تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لا يُشبه إبراهيم عبد الفتاح أحدًا. إنه أحد أولئك الشعراء الذين يكتبون كما يتنفّسون: دون ادعاء، دون صراخ، دون رغبة في لفت الانتباه. شاعرٌ يمشي في القصيدة كما يمشي الناس في الطرقات المزدحمة، لكن بخطى من يعرف أن المعنى لا يسكن الضجيج، بل يختبئ في الأزقة الخلفية للحواس.

ولد عام 1959 في القاهرة، ودرس الفلسفة، لا حبًا في النظريات، بل شغفًا بالبحث عن المعنى.

ولم يكن غريبًا أن يحمل هذا التكوين إلى الشعر: فهو شاعر ينظر إلى العالم كما ينظر في مرآة قديمة، يرى الأشياء بعد أن تذوب حدودها، ويكتبها لا كما تبدو، بل كما تُوجَع.

منذ بداياته، لم يكتب الأغنية بوصفها ترفًا موسيقيًا، بل باعتبارها نوعًا من الكتابة السرّية. شيءٌ بين الاعتراف والإنشاد، بين اليومي والوجودي. لم تكن كلماته "كلمات أغانٍ" بالمعنى التقليدي، بل قصائد تتخفف من الوزن دون أن تخفف من المعنى، كلمات ذات جلد شفيف، تمر عبر الأذن لتستقر في مكان أعمق من القلب.

أغنياته التي غناها علي الحجار وحنان ماضي وأنغام ووردة، تشبه الممرات المضيئة في بيت مظلم. "لما الشتا يدق البيبان"، "بافرد ضلوعي"، "وانت بعيد"، ليست أغنيات فحسب، بل حالات شعرية مكتملة، مكتوبة بوعيٍ غنائي عميق، لكنها تنتمي جوهريًا إلى الشعر، الشعر الذي لا يُقال في الصالونات بل يُقال بين شخصين في لحظة انكسار.

ولم يكن إبراهيم عبد الفتاح شاعرًا غنائيًا فحسب، بل كاتبًا متعدد الوجهات: كتب للمسرح، وعمل في الدراما، وساهم في مشروع "عالم سمسم" الذي شكّل وجدان جيل كامل. لم يكن ذلك خروجًا عن الشعر، بل امتدادًا له. لأنه آمن أن اللغة لا تُكتب لتُعلّق على الجدران، بل لتُهمَس في أذن طفل، أو تُقال في مشهد عابر، أو تُخبّأ في قلب أغنية تمرّ دون أن تُنسى.

ما يميّزه حقًا، هو هذه القدرة على الجمع بين البساطة والعمق. كلماته مألوفة كأنها جزء من ذاكرتك، لكنها في كل مرة تمنحك معنى جديدًا. لا يستعرض شاعريته، بل يخفيها عمدًا، كمن يعرف أن المعنى الأقوى هو الذي يأتي خافتًا، والذي لا يحتاج إلى صراخٍ ليصل.

إبراهيم عبد الفتاح ليس صوتًا ضمن جوقة، بل هو النغمة التي لا تشبه أحدًا. نغمة وُلدت من انكسارات الحياة الصغيرة، ومن مجازٍ عابرٍ يُضيء غموض الأيام. شاعرٌ كتب الأغنية لا بوصفها قالبًا فنيًا، بل بوصفها طريقة للعيش، ووسيلة لتقشير العالم من زخرفه، حتى يظهر على حقيقته: هشًا، عذبًا، مُربكًا، ومليئًا بجمال لا يُحتمل.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: إبراهیم عبد الفتاح

إقرأ أيضاً:

نقل والدة علاء عبد الفتاح للمستشفى بعد 242 يوما من الإضراب عن الطعام

نُقلت والدة الناشط المصري علاء عبد الفتاح إلى المستشفى بعد 242 يوما من إضرابها عن الطعام احتجاجا على سجن ابنها في مصر، وفق ما أعلنته عائلتها أمس الخميس.

