فجر الأربعاء 14 مايو/أيار، شعر مصريون بهزة أرضية أفزعت قلوب الكثير، كانت من أثر زلزال مركزه في اليونان، بقوة حوالي 6.4 على المقياس.

لكن الزلازل لا يتوقف أثرها على وقت الزلزال ونطاق الشعور به فقط. ففي أعماق الأرض، حيث لا تصل ارتجافات الزلازل المعتادة ولا تسمع أصوات تكسير الصخور، تحدث حركات زلزالية غريبة من نوعها، بطيئة وصامتة، لكنها قد تحمل في طياتها إنذارات مبكرة لأضخم الزلازل التي قد تضرب العالم.

هذا ما توصلت إليه دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين في "مختبر الزلازل" بجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، ونشرت نتائجها الأربعاء 14 مايو/أيار في "مجلة ساينس أدفانسز" وتسلط الدراسة الضوء على ما يعرف بالزلازل البطيئة أو "الهزات الصامتة"، التي لا يشعر بها البشر عادة، لكنها تحدث في عمق الأرض وتصدر عنها تموجات تشبه الهمس.

الصدوع التي تنتج عنها هذه الهزات البطيئة أكثر حساسية مما كنا نظن (بيكسابي) زلازل لا تدمر لكنها تحذر

بعكس الزلازل التقليدية، لا تسبب هذه الحركات الزلزالية البطيئة تدميرا للمباني ولا تصيب الناس بالذعر، لكنها تحدث غالبا قرب أماكن تعرف بنشاطها الزلزالي الكبير، مثل "منطقة كاسكاديا" على الساحل الغربي للولايات المتحدة وكندا، وهي المنطقة نفسها التي يعتقد أنها ستشهد في المستقبل زلزالا هائلا يشبه في قوته زلزال اليابان عام 2011.

تقترح الدراسة أن هذه الهزات الهادئة قد تكون بمثابة رسائل من باطن الأرض تكشف كيف يتراكم الضغط على الصدوع الزلزالية الكبيرة، مما يسمح للعلماء بفهم آلية نشوء الزلازل الكارثية بشكل أفضل.

ويقول المؤلف الرئيسي للدراسة "غاسبار فارج" وهو باحث ما بعد الدكتوراه في مختبر الزلازل بجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز، في تصريحات لـ"الجزيرة نت": "الصدوع التي تنتج عنها هذه الهزات البطيئة أكثر حساسية مما كنا نظن. حتى الزلازل الصغيرة، التي تقع على بعد عشرات الكيلومترات، يمكن أن تؤثر على نمطها وسرعتها".

إعلان

تظهر الدراسة أن الزلازل الصغيرة التي تحدث في المناطق المجاورة قد تتسبب في تشويش الهزات البطيئة وتغيير توقيتها، إما بتسريعها أو تأخيرها. فعندما تبدأ قطعة من الصدع بالانزلاق ببطء، فإنها عادة ما تحرك جيرانها، ما يؤدي إلى موجة منتظمة من الاهتزازات. لكن موجات الضغط القادمة من الزلازل الصغيرة يمكن أن تقطع هذا التناغم وتخلق فوضى في النظام الزلزالي.

ويضيف "فارج": "هذا يفسر لماذا تظهر بعض المناطق نمطا منتظما من الزلازل البطيئة، بينما تعاني مناطق أخرى من فوضى زلزالية كاملة. الأرض لا تعمل فقط كآلة جيولوجية بل كجهاز عصبي حساس يتأثر بكل ما حوله".

كاسكاديا.. مختبر طبيعي

استعان الفريق بمنطقة كاسكاديا الممتدة من شمال كاليفورنيا وحتى كندا كنموذج للدراسة. ففي ولاية أوريغون مثلا، تسير الأمور بسلاسة حيث تحدث الزلازل البطيئة بشكل دوري كل عام ونصف. لكن في شمال كاليفورنيا، تتداخل الزلازل الصغيرة من منطقة "كيب ميندوسينو" مع هذا النمط، مما ينتج هزات غير منتظمة وعشوائية.

ويساعد هذا التباين العلماء على فهم كيف يتأثر النشاط الزلزالي ليس فقط بطبيعة الصخور تحت الأرض، بل أيضا بالتغيرات الديناميكية المستمرة التي تسببها الزلازل الصغيرة، والتي غالبا ما يتم تجاهلها.

وتشير النتائج إلى أن ما كنا نعتبره "ضجيجا زلزاليا غير مهم" قد يحمل في الواقع مفاتيح لفهم الطريقة التي تتراكم بها الضغوط على الصدوع، وفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة.

