المسيّرات… حرب السعودية ومصر!! (2/2)
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
1 في الهجوم الأول على بورتسودان في 4 مايو 2025، سارعت وزارة الخارجية المصرية بإدانة الهجمات التي استهدفت البنية التحتية والمرافق الحيوية في مدينتي بورتسودان وكسلا بشرق السودان، معتبرةً هذه الأعمال انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
وفي فجر اليوم الثلاثاء 6 مايو، عادت مصر لإدانة الهجوم الجديد، وأكدت أنه تصعيد خطير.
ترى، هل هذا كل ما يمكن أن تفعله مصر وما تقدر عليه، أم أن باستطاعتها فعل الكثير لإيقاف العبث في عمقها الاستراتيجي؟
ولكن، لماذا يجب أن تتخذ مصر موقفًا أشد حزمًا بخطوات عملية؟
بالتأكيد، ليس من أجل ترديد أهازيج التاريخ المشترك والنضال ونهر النيل وكل تلك المحفوظات البديعة، ولكن لأجل مصر نفسها… كيف؟
2
لطالما وصفت مصر السودان بأنه عمقها الاستراتيجي، فماذا يعني بذلك؟
يعني أنه خط الدفاع الأول أمنيًا ومائيًا، أو مثل ما تقول كل الأدبيات التاريخية والعسكرية والسياسية المصرية… ولا كيف؟
الآن، هل هناك تهديد ماثل لذلك العمق الاستراتيجي أمنيًا ومائيًا؟
ليس هناك إلا إجابة وحيدة، وهي: نعم.
الآن يتهدد عمق مصر الاستراتيجي، ومصالحها كلها في خطر بصورة غير مسبوقة في التاريخ… كيف؟
3
تشير تقارير أمنية وصحفية موثوقة إلى أن المسيّرات التي ضربت بورتسودان أمس واليوم انطلقت من منطقة واحة العطرون. تُرى، أين تقع منطقة العطرون؟
في صحراء شمال ولاية شمال دارفور، وبها قاعدة عسكرية تستخدمها المليشيات سابقًا، والإمارات حاليًا، كنقطة انطلاق لعملياتها العسكرية ضد السودان، بما في ذلك الهجمات بالطائرات المسيّرة التي استهدفت مطار بورتسودان وكسلا وغيرها أمس وأول أمس.
وكانت مليشيا الإمارات قد أعلنت في أبريل 2025 عن سيطرتها على منطقة العطرون، التي تقع بالقرب من الحدود مع ليبيا وتشاد.
المسافة بين واحة العطرون تلك والسد العالي تُقدّر بحوالي 1,200 كيلومتر، كما تبعد عن القاهرة نفسها 2,000 كيلومتر فقط، علمًا بأن المسافة بين واحة العطرون التي يُحتمل أن تكون المسيّرات انطلقت منها ومدينة بورتسودان تُقدّر بـ1,200 كيلومتر.
كما أن قاعدة بوصاصو (في بونتلاند بالصومال) تبعد عن مدينة بورتسودان حوالي 1,200 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي.
ويعني ذلك أيضًا أن المسيّرات التي قطعت نفس المسافة من واحة العطرون إلى بورتسودان بإمكانها أن تصل السد العالي بسهولة.
ويعني ذلك أيضًا أنه، بمقدور مسيّرات الإمارات التي تتخفى تحت كدمول المليشيا، أن تصل القاهرة نفسها (2,000 كيلومتر).
ولا بد أن القاهرة تدرك أن مسيّرات الحوثي وصلت إلى عمق تل أبيب.
هل هناك تهديد للأمن القومي المصري، ومن عمقها الاستراتيجي، أكثر من ذلك؟
أكثر من ترك عدوٍ عابث عدواني متربص يرابض في ظهر مصر، الذي ظل محميًا لمئات السنين، منذ غزت مملكة كوش مصر في القرن الثامن قبل الميلاد، وتحديدًا في عهد الملك بعانخي، وذلك حوالي سنة 730 قبل الميلاد.
منذ ذلك التاريخ وحتى عهد البشير (الملك الكيزاني الذي حارب مع حكام أرض الجزيرة العربية لحماية أرض الحرمين). ومنذ ذلك التاريخ ظل ظهر مصر آمنًا ومطمئنًا، لا خيانة، ولا طلقة، ولا خنجر.