وقالت الحملة الداعمة لها -في بيان مقتضب- إن ليلى سويف (69 عاما) الناشطة والأكاديمية نقلت إلى مستشفى في لندن يوم الاثنين الماضي وهي تعاني من هبوط حاد لمستوى السكر في الدم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2العفو الدولية: تعليق المساعدات الأميركية يؤثر على حياة الملايينlist 2 of 2مؤتمر بالدوحة يناقش حدود الصحفي الأخلاقية في ظل تطور الذكاء الاصطناعيend of list

وهذه هي المرة الثانية التي تنقل فيها سويف إلى المستشفى منذ فبراير/شباط الماضي.

وكانت قد بدأت إضرابها عن الطعام في 29 سبتمبر/أيلول 2024، وهو اليوم الذي كان يُتوقع فيه إطلاق سراح ابنها بعد قضائه عقوبة السجن 5 سنوات.

لكنها خففت الإضراب في مارس/آذار الماضي وبدأت بتناول 300 سعرة حرارية يوميا من خلال مكمل غذائي سائل، ثم أعلنت في 20 مايو/أيار الجاري العودة إلى الإضراب الكامل.

وقد خلصت لجنة خبراء بالأمم المتحدة الأربعاء الماضي إلى أن احتجاز علاء عبد الفتاح "تعسفي ومخالف للقانون"، داعية إلى إطلاق سراحه فورا.

Dr Laila Soueif announced outside Downing Street today that she has returned to full hunger strike. pic.twitter.com/JJLepWdl5e

— Free Alaa (@FreedomForAlaa) May 20, 2025

إعلان

وبدأ عبد الفتاح إضرابا عن الطعام في الأول من مارس/آذار الماضي بعد علمه بدخول والدته المستشفى، ولا يزال مستمرا في إضرابه، وفقا لحملة الإفراج عنه.

يذكر أن السلطات المصرية أوقفت عبد الفتاح في سبتمبر/أيلول 2019، بعد مشاركته نصا كتبه شخص آخر يتهم فيه شرطيا بتعذيب أحد السجناء حتى الموت.

وبعد ذلك بعامين، حُكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة "نشر معلومات كاذبة"، وذلك عقب محاكمة اعتبرتها والدته "صورية".

وتؤكد عائلته وناشطون في مجال الدفاع عن حرية الصحافة بمن فيهم منظمة مراسلون بلا حدود، أنه كان ينبغي إطلاق سراحه في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي باحتساب العامين اللذين أمضاهما في الحبس الاحتياطي، لكن السلطات المصرية رفضت أخذهما في الاعتبار.

وكان علاء عبد الفتاح البالغ 43 عاما من أبرز الشخصيات التي شاركت في انتفاضة 2011 التي أنهت 3 عقود من حكم الرئيس الراحل حسني مبارك. وحصل على الجنسية البريطانية في 2022 من خلال والدته المولودة في المملكة المتحدة.

مقالات مشابهة

  • أمين تنظيم الجيل: حل أزمة الإيجار القديم لا تقتصر على المعالجة القانونية فقط
  • فيديو متداول لـحدث غريب خلال عاصفة الإسكندرية الأخيرة.. هذه حقيقته
  • نبوءات ويتمان.. كيف تنبأ شاعر القرن الـ 19 بأمريكا العصر الحديث؟
  • سامح حسين ينتهي من تصوير فيلم «تحت الطلب»
  • إبراهيم عثمان يكتب: شركاء الوجع والتضامن!
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الأخلاق والسياسة في زمن الكوليرا
  • نقل والدة علاء عبد الفتاح إلى المستشفى بعد تدهور حالتها الصحية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الإعلام يحجز مكانًا جديدًا
  • نقل والدة علاء عبد الفتاح للمستشفى بعد 242 يوما من الإضراب عن الطعام
  • إغلاق باب التسجيل في الموسم الـ12 من «شاعر المليون»