مصر.. جدل في البرلمان بسبب إغلاق بيوت الثقافة.. ومسؤول: مساحتها ضيقة
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أثار قرار وزارة الثقافة بغلق بيوت الثقافة المُستأجرة في المحافظات، التي يزيد عددها عن أكثر من 100 بيت، جدلًا مع رفض مثقفين وبرلمانيين للإجراء.
وأنشئت قصور الثقافة في بادئ الأمر تحت مسمى الجامعة الشعبية في 1945م ثم تغير اسمها في 1965 إلى الثقافة الجماهيرية، وفي عام 1989 صدر قرار جمهوري حوّلها إلى هيئة عامة ذات طبيعة خاصة، وأصبح اسمها الهيئة العامة لقصور الثقافة.
وبدأ الجدل بعد قرار الهيئة العامة لقصور الثقافة بغلق أكثر من 100 بيت ومكتبة ثقافية مؤجرة، وإعادة توزيع العاملين المتواجدين بهذه المواقع الثقافية. وبعد القرار تقدمت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، مها عبد الناصر، بطلب إحاطة اعتراضًا على القرار.
وقالت عبدالناصر إنه "سيؤثر سلبًا على مستقبل الوعي والإبداع في مصر... هذه المؤسسات ظلت لعقود من الزمن إحدى أدوات الدولة في نشر التنوير ومواجهة الجهل والتطرف، وأن هذه المنشآت باتت تُغلق الواحدة تلو الأخرى، إما بدعوى التطوير، أو تحت ستار ترشيد الإنفاق، أو أنها المؤسسات غير جاذبة للجمهور".
ونُوقش القرار بالبرلمان خلال مناقشة موازنة وزارة الثقافة للعام المالي الجديد، حيث أبدى نواب اعتراضهم على غلق بيوت الثقافة المُؤجرة، وطالبوا بإجراء حصر لها ومعرفة أسباب وراء ما حدث.
ورد الوزير أحمد هنو بأن "هذه اليبوت غير مؤهلة لتقديم أنشطة ثقافية وفنية للمواطنين، وأن هناك خطة لتطوير قصور الثقافة لنشر الوعي، مع التنسيق مع وزارتي التعليم والشباب والرياضة والمؤسسات الدينية لتوسيع نطاق الخدمات الثقافية، واكتشاف المواهب ودعم الموهوبين في مختلف المحافظات"، وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية.
ورفضت الكاتبة الروائية وعضو مجلس النواب، ضحى عاصي، القرار الذي عدته "تراجعًا عن تقديم دورها (بيوت الثقافة) في أن تصبح منارة لنشر الثقافة، يتطلب أن تتدخل الحكومة بتخصيص ميزانيات لتنظيم أنشطة ثقافية بمفهوم اجتماعي شامل وحديث، حتى يجد بها الأفراد من مختلف الشرائح أنشطة تمنحهم المعرفة، وليس أن تتخذ الوزارة قرار بغلقها مما يعكس رسالة بأن الدولة لا ترى أهمية لدور هذه البيوت في تنمية الثقافة في القرى".
وقالت عاصي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إن "بيوت الثقافة في الفترة الحالية لا تؤدي الدور المنوط بها، ولكن ذلك لا يعني غلقها، وإنما السعي لتطويرها لتؤدي دورها، مشددة على أهمية دور هذه البيوت في تحقيق التنمية الثقافية عبر تنظيم أنشطة ثقافية وفنية تسمح للأفراد في هذه المجتمعات باكتشاف مواهبهم وتطويرها".
واعتبرت عاصي أن القرار "لن يؤدي إلى توفير النفقات لأن إيجار هذه البيوت إما بتخصيص للمنفعة العامة أو بأسعار إيجار زهيدة".
وأضافت أنه رغم انخفاض عدد المستفيدين من أنشطة بيوت الثقافة في الفترة الحالية، بسبب عدم وجود أنشطة فيها، إلا أنه مازال هناك شباب يستفيدون منها، وهو ما يتطلب السعي وراء وضع خطة متكاملة لتطويرهم، وجذب شرائح جديدة وزيادة عدد المستفيدين منها، وليس حرمان الشباب من الأنشطة الثقافية أو دفعهم للذهاب لقصور الثقافة التي قد تبعد عن محل إقامتهم، مؤكدة أهمية نشر الثقافة في زيادة الوعي المجتمعي، وكذلك تحقيق التنمية الاقتصادية.
