لجريدة عمان:
2025-05-14@21:09:13 GMT

تأثير الإغراق على المنتجات الوطنية

تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT

تواجه سلطنة عمان، كبقية الدول الأخرى حالات متكررة من الإغراق (Dumping) الذي يتم على مستوى الشركات أو الدول وذلك بتصدير السلع أو المنتجات إلى أسواق أخرى بقيمة أقل من تكلفة إنتاجها في الدولة المصدرة منها. كما تكمن تسميته - بالإغراق - نظرا للكميات الكبيرة المستوردة مما يسمح ببيعها في بلد الاستيراد بسعر أقل بكثير من المنتجات المحلية المشابهة لها الأمر الذي يلحق الضرر بالمنتجات الوطنية.

كما أن الإغراق يؤدي إلى انخفاض كبير في الحصة السوقية للمنتجات المحلية وانخفاض في حجم مبيعاتها ما يؤثر سلبا على الهوامش الربحية للشركات والصناعات الوطنية.

والإغراق له أشكال معينة فهناك الإغراق المدمر والذي يقصد منه إغراق السوق من قبل الشركات أو الدولة المصدرة للمنتجات بكميات رخيصة الثمن من أجل إقصاء المنافسين المحليين وبالتالي، يلحق ذلك ضررا بالغا بالاقتصاد الوطني. أيضا هناك الإغراق العرضي وهذا النوع الهدف منه بيع المنتجات في الخارج بأسعار منخفضة بهدف المحافظة على ارتفاع الأسعار المحلية وبالتالي، قد يكون لهذا النوع علاقة بالاحتكار التجاري. أيضا هناك الإغراق الموسمي وهو بيع المنتجات خلال مدة زمنية لمحاولة تصريف الفائض والاستفادة من موسمية الطلب على بعض المنتجات والمثال على ذلك ما يحدث في شهر رمضان المبارك من طرح منتجات معينة ثم خلوها من الأسواق بعد انتهاء الشهر.

وقد تتسبب في وقوع حالات الإغراق أطراف أخرى، مثلما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عام (2017) عند مكافحتها الإغراق من فائض منتجات الصلب والحديد الصيني والذي تم تحويل جزء من ذلك الفائض لدول مجلس التعاون الخليجي والتي بدورها قامت اللجنة الفنية لدول المجلس بفتح تحقيق حول زيادة الواردات الصينية من الصلب حماية لمنتجاتها الوطنية من آثار فوائض تلك المنتجات.

ولعل هناك علاقة بين الإغراق وبين جودة الواردات فعندما يكون هناك طلب عال على المنتجات الأقل سعرا وجودة يؤدي ذلك إلى تزايد معدلات الاستيراد من قبل رجال الأعمال وبالتالي، تتأثر ثقافة الشراء بتوجه السلوك والعادات الشرائية للمستهلكين المحليين في الغالب من شراء تلك المنتجات التي تكون الأقل سعرا ويفضلونها عن المنتجات الوطنية التي تتميز بالجودة العالية ولكن قد تكون أسعارها أعلى حيث إن عمليات صناعتها تمت حسب المعايير والاشتراطات الصناعية المعتمدة. هذا السلوك في ثقافة الشراء يؤدي إلى ضعف الاستثمار في المنتجات التي يتم إغراق السوق المحلي بها، لأن المستثمر قد لا يستطيع مجابهة فروقات الأسعار بين المنتجات المحلية والمنتجات المستوردة.

إن استمرار دخول المنتجات المستوردة والتي أغلبها من الصعوبة التيقن من مستوى جودتها لأن تصنيعها لم يتم بناء على المعايير المحددة، يؤثر سلبا على الميزان التجاري للدولة من حيث ارتفاع حجم الاستيراد وبطء نمو التصدير للمنتجات الوطنية وبالتالي، يجعل الاقتصاد الوطني هشا على مقاومة الصدمات والتأثيرات الاقتصادية نظرا لأنه يعتمد على ما يتم إنتاجه من الخارج وليس على المنتجات الوطنية.