ويقول "فارج" إن الزلازل الصغيرة لا يجب أن تهمل، إذ إن فهم كيف تتفاعل هذه الزلازل الصغيرة مع الزلازل البطيئة، يمكن أن يقود إلى رسم خريطة للتوترات الخفية في باطن الأرض، وربما التنبؤ بمكان وزمان الزلازل الكبرى قبل وقوعها.

ويؤكد الباحث أن الزلازل الكبيرة لا تتشكل بفعل قوى ضخمة فقط، بل قد تبدأ من "همسة" جيولوجية بالكاد تسمع. "إذا استطعنا قياس تأثير الزلازل الصغيرة على الصدوع الكبرى، فقد نتمكن من معرفة المناطق الأكثر عرضة للزلازل المتكررة، وتلك التي تحمل مفاجآت مدمرة قادمة" كما أضاف "فارج".

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تحذيرات دولية: إسطنبول على أعتاب زلزال مدمر

أنقرة (زمان التركية) – سلّط تحليل معمق نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على الخطر المحدق بمدينة إسطنبول التركية، مشيراً إلى أن “شيئاً مرعباً يحدث في أعماق بحر مرمرة”. وذكر التقرير أن خط صدع تحت هذا البحر الداخلي، الذي يربط البحر الأسود ببحر إيجة، يواجه ضغطاً متزايداً.

التحليل، الذي استند إلى دراسة جديدة نُشرت في مجلة ساينس (Science)، لفت الانتباه إلى نمط مقلق: ففي العشرين عاماً الماضية، وقعت زلازل متزايدة الشدة، وهي تتحرك بانتظام نحو الشرق. وحذّر عالم الزلازل ستيفن هيكس من جامعة لندن بالقول: “إسطنبول تتعرض لهجوم”.

يشير التحليل إلى أن الزلازل القوية تتجه نحو منطقة مغلقة يبلغ طولها من 15 إلى 21 كيلومتراً، يسميها العلماء “صدع مرمرة الرئيسي”، الواقع تحت سطح البحر جنوب غرب إسطنبول، وهي منطقة هادئة بشكل مثير للريبة منذ زلزال عام 1766 الذي بلغت قوته 7.1 درجة.

وإذا استمر هذا النمط وحدث تمزق في هذه المنطقة، فإنه قد يؤدي إلى زلزال بقوة 7 درجات أو أكثر في المدينة التي يقطنها 16 مليون نسمة. وقد لاحظت الدراسة الجديدة تسلسلاً لافتاً لأربعة زلازل متوسطة الشدة، كان آخرها زلزال بقوة 6.2 درجة في أبريل 2025 شرق خط الصدع مباشرةً. ويشير مؤلفو الدراسة إلى أن الزلزال القادم قد يكون أقوى من سابقه وقد يقع تحت إسطنبول مباشرةً.

وعلى الرغم من أن بعض العلماء، مثل جوديث هوبارد من جامعة كورنيل، يرون أن هذا التسلسل قد يكون مجرد مصادفة، إلا أن الإجماع العلمي يؤكد أن “زلزالاً مدمراً قادم” نتيجة لتراكم الضغط الخطير على صدع شمال الأناضول.

وقالت عالمة الزلازل باتريشيا مارتينيز-غارزون، إحدى مؤلفي الدراسة الجديدة، إن تركيز الجهود يجب أن يكون على “الكشف المبكر عن أي إشارات تدل على شيء غير عادي، وعلى التخفيف من آثاره”، مؤكدة أن الزلازل “لا يمكن التنبؤ بها”. واختتم التقرير بتحذير الدكتور هوبارد من أن زلزالاً كبيراً جداً بالقرب من إسطنبول “قد يؤدي إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث”.

Tags: اسطنبولتركيازلزال اسطنبولزلزال تركيانيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأسبق: مجاملة النخب أوصلت اليمن إلى الكوارث والأوطان لا تُبنى بالمجاملات ولا تُحمى بالصمت وهم سبب تدهور الأوضاع ..عاجل
  • المفوضية الإفريقية تعتمد دراسات الكوارث بمعهد البحوث الفلكية كمركز تميز
  • المفوضية الإفريقية تعتمد مركز دراسات الكوارث بمعهد البحوث الفلكية
  • يدني سويني تكشف تفاصيل عن موجات الكراهية التي طالتها على السوشيال ميديا
  • شبورة وأمطار ورياح.. «الأرصاد» تكشف تفاصيل حالة الطقس خلال الأيام القادمة
  • بسرعة 60 ميلًا في الساعة.. هذه السيارة الصغيرة أسرع من بورش
  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • تحذيرات دولية: إسطنبول على أعتاب زلزال مدمر
  • فرض رسم جمركي على الطرود الصغيرة من خارج الاتحاد الأوروبي
  • رقم كبير.. النجف تكشف كمية الأمطار التي تم تصريفها من شوارع المحافظة