من جانبه، قال رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، خالد اللبّان، إن القرار سببه "عدم أداء دورها المنوط به نتيجة عاملين؛ الأول صغر مساحة هذه البيوت والتي تشغل شقق سكنية تتراوح مساحتها بين 40-50 مترًا مربعًا، مما لا يسمح بتنظيم أنشطة ثقافية وفنية، والثاني تضخم عدد الموظفين العاملين بهذه البيوت، مستدلًا على حديثه بأن أحد البيوت مساحتها 40 مترًا فقط يعمل به 87 موظفًا، وهناك مكتبة ثقافية مساحتها 9 أمتار يعمل بها 8 موظفين، وهناك أمثلة عديدة لبيوت يعمل بها أكثر من 30 موظفًا".
يرى اللبّان، في تصريحات خاصة لـ CNNبالعربية، أن غلق بيوت الثقافة "لن يؤثر على تقديم رسالة تثقيفية للجمهور، وذلك لعاملين؛ أولًا أن هذه البيوت مساحتها ضيقة جدًا لا تسمح بإقامة أنشطة كالمسارح والحفلات أو أنشطة ثقافية".
وذكر اللبّان أن "العاملين بها غير مؤهلين لتقديم أنشطة ثقافية، وهو ما يتنافى مع الدور المنوط بها، ثانيًا هناك وفرة في المواقع الثقافية في مصر والتي يصل عددها إلى 619 موقعًا ومع إغلاق حوالي 100 بيت ثقافي، يصل العدد إلى 500 موقع ثقافي، وهو عدد كافٍ لتقديم الأنشطة الثقافية"، حسب قوله.
وتابع: "علاوة على ذلك هناك العديد من الأدوات المتقدمة للوصول لجميع أفراد المجتمع في مختلف المحافظات، منها إطلاق تطبيق إلكتروني يتيح كل المسابقات للراغبين في الاشتراك بها واكتشاف المواهب، كما أن هناك مكاتب متنقلة في جميع المناطق حتى الحدودية".
مصرثقافةنشر الأربعاء، 14 مايو / أيار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: ثقافة لقصور الثقافة أنشطة ثقافیة بیوت الثقافة الثقافة فی هذه البیوت
إقرأ أيضاً:
الجوع يفتك بحياة الغزيين واستمرار إغلاق المعابر يعمّق المأساة
غزة- يخوض الآباء والأمهات في قطاع غزة يوميا معركة صامتة لم تعد تتمحور حول الأمان أو التعليم أو الاستقرار، بل أصبحت تدور بالكامل حول إطعام أبنائهم.
فمنذ إغلاق إسرائيل للمعابر بداية مارس/آذار الماضي ومنع دخول المساعدات والمواد الغذائية الأساسية، دخلت غزة مرحلة حادة من انعدام الأمن الغذائي، حيث شحّ الطعام من الأسواق، وتوقفت برامج الإغاثة والمساعدات، وباتت الأسر اليوم تعيش على فتات التكايا التي لم تعد تصل بانتظام.
وأدى منع إدخال الطعام إلى تفاقم حالات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
داخل مركز إيواء (غربي مدينة غزة) تشكو ميسون حلّس، وهي أم 3 أطفال، من حالة اكتئاب وهزال جسدي أصابتها بسبب شح الطعام، وصعوبة تأمينه لأولادها.
وتقول ميسون للجزيرة نت "ابني الصغير عمره 5 سنوات، منذ 4 شهور ما ذاق لا الحليب ولا البيض، يعاني من هشاشة في أسنانه وتسوس، وصار يتلعثم بالكلام. وهذا كله من نقص التغذية، الاحتلال يمنع دخول الطعام، ونحن ننام بدون عشاء".
ولفتت إلى أن ابنها الأكبر الطالب في الثانوية العامة بحاجة لغذاء يعينه على التركيز، لكنه يضعف يوما بعد آخر، وصار هزيلا ولم يعد يحفظ دروسه ولا يركز، وذكرت أن ابنتها الوسطى تعاني من الأنيميا، مضيفة "كنت قبل الحرب أطعمها حليبا وبيضا ومكسرات، كانت تقوّي دمها شوي، اليوم ما في شيء، حتى الحليب صار حلما".
وبخصوص حالتها، تتابع ميسون شارحة "أنا نفسي ما عدت مثل ما قبل، هذا الوضع أصابني بالاكتئاب والأزمات النفسية، وأثر بشكل شديد على سلوكي مع أولادي وسلوكهم معي، وأيضا أصابني بالدوخة وانخفاض ضغط الدم، وما عدت أقدر أشتغل زي زمان في الغسيل والطبخ وترتيب البيت".
إعلانوتحدثت حول كيفية تمضية يومها باحثة عن طعام لأولادها، فتقول "نبدأ ندوّر على وجبة إفطار، لو لقينا شوية خبز يابس أو رز، نحمد ربنا. زمان كانت التكية تجيب الأكل يوميا. الآن قليل، وإذا جاءت مبكرا نفرح، ونعتمد عليها، وتسكت جوع الأولاد".