وهناك تشريعات موحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي تحدد إجراءات التدابير الوقائية من أجل حماية الصناعة والسلع المحلية من حالات الإغراق. ومنها بأن يتم تطبيق القوانين النافذة لمكافحة حالات الإغراق حسب الضوابط التي وضعتها منظمة التجارة العالمية. كما أن توعية المستهلكين بأهمية شراء المنتجات الوطنية ذات الجودة العالية وعدم الانجرار وراء المنتجات الرخيصة لأنها في النهاية ليست توفيرا للمال لأن صلاحيتها وعمرها الافتراضي أقل عن المنتجات ذات الجودة العالية. في الجانب الآخر فإن هناك دورا محوريا للمواصفات والمقاييس العمانية والخليجية التي ينبغي تفعيلها بشكل أكثر لتشمل جميع المنتجات المستوردة وبالتالي، عدم السماح باستيراد أية منتجات أو سلع إلا في حال استيفائها لتلك المواصفات والمقاييس عن طريق شهادات تكون صادرة عن بلد المنشأ. المنتجات المستوردة الخاضعة لمعايير صارمة في الإنتاج - بلا شك - فإنها تكون بجودة عالية وبالتالي، يكون لها فرص متكافئة للمنافسة مع مثيلاتها من المنتجات المحلية الصنع.

الإغراق نظرا لتأثيراته السلبية على المنتجات المحلية فإن منظمة التجارة العالمية سمحت للدولة المستوردة بفرض رسوم جمركية إضافية - رسوم إغراق - حماية للمنتجات المحلية الصنع، وبطبيعة الحال فإن فرض رسوم الإغلاق لا يتم إلا بناء على تحقيقات وأدلة تثبت حدوثه وقد يكون في بعض الأحيان عن طريق شكاوى يتقدم بها المنتجون أو رجال الأعمال للجهات الحكومية بالدولة المتضررة من حالات الإغراق.

خلال المدة الماضية وما حدث في استيراد كميات كبيرة من البصل من الدول الأخرى ومنها اليمن أدى إلى إغراق السوق المحلي بكميات كبيرة وبأسعار قد تكون أقل تكلفة من أسعار المنتج المحلي ما أدى إلى عدم قدرة المنتجين العمانيين من تسويق محصولهم بأسعار تكون ذات ربحية. أيضا الإغراق الناتج عن السماح في استيراد كميات البصل كانت له نتائج سلبية على المزارعين العمانيين، حيث لم يستطيعوا منافسة المنتجات المستوردة. وإن كان هذا المثال هو إغراق موسمي قد لا يتكرر كثيرا إلا أن هناك حاجة إلى سياسات تسويقية فاعلة تعمل على تأمين نقل وتسويق المنتجات ليتم توزيعها على جميع المحافظات عن طريق تفعيل قنوات النقل بشكل أكثر فاعلية مع العمل على تسريع وصول المنتجات المحلية لشتى المحافظات بشكل أسرع.

الأمثلة الأخرى لحالات الإغراق وهو قيام دول مجلس التعاون الخليجي بفرض رسوم إغراق على الواردات من منتجات السيراميك من جمهورية الهند والصين وأيضا رسوم إغراق على بعض المنتجات الكهربائية المستوردة من الصين ولمدة 5 سنوات، الهدف منه حماية المنتجات الوطنية. كما أنها ليست المرة الأولى لهذا النوع من الإغراق، ففي فترات سابقة تم فرض رسوم إغراق على السلع المستوردة إلى دول مجلس التعاون الخليجي من كلتا الدولتين على منتجات منها: التوصيلات والمفاتيح الكهربائية وبطاريات المحركات وبلاط السيراميك، بمعنى أن حالات الإغراق قد تتكرر لنفس المنتجات وبالتالي، تكمن الحاجة إلى إيجاد برامج لمتابعة ورصد كميات الاستيراد التي تأتي من تلك الدول بشكل فتري لمعرفة مؤشرات وحركة الاستيراد والتصدير.

