في خطابٍ مليء بالتحذيرات والتفاصيل الميدانية والسياسية والعسكرية، قدم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي “رعاه الله” قراءة عميقة وتحليلًا سرديًا شاملاً لمستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة والتطورات الإقليمية والدولية، أيضاً ليُذكّر العالم بأن جريمة القرن لا تزال تُرتَكَب يوميًا في غزة، تحت سمع وبصر “أمةٍ غائبة” و”نظامٍ دوليٍ عاجز”.

فقد جاء خطابه في 8 مايو 2025م (10 ذو القعدة 1446هـ) ليُحاسب الضمير الإسلامي أولًا، قبل أن يُسجل انتصارات اليمن العسكرية ضد أمريكا وإسرائيل، ويكشف فشل العدوان الأمريكي في كسر إرادة صنعاء. وفي زمن تتداعى فيه القيم ويُختبر فيه الإيمان الحقيقي، أطل السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في هذه الكلمة المفصلية تمثل جرس إنذار أخلاقي وإنساني تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية، وتجاه صمت الأمة المتخاذل أمام مشهد دموي مباشر يُبثّ للعالم على الهواء.
جريمة القرن
لم تكن كلمات السيد القائد مجرد توصيف لحالة طارئة، بل شهادة تاريخية على “جريمة القرن”، كما أسماها، التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق سكان قطاع غزة على مدى 19 شهرًا من المجازر المتواصلة. فالعدو الإسرائيلي، كما أوضح السيد القائد، لم يترك فرصة لحياة الفلسطينيين، لا في المساجد ولا في المستشفيات ولا في البيوت. مشاهد الإبادة، التي كانت تُعرف في التاريخ بعد سنوات، صارت تُشاهد مباشرة عبر الفضائيات، بينما العالم يكتفي بالمراقبة أو الشراكة بالصمت.
غياب أخلاقي وتفريط جماعي
من أهم ما في الكلمة، هو التحليل العميق لحالة “اللامبالاة” التي تعيشها الأمة الإسلامية، وعلى رأسها العرب. مئات الملايين من المسلمين يكتفون بالمشاهدة بينما يُقتل الأطفال وتُهدم البيوت. حمّل السيد القائد هذه الأمة مسؤولية كبيرة تجاه تفريطها في أقدس واجباتها: الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن المظلوم، ومواجهة الظالم. التفريط هنا ليس موقفًا سياسيًا فحسب، بل حالة تُغضب الله، وتفتح أبواب السخط الإلهي في الدنيا قبل الآخرة.
فقد قدّم السيد القائد رؤيةً تحليليةً للدوافع الخفية لصمت وتخاذل العرب، مُرجعًا إياها إلى:
1.”المخاوف”: خوف الأنظمة من فقدان الدعم الغربي.
2. “الأطماع”: التطلع لمكاسب سياسية عابرة.
3. “التأثيرات التربوية”: تشويه الوعي الديني والسياسي لدى النخب الحاكمة.
حقيقة المشروع الصهيوني
بوضوح، كشف السيد القائد عن الطبيعة الحقيقية للصهيونية، سواء “الدينية” أو “العلمانية”، باعتبارها مشروعًا شموليًا يستهدف الأمة بكاملها. الطامة الكبرى، حسب تعبيره، أن بعض الزعماء العرب قد يبطشون بشعوبهم عند أي انتقاد بسيط، لكنهم لا يتأثرون بعقيدة الصهاينة التي تصفهم بـ”أقل من الحمير”. النظرة الإسرائيلية للعرب والمسلمين واحدة، حتى للمطبّعين.
وبالتالي قدم السيد القائد رؤيته للمشروع الصهيوني بجناحيه (الديني والعلماني)، مؤكدًا أنه مشروع واحد يستهدف: –
– السيطرة على المسجد الأقصى وهدمه لبناء “الهيكل” .
– تحقيق “إسرائيل الكبرى” عبر تفتيت العالم الإسلامي.
