حرب المسيرات .. استهداف الأعيان المدنية .. فاصل تراجيدي آخر
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
خلال الأسبوع الاخير، كثف الراعي الإقليمي لمليشيا الدعم السريع هجومًا عنيفًا عبر المسيرات الاستراتيجية على الشعب السوداني . ولم تكن المسيرات التي هي أكبر من عقليات مليشيا الجنجويد والتي يحاول بعض قياداتها تبني الهجوم على استحياء على مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية، ولكن الكل يدرك من أين تأتي هذه الهجمات، ومن الذي أطلقها، ومن أين أطلقت.
+ حلقة جديدة من التآمر:
قال القيادي اللبيبرالي الشهيرعادل عبد العاطي: هذا الهجوم عبر المسيرات يشكل حلقة جديدة من حلقات التأمر على الوطن والحرب التي تشن على الشعب السوداني منذ عامين ونيف. وأضاف عبد العاطي في حديث لـ (ألوان) أن هذه الهجمات تستهدف أمن المواطن والبنى التحتية للوطن، وهذا ليس كما زعمت مليشيا الجنجويد محاربة الفلول، وإنما هي حرب مباشرة على الشعب السوداني ومقدراته وممتلكاته. فهذه الممارسات التى رأيناها في الجزيرة وسنار والخرطوم وتنعكس الآن في الهجوم على السدود والكهرباء وكل الملفات الحيوية في بورتسودان. وأضاف: من الواضح أن هذه الهجمات تم تخطيطها وتنفيذها بقدرات تتجاوز قدرات المليشيا، وهذا يوضح تورط الكفيل الإقليمي وهي الإمارات سواء بالتخطيط أو بالتنفيذ. والإمارات تحتفظ بقواعد في سوقطرة واليمن وجمهورية أرض الصومال. وهذه هي المناطق التى يمكن أن يتم التنفيذ منها. وختم عادل عبد العاطي حديثه مطالبًا الشعب السوداني بالوحدة تجاه الهجوم الأجنبي الغاشم ضد الشعب السوداني، كما طالب القيادة السياسية بالإرتفاع إلى مستوى التحديات، وأن تجمع الشعب السوداني تحت راية واحدة وأن تنصرف إلى محاربة المليشيا بدلًا عن الصراعات الداخلية.
محاولة تركيع:
ووصف الأكاديمي والمحلل السياسي د. محي الدين محمد محي الدين هجمات المسيرات ومحاولة زعزعة المواطن السوداني بالفعل الجبان. وقال في تصريح خص به (ألوان) أن محاولة ضرب الأعيان المدنية تعتبر في القانون الدولي جريمة حرب مكتملة الأركان. وأضاف أن مليشيا الجنجويد بعد أن تلقت هزائم ساحقة ومتلاحقة تحاول وبأيدي الكفيل الإقليمي أن ترفع قليلًا من الروح المعنوية للمرتزقة التي سحقت سحقًا في كل المحاور. وذهب في حديثه قائلًا: الهجوم على الشعب السوداني بهذه المسيرات لن يزيد الشعب السوداني إلا إلتفافًا وتمسكًا بأرضه والدفاع عنها لأن محاولة التركيع والإبتزاز أسلوب رخيص ولن يجدي نفعًا مع إرادة الشعب السوداني. إذاً مازالت الهجمات العنيفة والمكثفة تتواصل يومًا وليلة على العاصمة بورتسودان ولازال الشعب يقف شامخًا دون إنكسار أو تهاون والأيام القادمة حبلى بكشف الكثير .
تقرير: مجدي العجب
الوان
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: على الشعب السودانی هذه الهجمات
إقرأ أيضاً:
هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
حسب الرسول العوض ابراهيم
شهد السودان في الأيام القليلة الماضية تطورات متسارعة على المستويين الداخلي والخارجي، كان لها أثر مباشر على مسار الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فرغم شدة هذه الحرب وما خلّفته من دمار ومعاناة إنسانية، تراجع الاهتمام بها تدريجياً، في ظل تطورات سياسية وأمنية فرضت نفسها على المشهد، ودفعت الحرب إلى خلفية الأحداث.
في الداخل، عاد الجدل بقوة حول تشكيل حكومة كامل إدريس، ما أدى إلى تصاعد التوترات داخل تحالف بورتسودان، الذي يضم الجيش وبعض حركات دارفور وقوى من النظام السابق. هذا التحالف، الذي تشكّل كواجهة للحكم، سرعان ما أصبح ساحة للصراعات والمصالح المتضاربة، ووصل الأمر إلى تبادل الاتهامات وتسريب الاجتماعات السرية، مما كشف عن هشاشته وضعف انسجام مكوّناته.
