-35 إلى السعودية دون تنازلات دبلوماسية في المقابل سيكون غير مجدٍ وخاطئا".
السابقة الإماراتية والقلق من الصين
ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها الإدارة الأمريكية هذه اللعبة. قبل خمس سنوات، في 2020، حاولت إدارة ترامب الأولى نفس الخطوة مع الإمارات، ووافقت الإمارات على التطبيع، لكن الصفقة توقفت لاحقا.
قالت صحيفة نيويورك تايمز: "في عام 2020، وافقت إدارة ترامب الأولى على بيع طائرات F-35 للإمارات كجزء من صفقة لحمل تلك الدولة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن الصفقة توقفت بعد أن أثار مسؤولون أمريكيون مخاوف بشأن علاقات أبو ظبي مع الصين".
أفادت "نيويورك تايمز"، بأن "تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) أعاد إحياء المخاوف من احتمال وصول الصين إلى تكنولوجيا مقاتلات F-35 المتقدمة إذا تمت الصفقة مع السعودية".
ولم تُطرح هذه التحذيرات بوصفها مخاوف نظرية فحسب، بل كقلق استراتيجي حقيقي، إذ تخشى الدوائر الأمنية أن تنتقل التكنولوجيا التي مكنت إسرائيل من اختراق الأجواء الإيرانية إلى قوة دولية أخرى، وربما إلى الصين، في ظل التعاون المتصاعد بين الرياض وبكين وإمكانية حدوث اختراقات استخبارية.
الأصوات الداخلية.. انقسام إسرائيلي حول الصفقة
لكن ليست كل الأصوات الإسرائيلية متحدة في الرفض، حيث قال يوسي مان، خبير الشؤون الخليجية في جامعة بار إيلان، بحسب ما نقله موقع "واي نت": "المملكة العربية السعودية تفهم أنه لقيادة المنطقة، يجب أن تحافظ على العلاقات مع إسرائيل... السعودية مستقرة نسبياً مقارنة بدول أخرى، لا أشاطر القلق بشأن تهديد استراتيجي لإسرائيل".
ومن جانبه، قلل وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات من الخطر، قال إن "الأمريكيون ورئيس الوزراء ملتزمان بالحفاظ على تفوق الجيش، ليس لدي شك في أنه سيتم الحفاظ عليه".
زيارة بن سلمان لواشنطن
يغادر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى العاصمة الأمريكية في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، في أول زيارة له إلى البيت الأبيض منذ سبعة أعوام، وفق ما ورد في بيان الديوان الملكي، وبرغم أن الزيارة لا تعد زيارة دولة رسمية لكون بن سلمان ليس الملك الفعلي، إلا أن الترتيبات والبروتوكولات التي أعدت لها جاءت مدروسة بعناية لتعكس عمق الروابط بين الرياض وواشنطن، بحسب تقرير "سي إن إن".
ملفات مطروحة في اللقاء
وتتمحور الزيارة حول ثلاثة مسارات أساسية: تعزيز التعاون الدفاعي وفي مقدمته صفقة مقاتلات F-35، وتثبيت الشراكة الاستثمارية عبر تعهد سعودي بضخ 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، إضافة إلى توسيع مجالات التعاون في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة والطاقة المتجددة والصناعات الدفاعية.
وجاءت الزيارة متزامنة مع انعقاد منتدى الاستثمار السعودي-الأمريكي في واشنطن، ما أضفى عليها زخماً اقتصادياً وإعلامياً كبيراً.
صفقة F-35 أهم الملفات
أشارت تقارير إلى أن صفقة مقاتلات F-35 تشكل محور الملف الدفاعي في زيارة ولي العهد إلى واشنطن، إلى جانب خطط تحديث المنظومات العسكرية وتطوير القدرات الجوية السعودية.
فالمشهد يتجاوز حدود “صفقة سلاح” عادية، فيبدو أنه أقرب إلى إعادة لتوازن إقليمي ظل مستقرا لأكثر من عشر سنوات، حيث يتعامل ترامب مع بيع الـF-35 كأداة ضغط لدفع الرياض نحو تطبيع كامل مع إسرائيل.
وفي المقابل، ترى تل أبيب أن تفوقها العسكري الذي طالما عد خطا أحمر يتعرض للتهديد، أما السعودية، فتسعى إلى الحصول على الطائرات، لكنها تربط ذلك بثمن سياسي واضح، تقدم حقيقي نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقالت صحيفة إسرائيل هيوم في تقرير: "قرار الرئيس الأمريكي لن يوافق فقط على صفقة بل سيحدد ملامح التفوق الجوي في الشرق الأوسط للعقد القادم، كما أن إسرائيل تعرف بالضبط ما الذي تسمح به F-35، وتعرف أيضا ما سيحدث في اليوم الذي تصل فيه هذه القدرات إلى جارتها الكبيرة والغنية والطموحة".
وفي هذه اللحظة الحاسمة، يجد الشرق الأوسط نفسه على حافة تحول استراتيجي قد يعيد رسم خريطته العسكرية والسياسية للعقود القادمة.