عمّان- أثار قرار وزارة التربية والتعليم الأردنية القاضي بتأنيث الكادر التدريسي للطلبة من الصف الأول وحتى السادس الأساسي، جدلا واسعا بين من اعتبروه خطوة لدعم البيئة التربوية للطلبة في مراحلهم المبكرة، وبين من عبروا عن تخوفهم من تداعياته على مصير المعلمين الذكور ومستوى المخرجات التعليمية، ومن أن يكون مقدمة لسياسات قد تمهّد للاختلاط في المدارس.

وسيشمل القرار 123 مدرسة تنطبق عليها المعايير، مع استثناء بعض المدارس التي تملك مبررات فنية وإدارية خاصة، حيث سيتم استبدال كادرها التدريسي والإداري من الذكور بالإناث، وأثار هذا القرار تساؤلات حول مدى قدرة التجربة على تحقيق التوازن التربوي المطلوب.

ويعبر المعلم عمار أحمد، الذي يعمل مدرسا للصفوف الأساسية منذ 7 أعوام، للجزيرة نت، عن قلقه من القرار، معتبرا أن "الإقصاء الكامل للمعلمين الذكور من هذه الصفوف قد يحرم الطلبة من نماذج تربوية ذكورية مهمة، خصوصا مع دخولهم مراحل تكوين اجتماعية ونفسية حساسة".

قرار تأنيث الكادر التدريسي سيشمل 123 مدرسة أردنية (الجزيرة) حيرة وتشكيك

وأشار أحمد إلى أن وجود المعلمين الذكور إلى جانب المعلمات ضروري لإحداث توازن في العملية التربوية، مضيفا "ليس من المنطقي أن ننظر للمراحل الأساسية كسلة واحدة، فاحتياجات طالب الصف الأول تختلف كثيرا عن احتياجات آخر في الصف السادس".

أما المعلمة أماني إسماعيل فقد أبدت حيرتها تجاه القرار، فمن جهة ترى أن قدرة المعلمة على احتواء الطفل في هذا العمر أكبر، إلا أنها تعتقد أن التأنيث الكامل قد يؤثر من الجانب الأكاديمي والتربوي، موضحة أن "الجهد المبذول لضبط سلوك الطلبة الذكور أصبح يطغى على حساب جودة العملية التعليمية وإيصال المعارف".

وفي حديثها للجزيرة نت، قالت عضو مجلس النواب الأردني هدى العتوم إن هناك دراسات متخصصة يجب العودة إليها، ويجب أن تكون من البيئة الأردنية تحديدا، لا مجرد استناد إلى تجارب عالمية.

إعلان

وأضافت أن "المعلمات يواجهن صعوبات كبيرة في التعامل مع الطلبة الذكور في الصف الرابع حاليا، فكيف سيكون مع الأعمار الأكبر حيث أبدى العديد منهم عدم تقبلهم للمعلمات، لا سيما في القرى والمناطق الريفية التي تتسم بتنشئة اجتماعية مختلفة"، مؤكدة أن "طبيعة المكان والتنشئة المجتمعية يجب أن تكون حاضرة في أي قرار تربوي".

وحسب العتوم، يحتاج الطالب في عمر 11 و12 سنة إلى نماذج واضحة في حياته، ويجب أن يرى صورة المعلم والمربي والعالم أمامه داخل المدرسة، محذرة من أن غياب هذه النماذج قد يؤثر على بناء الهوية الشخصية للطالب كونه ذكرا.

وتابعت أن ذلك من شأنه أن يزيد من مستوى البطالة لدى الذكور الذين هم المعيلون الأساسيون للأسرة، لافتة إلى أن نحو 180 ألف طالب ضمن هذه الفئة العمرية سيتم تدريسهم من قبل معلمات بدلا من المعلمين، وهذا سيسهم -برأيها- في تراجع فرص العمل للمعلمين الذكور.

وشددت العتوم على أن مثل هذا القرار يحتاج إلى تأنٍ ودراسة مستفيضة، مع انتقال تدريجي ومدروس، خاصة في ظل غياب تهيئة حقيقية للمعلمات للتعامل مع الطلبة الذكور في هذه المراحل الحساسة.