وكيف لا؟ إنها مصر، عمق تاريخنا، وموضع محبتنا الدائم.
الآن، يحاول محمد علي باشا، أو باشاوات العصر الخليجي المتصهين، أن يهددوا عمق مصر من خلفها، بواسطة الباشبوزق اللابسين كدمول (مليشيا آل دقلو)، كما حاول محمد علي باشا غزو كل إفريقيا بهم.
ومصر ترى ذلك رأي العين، فماذا تنتظر؟
قال المتنبيء وهو بين ظهراني مصر:
وأهونُ سعيٍ ما كفَيتَكَ خَطَـبَهُ
وأيسرُ داءٍ ما دَرَيتَ لهُ دَواءَ
4
تُرى، هل فعلاً تأمن مصر غدر الإمارات (أعني حكامها لا شعبها)؟
التي ترتكز خلفها بجنجويدها، وخاصة وهي تجرّ وراءها خيول الصهاينة بعربة “إبراهام”.
ومن لم تغدر به عصابة أباطرة الإمارات في العالم العربي؟
اليمن مزقتها، ليبيا قسمتها، الصومال قطعتها قطعة قطعة حتى أصبحت أرض الصومال الكبير أراضيَ الصومال!
غزة دمرتها وأفنت أهلها بالتحالف مع الصهاينة، تونس أجهضت ثورتها، الجزائر بدأت سكاكينها تدور في أحشائها الآن، السودان، لم يكفها ويشفي غليل حكامها قتلُ أهله وتمويل إبادة جماعية، بل تُدمّر مسيّراتها الآن كل مقدراته بطول البلاد وعرضها، دون أن يكون السودان والسودانيون قد آذوها في تاريخهم بشيء أو ارتكبوا في حقها جرمًا.
بل كان ولا يزال شعب الإمارات هو موضع حب السودانيين قاطبة، ولكن حكامها ليسوا بذي عهد ولا وفاء لشعب ولا أرض ولا أخوّة.
فكيف، يا تُرى، وبالله، أن تأمن مصر على نفسها من حكام شيمتهم الغدر؟!
5
نحن لا نلوم مصر لأنها لم تفعل من أجل عمقها الاستراتيجي بل لم تفعل ما يكفي، من أجل مصر نفسها، كيف؟
رأينا كيف يمكن أن يُهدد أمن مصر من واحة العطرون…
الآن، سنرى كيف يُهدد اقتصاد مصر إذا ما اشتعلت النيران في عمق البحر الأحمر.
تُعد قناة السويس مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة في مصر، حيث تمر عبرها حوالي 10% من التجارة العالمية.
في عام 2023، حققت القناة إيرادات قياسية بلغت 10.25 مليار دولار.
في عام 2024، شهدت القناة انخفاضًا حادًا في الإيرادات بنسبة 61%، لتصل إلى حوالي 3.99 مليار دولار، ويُعزى هذا التراجع إلى التوترات الإقليمية، خاصة في البحر الأحمر وباب المندب، حيث أدت هجمات الحوثيين على السفن إلى تحويل العديد من خطوط الشحن إلى طرق بديلة حول رأس الرجاء الصالح، مما قلل من عدد السفن العابرة للقناة بنسبة 50%.
ووفقًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن هذه التحديات كلفت مصر خسائر تُقدّر بنحو 7 مليارات دولار من إيرادات القناة خلال عام 2024.
6
هكذا أصبحت مصر، وهي في خضم ضائقة اقتصادية معلومة، تواجه نقصًا رهيبًا في الموارد التي تساهم بها قناة السويس في الاقتصاد المصري.
فماذا سيحدث إذا توقفت أو تعثرت حركة الملاحة في البحر الأحمر؟
للأسف، الأعداء يراهنون على تلك الضائقة ويتمنون اشتدادها، بل يعملون على زيادتها وتأثيرها بإثارة النزاع في البحر الأحمر، لأنهم يتوهمون أن مصر المخنوقة اقتصاديًا ستخضع لإدارتهم ليشتروا موقفها من الحرب في السودان بالابتزاز المالي.
وما دروا أن شعب مصر لم ولن يخضع في تاريخه لغير الله.
