أيتام غزة.. واقع مأساوي تضاعفه حرب الإبادة
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
الثورة / متابعات
“لست الناجي الوحيد.. أنا الشهيد الوحيد”.. بهذه العبارة يصف الطفل الناجي الوحيد من عائلته كلها “محمد.غ” (16 عاماً)، حالته، بعد فقدان عائلته كلها إثر استهداف منزلهم، وخروجه فيما يشبه المعجزة حيا من تحت الأنقاض وحيداً يقاسي مرارة الفقد والحرمان من دفء العائلة.
مصطلح الناجي الوحيد، مصطلح خاص بقطاع غزة برز منذ بدء حرب الإبادة المتواصلة على القطاع، وهو يعني أن عائلة كاملة مسحت من السجل المدني وبقي من أفرادها شخص واحد، بات وحيدا دون أهل أو عائلة يقاسي مرارة العيش وآلام الفقدان التي لا تهدأ، والأصعب والأمر أن يكون هذا “الناجي” طفلا، كما تكرر مع أكثر من 700 طفل في قطاع غزة خلال الحرب التي لا تزال نيران إبادتها مشتعلة حتى الآن.
حصيلة دامية
ووفق معطيات كشفت عنها المتحدثة باسم وزارة التنمية الاجتماعية في غزة عزيزة الكحلوت، في تصريحات صحفية، فإن حرب الإبادة المتواصلة على غزة خلّفت نحو 40 ألف يتيم، 700 منهم ينطبق عليه مصطلح “الناجي” الوحيد.
وتكشف المعطيات أن عدد الأيتام في قطاع غزة قبل الحرب بلغ 22 ألف يتيم، وهو ما يعني أن الحرب جاءت وحدها بضعفي هذا الرقم من الأيتام.
الطفل الناجي الوحيد من عائلته
الأيتام قبل الحرب، كانوا يواجهون ظروفا صعبة وقاسية، رغم وجود عدد من المؤسسات التي تعمل على توفير الكفالات الشهرية لهم من المحسنين والمؤسسات الإنسانية المهتمة، لكنها لم تكن قادرة على استيعاب الكل، لكنها اليوم باتت هي نفسها ضحية التدمير والخراب الذي أصاب معظم العمل المؤسساتي والإغاثي في قطاع غزة.
مأساة لا تتصور
“أم محمد” وهي أم لـ6 أطفال فقدت زوجها فترة كورونا، وباتت مسؤولة عن هؤلاء الأيتام الستة، تقول إن الواقع قبل الحرب كان أفضل رغم سوئه، فكان هناك من يتفقد أولادي الأيتام ويساعدهم، أما الآن فنحن لا نجد قوت يومنا ولا أحد يعمل على رعايتنا أو توفير بعض مستلزماتنا”.
الشهيد سعيد جابر أبو هويشل
استشهد مع عائلته.. زوجته سماح القيم وابنه البِكر عبدالرحمن ذو الـ 12 عامًا، وابنته ألمى، 9 أعوام، وسيلا 8 أعوام، وسارة 4 أعوام.. أما الناجي الوحيد فكان معاذ ابن الـ 11 عامًا
اضطر أبناء أم محمد للعمل، رغم حداثة سنهم، فأكبرهم عمره 13 عاماً ويخرج مع اثنين من أخوته لبيع القهوة التي تجهزها لهم أمهم، فيما تبقى من أسواق شعبية، علهم ينجحون في توفير بعض المال الذي يكفل لهم تناول وجبة واحدة في اليوم.
“يخرجون لبيع القهوة وأعلم أنهم قد يعودون لي شهداء أو جرحى على الأقل، أنتظر عودتهم كل يوم سالمين، لكنني مضطرة لذلك من أجل أن نعيش، نحن في حرب لم تبق ولم تذر، حتى أنها أهدرت كرامتنا وكرامة أبنائنا على أعتاب الطرقات”، تقول أم محمد.
“أم سامر” وهي أم لأربعة أطفال أيتام، استشهد والدهم خلال بحثه عن الطحين، إبان المجاعة التي ضربت مدينة غزة والشمال، تعيش ظروفاً قاسية.
