قاضية أميركية تفرج عن باحث مؤيد للفلسطينيين
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
أمرت قاضية اتحادية أميركية -أمس الأربعاء- بالإفراج عن باحث هندي في جامعة جورج تاون يدعى بدر خان سوري اعتقلته إدارة الرئيس دونالد ترامب بسبب "نشاطه المؤيد للفلسطينيين" تمهيدا لترحيله.
وبدرخان سوري، مواطن هندي، وصل إلى الولايات المتحدة عام 2022 بتأشيرة عمل في جامعة جورج تاون باحثا زائرا وزميلا لما بعد الدكتوراه.
وقد ألقي القبض على بدرخان سوري من قبل ضباط ملثمين بملابس مدنية مساء 17 مارس/آذار الماضي خارج مجمع شققي في أرلينغتون بولاية فرجينيا ثم وُضع على متن طائرة متجهة إلى لويزيانا، ثم إلى مركز احتجاز في تكساس.
وقد صرحت إدارة ترامب بأنها ألغت تأشيرة بدرخان سوري بسبب منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي وارتباط زوجته بغزة بصفتها أميركية من أصل فلسطيني. كما اتهمته بدعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وأظهرت وثيقة قضائية أمس أن باتريشيا توليفر جايلز قاضية المحكمة الجزئية الأميركية في الإسكندرية بولاية فرجينيا أمرت بالإفراج عنه بضمان شخصي منه من مركز احتجازه بولاية تكساس ونقله إلى فرجينيا، مضيفة أن أي إعادة لاعتقاله ستتطلب إخطار المحكمة ومحاميه قبلها بـ48 ساعة.
إعلان حق دستوريوقالت جايلز إنها أطلقت سراح بدرخان سوري لأنها شعرت أن "لديه دعاوى دستورية جوهرية ضد إدارة ترامب". كما أخذت في الاعتبار احتياجات عائلته، وقالت إنها لا تعتقد أنه "يُشكل خطرا على المجتمع".
وأوضحت القاضية "من المرجح أن يكون التعبير عن الصراع هناك ومعارضة الحملة العسكرية الإسرائيلية سياسيا محميا. وبالتالي، فمن المرجح أنه كان "يمارس حرية التعبير المحمية".
وسيعود بدرخان سوري إلى منزله مع عائلته في فرجينيا، في انتظار نتيجة التماسه ضد إدارة ترامب بتهمة الاعتقال والاحتجاز غير القانونيين بما يخالف التعديل الأول للدستور وحقوقًا دستورية أخرى، كما يواجه إجراءات ترحيل في محكمة الهجرة في تكساس.
ويلزم الحكم -الصادر عن قاض- بدرخان سوري بمواصلة الإقامة في الولاية، والمثول شخصيا في جلسات المحكمة المستقبلية.
وادعت تريشيا ماكلوفلين مساعدة وزيرة الأمن الداخلي أن بدرخان سوري تربطه علاقات وثيقة بمستشار كبير بحركة حماس، زاعمة أنه نشط في الدعوة إلى ممارسة العنف ضد اليهود.
وأضافت في بيان "عندما تدافع عن العنف والإرهاب، يجب إلغاء حقك في الدراسة في الولايات المتحدة".
وعقب الحكم الصادر أمس قالت صوفيا جريج المحامية في اتحاد الحريات المدنية الأميركي "ما كان ينبغي أن تُنتهك حقوقه المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور، والتي تحمينا جميعًا بغض النظر عن جنسياتنا، لأن الأفكار ليست غير قانونية".
وأضافت "لا يريد الأميركيون العيش في بلد تُخفي فيه الحكومة الفدرالية مَن لا تُعجبهم آراءهم. وإذا كان بإمكانهم فعل هذا بالدكتور سوري، فبإمكانهم فعل هذا بأي شخص آخر".
تأخير العدالة حرمان منهاوقبيل اعتقاله، درس بدرخان سوري دورة تدريبية حول حقوق الإنسان للأغلبية والأقليات في منطقة جنوب آسيا، وفقًا لسجلات المحكمة. وذكرت الملفات أنه يأمل أن يصبح أستاذا جامعيا وأن ينطلق في مسيرته الأكاديمية.