– استباحة كرامة العرب، الذين وصفهم الخطاب بأن الصهاينة “يعتبرونهم أقل من الحيوانات”.
موقف إيماني يربك العدو
في مقابل التخاذل العربي، يقدم اليمن نموذجًا عمليًا لمفهوم النصرة الفاعلة. من منطلق إيماني صادق، كما عبّر السيد القائد، نفّذ اليمن منذ منتصف رمضان أكثر من 131 عملية عسكرية إسنادية استخدمت فيها صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة ووصواريخ فرط صوتية، مستهدفة عمق الكيان الإسرائيلي، أبرزها مطار “بن غوريون” في اللد، ما أدى إلى توقف الحركة الجوية، وهروب ملايين المستوطنين إلى الملاجئ، وإلغاء رحلات عشرات شركات الطيران.
الفشل أمام الإرادة اليمنية
رغم 1712 غارة أمريكية بحرية وجوية استهدفت اليمن، فإن العمليات اليمنية لم تتوقف. بل إن حجم الهجمات الأمريكية عكس، بحسب الكلمة، مدى فاعلية الموقف اليمني. فلو لم يكن لليمن تأثير، لما استنفر الأمريكي بقاذفاته وحاملات طائراته. ومع كل هذا، بقيت القدرات العسكرية اليمنية فاعلة، والإرادة الشعبية صلبة، بل وخرجت بمظاهرات مليونية أسبوعية لم يشهد مثلها العالم.
رسائل للأمة
السيد القائد، في كلمته، لم يكتفِ بالميدان العسكري، بل قدّم موقفًا إيمانيًا جامعًا يربط بين الجهاد العسكري والصلابة الروحية. أعاد توجيه البوصلة إلى المفهوم القرآني للعزة، وأكد أن “الخسارة الحقيقية” ليست في الدمار أو الشهداء، بل في فقدان الكرامة والتفريط بالحق. خرج من حدود اليمن الجغرافي ليوجه رسالة إلى كل الحكومات الإسلامية، داعيًا إياها للوقوف مع الشعوب بدل الاستنزاف لصالح الأعداء.
لحظة فاصلة
في لحظة تتقاطع فيها دماء الفلسطينيين مع الصمت العربي، وتستعرض فيها أمريكا وإسرائيل عنجهيتهما، يثبت اليمن – بشعبه وقائده – أنه الرقم الصعب في معادلة المقاومة. خطاب السيد القائد عبدالملك الحوثي “نصره الله” ليس فقط تعبيرًا عن موقف، بل خارطة طريق لعزة الأمة، وصيحة قرآنية في وجه من باع، ومن خاف، ومن تفرّج.
فهل تسمع الأمة؟
أيضاً اختتم السيد القائد كلمته بدعوة جماهيرية للمشاركة في تظاهرات مليونية يوم الجمعة، تعبيراً عن الثبات واحتفاءً بالفشل الأمريكي في تحقيق أهدافه في عدوانه على اليمن، فقد خرجت اليوم الحشود والجماهير بالملايين في الساحات والميادين في كل مديرية ومحافظة وأبرزها ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء.، كما وجه نصيحة للأنظمة الإسلامية بالتحرك لاحتواء التوتر المتصاعد بين الهند وباكستان، محذراً من الدور التحريضي الذي تلعبه واشنطن .
وكما أوضح السيد دور إيران في مساعٍ محمودة لاحتواء التوتر بين الهند وباكستان
خاتمة
كلمة السيد المولى عبدالملك بدرالدين الحوثي لم تكن مجرد خطاب سياسي، بل كانت وثيقة عتاب صارخ، وخريطة مواجهة، ودعوة صريحة لإعادة تعريف النصر والهزيمة. بين سطورها، يقف التاريخ ليس فقط شاهداً على المجازر، بل على الصمت، وعلى من اختاروا أن يكونوا “أمةً بلا ضمير” في مواجهة قرن من الإبادة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: السید القائد

إقرأ أيضاً:

رائد الفضاء الأمريكي فويستل يلقي كلمة في «نيويورك أبوظبي»

