رؤية جديدة لتمكين المواطن وحماية الاقتصاد
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
علي عبد الحسين اللواتي
لا يخفى على أحد أنَّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تُشكّل ركيزة أساسية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، سواء من خلال تقديم منتجات وخدمات مبتكرة، أو عبر دعم التوظيف الذاتي وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الأخرى التي يُدركها القارئ الكريم.
ورغم هذه الأهمية البالغة، أود أن أتطرق إلى دور محوري أراه مغيبًا حاليًا عن اختصاصات هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهو المُساهمة الفاعلة في معالجة ظاهرة التجارة المستترة وخلق وظائف إنتاجية حقيقية للمواطنين. ومن وجهة نظري، يُمكن تحقيق ذلك من خلال عدة محاور:
مراجعة الأنشطة الاقتصادية ومعالجة التجارة المستترةيتطلب الأمر وقفة جادة لمراجعة الأنشطة التي تندرج تحت مظلة التجارة المستترة، والعمل على إيجاد حلول عملية لها. ينبغي أن تبدأ هذه الجهود بحملات توعوية تستهدف المجتمع، توضح الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي تنجم عن هذه الظاهرة؛ فالكثير من المواطنين يتجاهلون المخاطر المترتبة على مثل هذه الممارسات، كتحمّلهم تبعات مالية في حال تعثّر المشروع أو هروب العمالة، نتيجة القروض والالتزامات المترتبة عليهم.
إبراز الفرص الضائعة على المواطنغالبًا ما يغفل المواطن عن حجم العوائد الحقيقية التي يجنيها الوافدون من مشاريع التجارة المستترة، مقابل العوائد البسيطة التي يتحصل عليها المواطن نفسه. ومن الأمثلة الواقعية، تجربة أحد الوافدين الذي بدأ بالعمل في مجال صيانة المنازل ضمن إطار التجارة المستترة، ليطوّر نشاطه تدريجيًا ومع مرور الزمن بدأ يتعامل في شراء وبيع مستلزمات الصيانة من المعدات وقطع الغيار وانتهى بتأسيس ورشة في بلاده يصدر منتجاتها إلى السلطنة. من هنا تتضح أهمية توعية المواطنين بهذه الحقائق، ليدركوا حجم الفرص الضائعة عليهم، ويكون لديهم الحافز إما لتغيير واقعهم بالعمل الجاد، أو لإفساح المجال لغيرهم من المواطنين القادرين على تحمل المسؤولية.
تدريب وتأهيل أصحاب السجلات التجارية المستترةيجب على هيئة تنمية المؤسسات أن تؤدي دورًا محوريًا في تأهيل أصحاب السجلات التجارية المستترة لتمكينهم من إدارة مشاريعهم بأنفسهم. قد يتساءل البعض: كيف يمكن لمحل غسيل وكوي ملابس بسيط أن يكون مجديًا؟ الإجابة تكمن في تغيير نموذج العمل ذاته. من الضروري الانتقال من النماذج التقليدية إلى إنشاء مجمعات متخصصة تضم أجهزة غسيل وتنظيف حديثة، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والصحة، وتوفير شبكة لوجستية فعالة مع فتح نوافذ متعددة لجمع وتسليم الملابس وغيرها.
هذا التحول سيُسهم في خلق وظائف مناسبة للمواطنين، وسيدعم الاقتصاد الوطني رغم الارتفاع الطفيف المتوقع في التكلفة، والذي سيكون مقبولًا في ظل القضاء على المنافسة غير الصحية.
مثال آخر يمكن البحث فيه هو في مجال صيانة أجهز الحاسوب وأمثالها؛ إذ يُمكن تأسيس ورش صيانة على مستوى متقدم، يعمل بها مواطنون متخصصون في المجال.
تشجيع ريادة الأعمال والاستحواذ على المؤسسات المستترةمن المهم أن تسعى الهيئة إلى دعم رواد الأعمال الجادين والراغبين في العمل بأنفسهم، عبر تمكينهم من الاستحواذ وشراء المؤسسات المستترة وإدارتها بصورة نظامية بحيث لا يبخس حق المواطن الذي سيتخلى عن مشروعه "المستتر". لذلك إن التعاون بين الهيئة والجهات الحكومية ذات العلاقة، كوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، لإجراء دراسات ميدانية حول هذه المؤسسات، أصبح ضرورة ملحة لمعالجة هذه الظاهرة جذريًا.
ضمان توجيه الدعم للمشاريع الإنتاجية الحقيقيةينبغي التأكد من أن المشاريع التي تحصل على تمويل من ريادة لا تقع ضمن إطار التجارة المستترة، بل تكون مشاريع إنتاجية حقيقية تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل للمواطنين. وأن يتفرغ المواطن لعمله مناسب وجيد، ولكن المهم تصديه للعمل وإدارته بنفسه، وضمان الاستمرارية وقابلية التوسع في النشاط بحيث يكون مجديا اقتصاديا مع مرور الزمن ويكون مناسبًا لخلق الوظائف المجدية.