إعلانوصرح بدرخان سوري للصحفيين بعد إطلاق سراحه من مركز احتجاز في ألفارادو، بالقرب من دالاس "تأخير العدالة حرمان منها. استغرق الأمر شهرين، لكنني ممتن للغاية لأنني أخيرًا أصبحتُ حرًا".
وأضاف للصحفيين بأنه درس الصراعات حول العالم، وأنه متعاطف مع اليهود والعرب. كما شكر اليهود والحاخامات الذين ساندوه.
وتابع "سألوني: مهلاً، هل أنت بدر؟ أنت رهن الاعتقال؟ فقلت: لماذا؟ فقالوا: سنخبرك لاحقًا". ويضيف "ولم يحدث ذلك قط. لم يذكروا قط ما الخطأ الذي ارتكبته. ربما كان خطأي الوحيد أنني تزوجت من فتاة فلسطينية، وهي مواطنة أميركية بالمناسبة".
وكان بدرخان سوري الباحث في مركز "التفاهم الإسلامي المسيحي" بجامعة جورج تاون في واشنطن محتجزًا منذ مارس/آذار الماضي. ونُقل لاحقًا عبر عدة ولايات، واحتُجز في مركز للهجرة في تكساس. ووفقًا لتقارير إعلامية، لم تُوجَه إليه أي اتهامات رسمية.
ومع ذلك، ألغت السلطات الأميركية تأشيرته، وزعمت أنه نشر محتوى معاديًا للسامية ومواد مؤيدة لحماس على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووفقًا لمراسل قناة "إن بي سي نيوز" الذي حضر المحكمة، قال القاضي إن الحكومة الأميركية قدمت أدلة محدودة للغاية لتبرير الاحتجاز، وخلص إلى أن الحقوق الدستورية لبدرخان سوري قد انتُهكت.
وأفادت وسائل إعلام أميركية أن محامي بدرخان سوري جادلوا بأن تصريحاته السياسية تعتبر حرية تعبير محمية، وأنه مستهدف بسبب خلفية زوجته وروابطها العائلية. وكان والدها مستشارا لزعيم حركة حماس الراحل إسماعيل هنية حتى عام 2010. ويُقال إن بدرخان سوري لم يكن على اتصال وثيق بوالد زوجته.
ليست الأولىوتعد قضية بدرخان سوري واحدة من عدة قضايا تنظرها المحاكم الأميركية حاليا، وتشمل طلابا وأكاديميين ذوي آراء مؤيدة للفلسطينيين.
وقد اتهمت جماعات الحقوق المدنية إدارة ترامب باستخدام مزاعم معاداة السامية لإسكات منتقدي إسرائيل، وقمع حرية التعبير السياسي المحمية.
إعلانواحتجزت سلطات الهجرة الأميركية طلابا جامعيين من جميع أنحاء البلاد، شارك العديد منهم في مظاهرات جامعية احتجاجا على الحرب بين إسرائيل وحماس، منذ الأيام الأولى لإدارة ترامب.
ويُعد بدرخان سوري آخر من نالوا الإفراج من الاحتجاز، إلى جانب رميسة أوزتورك الطالبة التركية في جامعة تافتس، ومحسن مهداوي الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا.
ويستهدف ترامب مواطنين أجانب، من بينهم بدرخان سوري، ممن شاركوا في احتجاجات داعمة للفلسطينيين ومناهضة للحرب التي تشنها إسرائيل حليفة الولايات المتحدة على غزة. وتتهم جماعات الدفاع عن الحقوق المدنية والمهاجرين إدارة ترامب باستهداف المنتقدين السياسيين بصورة غير عادلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إدارة ترامب فی جامعة
إقرأ أيضاً:
ليس حماية للفلسطينيين.. لماذا أمر نتنياهو بإخلاء 14 بؤرة استيطانية؟
القدس المحتلة – أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال جلسة أمنية، بإخلاء 14 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، كما طرح ضرورة تعزيز "القسم اليهودي" في جهاز الأمن العام (الشاباك).
