بقلم : تاج السر عثمان

١
اوضحت الحرب اللعينة الجارية حاليا خطر المليشيات على الدولة ووحدة البلاد، ولاسيما بعد إعلان الدعم السريع تكوين حكومة موازية غير شرعية خارجة من رحم حكومة بورتسودان غير الشرعية، التي تهدد وحدة البلاد، إضافة للمجازر والابادة الجماعية المرتكبة من طرفي الحرب والمليشيات وجيوش الحركات الموالية لهما، تلك المليشيات المرتبطة بأجندة خارجية التفكيك وحدة البلاد ونهب ثرواتها، وتصفية الثورة، والتي تخضع لشروط الممولين والذين يمدونها بالسلاح والعتاد.

لقد تكاثرت وتناسلت المليشيات بعد الحرب مثل: كتائب الإسلامويين بمختلف مسمياتها وقوات درع السودان، البطانة. الخ، وأولاد قمري في الشمالية. الخ. إضافة لمليشيات الحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق.
وقد برزت المليشيات خارج القوات المسلحة بتكوين قوات المراحيل في فترة الديمقراطية الثالثة، وما نتج عنها من مجازر مثل :مجزرة الضعين. الخ.
٢

علي ان اخطر ما افرزه انقلاب الإسلامويين في يونيو 1989 الفاشي العنصري التوسع في ظاهرة تكوين المليشيات وتدمير القوات النظامية بفصل وتشريد خيرة الكفاءات العسكرية ، وادخال عضويتهم غير المؤهلة في الجيش ، وتكوين مليشيات الدفاع الشعبي ، وكتائب الظل ، ووحدة العمليات في جهازالأمن، والوحدات الجهادية الطلابية ، وجلب صنوف مختلفة من التنظيمات الارهابية للسودان في منتصف تسعينيات القرن الماضي مثل: بن لادن ، وكارلوس ، والارهابيين من فلسطين واليمن وليبيا وتونس ، وبوكو حرام ، ومن الدول الأفريقية ،الخ ولعبت جامعة افريقيا دورا كبيرا في ذلك ، وتحول السودان الي قاعدة لانطلاق الإرهاب الدولي حتى تم وضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وساءت سمعة السودان في الخارج.
وبعد الانقلاب الإسلاموي ، تم نسف اتفاقية السلام ” الميرغني – قرنق” ، واتسع نطاق الحرب في الجنوب وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق ، وفي دارفور منذ العام 2003 ، وفشلت مليشيات الاسلامويين ، في حسم الحرب لصالحها التي أشعلتها بعد تدمير الجيش السوداني، مما اضطرها لاستخدام مليشيات “الجنجويد” الدعم السريع حاليا، التي اتهمتها الأمم المتحدة مع البشير بارتكاب جرائم حرب، وضد الانسانية من قتل جماعي وحرق القرى والاغتصاب وارتكاب ابشع المجازر التي بلغ ضحاياها ( حسب احصاءات الأمم المتحدة في 2013) أكثر من 300 ألف قتيل، وتشريد أو نزوح 3 مليون نازح ( حاليا تقدر بأكثر من 500 ألف) من قبائل الزرقة (الفور ، المساليت ، الزغاوة. الخ). إضافة للمجازر التي قامت بها في جبال النوبا وجنوب النيل الأزرق. الخ. ، كما شاركت قوات الدعم السريع في مجزرة هبة سبتمبر 2013 التي قامت احتجاجا على زيادة الأسعار،وبلغ عدد الشهداء فيها 200 مواطن.
راكمت مليشيات " الجنجويد" التي تحولت لقوات الدعم السريع فيما بعد ثروات ضخمة حسب تقارير الأمم المتحدة مصادرها من : النشاط التجاري لقائد الدعم السريع حميدتي السابق في المواشي ، والتسهيلات الحكومية والصعود السريع بعلم الدولة التي استخدمت مليشياته في قمع الحركات والاحتجاجات في دارفور (مجلة العربي الجديد، 23 / 8/ 2019)، والميزانية من الحكومة التي كانت لا تمر بالمراجع العام
ويجيزها البشير ، علي سبيل المثال : في محاكمة البشير الأخيرة اعترف بأنه سلم شقيق حميدتي ( عبد الرحيم دقلو القيادي البارز في الدعم السريع) مبالغ من الأموال التي حصل عليها من الإمارات والسعودية البالغة 91 مليون دولار، اضافة للعائدات من الذهب حيث تمكن حميدتي من السيطرة علي الذهب في منطقة جبل عامر ومناطق أخرى ، وعمل شركات الجنيد للأنشطة المتعددة التي تستخدم مادة ” السيانيد” الضارة رغم منع الحكومة لها ، وتهريب الذهب الي تشاد ودبي ، وقدر تقرير قناة ( تي . أر .تي) أن شركة الجنيد تجنى سنويا من جبل عامر 54 مليون دولار ، وأن قيمة الذهب المهرب من 2010 إلي 2014 يقدر ب 4 مليار و500 مليون دولار( تقرير سري صادر عن لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي حسب مجلة فورن بوليسي) ، وهي معلومات لم تنفيها قيادة المليشيات.( راجع أيضا صحيفة الجريدة بتاريخ 28 /10/ 2019 ، مقال هنادى الصديق)، بعد انفصال الجنوب أصبح الذهب يمثل 40 % من صادرات السودان، وقام حميدتي بتأسيس مجموعة شركات (الجنيد ) التي يوجد لها مكاتب في واشنطن ودبي ويديرها أخوه عبد الرحيم ، وتقوم بتعدين الذهب وشحنه مباشرة إلى دبي، هذا فضلا عن الدعم الإماراتي السعودي وخاصة بعد مشاركة قوات حميدتي في حرب اليمن ، والذي يبلغ مئات الملايين من الدولارات من الرياض وأبو ظبي ( مجلة العربي الجديد ، مصدر سابق). حيث تقوم المليشيات بحماية ميناء الحديدة والحدود السعودية مع اليمن. وحسب تصريحات حميدتي فان لديه حاليا نحو 30 ألف مقاتل في اليمن، اضافة للحصول علي
مئات الملايين من الدولارات من أوربا مقابل حراسة الحدود ومنع الهجرة إلي اوربا ( العربي الجديد ، مصدر سابق).
كل ذلك زاد من نفوذ حميدتي العسكري والمالي ، مما أغراه للمشاركة في انقلاب اللجنة الأمنية، وأصبح له الدور القيادي العسكري والمالي كما يتضح من الاتي:
* قال حميدتي في مؤتمر صحفي نقله التلفويون السوداني وعدد من القنوات المحلية يوم 27 /7 / 2019 ” أمنا حاجات الناس ، ودفعنا الديون ، وكدعم سريع دافعين مليار و27 مليون دولار للحكومة” ، وهذا يقترب من ربع ميزانية السودان الرسمية لعام 2019 ، والبالغة 4,1 مليار دولار!!، أي أصبح الدعم السريع يدعم الحكومة !!!.
كما حملّت المنظمات العدلية والمحكمة الجنائية المجلس العسكري وقوات الدعم السريع مسؤولية مجزرة الاعتصام ، وطالبت بفتح تحقيق حول الحادثة ، كما طالبت بتسليم البشير والمطلوبين للجنائية.
كما اصبحت قوات الدعم السريع تتمدد بعد تقنين الوثيقة الدستورية لها كما جاء في الفصل الحادى عشر (1) ” القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن ولسيادته تتبع للقائد العام للقوات المسلحة، وخاضعة للسلطة السيادية”.
هكذا وجدنا أنفسنا أمام خطر جيشين في البلاد مما يهدد وحدة البلاد، وظاهرة جديدة في السياسة السودانية، حيث تزايد نفوذ مليشيات ق.د.س الذي اصبح لقيادتها مصالح طبقية ، كان لابد أن ينفجر هذا الصراع بعد الاتفاق الإطاري، وأدي للحرب الجارية التي دمرت البنية التحتية، وشردت الملايين وقتلت الآلاف اضافة الآلاف من المفقودين، و تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية، اضافة لاستمرار الابادة الجماعية والعنف الجنسي، كما حدث في مدني دارفور كما يحدث حاليا في الفاشر معسكر زمزم، وقبلها كما حدث في بعض المناطق ( الجنينة، كردينق.الخ)..
٣
يستحيل الحديث عن ضمان وحدة البلاد، ونجاح الفترة الانتقالية والوصول لأهداف الثورة في ظل وجود المليشيات ، وقوات الدعم السريع و قوات الحركات. الخ ، مما يتطلب الترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ملیون دولار وحدة البلاد