دعم المؤسسات العائلية الصغيرةمن المحاور التي يجب التركيز عليها أيضًا، تعزيز فكرة المؤسسات العائلية الصغيرة، عبر تقديم الدعم والأولوية للأعمال التي يباشرها أفراد الأسرة الواحدة بأنفسهم. ولا بد من نشر ثقافة أهمية هذه المشاريع في المجتمع، لتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة وتعزيز روح المبادرة لدى المواطنين، خاصة وأن مجموعة من الشركات "التجارة المستترة" تتحول لشركات عائلية، لكن للوافدين، فسترى في مقهى أو ورشة صيانة عدد من الوافدين من الأسرة الواحدة.
إنَّ ممارسة الهيئة لهذه الأدوار المذكورة ستشكل حماية حقيقية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل مباشر بسبب الحد من المنافسة غير الصحية الناتجة من التجارة المستترة، إضافة الى ذلك ستحمي المواطن من تبعات قد يكون غافلًا عنها؛ بل ستمكن المواطن من النظر الى آفاق معرفية أخرى في مجال عمله وإذا حدث أن المواطن أراد التخلص من سجله التجاري أو نشاطه المستتر فإنه قد يجد المشتري الجاد.
إن الدور المنشود لهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا يقتصر على تمويل المشاريع أو تقديم الاستشارات فحسب؛ بل يمتد إلى معالجة التحديات الهيكلية التي تعيق نمو هذا القطاع الحيوي. التصدي لظاهرة التجارة المستترة وتحفيز المواطنين على إدارة مشاريعهم بأنفسهم، سيكون له بالغ الأثر في بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام، علمًا بأنَّ الأطروحات المذكورة طبقت بعضها أو الكثير منها في بعض الدول مثل السعودية ضمن برنامج "ساند"، وكوريا الجنوبية، والمكسيك (برنامج التضمين المالي) ودولة الإمارات (برنامج التصريح).
وبهذا الطرح وضمن خطة عملية لا تزيد عن سنتين، يُمكن تحقيق الكثير، وأعتقد أنَّه يمكننا مناقشة التفاصيل والوصول الى استراتيجية جديدة ستكون مناسبة لجميع الأطراف.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ الدقهلية لـ الصحفيين أنتم مرآة ولسان حال المواطنين تنقلون الحقيقة المجردة التي تشكل وجدان الرأي العام
التقى اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، اليوم بالصحفيين والإعلاميين، ممثلي المؤسسات والمواقع الصحفية والإعلامية، في الاجتماع الدوري لهم، بحضور الكاتب الصحفي حازم نصر نائب رئيس تحرير جريدة الاخبار رئيس اللجنة النقابية للصحفيين بالدقهلية، وإيهاب نظيم وكيل اللجنة النقابية.
واستهل "مرزوق" اللقاء بالترحيب بالحضور من الصحفيين والإعلاميين، معربا عن تقديره لجهودهم، ومؤكدا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، حريص على التواصل مع رجال الصحافة والإعلام من كل المؤسسات لتوضيح الحقائق، ونشر الوعي لدى المواطنين، وأكد على حرصه الدائم على الالتقاء مع رجال الإعلام والصحافة باعتبارهم شركاء مع الجهاز التنفيذي في العمل العام، مشيرًا إلى أنهم شركاء في العمل الوطني ومرآة الحقيقة ولسان حال المواطنين، ودورهم الحيوي في مواجهة الشائعات ونشر الحقائق للمواطنين، وتصحيح المعلومات المغلوطة.
خلال اللقاء استعرض محافظ الدقهلية عدد من الموضوعات والمشروعات التي تهم المواطنين من أبناء الدقهلية، سواء التي تم تنفيذها أو جاري الانتهاء منها، في إطار خطة الدولة لتلبية احتياجات المواطنين وتوفير الخدمات اللازمة لهم في مختلف القطاعات والمجالات، واستمع في حوار مفتوح إلى مقترحات ومطالب الصحفيين والإعلاميين التي تهم المواطنين ووعد بالعمل علي تلبيتها وتحقيقها من خلال الأجهزة التنفيذية في مختلف القطاعات الخدمية.
وأكد محافظ الدقهلية على حرصه الدائم على تأكيد التعامل مع الصحافة والإعلام بكل شفافية وصدق من أجل صالح المواطنين في جميع أنحاء المحافظة، وأوضح أن 80% من يومه بين المواطنين في الشارع ليطمئن بنفسه على مستوى الخدمات المقدمة على أرض الواقع ويستمع لجميع مشكلات وتطلعات المواطنين والعمل الفوري على حلها وتحقيق آمالهم ومطالبهم.
وأشار محافظ الدقهلية إلى أن حركة تدوير وتغيير رؤساء ونواب المراكز والمدن والأحياء يكون الاختيار فيها وفقا لعدة معايير تستهدف الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في كافة القطاعات، فضلا عن معايير أخرى تتعلق بالأشخاص المختارين سواء لتسكينهم رؤساء مراكز ومدن وأحياء ونواب، في مقدمتها القدرة على الإدارة وضبط النفس في التعامل مع الموظفين أو المواطنين.