وخلال جلسة المشاورات التي عقدها نتنياهو، قال مسؤولون أمنيون إن "البؤر الاستيطانية غير القانونية تحولت في الآونة الأخيرة إلى مواقع أمامية ينطلق منها مستوطنون لشن هجمات على القرى الفلسطينية".
وأوضحوا أن خطورتها لم تعد تقتصر على الفلسطينيين، بل تطورت لتشمل "المساس برموز الدولة والتحريض على مؤسساتها"، حيث تم رصد اعتداءات مباشرة على الجنود الإسرائيليين وضباط الشرطة، في مؤشر على تصاعد تهديد هذه المجموعات الاستيطانية للنظام والقانون داخل إسرائيل نفسها.
وقدم مسؤولون أمنيون تقارير أظهرت وجود نحو ألف مستوطن من فئة الشباب في البؤر الاستيطانية، بينهم 300 يصنفون ضمن "دائرة العنف" المتورطة في اعتداءات سواء على الفلسطينيين أو على الجيش الإسرائيلي.
وحيال ذلك، تستعد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لتنفيذ التعليمات، مع معالجة وضع نحو 70 مستوطنا ارتكبوا هجمات على الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن، والذين وجدوا في هذه البؤر مكانا للإقامة ومناطق لإطلاق العمليات والاعتداءات.
خطوة داخلية
تأتي هذه الخطوة قبيل زيارة المندوب الأميركي في الأمم المتحدة السفير مايك والتز لإسرائيل والأردن، حيث سوّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأمر على أنه تنازل أمام الضغوط الأميركية، غير أنها في جوهرها تتعلق بضبط الأمن الداخلي ومعالجة اعتداءات المستوطنين على عناصر قوات الأمن والجيش الإسرائيلي.
وأشارت مصادر سياسية وأمنية إسرائيلية إلى أن الهدف الفعلي لتعليمات نتنياهو، بحسب المراسل العسكري للقناة 12 الإسرائيلية نير دفوري، هو "التفاعل القانوني الداخلي لملاحقة المستوطنين الذين يهاجمون الجنود الإسرائيليين، وليس حماية الفلسطينيين".
إعلانوقال المراسل العسكري إن مصدرا مقربا من نتنياهو نفى بشكل قاطع أن يكون الأخير معنيا بتطهير أو إخلاء البؤر الاستيطانية، مؤكدا أن ما تم تداوله إعلاميا "خاطئ وكاذب".
وبحسب المصدر، فإن نتنياهو عقد اجتماعا مع كبار المسؤولين الأمنيين وشخصيات اجتماعية لمناقشة التعامل مع مجموعة محدودة من المستوطنين الخارجين عن القانون، الذين -كما قال- "لا ينتمون إلى الاستيطان ولا يمثلونه"، مشددا على أن الخطوة مرتبطة بضبط سلوك "هؤلاء الشبان فقط"، وليس بتفكيك البؤر أو المساس بالمشروع الاستيطاني.
ما يعزز هذا الطرح هي الوثيقة التي نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، حيث أشارت إلى أن نتنياهو يدعم انتشار البؤر الاستيطانية في المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو، وأن خطوة الإخلاء جزء من معالجة الاعتداءات الداخلية، حيث صدرت أوامر إبعاد بحق نحو 30 مستوطنا متهمين بالضلوع في "الإرهاب اليهودي".
يقول مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" لشؤون الكنيست أمير اتينغر إن الوثيقة تؤكد تأييد نتنياهو إقامة وانتشار البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة، رغم عدم قانونيتها حتى وفق القانون الإسرائيلي.
وبحسب الوثيقة التي أعدها مجلس الأمن القومي، أضاف اتينغر أن نتنياهو اعتبر أن "المزارع الاستيطانية المصادق عليها والمراقبة هي الرد المطلوب للحفاظ على مناطق ج، ومواجهة النشاط الفلسطيني فيها".
وجاءت الوثيقة تحت عنوان يتناول أدوات التعامل مع عنف ما يسمون "شبيبة التلال" (مجموعة استيطانية متطرفة)، لكنها في جوهرها "تشجع توسيع البؤر الاستيطانية"، بحسب الصحفي الإسرائيلي، مشيرا إلى أن مصادر شاركت في مداولات عقدت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أكدت أن نتنياهو أوعز خلالها بتسريع إجراءات شرعنة هذه البؤر العشوائية.