تشكيل الحكومة الجديدة أصبح أكبر عقبة أمام أي قرار سياسي حاسم، سواء باتجاه استمرار الحرب أو الذهاب نحو التفاوض. فقد دخلت على خط الصراع قوى ومليشيات وكتل سياسية جديدة، أبرزها ما يُعرف شعبياً بـ”تحالف الموز”، وهو التحالف الذي دعم انقلاب 25 أكتوبر ضد حكومة حمدوك. هذا التحالف، الذي شعر بالتهميش، رأى في ارتباك كامل إدريس فرصة للعودة إلى دائرة التأثير، مما زاد الضغوط عليه.
على الأرض، أحرزت قوات الدعم السريع تقدماً مقلقاً في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، وبعض المناطق المحيطة به، وسط أنباء عن انسحاب القوات المشتركة من تلك المنطقة، ما سمح لقوات الدعم السريع بالتمركز هناك. وترافقت هذه الخطوة مع تهديدات باجتياح الولاية الشمالية، وهو ما زاد من توتر المشهد، وأثار تكهنات بترتيبات جديدة قد تُغيّر موازين القوى.
بعض المراقبين تحدثوا عن فتح “طريق عودة” بين الدعم السريع وبعض حركات دارفور المتحالفة مع الجيش، خاصة بعد كلمات التودد التي أطلقها حميدتي في خطابه الأخير. ويرى آخرون أن هذه التطورات قد تكون وسيلة ضغط على سلطات بورتسودان، لتثنيها عن تقليص حصة تلك الحركات في الحكومة المقبلة.
كان لظهور حميدتي وسط حشد منظّم من قواته دلالات واضحة، أبرزها إظهار الجاهزية لمرحلة جديدة. في خطابه، دعا حركات دارفور إلى فك ارتباطها بتحالف الجيش والانضمام إلى قواته، كما قدم اعتذاراً مبطناً عن الانتهاكات التي ارتكبتها قواته في الخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض. غير أن هذه الاعتذارات وبتلك الرسائل لا تكفي لتجاوز الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في المناطق التي كانت تسيطر عليها .
كما وجّه حميدتي رسائل طمأنة إلى مصر، في محاولة لتحييد موقفها من الصراع وهو يعلم انها من اكبر داعمي سلطة بورتسودان، إلا أن من المستبعد أن تُغير القاهرة موقفها الداعم لسلطة بورتسودان بمثل هذه الرسائل، نظراً لتشابك مصالحها الكبيرة مع تلك السلطة .
خارجياً، كان اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران الحدث الأبرز. هذا الصراع الإقليمي الكبير شتّت انتباه القوى الداعمة لأطراف الحرب في السودان، مما ساهم في خفوت صوت الحرب داخلياً. ورغم اعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إلا أن نتائج الحرب أضعفت إيران بعد تعرضها لهزيمة قصمت ظهرها ، وهي أحد الداعمين المهمين لتحالف بورتسودان، ما قد يؤدي إلى إعادة النظر في بعض التحالفات داخل السودان.
الانشغال الدولي بالحرب في الشرق الأوسط قد يمنح السودان فرصة نادرة لتعديل المسار، وقد يدفع بعض الأطراف للتفكير بجدية في تسوية سياسية تحفظ ما تبقى من نفوذها ومصالحها.
في المجمل، يمكن القول إن هذه التطورات المتسارعة، وإن لم تُنهِ الحرب بشكل مباشر، إلا أنها ساهمت في تفكيك بعض ملامحها، وفتحت الباب أمام مشهد جديد. وقد تكون هذه المرحلة فرصة لإعادة تقييم الخيارات، والسعي نحو تسوية سياسية تُنهي هذا الصراع الطويل والمنسي، الذي دفع ثمنه الشعب السوداني من أمنه ولقمة عيشه ومستقبل أجياله.
ولعلّ القول المأثور ينطبق على هذا الحال:
“مصائب قوم عند قوم فوائد” فربما تُفضي نتائج الحرب الإقليمية إلى فرصة لسلام داخلي، يكون السودان فيه هو المستفيد الأكبر.
كاتب ومحلل سياسي
الوسومحسب الرسول العوض ابراهيم