يحاول البعض تلطيف فكرة "نزع سلاح المقاومة"، وتقديمها كمصلحة وطنية في هذه المرحلة، على أساس أنه لا يمكن وقف العدوان الإسرائيلي ووقف نزيف الدم الفلسطيني إلا إذا سلّمت حماس وقوى المقاومة أسلحتها. وبغض النظر عن النوايا، فإن حماس وقوى المقاومة لا تملك ترف اختيار بدائل تخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني؛ لأن طبيعة المشروع الصهيوني وأداءه على الأرض، جعل المقاومة المسلحة خيارا وحيدا مهما كان مكلفا.
1- نزع سلاح المقاومة هو أقرب إلى نزع روح قضية فلسطين عن جسدها، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى شعب بلا أظافر ولا أسنان، بينما يرهن مصيره بإرادة عدوه ومزاجه.
2- الاحتلال الإسرائيلي أطلق معركة "صفرية" تهدف إلى تنفيذ "خطة الحسم" القاضية بإنهاء مسار التسوية السلمية وحل الدولتين، وفرض الضم والتهويد في الضفة الغربية، وسحق المقاومة في قطاع غزة، وشطب ملف القضية الفلسطينية؛ وبالتالي أصبحت المقاومة ممرا إجباريا.
نزع السلاح لن يوقف المشروع الصهيوني، عن المضي قدما في تهويد الأرض والإنسان في فلسطين، وإنهاء القضية، وليس ثمة أي التزامات من الاحتلال بعدم ضم الأراضي، وبعدم التهجير وعدم تحويل حياة الفلسطينيين إلى بيئات طاردة
وخطة الحسم سبق لسموتريتش، زعيم الصهيونية الدينية، أن نظَّر لها في رؤية نشرها سنة 2017، ودخل حكومة نتنياهو على أساس تفعيلها؛ بينما صوتت اللجنة المركزية لليكود في نهاية السنة نفسها لصالح ضم الضفة الغربية، وطلبت من نواب الليكود تأييد ذلك في حالة عرضه على الكنيست.
3- نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة، هو إسقاط لجدار الحماية الأساس، وإعلان استسلام لإرادة الاحتلال، وهو ما سيعطي للاحتلال حرية استباحة قطاع غزة ومتابعة القتل والاغتيال والتدمير وقتما شاء، وحرية تشديد الحصار، وحرية التهجير.. تحت أي ذريعة ودونما رادع. وبالتالي، فنزع السلاح لن يوقف المشروع الصهيوني، عن المضي قدما في تهويد الأرض والإنسان في فلسطين، وإنهاء القضية، وليس ثمة أي التزامات من الاحتلال بعدم ضم الأراضي، وبعدم التهجير وعدم تحويل حياة الفلسطينيين إلى بيئات طاردة.
والضفة الغربية التي لم تكن فيها معركة طوفان الأقصى، والتي توجد فيها سلطة فلسطينية متعاونة مع الاحتلال وتطارد المقاومة؛ هي الآن في "عين العاصفة" للضم ومشاريع التهجير، وتفكيك السلطة وإعادة تركيبها لكانتونات ضمن حالة خدماتية عميلة للاحتلال.
4- المقاومة في غزة تسببت بخسائر كبيرة للاحتلال عسكرية واقتصادية، وبهجرة أعداد كبيرة من مستوطنيه إلى الخارج، وبأزمات داخلية، وفرضت عليه صفقة تبادل أسرى مشرفة، وتسبّبت بتحويله إلى كيان منبوذ عالميا، وأسقطت سرديته، وهزت أسس استقراره الاستيطاني في الأمن والاقتصاد. ونزع سلاح المقاومة يُخرج الاحتلال الإسرائيلي من مأزقه الكبير، ويعني تحويل الاستعمار الصهيوني إلى استعمار "خمس نجوم"، واستعمار بلا تكاليف، ويطلق العنان لمشروعه التهويدي الاستيطاني، بينما يتحول اللوم على أبناء فلسطين بحجة أنهم رهنوا مصيرهم ومستقبلهم بإرادة الاحتلال.
كان أحد أكبر كوارث اتفاق أوسلو هو موافقة قيادة منظمة التحرير على عدم اللجوء إلى المقاومة المسلحة إطلاقا، وإدارة المفاوضات والخلافات مع الاحتلال الإسرائيلي بالوسائل السلمية فقط، بل ومنع أي مقاومة مسلحة من الأراضي التي تديرها. وها نحن نرى بأم أعيننا مشروعا رهن نفسه لإرادة الاحتلال، على مدى أكثر من ثلاثين عاما
5- نزع سلاح المقاومة، هو معاقبة للضحية ومكافأة للمجرم، بينما الذي يجب معاقبته ونزع سلاحه هو الاحتلال.