طفل فلسطيني يروي تفاصيل اعتداء مستوطن عليه وعلى جدته، خلال اقتحام مجموعة من المستوطنين منطقة الخلايل بالضفة الغربية#فيديو pic.twitter.com/MSFUg2Rx0n
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 7, 2025
وبينما تتحدث الوثيقة عن "أدوات تربوية" لإخراج هؤلاء من دائرة العنف، تقر -بحسب اتينغر- بأن "أعدادهم في ازدياد بسبب غياب جهة تعنى بهم، في إشارة واضحة إلى عدم وجود نية لدى إسرائيل لمحاسبة المستوطنين المتورطين في الإرهاب، بل استمرار توفير بيئة تشجعهم على مواصلة الاعتداءات".
ورغم عدم قانونية البؤر الاستيطانية العشوائية من حيث المباني المقامة فيها، ادعت الوثيقة أن "معظم المراعي التابعة لهذه المزارع قانونية"، وأن الإدارة المدنية سلمتها للمستوطنين.
ووفق اتينغر، فإن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تسوية هذه البؤر بصيغة "مزارع فردية" للسيطرة على مناطق "ج"، وتشير البيانات إلى وجود نحو 100 بؤرة استيطانية زراعية من هذا النوع، بينها أكثر من 15 أُقيمت بعد الحرب على قطاع غزة، مع تشكيل "اتحاد المزارع" ولوبي لجلب ميزانيات حكومية.
ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو الحالية، قاد كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزيرة المستوطنات أوريت ستروك جهودا لتوسيع دعم هذه المزارع الاستيطانية، ورُصدت لها عشرات الملايين من الشواكل خلال السنوات الثلاث الأخيرة عبر ميزانيات الائتلاف الحكومي.
إعلان تساهل في التحقيقوبحسب معطيات أقر بها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فقد نفذت عصابات المستوطنين منذ مطلع عام 2025 وحتى اليوم 704 اعتداءات ذات خلفية قومية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة، وهو رقم يفوق إجمالي الاعتداءات التي سجلت عام 2024 والتي بلغت 675 اعتداء.
في المقابل، أظهرت معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان (فلسطينية رسمية) أن شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شهد تصاعدا ملحوظا في الاعتداءات بالضفة، حيث سجل نحو 2144 اعتداء نفذها جيش الاحتلال والمستوطنون في مختلف المحافظات.
ومن بين هذه الاعتداءات، ارتكب جنود الاحتلال 1523 اعتداء بشكل مباشر على الفلسطينيين وممتلكاتهم، في حين نفذ المستوطنون 621 اعتداء خلال الشهر ذاته، مما يعكس اتساع دائرة العنف الاستيطاني واستهداف قوات الاحتلال للفلسطينيين.
وتكشف البيانات الرسمية للشرطة الإسرائيلية عن فجوة حادة بين تصاعد اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين، وتراجع فتح ملفات التحقيق في هذه الاعتداءات.
فبينما تؤكد منظمات حقوقية ارتفاع العنف، تظهر الأرقام نهجا متساهلا في عهد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فقد تراجع عدد الملفات المفتوحة للتحقيق من 235 ملفا عام 2022 إلى 150 عام 2023، ثم إلى نحو 60 فقط في 2024، بانخفاض يصل إلى 73% خلال عامين.
وتشمل قضايا التحقيق الاعتداء وتخريب الممتلكات وإطلاق النار والتهديد، وجميعها سجلت تراجعا كبيرا في فتح الملفات، أبرزها حالات إطلاق النار المحقق فيها والتي انخفصت من 13 العام الماضي إلى 4 حالات هذا العام.
ورغم الانخفاض، يبقى معدل المقاضاة شبه معدوم، ففي 2023 لم تقدم لوائح اتهام إلا في 10% من القضايا، في حين أُغلقت معظم ملفات 2024 بدعوى نقص الأدلة أو "غياب المصلحة العامة"، مما يعمّق ظاهرة إفلات الإسرائيليين من العقاب.