مجاعة غزة أجبرت الأهالي على مقايضة ما يملكون من أجل الطعام
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
تحت حصار إسرائيلي خانق مستمر منذ أكثر من شهرين، يعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه الحديث، مع تحذيرات متزايدة من اقتراب المجاعة الشاملة وسط ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية الأساسية ونفاد المساعدات، ما يهدد حياة أكثر من 2.4 مليون إنسان، غالبيتهم من النساء والأطفال.
في أسواق غزة، التي باتت شبه خالية من الزبائن، تسجل أسعار الخضروات والحبوب والوقود أرقاماً فلكية تفوق القدرة الشرائية لأغلب المواطنين.
يقول المواطن حسن رسمي لوكالة "الأناضول": "سعر كيلو البطاطا بلغ 10.80 دولارات، والبصل كذلك، أما الطماطم فتباع بـ7.30 دولارات، والباذنجان بـ8.10، في حين ارتفع سعر كيلو الدقيق إلى 9.45 دولارات".
كيلو الدقيق بـ10 دولارات ولتر الوقود بـ27
ويضيف أن كيس الطحين الذي يزن 50 كيلوغراماً تجاوز حاجز 400 دولار، أي ما يعادل راتب شهر كامل، بل أكثر، بالنسبة لغالبية سكان القطاع.
يؤكد رسمي أن الارتفاع المهول في الأسعار لم يعد صادماً للفقراء وحدهم، بل إن حتى العائلات التي كانت تُعد ميسورة لم تعد تقوى على شراء الحد الأدنى من احتياجاتها، مضيفاً أن معظم السكان باتوا يعتمدون على ما تبقى لديهم من مؤن، أو يلجأون إلى المقايضة إذا ما توفرت لهم سلع يمكن مبادلتها.
وفي أحد الأسواق القليلة التي لا تزال قائمة وسط الركام والدمار، تنقّل المواطن أحمد إبراهيم بين البسطات القليلة المتبقية بحثاً عن كيلو طحين يناسب ما تبقى في جيبه.
ويروي إبراهيم مشهداً مؤلماً شاهده بأم عينه: "رجل يقايض ربع كيلو من القهوة التي كان يحتفظ بها في بيته مقابل كيلو طحين". مشهد يلخص انهيار المنظومة المعيشية والاقتصادية في القطاع المحاصر.
ويحكي خالد عبد الرحمن أنه اضطر لشراء كيلو طحين مقابل 35 شيكلاً، وهو كل ما تبقى له من مال، ليكتشف لاحقاً أنه مملوء بالسوس. يقول بحزن: "رغم فساده، نأكله لأنه الخيار الوحيد. نخلطه مع الأرز أو المعكرونة حتى نشبع الأطفال، المهم أن يناموا دون بكاء".
أما سعر الوقود فقد بلغ مستويات لا تُصدق، إذ تجاوز سعر اللتر الواحد 27 دولاراً، ما اضطر السكان إلى التخلّي عن استخدام السيارات واللجوء إلى وسائل بدائية كالدراجات الهوائية والعربات التي تجرها الحيوانات.
"جريمة تجويع منهجية"
ومنذ الثاني من آذار/مارس الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي معابر القطاع بشكل كامل، مانعة دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود، في ما وصفته تقارير دولية بأنه "جريمة تجويع منهجية"، حيث حذرت منظمات حقوقية وحكومية من كارثة إنسانية متسارعة، مع تعمّق معاناة السكان الذين يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الخارجية منذ اندلاع العدوان المستمر منذ 19 شهراً.
وتُقدّر بيانات البنك الدولي أن الغالبية الساحقة من سكان القطاع باتوا تحت خط الفقر، بعدما دمّرت الحرب المتواصلة مصادر الدخل وفرص العمل والبنية التحتية.
وفي ظل نزوح أكثر من 90 بالمئة من السكان من منازلهم، يعيش كثيرون في ملاجئ مكتظة أو يفترشون العراء دون مأوى، ما فاقم من تفشي الأمراض ونقص الرعاية الصحية.
ويقول محمد جميل، وهو أب لخمسة أطفال، إن "المخزون لا يكفي لأيام، والأطفال وكبار السن يواجهون الموت البطيء بصمت"، مضيفاً أن "وجبة اليوم باتت ترفاً نادراً". وتابع بحزن: "نقتات على خليط من الرز والدقيق الفاسد... بعض أكياس الطحين تفوح منها رائحة عفن، لكننا مضطرون لأكله، فقط كي لا ينام الأطفال جياعاً".
"المطبخ المركزي العالمي" خارج الخدمة
وفي ضربة جديدة للجهود الإنسانية، أعلنت منظمة "المطبخ المركزي العالمي" الأربعاء الماضي أنها لم تعد قادرة على تقديم وجبات الطعام في غزة، بعد نفاد الإمدادات الغذائية وشحنات الوقود الضرورية للطهي وإعداد الخبز.
وقالت المنظمة إنها وزّعت خلال الأشهر الثمانية عشرة الماضية أكثر من 130 مليون وجبة و26 مليون رغيف خبز في القطاع، لكنها أصبحت عاجزة الآن عن الاستمرار في ظل الحصار الإسرائيلي.
"الصليب الأحمر": العمل الإنساني انهار
وحذّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس الماضي، من "انهيار وشيك للعمل الإنساني"، واصفة الأوضاع في غزة بـ"الجحيم على الأرض".
