شهادات صادمة من داخل ركيفت: تعذيب ممنهج لأسرى غزة في سجون الاحتلال
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، عن شهادات صادمة أدلى بها أسرى فلسطينيون من قطاع غزة، خلال أولى الزيارات القانونية التي جرت لهم داخل قسم "ركيفت"، الواقع تحت سجن "نيتسان – الرملة"، والذي خصصته سلطات الاحتلال الإسرائيلي لاحتجاز من تصنّفهم بـ"أسرى النخبة" أو "المقاتلين غير الشرعيين".
وأفادت المؤسستان الحقوقيتان بأن هذا القسم يخضع لإجراءات أمنية مشددة، ويقع في مبنى قديم تحت الأرض، يشبه المخزن، وتنتشر فيه الحشرات والرطوبة، ويُعد من أقسى أماكن الاحتجاز التي يستخدمها الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين.
ظروف غير إنسانية وحرمان ممنهجوبحسب المحامين الذين تمكنوا من إجراء الزيارة، فقد فُرضت عليهم قيود قاسية، شملت منع الحديث مع المعتقلين عن أوضاعهم العائلية أو الخارجية، في انتهاك واضح للحقوق القانونية والإنسانية.
وتحدث الأسرى عن ظروف قاسية تبدأ من لحظة الاعتقال، مروراً بمراحل التحقيق والنقل بين مراكز التوقيف، وصولاً إلى الاحتجاز في قسم "ركيفت"، الذي وصفوه بأنه "الأشد قسوة" مقارنة بباقي السجون.
أساليب تعذيب ممنهجةفي شهادته، قال المعتقل (س.ج) إنه خضع لتحقيق استمر ستة أيام متواصلة، تخلله استخدام أسلوبي "الديسكو" و"البامبرز"، حيث أُجبر على قضاء حاجته في حفاضات لم تُستبدل إلا مرتين خلال تلك الفترة، مع حرمانه من الطعام والماء، وتقييده بشكل دائم.
أما المعتقل (و.ن)، فأفاد بتعرضه لتحقيق عنيف شمل الاعتداء الجسدي والجنسي، من خلال استخدام أجهزة تفتيش على مناطق حساسة من جسده، إلى جانب حرمانه من الرعاية الطبية، وفرض أوضاع مهينة مثل الجلوس على الركبتين لساعات، وكسر الأصابع كأداة للتعذيب.
فيما أفاد المعتقل (ع.غ) بأنه احتُجز لمدة 35 يوماً في معسكر "سديه تيمان"، وتعرض لتحقيق عنيف رغم معاناته من إصابة وحمى شديدة ومشاكل في القلب. وذكر أنه لم يتلق أي علاج طبي، واحتُجز دون ملابس أو غطاء، داخل بركس مفتوح في أجواء باردة، كما حُرم من النوم والاستحمام وكان يصرخ من شدة الألم.
كما تحدث المعتقل (خ.د) عن خضوعه لتحقيق متكرر لمدة 30 يوماً، تخلله الشبح على الكرسي، والإلقاء أرضاً وهو مقيد، وتعرضه للضرب المستمر. وأشار إلى إصابته بمرض الجرب خلال احتجازه في سجن "عوفر"، وتفاقم حالته لاحقاً في سجن الرملة، إلى جانب معاناته من آلام صدرية حادة.
بيئة قمعية: منع الصلاة ومراقبة مستمرةوبيّنت الشهادات أن قسم "ركيفت" مزوّد بكاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة داخل الزنازين، ويُمنع الأسرى من أداء الصلاة، كما يُمنعون من الاستحمام بشكل منتظم، ويُمنحون ورق الحمام مرة كل ثلاثة أيام فقط.
وأشار الأسرى إلى أن وقت الفجر يُعرف فقط عندما يدخل السجانون لسحب الأغطية، وأن "الفورة" تتم كل يومين، ويُجبر المعتقلون على الخروج إليها وهم مكبلو الأيدي، حيث يتعرضون خلالها للاعتداء والإهانات، وتُفرض عليهم أوضاع مذلة تصل حد إجبارهم على شتم أمهاتهم تحت التهديد.
مراكز اعتقال جديدة وتحول نحو التعذيب المنهجييُعد قسم "ركيفت" أحد المواقع التي أعاد الاحتلال تفعيلها بعد بدء عدوانه على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى جانب مواقع أخرى مثل "سديه تيمان"، "عناتوت"، "عوفر"، ومعسكر "منشة" في الضفة الغربية، والتي تحولت إلى مراكز احتجاز خارج الإشراف القضائي، وتستخدم كأدوات تعذيب منهجي بحق الأسرى الفلسطينيين، وفقاً لما وثقته المؤسسات الحقوقية.
ووفق إحصائيات هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، بلغ عدد معتقلي قطاع غزة المحتجزين لدى الاحتلال حتى مطلع أبريل/نيسان 2025 نحو 1747 أسيرًا، جميعهم صنّفوا كمقاتلين "غير شرعيين"، فيما لا تشمل هذه الأرقام المعتقلين المحتجزين في معسكرات الجيش الإسرائيلي، والتي تقع خارج نطاق إدارة مصلحة السجون.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
المصدر: البوابة
إقرأ أيضاً:
مجلة أمريكية توثق تمردًا في صفوف الاحتياط بجيش الاحتلال
#سواليف
كشفت شهادات لعدد من #جنود_الاحتياط الذين شاركوا في #حرب_الإبادة_الجماعية في قطاع #غزة، عن تراجع ملموس في الحماسة تجاه الحرب داخل هذه الفئة التي تشكّل ما يقارب 70% من قوام #جيش_الاحتلال.