فلا مأوى بقي لها ولأبنائها بعد أن دمر الاحتلال منزلهم في حي الزيتون جنوب مدينة غزة، ولا معيل لهم بعد فقدان الأب الذي كان يعمل باليومية في أعمال مختلفة قبل الحرب، واليوم أصبح في عداد الشهداء.
“اليوم الذي أستطيع أن أطعمهم فيه الخبز حتى لو كان وحده هو يوم سعيد وسار، لقد عشنا أوقاتاً طويلة في هذه الحرب لا نجد وجبة واحدة خلال يومين أو ثلاثة أيام، ولا أحد يتطلع لنا ولكثر من أمثالنا، جعلتهم هذه الحرب في عداد أفقر الفقراء”، تقول “أم سامر”.
“اطبعولي صورتها، وهاتولي أغراض أبوي.”
طفل كان الناجي الوحيد من قصف إسرائيلي اليوم، بعدما فقد عائلته بالكامل .
هذه الشهادات البسيطة، لم تتطرق إلى كثير من الجوانب الأخرى كالمتعلقة بالاحتياجات النفسية والتعليمية والتربوية وغيرها، لكنها تغني عن السؤال عن هذه الجوانب التي باتت نوعا من الترف غير الممكن في ظروف حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة.
أزمات تفاقم المشكلة
المتحدثة باسم وزارة التنمية الاجتماعية عزيزة الكحلوت، كشفت، في تصريحات صحفية، عن تجميد كافة الخدمات الخاصة بفئة الأيتام، في قطاع غزة، على قلتها، بما فيها الكفالات الدورية وغير الدورية، بسبب أزمة توفر السيولة النقدية نتيجة الحرب.
وبينت أن الأيتام لم يتلقوا كفالاتهم منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة، وكذلك الخدمات المساندة الأخرى العينية والنفسية والاجتماعية.
أنقذوا الجميع ثم أنا!
تدرك جيداً أنه لا قيمة لحياة دون العائلة وأن لقب الناجي الوحيد هي مصيبة للعمر كله!
وترى أن الأيتام يواجهون أضرارًا اجتماعية ونفسية واقتصادية وصحية، ربما تصل إلى مرحلة الوفيات الجماعية في فترة ما، في حال استمر الوضع على ما هو عليه بسوء مستمر.
وذكرت أن الوزارة عملت بالتنسيق مع شركائها، على حصر مبدئي للأيتام الجدد في قطاع غزة، وتحديد احتياجاتهم وإدراجهم على منظومة محوسبة خاصة، منوهة إلى أنه تم أيضًا تخصيص مساعدات خاصة للأيتام، مثل: “الملابس، الطرود الصحية، المساعدات النقدية”.
وأكدت أن الوزارة تقوم حاليًا بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة، بالعمل على إعادة ترتيب وتنظيم ملف الأيتام، بما يضمن حماية حقوقهم القانونية والمالية.
الناجي الوحيد… الطفل كنان أنس القن استـــشهد والديه وشقيقه في مجزرة حي المنار شرقي مدينة خانيونس.
ودعت الكحلوت، تلك المؤسسات للانتقال من مرحلة الكفالة فقط إلى الرعاية الشاملة، حتى بعد تخطي العمر القانوني لليتيم (18عامًا) لتستمر الرعاية إلى ما بعد ذلك، من خلال المرحلة التعليمية والتدريب المهني، حتى توفير فرصة عمل له أو مشروع صغير، انتهاءً بزواجه وتكوين أسرة له.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حكومة غزة: إسرائيل ألقت 100 ألف طن متفجرات وأبادت 2200 عائلة
غزة – أكد المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، امس الخميس، إن إسرائيل ألقت 100 ألف طن متفجرات منذ بدء الإبادة الجماعية قبل 19 شهرا، ما أسفر عن مقتل وفقدان أكثر من 62 ألف فلسطيني وارتكاب أكثر من 12 ألف مجزرة.
جاء ذلك في تقرير نشره المكتب الإعلامي الحكومي يوضح فيه أهم إحصائيات حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 8 مايو/ أيار 2025.
وقال المكتب إن “إسرائيل ألقت أكثر من 100 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر 2023، ما أدى إلى مقتل وفقدان أكثر من 62 ألف فلسطيني، بينهم أكثر من 10 آلاف ما زالوا تحت الأنقاض، ومنهم مصيره مجهول”.