الإغراق أيضا يؤثر على تنمية وتطوير الصناعة المحلية. وبالتالي، لمكافحته ينبغي تصميم مبادرات تكاملية مع القطاع الخاص تحمي الصناعة المحلية من المنافسة الشرسة من قبل السلع والمنتجات المستوردة والتي البعض منها تكون مقلدة وغير أصلية. أيضا تقديم شتى أنواع الدعم للصناعة المحلية من حيث التمكين وتوفير الحوافز والإعفاء من الضرائب في السنوات الأولى مثلما تحصل عليه الاستثمارات الأجنبية في المناطق الخاصة والمناطق الاقتصادية الحرة. وأهم من ذلك استمرار المحافظة على المواصفات والمعايير العالية للمنتجات وأن تكون هي الخيار الأول للمستهلك المحلي.

ومن أجل التقليل من حالات الإغراق في السوق المحلي فإنه من الضرورة تنويع قاعدة التصدير للمنتجات العمانية وأن تكون هناك استراتيجية للتصدير إلى شتى دول العالم عن طريق إيجاد مبادرات تسويقية وترويجية للتعريف بالمنتجات الوطنية. أيضا البحث عن أسواق جديدة عن طريق الدخول في اتفاقيات للتجارة الحرة وفتح منافذ جديدة للصناعات المحلية بحيث لا تعتمد على التوزيع والتسويق الداخلي فقط. فعندما تتوسع قاعدة التوزيع للمنتجات المحلية فإن مخاطر التعرض للأضرار الناتجة من حالات الإغراق تكون أقل.

وبالتالي، من خلال تقديم الدعم الحكومي والحوافز تستطيع المنتجات الوطنية ليس فقط مقاومة الممارسات غير عادلة جراء حالات الإغراق، بل وأيضا بناء استراتيجية واضحة المعالم نحو توسيع وتنويع قاعدة التصدير لتشمل أسواقا إقليمية وعالمية جديدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دول مجلس التعاون الخلیجی المنتجات المستوردة المنتجات المحلیة المنتجات الوطنیة على المنتجات رسوم إغراق إغراق على عن طریق

إقرأ أيضاً:

النمر: تأثير البيض على الكوليسترول ضعيف

أميرة خالد

أكد استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين الأستاذ الدكتور خالد النمر، أن تأثير البيض على الكوليسترول ضعيف.

وأوضح الدكتور خالد النمر، عبر حسابه على منصة إكس: “لو تأكل ١٠ حبات بيض في اليوم الواحد لن يصل كوليسترولك الضار ٢٤٠ ملغ/دسل…..بمعنى أن البيض تأثيره على الكوليسترول ضعيف ولايرفعه لتلك القيم العالية التي يكون سببها وراثي”.

وكشف النمر، عن معلومة خاطئة نشرها فيديو حديث تقول: اذا ارتفع الكلسترول الضار LDL وكانت الدهون الثلاثية والكلسترول النافع طبيعيتين فإن ارتفاعه طبيعي ولايحتاج علاج”.

وأشار إلى أن الصحيح: إذا كان ارتفاع الكوليسترول الضار لوحده (فقط) فإنه يحتاج إلى علاج حسب شدة ارتفاعه، واذا كانت الدهون الثلاثية والضار مرتفعتين فإنهما يحتاجان إلى علاجين مختلفين.

مقالات مشابهة

  • ندوة تعريفية تناقش مكافحة الإغراق بغرفة البريمي
  • ما تأثير أدوية إنقاص الوزن على الصحة النفسية؟
  • وزارة الفلاحة تكشف عن موعد نهاية بيع الأضاحي المستوردة
  • وصول باخرتين محمّلتين بالأضاحي الرومانية إلى ميناء عنابة والعاصمة
  • لن تتوقع تأثير مرض السكري على الصحة النفسية.. تفاصيل مثيرة
  • ما تأثير إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه على الملف السوري؟
  • النمر: تأثير البيض على الكوليسترول ضعيف
  • مديرية المصالح الفلاحية بسطيف تُكذب خبر إخراج 50 خروف روماني وتقديمها لمقاول!
  • بيان هام لمالكي السيارات أقل من 3 سنوات المستوردة