وأظهرت الشهادات، التي وثقتها مجلة “ذي نيويوركر”، تغيرًا كبيرًا في المزاج العام لجنود الاحتياط، من الانخراط الطوعي في المعارك إلى التساؤل العميق عن جدوى #الحرب.
أحد هؤلاء الجنود –الذي أُطلق عليه اسم “نير”– قال إنه في بدايات العدوان “كان الناس يندفعون للخدمة، حتى أولئك الذين لم يخدموا في الاحتياط لعشر سنوات، أرادوا القتال”، لكن مع استمرار الحرب واتساع نطاقها، تغيّر كل شيء.
مقالات ذات صلة الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ77 للنكبة 2025/05/15وأضاف: “الوضع بات كارثيًا، الجميع يشعر بالإرهاق”، مؤكدًا أن نسبة من استجابوا للاستدعاء الأخير في وحدته لم تتجاوز 50%، مقارنة بـ60% في الاستدعاء السابق.
ورغم أنه يعرّف نفسه بأنه يميني التوجه، عبّر نير عن تضامنه مع عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة، معتبرًا أن “الضغط العسكري يُعرضهم للخطر”، وأن “السبيل الوحيد للإفراج عنهم هو من خلال صفقة تفاوضية”. وقال: “لا يوجد دافع لدي الآن للاستمرار بالخدمة سوى زملائي. أشعر بالخجل من حكومتي، ومن ما آل إليه حال هذا البلد”.
في المقابل، اتخذ الجندي إران تمير قرارًا برفض الانخراط مجددًا في العمليات، رغم أنه خدم سابقًا في أربع جولات قتال خلال الـ18 شهرًا الماضية. تمير، الذي لبى نداء التعبئة الكبرى عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عاد مؤخرًا من الولايات المتحدة ليعلن انسحابه من الحرب بشكل صريح.
في رسالة مفتوحة نشرها عبر موقع “والا” العبري، كتب تمير: “سيحاولون إقناعنا أن هذه حرب لتحرير الأسرى، أو معركة بقاء… لكن هذا خداع. من المشروع أن نرفض حربًا تقوم على أكاذيب، حربًا تمثّل أدنى انحدار أخلاقي مرت به دولتنا”.
وأضاف أنه لم يعد قادرًا على العيش بسلام مع ضميره إن استمر في خوض هذه الحرب.
المجلة الأميركية أشارت إلى أن الخدمة العسكرية في صفوف الاحتلال لطالما كانت جزءًا من البنية الثقافية والاجتماعية في دولة الاحتلال، حيث يُطلب من الجنود الاحتياط الخدمة لمدة 54 يومًا موزعة على ثلاث سنوات، وغالبًا ما كانت الاستجابة للاستدعاءات عالية، غير أن هذا الواقع تغيّر في الحرب الجارية على غزة، إذ أصبح بعض الجنود يرون أن “رفض القتال” هو شكل من أشكال الخدمة الوطنية الحقيقية.
ورغم إعلان ناطق باسم جيش الاحتلال مؤخرًا أن “الجيش يمتلك العدد الكافي من الجنود لتنفيذ مهامه”، إلا أن صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية كشفت عن تحذير داخلي أصدره رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، في اجتماع مغلق، أكد فيه أن هناك نقصًا حادًا في القوى البشرية، ما يُصعّب تنفيذ الأهداف المعلنة في غزة.
الجندي الاحتياطي “يائير”، الذي أنهى خدمته مؤخرًا، قال إنه فقد إيمانه تدريجيًا بمبررات الحرب، مضيفًا: “أصبحت أهداف القتال غير واضحة، والشعارات حول استعادة الأسرى أو هزيمة حماس لا تنعكس على الواقع”. ب
ينما عبّر الملاح القتالي السابق أوري عراد، البالغ من العمر 73 عامًا، عن موقفه الحاسم تجاه الاستمرار في الحرب، موضحًا أنه يفضّل الرفض.
عراد، الذي أُسر في حرب 1973 لمدة ستة أسابيع، قال إن ما أبقاه صامدًا حينها كان يقينه بأن دولته ستبذل كل ما بوسعها لإعادته. أما اليوم، فيرى أن قرار الحكومة بالتصعيد العسكري والتخلي عن اتفاق تبادل الأسرى يشكّل “تخليًا عن الأسرى”، مضيفًا: “عدد الفلسطينيين الأبرياء الذين يُقتلون أصبح أمرًا لا يمكن تبريره أو تجاهله. هذه الحرب تمزّق أخلاقنا وتفكّك مجتمعنا”.
واختتمت” ذي نيويوركر” تقريرها بالإشارة إلى أن استطلاعات الرأي تُظهر تراجع التأييد الشعبي للحرب؛ إذ يعتقد فقط 35% من الإسرائيليين أن استمرار القتال يصبّ في مصلحة البلاد، بينما يرى 53% منهم أن الحرب تُدار بدوافع شخصية من بنيامين نتنياهو.
وعلى الرغم من ذلك، يهدد شركاء نتنياهو من التيار القومي المتطرف بإسقاط الحكومة إذا ما تم إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافهم السياسية والعقائدية.