الخسائر الاقتصادية جرّاء الحرب في السودان بعد عامها الثاني تبلغ مليارات الدولارات
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
صحيفة السوداني: تباينت التقديرات الحكومية الرسمية، والخاصّة حول حجم الخسائر التي تعرض لها القطاع الاقتصادي جرّاء الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع التي أكملت عامها الثاني في العام الحالي 2025، وأشارت التقديرات الرسمية لبلوغ الخسائر ما بين 108,8 – 200 مليار دولار، فيما قدرها المحللون الاقتصاديرن بتريليون دولار.
وجزم مراقبون تحدثوا لـ(السوداني) بصعوبة تقدير الحجم الكلي للخسائر بشكل قاطع بسبب استمرار الحرب وتتابع خسائرها على القطاعات الاقتصادية الحيوية وتدميرها لـ65% من القطاع الزراعي و75% من القطاع الصناعي، و70% من القطاع الخدمي. ووصفوا الأرقام المذكورة بالأولية ولا يعتد بها.
واستند المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي في تحديد حجم خسائر الاقتصاد لتقديرات التقارير الأممية والرسمية التي أكدت انها تبلغ في اجماليها نحو 200 مليار دولار أميركي،
مع دمار 60% من البنية التحتية،
وتشريد نحو 30% من السكان بين نازح ولاجئ اي قرابة 12،5 مليون سوداني من عدد السكان الذي يقدر بنحو 42 مليون نسمة.
ووصف في حديثه لـ(السوداني): القطاع الصناعي السوداني الذي يوجد 85% منه بالخرطوم بالأكثر تضرر وانهياراً.
ولفت لتباين الأضرار التي لحقت بالمصانع كافة من سرقة ونهب وحرق وهدم وتدمير.
وقدر وزير المالية د. جبريل إبراهيم خسائر الحرب بـ200 مليار دولار.
وبيّن فتحي اعتماد الاقتصاد السوداني على قطاع الخدمات بنسبة 46%، وعلى القطاع الزراعي بنسبة 33%، والقطاع الصناعي بنسبة 21%.
وأكد تدهور سعر صرف الجنيه السوداني فقط خلال عامي الحرب منذ 15 أبريل 2023 وحتى 15 أبريل 2025، بنسبة 85%.
وأشار لتدمير القطاع الزراعي والذي يعمل به 80% من القوى العاملة، بنسبة تقدر بنحو 65%، وتسبب الحرب في نزوح المزارعين وتعطل سلاسل الإمداد، وتراجع مدخلات الإنتاج من الوقود، والبذور، والأسمدة، وفقدت البلاد موسمين زراعيين، بينما يواجه الموسم المقبل تحديات كبيرة.
موضحاً خروج ولايات وأجزاء واسعة من السودان من دورة الاقتصاد القومي والإنتاج، خاصة الولايات التي يتواجد بها البترول، وصادرات الماشية واللحوم، والفول السوداني، والصمغ العربي والذهب.
وأبان أهمية هذه المنتجات وعائدها الضخم على الاقتصاد القومي واعتماد الدولة الكلي عليها.
من جانبه، بيّن وزير النفط والطاقة د. محيي الدين نعيم أن خسائر القطاع بلغت 20 مليار دولار، شملت حجم المنشآت النفطية وفقدان الخام النفطي والمشتقات النفطية في المستودعات الاستراتيجية وحدوث التلف المتعمد للحقول وسرقة الكوابل الخاصة بالآبار وقطع الغيار وتخريب مباني رئاسة الوزارة.
ودعا فتحي، الحكومة للبحث عن حلول عبر تحريك موارد البلاد الذاتية، أو بالاقتراض من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، أو عبر شراكات استثمارية جادة كمورد مهم لاقتصاد البلاد ما بعد الحرب.
وحمّل فتحي الحرب مسؤولية تآكل مقدرات البلاد الاقتصادية، وتجاوز تأثيرها على القطاعات الاقتصادية لتدمير البنى التحتية ومساكن المواطنين، وأثرها على مقومات التنمية الاقتصادية ومعيشة الأفراد وتفكك النسيج الاجتماعي.
وطالب الحكومة كذلك بالعمل على مختلف المسارات المتوازية للإنعاش والتعافي الاقتصادي.
ودعا للحفاظ على قيمة العملة، واستقرار الأسعار، واستعادة منظومة الخدمات الأساسية، وحشد الجهود التمويلية من المصادر الخارجية لإعادة إعمار ما خلفته الحرب سواء في جانب مساكن المواطنين، ومختلف القطاعات وابرزها الكهرباء، المياه، الطرق والجسور والكباري وغيرها، ناهيك عن التعليم والصحة والبنى التحتية والخدمات المتضررة.