وقال المتحدث باسم اللجنة هشام مهنا إن "الحياة اليومية تحوّلت إلى معركة من أجل البقاء في ظل نزوح جماعي وفقدان الأحبّة وحرمان تام من الغذاء والماء والرعاية الصحية والمأوى".
65 ألف طفل مهددون بالموت جوعا
من جهتها، أعلنت حكومة غزة أمس الجمعة أن أكثر من 65 ألف طفل في القطاع باتوا مهددين بالموت جوعاً نتيجة سوء التغذية، محذرة من أن "الاحتلال الإسرائيلي يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين"، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي.
وأوضح البيان أن الاحتلال الإسرائيلي منع دخول أكثر من 39 ألف شاحنة تحمل مساعدات غذائية وطبية ووقود منذ أكثر من 70 يوماً، ما أدى إلى توقف جميع المخابز في القطاع عن العمل منذ 40 يوماً، وحرمان السكان من الخبز، الغذاء الأساسي، مما فاقم المجاعة، خاصة بين الفئات الأضعف كالأطفال وكبار السن.
وفي خطوة اعتبرها مراقبون مثيرة للريبة، أعلن السفير الأمريكي في الاحتلال الإسرائيلي عن عملية "ستبدأ قريباً" لتوزيع مساعدات غذائية في قطاع غزة دون تدخل من الحكومة الإسرائيلية، بحسب ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست".
لكن البيان لم يتطرق إلى أماكن مراكز التوزيع، ما أثار الشكوك حول أهداف المبادرة، خاصة في ظل ترويج الاحتلال الإسرائيلي لمخطط يهدف إلى "إفراغ شمال غزة من سكانه".
وتحت غطاء الدعم الأمريكي، يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تنفيذ واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية، بحسب وصف منظمات حقوقية، حيث أسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 172 ألف بين شهيد وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال، فضلاً عن أكثر من 11 ألف مفقود، وسط دمار غير مسبوق للبنى التحتية والمرافق الحيوية.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، تبدو المجاعة في غزة ليست مجرد خطر مستقبلي، بل واقع يطرق أبواب عشرات آلاف الأسر، بينما تواصل إسرائيل منع الغذاء عن المحاصرين، والعالم يكتفي بالتنديد دون تحرك فعلي لوقف الجريمة المستمرة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات حصار غزة المساعدات غزة مساعدات حصار جوع ابادة المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی فی القطاع أکثر من
إقرأ أيضاً:
غزة - المجاعة تهدد حياة أكثر من 65 ألف طفل في القطاع
حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ، مساء اليوم الجمعة 9 مايو 2025 ، من خطر المجاعة التي تهدد حياة أكثر من 65 ألف طفل في القطاع، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال المساعدات والمواد الأساسية منذ أكثر من شهرين في إطار الإبادة التي ترتكبها تل أبيب.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة في بيان صحفي تلقت سوا نسخه عنه، إن "الاحتلال الإسرائيلي يُهندس مجاعة تفتك بالمدنيين، ويواصل ارتكاب جريمة منظمة بحق أكثر من 2.4 مليون مدني، من خلال إغلاق المعابر ومنع دخول 39 ألف شاحنة مساعدات ووقود ودواء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي".
وأضاف البيان أن جميع المخابز في قطاع غزة توقفت عن العمل منذ 40 يوما، ما أدى إلى حرمان السكان من الخبز، الغذاء الأساسي، وتفاقم المجاعة وسوء التغذية، لا سيما بين الأطفال والمرضى وكبار السن.
وأشار إلى أن أكثر من 65 ألف طفل أصبحوا مهددين بالموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء، نتيجة استخدام إسرائيل سياسة التجويع كسلاح ضد المدنيين.
وذكر البيان، أن إسرائيل تفرض منذ 70 يومًا إغلاقا تاما على المعابر، ما تسبب في تفاقم الانهيار الإنساني والصحي، في سياق الإبادة الجماعية والقتل المستمر على مدار الساعة.
والسبت، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن عدد الوفيات بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية بلغ 57 فلسطينيا، غالبيتهم العظمى من الأطفال وبينهم مرضى وكبار السن، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واعتبر المكتب أن ما يجري "يمثل استخداما ممنهجا للتجويع كسلاح حرب يرقى إلى جريمة إبادة جماعية".
وحمّل إسرائيل والدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة وتبعاتها الإنسانية الكارثية.
ودعا المكتب الإعلامي الحكومي، المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن إلى التدخل الفوري والعاجل لوقف الحصار، و فتح المعابر بشكل غير مشروط لإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية والدواء والوقود.
وطالب بإرسال بعثات تحقيق دولية مستقلة لتوثيق هذه الجرائم ومحاسبة قادة إسرائيل عنها أمام القضاء الدولي.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن "الصمت الدولي يعد تواطؤا واضحا، ويُكرّس سياسة الإفلات من العقاب، ويشجع الاحتلال على ارتكاب مزيد من الجرائم ضد الإنسانية".
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من أخبار غزة المحلية شاهد: كتائب القسام تبث مقطع فيديو جديد لكمين رفح غزة: 4 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف محال تجاري في حي الرمال حصيلة دامية جديدة للشهداء والإصابات في غزة الأكثر قراءة سبب وفاة عبد العزيز العجلان – عبدالعزيز العجلان ويكيبيديا استشهاد شرطي وطفل بقصف إسرائيلي على مدينة غزة غزة - إعدام 6 "مجرمين" وإطلاق النار على أرجل 13 آخرين سوريا - شهداء وجرحى في سلسلة غارات جوية إسرائيلية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025