ستائر سوداء وألحان حزينه.. ما لا تعرفه عن أسبوع آلام السيد المسيح؟
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
بدأت كافة الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية والأسقفية، مساء أمس، أسبوع الآلام 2025، وذلك عقب انتهاء صلوات أحد الشعانين المعروف بأحد السعف.
حيث يحتل أسبوع الآلام مكانة خاصة في وجدان الأقباط على اعتباره مناسبة فريدة من نوعها كما يعتبرونه أهم وأقدس أسابيع السنة.
ويمر أسبوع الآلام بكثير من الاحتفالات والرموز والقصص الكنسية، ويتفرغ جميع المسيحيين في أسبوع الآلام للصلاة والتعبد والقراءات الكنسية، كما يذهب جميع الأقباط بشكل يومي إلى البصخة المقدسة.
وأسبوع الآلام أو أسبوع البصخة، هي كلمة آرامية تعني “العبور”، ويُطلق على فترة الأيام واللحظات الأخيرة في حياة السيد المسيح على الأرض، وينتهي الأسبوع بـ “أحد القيامة”، ويحمل كل يوم اسما يميزه ويرمز إلى أحداثه: سبت لعازر، أحد الشعانين، إثنين البصخة، ثلاثاء البصخة، أربعاء البصخة (أربعاء أيوب)، خميس العهد، الجمعة العظيمة، سبت النور.
ويحتفل الأقباط بأسبوع الآلام كل عام بقراءات دينية تبرز “رحمة ربنا على البشرية”، وتسلط الضوء على “آلام السيد المسيح”، مع توشح الكنائس بالأغطية السوداء، وتغطية الأيقونات وبعض الجدران والأعمدة أيضا، تعبيرا عن حالة الحزن وشركة الآلام.
وفي وقت سابق، قال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، إن أيام البصخة المقدسة هي أيام لكل شخص، وكل يوم به رسالة روحية، لافتاً إلى أن رسالة اليوم الاثنين هي الابتعاد عن الرياء، وضرورة أن تكون النفس مثمرة.
وأضاف البابا تواضروس، أن الرايات السوداء المعلقة ليست للكنيسة بل لكل إنسان، وإن كانت الألحان حزينة فهي حزينة على نفوس الناس، لافتاً إلى أن صلوات البصخة من أجل الإنسان بكل ما فيه من طقوس وجو خاص.
وأكد أن الكنيسة لا تحتفل بآلام المسيح، لكنه احتفال بالخطية التي يحملها المسيح عن العالم ويطهره، مشيراً إلى أن كلمة بصخة هي كلمة معربة من كلمة “باس اوفر” أي العبور وهو عبور من الداخل إلى الخارج.
وأشار إلى أن إنجيل اليوم الاثنين عن “لعنة الرياء” ولعنة شجرة التين كونها كثيرة الورق لكن بلا ثمر، موضحا أن الشجرة هي رمز للنفس التي بلا ثمر، قائلا: “شبه المثل القائل من بره.. ومن جوه يعلم الله”.
وأوضح أن السيد المسيح خلال يوم الاثنين قام بفعلين، أولهما لعنة الشجرة، وثانيهما تطهير الهيكل الذي جعلوه وقتها “مغارة اللصوص”.
جدير بالذكر شهدت أمس الأحد جميع الكنائس القبطية إقبالاً كثيفاً من الأقباط لأداء قداس "أحد الشعانين" فيعتبروه من أهم الأيام في التاريخ القبطي، إذ يعد الأحد الأخير في الصوم المقدس وبداية أسبوع الآلام لينتهي بعيد القيامة المجيد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أسبوع الآلام الكنائس أسبوع البصخة البصخة أحد الشعانين الألحان البابا تواضروس المزيد أحد الشعانین السید المسیح أسبوع الآلام إلى أن
إقرأ أيضاً:
جريمة تفجير دار الرئاسة... محطة سوداء غيّرت وجه اليمن وأدخلته نفق الانهيار
في الثالث من يونيو 2011، وقعت واحدة من أعنف وأخطر الجرائم السياسية والأمنية في تاريخ اليمن المعاصر، حين استهدف تفجير غادر جامع دار الرئاسة في العاصمة صنعاء، أثناء تأدية رئيس الجمهورية الزعيم علي عبدالله صالح وعدد من قيادات الدولة صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من الصف الأول في سلطات الدولة: التشريعية والتنفيذية والاستشارية والعسكرية.
لم يكن التفجير مجرد محاولة اغتيال لرئيس، بل كان عدوانًا صريحًا على الدولة ومؤسساتها، وعلى استقرار الوطن ووحدته، وعلى العملية السياسية التي ظلت تتطور منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990.
ومع أن الرئيس صالح نجا من الحادثة، إلا أن آثارها المدمرة لم تتوقف عند حدود الإصابات الجسدية أو الفقدان، بل امتدت لتؤسس لمرحلة طويلة من الانهيار والفوضى والانقسام.