تأثير إيجابي

بالمقابل، أكد مدير إدارة التخطيط في وزارة التربية والتعليم فيصل هواري للجزيرة نت، أن القرار سيكون له تأثير إيجابي على أوضاع المعلمين الذكور وسيشكل فرصة لهم؛ مضيفا "من الممكن أن يتحول المعلم إلى أي شاغر آخر يراه مناسبا له مثل العمل في الإدارة، لأن الذكور عادة يفضلون المواقع الإدارية".

وحول جدوى القرار، أكد الهواري أن الوزارة استندت إلى دراسة عالمية حديثة أظهرت تحسن التحصيل الدراسي وزيادة الاتجاهات الإيجابية لدى الطلبة عند تطبيق التأنيث في المراحل المبكرة.

وقال "نحن واثقون من قرارنا ولا نلتفت للتعليقات هنا وهناك، بل ننقل خبرة وتجربة عملية، بدأنا في مرحلة سابقة بتأنيث الصفوف الثلاثة الأولى، ووجدنا أن الأهالي طالبوا باستكمال التجربة بعد ملاحظتهم التحسن". وأوضح أن القرار سيقتصر فقط على الصفوف الأساسية حتى السادس، ولن يتعداه إلى المراحل الأعلى، مشددا على أن البيئة المدرسية ستبقى كما هي.

إعلان

من جانبه، قال المختص التربوي ورئيس الهيئة الإدارية لنادي المعلمين سابقا هيثم البطاينة، للجزيرة نت، إن الطالب يفضل أن يكون مدرسه معلما لأنه يعتبره صديقا لا سيما في المرحلة الأساسية العليا فهو ينظر إليه كقدوة ويبوح له بتساؤلاته.

وبشأن إمكانية أن يكون القرار مقدمة لاختلاط الطلبة كما يعتقد البعض، شدد الهواري على أنه لا يوجد أي توجّه لذلك في المدارس، مشيرا إلى أن التغيير فقط إداري وتدريسي عبر تحويل كادر المعلمين من ذكور إلى إناث.

معايير علمية

أما أستاذ التربية الابتدائية في الجامعة الأردنية رمزي هارون فأكد للجزيرة نت ضرورة أن يُناقش القرار بناء على معايير علمية دقيقة لا على أساس الانطباعات أو المخاوف الاجتماعية غير الموثقة.

وأشار إلى أن الأبحاث التربوية الحديثة تؤكد أن جنس المعلم ليس العامل الحاسم في جودة التعليم، بل تبرز أهمية الكفاءة التربوية ومستوى الالتزام المهني والقدرة على بناء علاقات آمنة وداعمة مع الطلبة.

ويرى أن المعلمات يمتلكن مهارات عالية في التنظيم العاطفي والتواصل، وهذا ينعكس إيجابا على تحصيل الطلبة وسلوكهم، إضافة لكونهن أكثر ميلا لاستخدام أساليب تفاعلية ومشجعة تعزز مشاركة الأطفال في الصفوف الأولى، مضيفا أن مهنة التعليم الابتدائي أكثر جذبا للإناث، وأن الدراسات تظهر أنهن يتمتعن برضا وظيفي أعلى من الذكور ما ينعكس على التزامهن وأدائهن.

وفي ما يتعلق بالمخاوف حول تعامل المعلمات مع الذكور في عمر 12 عاما، اعتبر هارون أنها لا تستند إلى أدلة علمية، مؤكدا أن الأمهات يقمن بدور أساسي في تربية الأبناء من كلا الجنسين، وأن الطلبة الذكور في هذا العمر لا يحتاجون سوى إلى بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، من دون أن يثير وجود معلمات أي مشكلات سلوكية جوهرية إذ إنهن لسن "وحوشا".

وشدد على أن نجاح هذه الخطوة مرتبط بتوفير بيئة مهنية داعمة للمعلمات، بعيدا عن التصورات التقليدية والأحكام غير المدروسة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت الذکور فی على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

«واتساب» يفاجئ مستخدميه بتحديث شكلي شامل.. انقسام حاد وردود فعل غاضبة

أطلق تطبيق “واتس آب” المملوك لشركة “ميتا”، تحديثًا شكليًا مفاجئًا لواجهة نسخته على الويب، أثار موجة واسعة من الجدل والانقسام في أوساط المستخدمين حول العالم، بعدما غيّر التطبيق مظهره بالكامل دون أن يُدخل أي ميزات جديدة.

وبحسب ما نقلته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن التحديث الذي وصفته “واتس آب” بأنه “تصميم جديد كليًا” اقتصر على تغييرات بصرية، دون المساس بطريقة استخدام التطبيق أو إضافة خصائص جديدة.