وقال: “هذه الملفات جميعها بحاجة لإعادتها لوضعها الطبيعي ما قبل الحرب وتطويرها، حيث تشكل تحديات حقيقية للحكومة ولجميع الجهات المانحة”.
وقدرت اللجنة العليا للإعمار التي كونها مجلس السيادة خسائر القطاع الإقتصادي بسبب الحرب بـ108,8 مليار دولار.
واعلنت عن خطة لإعادة النسيج الاجتماعي والعمراني وإعادة بناء المؤسسات.
وكشفت اللجنة عن توجهها لتمويل خطتها الإعمارية من خلال فرض ضريبة إعمار على المغتربين السودانيين في الخارج، وخفض الإنفاق الحكومي، وعبر التمويل الخارجي بالقروض والمنح، وتقديم صيغ التمويل بالصكوك.
وذهب المحلل الاقتصادي د.كمال كرار في حديثه لـ(السوداني) لوصول الاقتصاد السوداني لدرجة الانهيار الكامل بعد مرور عامين على الحرب قياسا للمؤشرات الاقتصادية، وللتدمير الواسع الذي لحق بقطاعات الإنتاج الرئيسة والمنتجين على حد سواء.
وقال إن الأرقام المروعة تكشف ما فعلته الحرب بالاقتصاد، وان هذه الأرقام حصيلة أولية من مصادر رسمية.
وأشار كرار إلى أن الأرقام الرسمية تؤكد انه خلال الـ16 شهرا الأولى من الحرب من 15 أبريل 2023 وحتى 31 أغسطس 2024 توقف 70% من النشاط الاقتصادي، وانخفض الناتج المحلي من 51,6 مليار دولار في 2022 إلى 43,9 مليار دولار في 2023 وأدى ذلك لركود اقتصادي كبير.
وقدرت خسائر القطاع الصحي والذي يوجد 85% منه بالعاصمة الخرطوم بـ2,2 مليار دولار، شملت المشافي العامة والخاصة والأجهزة والمعدات الطبية.
ولفت كرار لتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 17,6% في عام 2023.
وتدمير 120منشأة حيوية بالخرطوم، و20مبنىً أثرياً وشبكات المياه والكهرباء.
وأكد تسبب الحرب في توقف النشاط الاستثماري وارتفاع عجز الموازنة وتدهور الوضع الإنساني وارتفع الأسعار وانعدام الأمن الغذائي وزيادة النزوح الداخلي والخارجي
وأشار لخروج أكثر من 400 منشأة صناعية بالعاصمة والولايات من دائرة الانتاج. وفقدان الايرادات العامة أكثر من 80% من مصادرها.
وتضرر القطاع المصرفي خلال عامي الحرب بشكل كبير، حيث تآكلت موجودات المصارف بمقدار النصف، بمبلغ يقدر بـ45 تريليون جنيه، بعد خسارة العملة الوطنية الجنيه لنسبة تتجاوز الـ50% من قيمتها.
وتسببت الحرب في خسائر كبرى للقطاع الزراعي بلغت في نسبتها 65%، ما ادى لزيادة عدد المواطنين الذين يواجهون خطر الجوع لـ18 مليون سوداني.
وتضاعفت الحاجة للغذاء بمقدار 6 ملايين طن من الحبوب، والتي يصعب توفيرها جراء استمرار الحرب.
وقال كرار إن الحكومة اضطرت للجوء للتمويل المصرفي لسد العجز ما أدى لارتفاع التضخم.
واوضح ان إجمالي الايرادات المفقودة بلغ 8 مليارات دولار. وكشف عن ارتفاع التكلفة اليومية للحرب لـ900 مليون.
ولفت لتدمير الحرب للبنى التحتية للتعليم العام والعالي وتوقف العملية التعليمية.
وشملت الخسائر الاقتصادية قطاع البنى التحتية والتي قدرت بـ60 مليار دولار حتى نهاية 2023، وشملت المنشآت والبنى التحتية الجديدة بالخرطوم، بجانب القائمة أصلاً بالخرطوم.
وأكد كرار تسبب الحرب في تدمير أكبر قاعدتين صناعيتين بالسودان في الخرطوم وجنوب دارفور بنسبة 75%.
وقال إن حركة الصادرات تراجعت بنسبة 60% بسبب تأثر مناطق الانتاج التي تغذي الصادر، وتراجع قطاع الزراعة بنسبة 40%.
ووصف هذه الارقام بالخسائر المتواضعة بالقياس بحجم مجمل الخسائر التي حدثت وتحدث.