6- يفتقر نزع سلاح المقاومة للمنطق العقلي والقانوني والسياسي والأخلاقي والإنساني، إذ إنَّ المقاومة حق أصيل مشروع للشعوب تحت الاحتلال، وهو ما يؤكده القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
7- نزع سلاح المقاومة يوفر "شرعنة ضمنية" للاحتلال، وللسردية الصهيونية، باعتبار أن "إسرائيل" هي المعتدى عليها، وأن المقاومة "إرهاب"، وأن عملية نزع السلاح كانت بسبب تعرض "دولة" عضو في الأمم المتحدة للعدوان، و"حقها في الدفاع عن النفس".
8- المقاومة كانت وما زالت درعا وحائط صدّ للأمن العربي والإسلامي وللبيئة الاستراتيجية المحيطة بفلسطين المحتلة؛ وقد أعلن نتنياهو وعدد من رموز تحالفه الحاكم رغبتهم في تهجير الفلسطينيين، وفي توسيع النظرية الأمنية الإسرائيلية، ليتحول الكيان إلى عنصر هيمنة وخطر على البيئة الإقليمية. وإن نزع سلاح المقاومة يوفر بيئة مريحة للاحتلال لتنفيذ مخططاته.
9- إن التجارب التاريخية للشعوب التي وافقت على نزع أسلحتها ورهنت إرادتها للاحتلال، كانت كارثية، أما الشعوب التي أصرت على متابعة مقاومتها بالرغم من التضحيات العظيمة، فهي التي نالت في النهاية حريتها واستقلالها، مثل الجزائر وأفغانستان وفيتنام.
لقد كان أحد أكبر كوارث اتفاق أوسلو هو موافقة قيادة منظمة التحرير على عدم اللجوء إلى المقاومة المسلحة إطلاقا، وإدارة المفاوضات والخلافات مع الاحتلال الإسرائيلي بالوسائل السلمية فقط، بل ومنع أي مقاومة مسلحة من الأراضي التي تديرها. وها نحن نرى بأم أعيننا مشروعا رهن نفسه لإرادة الاحتلال، على مدى أكثر من ثلاثين عاما، وبدل أن يصل إلى مشروع الدولة المستقلة، وجد نفسه أداة تنفذ أهداف الاحتلال وتطارد المقاومة، بينما يتوسع الاحتلال في تهويد الأرض والمقدسات، ويتقدم حثيثا باتجاه ضم الضفة الغربية، وحتى تفكيك السلطة إلى كانتونات ومعازل، بعد أن أدت دورها المرحلي وعُصرت برتقالتها، ولم يتبق إلا إلقاء قشرتها!!
"فاعتبروا يا أولي الأبصار".
x.com/mohsenmsaleh1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه سلاح المقاومة الإسرائيلي الفلسطيني غزة إسرائيل فلسطين مقاومة غزة سلاح مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی نزع سلاح المقاومة
إقرأ أيضاً:
حماس تستهجن تقرير "العفو الدولية" الذي يزعم ارتكاب جرائم يوم 7 أكتوبر
غزة - صفا
استهجنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم خلال عملية طوفان الأقصى ضد فرقة غزة في جيش الاحتلال الإسرائيلي المجرم، في السابع من أكتوبر من العام 2023.
وأكدت الحركة في تصريح صحفي اطلعت عليه وكالة "صفا" أن دوافع إصدار هذا التقرير مغرضة ومشبوهة لاحتوائه مغالطات وتناقضات مع وقائع وثّقتها منظمات حقوقية، من ضمنها منظمات "إسرائيلية"؛ كالادعاء بتدمير مئات المنازل والمنشآت والتي ثبت قيام الاحتلال نفسه بتدميرها بالدبابات والطائرات، وكذلك الادعاء بقتل المدنيين الذين أكّدت تقارير عدّة تعرضهم للقتل على يد قوات الاحتلال، في إطار استخدامه لبروتوكول "هانيبال".
وأضافت "كما أن ترديد التقرير لأكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة".
وطالبت منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني، وعدم التورّط في قلب الحقائق أو التواطؤ مع محاولات الاحتلال شيطنة الشعب الفلسطيني ومقاومته الشرعية أو محاولة التغطية على جرائم الاحتلال التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية تحت عنوان الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي هذا السياق؛ أكدت الحركة أن حكومة الكيان الصهيوني ومنذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب على غزة، منعت دخول المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة إلى قطاع غزة، كما منعت فرق التحقيق المستقلة من الوصول إلى الميدان لمعاينة الحقائق وتوثيق الانتهاكات.
وتابعت "هذا الحصار المفروض على الشهود والأدلة يجعل أي تقارير تُبنى بعيدًا عن مسرح الأحداث غير مكتملة ومنقوصة، ويحول دون الوصول إلى تحقيق مهني وشفاف يكشف المسؤوليات الحقيقية عمّا يجري على الأرض".