وأكد أن “إسرائيل ارتكبت أكثر من 12 ألف مجزرة، من بينها 11 ألف و926 ضد العائلات الفلسطينية، حيث أباد بالكامل 2200 عائلة، ما أدى إلى مسح 6 آلاف و350 شخصًا من السجل المدني”.
وفي سياق الجرائم التي طالت المقابر، قال المكتب إن “الاحتلال سرق 2300 جثمان من مقابر قطاع غزة، وأقام 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات، تم انتشال 529 شهيدًا منها حتى الآن”.
وبشأن الكارثة الصحية بغزة، قال إن أكثر من 2.1 مليون حالة إصابة بأمراض معدية سُجلت بفعل النزوح القسري وانهيار البنية الصحية، من بينها 71 ألفًا و338 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي.
كما تضمن البيان معطيات تتعلق بالبنية الدينية والإغاثية المدمرة، وقال إن الجيش الإسرائيلي دمّر 828 مسجدا كليا و167 جزئيا، واستهدف 3 كنائس، إضافة إلى 19 مقبرة من أصل 60، تعرضت للتدمير الكامل أو الجزئي.
وفي إطار سياسة التجويع، ذكر أن إسرائيل استهدفت 66 منشأة إغاثية، بينها 29 تكية للطعام و37 مركزًا لتوزيع المساعدات، فيما تمنع دخول 37 ألفًا و400 شاحنة مساعدات ووقود منذ إغلاق المعابر كليًا قبل أكثر من شهرين.
وأشار إلى أن أكثر من 2 مليون نازح في قطاع غزة يعيشون في ظروف غير إنسانية، في ظل تضرر البنية التحتية وغياب المأوى، حيث انهارت 113 ألف خيمة وأصبحت غير صالحة للسكن.
وأظهر تقرير المكتب الإعلامي الحكومي، جانباً آخر من الكارثة التي سببتها حرب الإبادة الجماعية المستمرة، مسلطًا الضوء على الانهيار الشامل في مختلف القطاعات، من البنية التحتية إلى التعليم والصحة والزراعة.
وأكد أن الخسائر المباشرة الناتجة عن حرب الإبادة تجاوزت 42 مليار دولار، منها 1.25 مليار دولار في القطاع الزراعي وحده.
وقال المكتب إن الجيش الإسرائيلي دمر نحو 92 بالمئة من الأراضي الزراعية، وأتلف 85 بالمئة من الدفيئات، ما أدى إلى تراجع إنتاج الخضروات من 405 آلاف طن سنويًا إلى 49 ألف طن فقط.
وأضاف أن “الاحتلال دمر بشكل كلي نحو 210 آلاف وحدة سكنية، وألحق أضرارًا جسيمة بـ110 آلاف وحدة أخرى، فيما لحقت أضرار جزئية بنحو 180 ألف وحدة سكنية”، مشيرًا إلى أن 280 ألف أسرة باتت بلا مأوى.
وفي قطاع التعليم، أفاد المكتب بأن 143 مؤسسة تعليمية دُمّرت كليًا و366 جزئيًا، فيما حُرم أكثر من 785 ألف طالب وطالبة من التعليم، وقتل الاحتلال أكثر من 13 ألف طالب و800 معلم و150 عالماً وأستاذاً جامعياً.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي دمر 164 منشأة صحية، منها 38 مستشفى و81 مركزًا صحيًا، إضافة إلى 144 سيارة إسعاف و54 مركبة دفاع مدني، ما تسبب بانهيار واسع في النظام الصحي.
وعلى صعيد المياه والكهرباء، ذكر المكتب أن إسرائيل دمرت 719 بئرًا، و330 ألف متر من شبكات المياه، و655 ألف متر من شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى تدمير أكثر من 3 آلاف و780 كلم من شبكات الكهرباء، وألفين و105 محولات.
كما سجل استهداف 206 مواقع أثرية وتراثية، و46 منشأة رياضية، إضافة إلى تضرر الثروة السمكية بنسبة 100 بالمئة.
وأشار البيان إلى أن 60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر، و350 ألف مريض مزمن مهددون بانعدام الدواء، في ظل استمرار الحصار ومنع إدخال الإمدادات.
الأناضول