شكلت الجريمة لحظة فارقة انكشفت فيها النوايا الحقيقية لبعض القوى التي ادعت الثورة والتغيير، وهي في واقع الأمر كانت تتربص بالنظام الجمهوري والمكتسبات الوطنية، من أجل الوصول إلى الحكم عبر العنف وفرض القوة. فالمشهد الدموي في دار الرئاسة لم يكن سوى بوابة لانفجار أوسع، استغله تحالف الإخوان والحوثيين لاحقًا للانقضاض على الدولة ومؤسساتها.
استغلت مليشيا الحوثي حالة الفراغ والفوضى التي أعقبت محاولة الاغتيال، وصعدت تدريجياً حتى اجتاحت صنعاء في سبتمبر 2014، مدشّنة مرحلة من السيطرة القسرية على أجهزة الدولة، وفرض رؤيتها العقائدية بالقوة، معطّلةً الحياة السياسية ومصادرةً الإرادة الشعبية. ومع سقوط الدولة، لم يبقَ لليمنيين من اختيار ممثليهم شيء، بل بات القرار الوطني مرتهناً للعواصم الإقليمية والدولية، في ظل وصاية دولية أممية تحت مظلة الفصل السابع.
فيما كانت بعض التيارات السياسية تحتفي بالجريمة وتعتبرها انتصارًا لانقلاب 2011، سرعان ما اكتشف المواطن اليمني أن ما حدث كان وبالًا على الدولة والشعب. فبدلاً من "الوظائف والعدالة والحرية"، جُرّ اليمن إلى حرب طاحنة، وتشظٍ غير مسبوق، وتدهور اقتصادي وأمني شامل.
تتحدث الأرقام بمرارة عن حجم المأساة التي يعيشها اليمنيون منذ تفجير دار الرئاسة وما تبعه من فوضى وانهيار شامل. فقد أدى النزاع المستمر إلى نزوح أكثر من أربعة ملايين يمني من منازلهم، فيما بات نحو 80% من السكان تحت خط الفقر، يعانون انعدام الأمن الغذائي وتدهور سبل العيش. وتهاوى سعر صرف الريال اليمني بنسبة تجاوزت 300%، ما أدى إلى تضاعف أسعار الوقود والسلع الأساسية بأكثر من خمسة أضعاف، وسط غياب أي آلية حكومية للرقابة أو الحماية. أما رواتب الموظفين الحكوميين، فقد توقفت منذ أكثر من خمس سنوات في معظم مناطق البلاد، ما تسبب في معاناة معيشية قاسية لملايين الأسر.
وتزامن هذا الانهيار الاقتصادي مع تدمير ممنهج للبنية التحتية، حيث خرجت قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم عن الخدمة في مناطق واسعة، تاركة المواطن فريسة للمرض والجهل والحرمان.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه الملايين خطر المجاعة، ويعاني الأطفال من سوء التغذية والأوبئة، دون أفق واضح للخروج من المأزق.
انتهاك للحرمة... وغياب للعدالة
لم يكن التفجير فقط جريمة سياسية، بل خرقًا دينيًا وأخلاقيًا صارخًا، ارتُكب داخل بيت من بيوت الله، وفي شهر رجب الحرام. ورغم هذا الانتهاك الصارخ لكل القيم السماوية والدستورية والإنسانية، لم تتم محاسبة الجناة، ولم يُفتح تحقيق جاد يفضي إلى محاكمة علنية، بفعل التجاذبات السياسية والمكايدات الحزبية التي طغت على المشهد منذ ذلك اليوم الأسود.
إن غياب العدالة عن جريمة بحجم تفجير دار الرئاسة جعل منها الباب المفتوح لكل الجرائم اللاحقة التي تتابعت على اليمنيين، من الانقلابات المسلحة إلى الاغتيالات السياسية والانتهاكات اليومية التي تمارسها سلطات الأمر الواقع.
الشعب يدفع الثمن... إلى متى؟
يدفع المواطن اليمني منذ 14 عامًا ثمن غياب الدولة وغياب القانون. تحول البلد الذي كان يومًا ما يُضرب به المثل في التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، إلى ساحة صراع وفقر ونزيف دائم. وبينما تتمدد المليشيات، تتلاشى مؤسسات الدولة، وتتحول السيادة إلى ورقة في يد أطراف الخارج.
ورغم كل هذا، لا تزال قناعة اليمنيين راسخة بأن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وأن الحقيقة لا يمكن دفنها تحت ركام الحرب والفوضى. ستبقى جريمة دار الرئاسة شاهدًا على حجم الاستهداف الذي تعرّض له اليمن، ونقطة يجب التوقف عندها بكل صدق وشجاعة إذا ما أراد اليمنيون إعادة بناء دولتهم واستعادة جمهوريتهم.
خاتمة
في ذكرى تفجير دار الرئاسة، لا يسعى اليمنيون فقط إلى استعادة الذاكرة، بل إلى تحقيق العدالة، وإنهاء منطق العنف، والتأسيس لمصالحة وطنية شاملة لا تقوم على المحاصصة، بل على الاعتراف بالجرائم ومحاسبة مرتكبيها، حمايةً لمستقبل أجيال أنهكها الفقر والشتات والحرمان.