وأكد أن خسائر الحرب حتى الآن تفوق التريليون دولار.
واوضح ان هذا الرقم يساوي قيمة الناتج المحلي الاجمالي لمدة 20 عاما.
وأشار لتراجع الاقتصاد السوداني 60 عاما للوراء.
وشرح المحلل الاقتصادي عادل خلف الله لـ(السوداني) تأثيرات عامي الحرب الماضيين على القطاع الاقتصادي وتدميرها مجمل القطاعات الإنتاجية والخدمية والمراكز المالية والصناعية والتجارية وتسببها في نزوح 12 مليون مواطن.
وقال خلف الله إن الحرب ادت لفقدان اكثر من 80% من العاملين البالغ عددهم 25 مليون من إجمالي 48 مليون لوظائفهم، ما تسبب في فقدانهم مصادر الدخل وسبل كسب العيش.
وأوضح تزايد معدلات البطالة بأكثر من75%، فضلا عن تزايد هجرة رأس المال البشري من العمال والكفاءات الوطنية، وصار أكثر من 90% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر الحاد.
وقال خلف الله ان سنوات الحرب الماضية قفزت بالتضخم لمعدلات قياسية بلغت نسبة 145%، كما فقدت العملة الوطنية 350% من قدرتها الشرائية وتسببت في تدمير القطاع الصناعي والزراعي والخدمي.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القطاع الصناعی ملیار دولار لـ السودانی على القطاع الحرب فی
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني والدعم السريع يتنازعان السيطرة على منطقة المثلث الاستراتيجية
أعلنت قوات الدعم السريع السودانية، عن استعدادها الكامل لتوظيف سيطرتها على منطقة المثلث الحدودي مع مصر وليبيا لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى ولايتي دارفور وكردفان.
وجاء في بيان رسمي صادر عن الدعم السريع على موقعها الإلكتروني أن جميع إمكانياتها متاحة لدعم المنظمات الإنسانية وضمان وصول قوافل الإغاثة بأمان وكفاءة إلى المتضررين، مؤكدة تخصيص قوات لتأمين الحدود ومكافحة تجارة السلاح والمخدرات.
واتهم البيان الجيش السوداني باستخدام الغذاء كوسيلة لمعاقبة المدنيين، في إشارة إلى تصاعد الأزمة الإنسانية.
من جهته، أكد الجيش السوداني في بيان نشرته وكالة الأنباء السودانية (سونا) يوم الأربعاء أنه أخلى المنطقة ضمن ترتيبات دفاعية، متجنبًا أي اشتباكات في تلك المنطقة الاستراتيجية.
وتعتبر قوات الدعم السريع أن السيطرة على مثلث الحدود نقطة تحول استراتيجية في تسهيل المساعدات الإنسانية وفرض الأمن على الحدود.
في سياق متصل، حذّر منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، الخميس، من أن السودان، الذي يعاني من حرب دامية مستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع، أصبح “مثالاً محزناً” على اللامبالاة و”الإفلات من العقاب” في المجتمع الدولي.
وجاء في بيان فليتشر: “قال المجتمع الدولي مراراً إنه سيحمي شعب السودان، وسيسألنا شعب السودان متى وكيف سنباشر الوفاء بهذا الوعد، لأن بلدهم أصبح نموذجاً مؤلماً لموضوعي الساعة: اللامبالاة والإفلات من العقاب”.
وأضاف المسؤول الأممي أن السودان يشهد “أكبر أزمة إنسانية في العالم” حيث يحتاج نحو 30 مليون شخص، أي نصف السكان، إلى مساعدات حيوية وسط حرب “بلا رحمة” ومدنيين “محاصرين وجائعين”.
وأكد فليتشر أن “القصف العشوائي والهجمات بمسيّرات وغيرها من الاعتداءات الجوية تقتل وتجرح وتشرد عدداً هائلاً من الناس”، مشيراً إلى دمار نظام الرعاية الصحية وانتشار أمراض مثل الكوليرا والحصبة.
وأشار إلى تكرار التقارير حول التكلفة البشرية للحرب، بما في ذلك أعمال العنف الجنسي الرهيبة، لكنه لفت إلى أن هذه التحذيرات لم تُترجم بعد إلى حماية فعلية للمدنيين أو وصول آمن ومستدام للمساعدات الإنسانية.
ودعا إلى تسريع الجهود نحو تحقيق سلام مستدام وشامل وعادل، مع زيادة التمويل لدعم العمليات الإنسانية في السودان.
وتشهد البلاد منذ أبريل 2023 حرباً مدمرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، خلفت آلاف القتلى والجرحى ودماراً واسع النطاق.