المصريون، مهما ضاقت عليهم الأحوال، لا يبيعون أنفسهم ومواقفهم بأموال الدنيا.
لكن المستجدين في السياسة والتاريخ لا يعرفون عظمة مصر، لأنهم لا يقرأونه.
7
مرة أخرى وأخيرة، والحال كذلك… ماذا تنتظر مصر لتنهض، لا لإنقاذ السودان ونصرته، بل لإنقاذ نفسها؟
مصر مهددة أمنيًا واقتصاديًا وجوديًا.
أولم تسمع مصر الهالك يهددها بالغزو؟
ويهددها صعاليك المليشيا وأوباشها بدك السد العالي، الذي أصبح في مرمى مسيّراتها، تحت إمرة جنجويد الإمارات؟!!
8
هذه، يا مصر، ليست حرب السودان، بل حرب كل أحرار العالم وثواره غير الخاضعين للابتزاز، ولا المساومين الخائنين لدماء شعوبهم، ولا الذين يرهنون إرادتهم من أجل حفنة دراهم…
هذه حرب لتعضيد مسيرة التاريخ للشعوب العظيمة، وهي حرب لن تُهزم فيها الشعوب بالمسيّرات، مهما طال مداها وبلغ أذاها، فلن يضرونا إلا أذى.
والله غالب على أمره…
فيا مصر، هل؟
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: البحر الأحمر المسی رات مسی رات من أجل
إقرأ أيضاً:
الفيل … وضل الفيل
*الضابط الكولومبي المتقاعد ألفارو أندريس كيخانو يقيم فى الامارات،*
*الفارو هو المحرك الاساسى لعمليات تجنيد للمرتزقة المدربين على القتل و القنص و تشغيل المسيرات و المدفعية ،*
*المرتزقة المعاقبين شاركوا فى معارك ام درمان و الفاشر و بابنوسة*
*بعد ثبوت العدوان يجوز احالة النزاع الى محكمة العدل الدولية بطلب يقدَم وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة*
*المادة (12) من الاتفاقية تلزم الامارات بتسليم الكولمبى الفارو اندريس كيخانو*
*الامارات ملزمة بابلاغ الامين العام للامم المتحدة بالمعلومات ذات الصلة حال علمها بها ، او الى الدول والأطراف المعنية،*
فرضت وزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على أربعة أفراد وأربع جهات مرتبطة بشبكة دولية تُجنِّد مقاتلين كولومبيين للقتال ضمن صفوف قوات الدعم السريع السودانية،وقالت الوزارة إن الشبكة، التي تضم شركات وأفرادًا من جنسيات متعددة، تورّطت في استقدام عناصر عسكرية بينهم اطفال وتدريبهم للانخراط في العمليات القتالية لصالح قوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب مجازر وانتهاكات واسعة ضد المدنيين منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023،ونقل البيان عن وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي، قوله إن الدعم السريع أثبت مرارًا استعداده لاستهداف المدنيين، بمن فيهم الرضع وصغار السن، ما يفاقم معاناة السودانيين ويهدد استقرار المنطقة ، وأوضحت الوزارة أن مئات العسكريين الكولومبيين السابقين التحقوا منذ سبتمبر 2024 بالقتال في السودان، مقدمين خبرات قتالية متقدمة تشمل تشغيل الطائرات المسيّرة، والمهام المدفعية، والقيادة الميدانية، وشارك هؤلاء في معارك عدة، من بينها الخرطوم وأم درمان وكردفان، وصولًا إلى الفاشر التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في 26 أكتوبر 2025 بعد حصار دام 18 شهرًا ، وأشارت إلى أن المقاتلين الكولومبيين كانوا جزءًا من العمليات التي شهدت هجمات عشوائية وعمليات قتل جماعي وتعذيب عنصري واستهداف ممنهج للنساء والفتيات،وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت في 7 يناير 2025 أن عناصر من الدعم السريع ارتكبوا جرائم إبادة جماعية ،
وحددت الخزانة الأمريكيّة الضابط الكولومبي المتقاعد ألفارو أندريس كيخانو ،المقيم فى الامارات ، بوصفه المحرك الاساسى لعمليات التجنيد للمرتزقة من اصحاب المهارات فى القنص و تشغيل المسيرات و المدفعية،
ووفقًا للبيان، تشمل العقوبات تجميد جميع الممتلكات العائدة للجهات المصنفة داخل الولايات المتحدة، ومنع أي تعاملات مالية معها، إضافةً إلى فرض التزامات صارمة على الشركات والمؤسسات المالية لمنع تقديم أي خدمات أو تحويلات قد تُسهِم في دعم هذه الشبكة ،