أبوظبي: «الخليج»
يخاطب الدكتور أندرو فويستل، رائد الفضاء في وكالة الفضاء الأمريكية وأخصائي الفيزياء، دفعة 2025 من خريجي جامعة نيويورك أبوظبي، في الحفل الذي تقيمه الجامعة بمناسبة تخريج الدفعة الثانية عشرة من طلابها يوم 22 مايو الجاري.
ويعد فويستل من أبرز رواد الفضاء المخضرمين، كونه شارك في ثلاث من رحلات وكالة الفضاء الأمريكية قضى فيها أكثر من 226 يوماً في الفضاء، وبفضل خبرته الطويلة، فإنه يضفي بعداً مميزاً على حفل التخريج.
وقال فابيو بيانو، نائب رئيس الجامعة: «للدكتور فويستل حياة مهنية استثنائية، من دراسة الاهتزازات الأرضية في المناجم، وصولاً إلى صيانة منظار هابل الفضائي، وتجسّد مسيرته روح الفضول العلمي والاستكشاف التي نشجّعها في جامعة نيويورك أبوظبي، وسيكون لخطابه بالغ الأثر على خريجينا الذين يتميزون بالتنوع الثقافي والفكر الطلائعي».
وأضاف: «إضافة إلى إنجازاته في مجال السباحة الفضائية، فقد تولى فويستل دور مهندس الرحلة في المهمة 55، ودور قائد الرحلة في المهمة 56 لمحطة الفضاء الدولية، وقد حمل منصب القائم بأعمال رئيس رواد الفضاء في وكالة الفضاء الأمريكية».
وتضم دفعة الخريجين 530 طالباً يمثلون أكثر من 85 دولة، ويشكل عدد الطلاب الإماراتيين 20% منهم، وقد تخرّج الطلاب في مجالات متعددة تضم برامج العلوم والهندسة الرائدة ومختلف التخصصات في الإنسانيات والفنون والعلوم الاجتماعية.
فيما يتضمن حفل التخريج كلمة يلقيها خالد الزيودي، وهو خريج إماراتي تخصص في هندسة الحاسوب، وتميّز بأدواره القيادية خلال دراسته في الجامعة، من دوره في قيادة جمعية مجلس الإمارات والإرشاد في برنامج الإثراء الأكاديمي، إلى تمثيل فئة المنتسبين إلى الخدمة الوطنية لدى المجلس الاستشاري للطلاب الإماراتيين في الحكومة الطلابية.
كما تلقي الخريجة الفلبينية بولين وي، التي تخرجت بتخصص مزدوج في علوم الحاسوب والأعمال والمؤسسات والمجتمع، إضافة إلى تخصص ثانوي في الوسائط التفاعلية، كلمة نيابة عن دفعة 2025، وقد شاركت بولين في رئاسة جمعيتين طلابيتين، كما قادت مشاريع جامعية وبحثية بهدف إحداث تأثير من خلال البرمجيات، والتصميم، وتأسيس الشركات، والقيادة المجتمعية.
أيضاً، يتضمن الحفل عدة أنشطة تقليدية، منها مسيرة الشعلة التي يحمل فيها رمز الجامعة في تقليد يعود إلى عام 1938، وتكريم الفائز بجائزة الخريج المتميز.

مقالات مشابهة

  • رائد الفضاء الأمريكي فويستل يلقي كلمة في «نيويورك أبوظبي»
  • وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية لـ سانا: نشكر أشقاءنا وأصدقاءنا، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودولة قطر وجمهورية تركيا، وغيرهم، الذين وقفوا وساهموا في القرار الأمريكي، كما نشكر الإدارة الأمريكية على تفهمها للتحديات التي تواجهنا، والشكر موصول ل
  • فعالية خطابية في وشحة بحجة بذكرى الصرخة
  • فعالية لأمن محافظة المحويت إحياء ً لسنوية الصرخة
  • فعاليةً خطابيةً لأمن محافظة المحويت بذكرى الصرخة
  • أبز ما جاء في كلمة ترامب خلال مشاركته في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي
  • من اليمن إلى فلسطين: المشروع القرآني يفرض معادلاته
  • فعالية لإدارة أمن محافظة إب إحياءً لسنوية الصرخة
  • فعالية خطابية لإدارة أمن إب بذكرى الصرخة