وذكرت أن أولادها غالبا ما ينامون دون عشاء، وهو ما يمثل مشكلة لابنها الصغير الذي يبكي طول الوقت لأنه تعوّد أن يشرب كأسا من الحليب، أو أكل "ساندويتش من الجبن" وهو أمر مفقود تماما الآن.
"أمس شعرتُ أنني سأسقط من شدة الهزال. كنت سأقع، طلبتُ منهم فقط قطعة خبز حاف، وبعدها تحسنت شوي" بهذه الكلمات بدأت وسام السدودي، وهي أم 7 أطفال، حديثها داخل خيمتها في أحد مراكز الإيواء بغزة.
وسام، مثل غيرها من الأمهات في القطاع، لا تبحث عن الرفاهية أو التنوع في الوجبات، كل همها أن تُشبع أبناءها الجائعين. وتقول للجزيرة نت "أولادي يأكلون وجبة واحدة في اليوم. نعتمد على التكية، لكنها صارت نادرا لما تيجي (تأتي) وحين تحضر لا تكفي كل المركز".
وفي الوضع الطبيعي، كانت وسام تخبز يوميا قرابة 40 رغيفا لأسرتها، لكنها توقفت تماما قبل أسبوع بعد نفاد الطحين لديها، مضيفة "الآن لا يوجد لدينا أي خبز". وتكمل "نسينا طعم الخضار واللحمة، الأسعار نار، ومفيش شيء بالسوق أصلا، إحنا بنعيش تجويع حقيقي، صار الوضع أسوأ بكتير، هزال، ودوخة، وقلة تركيز، والأمراض صارت تنتشر بسرعة بسبب ضعف المناعة".
كان صوت نضال حلّس، مدير مركز إيواء يقع داخل مدرسة في حي الرمال الجنوبي، مليئا بالعجز بعدما انتهى من توزيع كمية من العدس على النازحين. ويقول للجزيرة نت "10 قدور كبيرة من العدس، انتهت خلال 10 دقائق فقط، تتخيل؟ كان هناك الكثير من الناس، والأغلبية لم يحصلوا على شيء".
إعلانوأشار إلى بوابة المدرسة، وقال "الناس تأتي من مناطق بعيدة، وليس فقط من مركزنا، يمشون كيلو واثنين، من أجل لتر عدس لإشباع أولادهم".
وبكثير من الأسى، ذكر نضال أن التكيات أصبحت نادرة وتقلصت بنسبة تصل إلى 90% بسبب عدم توفر المواد الغذائية في الأسواق، بعد أن كانت تأتي لمركز الإيواء بشكل يومي. ويضيف "يأتي الكثير من الناس يريدون الأكل، وليس عندنا ما نعطيهم.. حاليا نغطي فقط 30% من احتياج الناس".
جوع حقيقي
وبحسب مدير مركز الإيواء، فإن غزة دخلت مرحلة الجوع الحقيقي قبل نحو أسبوعين، مع توقف غالبية التكيات عن العمل، ونفاد غالبية البضائع من الأسواق، وارتفاع أسعارها بشكل فاحش.
ويكمل "الهزال ظاهر على الكل، البعض يسقط والبعض يغمى عليه، الوضع الصحي والنفسي صعب، والناس تحضر قبل أفراد التكية بساعتين، ويمكن أن تذهب بدون أن تأخذ أي أكل".
وتقول المؤسسات الإغاثية المحلية والدولية إن مخزونها من الطعام قد نفد بشكل تام، وهو ما دفع برنامج الأغذية العالمي إلى وقف تشغيل مخابز القطاع، كما توقفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عن توزيع الطحين على العائلات.
ويكشف إبراهيم إرشي مدير برنامج التغذية في مكتب هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (آي إتش إتش) أنهم سيتوقفون، اليوم الاثنين، عن توزيع المكملات الغذائية المخصصة للأطفال والحوامل والمرضعات، بعد نفاد المخزون.
ويضيف للجزيرة نت "في السابق كنا نوزع حليبا للأطفال ومواد غذائية أساسية، وعندما نفدت، حاولنا الصمود على الأقل بتوزيع المكملات، لكن حتى هذه نفدت". وتابع "لم نستطع إدخال أي مساعدات جديدة بسبب استمرار إغلاق المعابر".
وحذر إرشي من أن وقف توزيع المكملات الغذائية على الفئات الضعيفة فيه تهديد مباشر لحياة الأطفال. مؤكدا "سوء التغذية صار واقعا يوميا، والأطفال في غزة الآن يواجهون خطرا حقيقيا على صحتهم، بل على حياتهم".
إعلان