والدة الشهيد غياث مطر.. حكاية تضحية ممزوجة بالآلام والفخر
تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT
دمشق-سانا
لم يكن غياث مطر، الذي عرف بإنسانيته وشجاعته، يعلم أنه سيصبح أحد رموز الثورة السورية بعد مطالبته بالحرية والكرامة، بطريقة سلمية عبر توزيعه الورود وعبوات الماء التي ألصق عليها عبارة “نحن وأنتم إخوة” في منطقة داريا.
بمزيج من الفخر والحزن العميق على فقدان أبنائها الثلاثة، والدة غياث وأنس وحازم تحدثت لـ سانا الشبابية كيف خرج غياث في بداية الثورة ضد النظام البائد بشكل سلمي، حيث اتفق مع أصدقائه على توزيع الماء والورد على عناصر الأمن كرمز للسلام والمطالبة بالحرية.
وتابعت بغصة: كل ذلك لم يشفع له من الاعتقال القسري ليدفع حياته ثمناً لأهدافه النبيلة، ليعود بعد ثلاثة أيام شهيداً بجثة باردة مسلوبة الأعضاء عام 2011، وكل تلك الرسائل التحذيرية من النظام البائد لم تمنع شقيقيه من متابعة مسيرته.
وفي العام التالي تم اعتقال حازم عند عودته إلى المنزل بتهمة جاهزة، وهي تمويل الإرهاب، وسلبوا سيارته، ولم نعلم إلى أين ذهب هو وسيارته، لنعلم بعد عذاب مضنٍ وأشهر في البحث عنه أنه في سجن صيدنايا، وصدر بحقه حكم بالإعدام، لتبدأ المعاناة بالمحاكم والسعي لتخفيف الحكم إلى المؤبد.
وبنظرة مليئة بالدموع قالت أم غياث: “لم أكن أعلم أنه في عام 2017 ستكون زيارتي الأخيرة إلى ذلك السجن المشؤوم، ليكتفوا بتسليمي ورقة كتب عليه رقم جثة حازم وتاريخ وفاته”.
وتابعت أم غياث: لم تتوقف الآلام عند هذا الحد مع أنني نقلت مكان سكني وأسرتي إلى صحنايا، لأحافظ على ما بقي لي من عائلتي لتبدأ الحكاية الأشد ألماً لحظة اعتقال ولدي أنس من بين يدي لتكون لحظة الفراق والوداع الأخيرة وتنقطع أخباره عني منذ عام 2013.
وختمت أم غياث أنا كآلاف الأمهات السوريات، لدينا ملف مفتوح ولكن ليس بوزارة ولا بمحكمة، بل بذاكرتنا، نعيش على ذكرى آخر كلمة، وآخر نظرة، وآخر حلم شاهدناه، ننام ونصحى على أمل أن نعلم خبراً عن أولادنا، داعيةً للكشف عن مصير جميع المفقودين والمغيبين قسراً، لأن الحقيقة ليست ترفاً أو جبراً للخواطر بل شرط مهم لتحقيق السلام.
تابعوا أخبار سانا علىالمصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
المعدن الأغلى على الأرض| حكاية الكاليفورنيوم النفيس.. الجرام بـ27 مليون دولار
عندما يُذكر مصطلح "المعادن الثمينة"، يتبادر إلى الذهن فورًا الذهب والفضة وربما الألماس، لكن خلف هذا البريق التقليدي، يختبئ معدن نادر ومذهل لا يعرفه كثيرون، رغم أنه الأغلى على وجه الأرض. إنه الكاليفورنيوم (Californium-252)، المعدن الذي تفوق قيمته المادية الخيال، ويصل سعر الجرام الواحد منه إلى 27 مليون دولار، متفوقًا بفارق شاسع على الذهب والروديوم وحتى الألماس.
بداية الاكتشاف.. من قلب جامعة كاليفورنيافي عام 1950، تمكن فريق علمي في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، من تصنيع عنصر جديد ضمن سلسلة الأكتينيدات المشعة، أطلق عليه اسم الكاليفورنيوم (Cf). استمر البحث، وبعد ثماني سنوات، تم التوصل إلى نسخة أثقل وأكثر ندرة، وهي كاليفورنيوم-252. هذا العنصر لم يكن فقط إضافة إلى الجدول الدوري، بل تحول إلى أداة نووية عالية الدقة، تفوق في خصائصها التكنولوجية كل التوقعات.
معدن ذو خصائص خارقةالكاليفورنيوم معدن فضي مائل للبياض، يتمتع بمرونة عالية تجعله قابلًا للقطع بشفرة حلاقة، لكنه يتغير لونه عند تعرضه للهواء. لكن القيمة الحقيقية لا تكمن في مظهره، بل في قدرته على إصدار نيوترونات بكفاءة عالية، تُشبه ما يصدره مفاعل نووي صغير. ويمكن لجرام واحد منه أن يطلق ملايين النيوترونات، ما يجعله أداة فائقة الدقة في تحفيز التفاعلات النووية.
إنتاجه المعقد ومحدودية توفرهصناعة جرامات قليلة من الكاليفورنيوم تستغرق قرابة عامين كاملين، حيث يتم قصف عناصر ثقيلة مثل البلوتونيوم بالنيوترونات داخل مفاعلات نووية متخصصة. ولا يوجد سوى مركزين في العالم يمتلكان القدرة على إنتاج هذا العنصر، هما مختبر أوك ريدج الوطني (ORNL) في تينيسي بالولايات المتحدة، ومعهد أبحاث المفاعلات النووية (RIAR) في روسيا. هذه الندرة الهائلة في الإنتاج تفسر جزئيًا السعر الفلكي للمعدن.
استخدامات لا تُقدّر بثمنرغم خطورته الإشعاعية، إلا أن Cf-252 يُستخدم في تطبيقات دقيقة وحيوية:
الطب: يُستخدم في علاج أنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الدماغ وعنق الرحم، من خلال استهداف الخلايا السرطانية باستخدام النيوترونات القوية.
الطاقة: عند انشطار ذرة Cf-252، تُطلق نيوترونات ذات طاقة عالية، يمكن تسخيرها في أبحاث الطاقة النووية.
الصناعة: يُستخدم لاختبار المتانة في الهياكل المعدنية، وتحديد مواقع حقول النفط، وكشف المتفجرات والمواد المشعة الخطرة.
رغم أن اسمه لا يتردد كثيرًا خارج الأوساط العلمية، إلا أن الكاليفورنيوم يظل أحد أعظم إنجازات الكيمياء النووية الحديثة. فهو معدن لا يُقارن بثمن، ليس فقط لقيمته السوقية، بل للأدوار الحرجة التي يؤديها في الطب والصناعة والطاقة. وربما سيكون هذا العنصر، في المستقبل، أحد المفاتيح الرئيسية لفهم وتطويع الطاقة النووية في خدمة البشرية.