وأكد محافظ الدقهلية أنه يمنح الفرصة للكوادر الشابة للصعود والتدرج الوظيفي وأكد أن هذا بدا واضحا في إختيار عدد من النواب وتصعيدهم ليكونوا رؤساء مراكز ومدن وأحياء ويأخذوا فرصتهم الميدانية التي يثبت فيها كل منهم وجوده ويبرز قدراته على العمل التنفيذي.
وأشار "مرزوق" إلى اهتمام الدولة البالغ بالانتهاء من ملفات التصالح والرد على نقاط المتغيرات المكانية والتصدي للتعديات على أراضي الدولة والحملات المكثفة لضبط الأسواق ومراقبتها، موضحا الجهود التي بذلتها المحافظة في هذه الملفات على مدار الفترة الماضية وما كان هناك من تحديات تم التغلب عليها للوصول فيها إلى أعلى معدلات الانجاز في هذه الملفات.
كما تناول المحافظ جهود المحافظة في العديد من المشروعات الجاري العمل بها في مقدمتها حديقة الحيوان وحديقة شجرة الدر، ومراحل التنفيذ وأعمال التطوير بهما، مؤكدا أن الموقف حاليا هو الانتهاء من التصميم النهائي لأعمال التطوير وجاري العرض على السيد رئيس مجلس الوزراء لاعتمادها وبدء التنفيذ من قبل الشركة القائمة على الاعمال بهما.
وأوضح محافظ الدقهلية أننا نولي ملف النظافة أهمية خاصة والمحافظة بكامل أجهزتها تضعه في المرتبة الأولى للأولويات، لما يمثله من أهمية لدى المواطن وما يعكسه من مظهر حضاري للمدن والقرى، مؤكدا أن جولاته الميدانية المستمرة بنطاق المحافظة هي للتواصل مع المواطنين، والوقوف على حقيقة الأوضاع على الطبيعة وبالفعل ولمسنا تحسن معدلات خدمات النظافة المقدمة للمواطنين، وأكد أنه ودلا مبرر لأي تقصير في هذا القطاع الحيوي الهام الذي يمس الحياة اليومية للمواطن.
وتناول محافظ الدقهلية المراكز التكنولوجية وأكد أنها تقدم دورا بارزا في إنجاز ملفات التصالح والمتغيرات المكانية ومخالفات البناء والتعديات، مشيرا إلى وجود لجنة فنية مختصة بالاشراف والمتابعة اليومية لعمل منظومة المراكز التكنولوجية على مستوى المحافظة والتعامل الفوري مع أي تقصير أو إهمال تحقيقا لمصالح المواطنين.
وأضاف محافظ الدقهلية أنه يقتحم المشاكل ويواجهها بكل الجهود والإجراءات مشيرا إلى الاتفاق مع السيد وزير التموين بعدم غلق المخابز المخالفة، عملا على توفير الخبز للمواطنين في المقابل يتم تغليظ العقوبات المالية على أصحابها، مضيفا أنه خلال شهر واحد فقط تم تحصيل غرامات مالية على المخابز المخالفة بلغت 80 مليون جنيه يتم عودتها مرة أخرى للمواطن من خلال الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لهم في القطاعات المختلفة.
كما تطرق محافظ الدقهلية للحديث عن مشروع موقف سندوب المجمع والذي سيضع حلولا لمشاكل المواقف العشوائية، كما أشار إلى أن جاري الإنتهاء من الأحوزة العمرانية لخمس مراكز ومدن هم مركز ميت غمر وأجا والمنزلة والسنبلاوين وبلقاس بواقع 249 قرية، كذلك أشار إلى إعادة تشغيل الأتوبيس النهري في ثوبه الجديد قبل عيد الأضحى المبارك.
وكلف محافظ الدقهلية بتشكيل لجنة لبحث انشاء كباري مشاة أمام اكاديميه السلاب ومدارس الصفوة لمنع وقوع حوادث من خلال التنسيق مع الهيئه العامه للطرق والكباري وإدارة المرور والجهات المعنية، وأوضح أنه سيتم تشغيل فرع البنك الزراعي بقرية قلابشو مركز بلقاس خلال الأشهر القليلة القادمة فور الحصول على موافقه البنك المركزي.
وتناول محافظ الدقهلية العديد من الموضوعات والقضايا الهامة التي يتطلع إليها المواطنون، وأكد أنه لن يترك ملفا دون وضع الحلول له، من أجل صالح المواطنين والسعي لتلبية وتحقيق مطالبهم المشروعة، واحتياجاتهم الملحة مؤكدا أن التعامل يتم مع الملفات حسب أولوية الموضوعات.
في ختام اللقاء وجه الصحفيين والاعلاميين الشكر والتقدير لمحافظ الدقهلية على حرصه واهتمامه الكبير والدائم باللقاء الدوري معهم، وعلى الجهود التي يبذلها بشخصه أو عن طريق الأجهزة التنفيذية في جميع المجالات لتحقيق مطالب المواطنين واحتياجاتهم والتعامل الفوري مع المشكلات التي تواجههم.
لقاء محافظ الدقهلية بالصحفيين 1000161666 1000161669 1000161660 1000161621 1000161672 1000161675 1000161591 1000161678 1000161687 1000161681