ومن أبرز ملامح التحديث الجديد، اعتماد واجهة داكنة بالكامل، واستبدال الخلفية الزرقاء الرمادية بلون قاتم أكثر انسجامًا مع التصميم المستخدم في نسخة الهواتف الذكية. كما تم إعادة تصميم الشريط الجانبي، حيث أزيلت الخطوط الفاصلة بين المحادثات، وأُحيطت المحادثة المفتوحة فقط بإطار أخضر مميز.

وظهر في الشريط الجانبي أيضًا أيقونة “المجتمعات”، التي كانت سابقًا مقتصرة على التطبيق المحمول، مما يعكس اتجاه “واتس آب” لتوحيد التجربة البصرية عبر مختلف المنصات.

انقسام المستخدمين.. إشادة وسخرية وانتقادات

وبمجرد تفعيل التحديث الجديد، فوجئ المستخدمون برسالة ترحيبية من “واتس آب” تقول: “ابتداء من اليوم، نقدم تصميما جديدا كليا لـ”واتس آب ويب”. قد تبدو بعض الأشياء مختلفة تماما، لكن كل شيء يعمل كما كان من قبل.”

لكن التصميم الجديد لم يلقَ قبولًا واسعًا، إذ انقسمت الآراء حوله بشكل ملحوظ. فقد وصفه بعض المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي بأنه “مزعج” و”غير مريح بصريًا”، وقال أحدهم على منصة X: “يا إلهي! ما هذا التصميم؟ شركة أخرى تدمّر تطبيقاتها!”

في المقابل، رحّب آخرون بالتحديث واعتبروه تحديثًا طال انتظاره. كتب أحد المعلقين: “أحب هذا التصميم الجديد لـواتس آب ويب”، فيما أشار آخر إلى أن “هذه أول مرة يتم فيها تجديد الواجهة منذ نحو عشر سنوات.”

نقص المزايا مستمر.. رغم الشكل الجديد

رغم تحسينات الشكل، لا تزال نسخة “واتس آب ويب” تعاني من غياب بعض الخصائص الأساسية، مثل إمكانية تحميل أو مشاهدة تحديثات الحالة (Status)، أو القدرة على تغيير خلفية المحادثة كما هو الحال في التطبيق على الهاتف.

خلفية التوتر: الإعلانات في الطريق

ويأتي هذا التحديث بعد أسابيع فقط من جدل آخر أثاره إعلان شركة “ميتا” عن نيتها إدخال الإعلانات إلى تطبيق “واتس آب”، في خطوة وُصفت من قبل المستخدمين بأنها “كارثية”، ودفعت كثيرين للتهديد بحذف التطبيق.

وعلق أحدهم حينها بسخرية: “واتس آب يضيف الإعلانات؟ حان الوقت للعودة إلى نوكيا 3310!”، بينما وصف آخر تلك الخطوة بأنها “أسوأ قرار على الإطلاق”.

ورغم موجات النقد، يبدو أن “واتس آب” تمضي في خطتها لتحديث التصميم وتوسيع نموذج الأعمال، في ظل منافسة متزايدة مع تطبيقات بديلة باتت تقدم مزايا مرئية وتفاعلية أكثر تطورًا.

مقالات مشابهة

  • «واتساب» يفاجئ مستخدميه بتحديث شكلي شامل.. انقسام حاد وردود فعل غاضبة
  • خبراء يكشفون للجزيرة نت دلالات وتوقيت خطاب حميدتي
  • بسبب الغش الإلكتروني.. إلغاء امتحان «النحو والصرف والإملاء» لطلبة القسم الأدبي
  • التربية تباشر صرف أجور المراقبين للامتحانات الوزارية للمرحلة المتوسطة
  • مسؤول أردني: سقوط طائرة مسيرة في عمان ووقوع أضرار مادية
  • التربية واليونسكو تناقشان الواقع التعليمي في سوريا
  • لقاء منسقي مركز البابا شنودة الثالث التعليمي بالقاهرة ومدن القناة .. تفاصيل
  • رغم انقسام الاستخبارات الأميركية.. لماذا قرر ترامب ضرب إيران؟
  • مجلس الشيوخ يناقش دراسة بشأن تطوير كليات التربية.. وإصلاح برامج إعداد المعلمين
  • 8 أولويات لدى الصحة العراقية للمرحلة المقبلة