إقرأ أيضاً:

شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”

متابعات- تاق برس- أعلن اللواء أبو عاقلة محمد كيكل، قائد قوات درع السودان، عن جاهزية قواته لتحرير كردفان وطرد قوات الدعم السريع حتى منطقة أم دافوق بولاية جنوب دارفور والواقعة على حدود السودان مع إفريقيا الوسطى في إشارة إلى مطارتهم لأبعد نقطة.

 

https://www.tagpress.net/wp-content/uploads/2025/07/storage_emulated_0_Android_data_com.fawazapp.blackhole_files_DCIM_blackhole_CQU8GITY69AP4NEOGLV5.mp4

 

جاء ذلك في مقطع فيديو بثه كيكل صباح اليوم الخميس من كردفان، مؤكدًا أن قواته حققت انتصارات سابقة في ولاية الجزيرة ومنطقة أم القرى التي فقدت فيها قوات درع السودان عشرات من الجنود.

 

وأكد كيكل على تقدم قوات درع السودان في كردفان، متجهة نحو دارفور حتى آخر الحدود السودانية.

وأعلن جاهزية قواته لخوض المعركة المصيرية، مؤكدًا استعدادهم لفقدان الآلاف في سبيل تحرير كردفان من المتمردين.

 

وتشهد مناطق شمال وغرب كردفان تقدمًا كبيرًا لقوات الجيش السوداني ، مدعومة بقوات درع السودان والقوة المشتركة وكتيبة البراء بن مالك. وفرض الجيش خلال الأسبوع الجاري سيطرته على عدد من القرى في شمال كردفان بعد معارك كبيرة خاضها مع قوات الدعم السريع.

أم دافوققوات درع السودانكيكل

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع “حميدتي” داخل منزله بالخرطوم
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
  • الاتحاد الإفريقي يدعو إلى عدم الاعتراف بحكومة حميدتي الموازية
  • شبكات الكبتاغون تنتقل من سوريا إلى السودان.. مصنع ضخم داخل حقل ألغام للدعم السريع