من ناحية اخرى فان الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم
، قد اعتبرت ان هذا العمل يتعارض مع المقاصد والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وفي إعلان مبادئ القانون الدولي المتصلة بالعلاقات والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وينتهك مبادئ القانون الدولي مثل المساواة في السيادة والاستقلال السياسي والسلامة الاقليمية للدول وحق الشعوب في تقرير المصير،و خصصت المادة (1) من الاتفاقية للتعريف بالمرتزق ، بينما حددت المادة (2) للجهة التى تقوم بالتجنيد ، (كل شخص يقوم بتجنيد أو استخدام أو تمويل أو تدريب المرتزقة، وفقاً لتعريفهم الوارد في المادة (1) من هذه الاتفاقية، يرتكب جريمة في حكم هذه الاتفاقية ) ، و المادة ( 3)كل مرتزق، حسبما هو معرف في المادة (1) من هذه الاتفاقية، يشترك اشتراكاً مباشراً في أعمال عدائية أو في عمل مدبر من أعمال العنف، تبعاً للحالة، يرتكب جريمة في حكم هذه الاتفاقية ، لا سيما و ان المليشيا قد اعلنت صراحة انها تعمل على الإطاحة بالحكومة و تقويض النظام الدستوري لدولة عضو فى الامم المتحدة ،
يعرض للتحكيم أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف حول تفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية ولا يتم تسويته عن طريق المفاوضات، وذلك بناء على طلب أي من هذه الدول، وإذا لم تتمكن الأطراف، خلال ستة اشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الاتفاق على تنظيم أمر التحكيم، جاز لأي من أولئك الأطراف أن يحيل النزاع الى محكمة العدل الدولية بطلب يقدَم وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة ، كما نصت المادة (12) بالزام الدولة التي يوجد في إقليمها الشخص المنسوب اليه ارتكاب الجريمة، إذا لم تقم بتسليمه، ملزمة، دون استثناء على الاطلاق وسواء ارتكبت الجريمة أو لم ترتكب في إقليمها، على كل دولة طرف، لديها سبب يحملها على الاعتقاد بأن جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذه الاتفاقية قد ارتكبت أو ترتكب أو سترتكب، أن تبلغ، وفقاً لقانونها الوطني، المعلومات ذات الصلة حال علمها بها الى الدول الأطراف المعنية، وذلك إما مباشرة أو عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة ،
لست متفائلآ بعقوبات الخزانة الامريكية على المرتزقة الكولمبيين ، فهى كمن تطعن ضل الفيل ، و الفيل الاماراتى غير مكترث ، و لا يخشى من تبعات افعاله ، التى ربما يعتقد انها جرائم غض الطرف عنها مثلما تغض اسرائيل طرفها عن كل العقوبات و تقتل و تدمر و تشرد يوميآ ، بل و يتوسط الرئيس الامريكى ترمب للقضاء الاسرائيلى لاعفاء مجرم الحرب نتنياهو من جرائم الفساد التى ستطيح به من رئاسة الوزراء و تقضى على فرصه مستقبلا ،
لا يزال طلب الكونقرس اصدار امر رئاسى لاعتبار قوات الدعم السريع جماعة ارهابية قائمآ ، و سنرى ان كانت الادارة الامريكية قادرة على طعن الفيل ،
محمد وداعة
10 ديسمبر 2025م
إنضم لقناة النيلين على واتسابPromotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/12 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة اتجاهات حكومية: ما بين الانتقال ومنع الصيانة2025/12/12 حديث كرار عن الاستنفار والمقاومة الشعبية حديث كاذب2025/12/12 (تقوية الجبهة الوطنية)2025/12/12 التآمر الناعم2025/12/11 حوار مع صديقي المصري عاشق السودان2025/12/11 نسمع ضجيجاً ولا نرى2025/12/11شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات إبراهيم شقلاوي يكتب: العودة للخرطوم ورسائل مفضل 2025/12/11الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن