طفرة البطارية ضرورة خليجية.. لتخزين الكهرباء مع تراجع النفط
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
مع تراجع الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي) في ظل تحول مشهد الطاقة العالمي، بات الاستثمار في سلسلة توريد البطاريات لتخزين طاقة الكهرباء المتجددة ضرورة استراتيجية لدول الخليج العربي من أجل الحفاظ على الرخاء والأمن الوطنيين.
ذلك ما خلص إليه الدكتور يحيى القحطاني، وهو عضو هيئة تدريس وباحث في جامعة هوارد بواشنطن العاصمة، ومتخصص في الطاقة النظيفة ومستقبل صناعة النفط بمنطقة مجلس التعاون الخليجي، الذي يضم السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين.
القحطاني أردف، في تحليل بـ"معهد الشرق الأوسط في واشنطن" (MEI) ترجمه "الخليج الجديد": "تاريخيا، لعبت صناعة النفط والغاز الطبيعي دورا محوريا في الاقتصادات وهياكل السلطة السياسية في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، حيث جنت ثروات من تصدير هذا الوقود الأحفوري، وبالتالي تعزيز نفوذها الدولي".
وتابع: "ومع تحول العالم نحو مستقبل أنظف وأكثر استدامة، تتبنى دول مجلس التعاون الخليجي أيضا هذا التحول العميق، حيث تنتقل من آبار النفط إلى خلايا الطاقة".
و"اليوم، وبسبب التقدم التكنولوجي وحجمه، أصبحت الطاقة الشمسية الوسيلة الأكثر فعالية من حيث التكلفة لإنتاج الكهرباء في أجزاء كثيرة من العالم، متجاوزة الطرق التقليدية، وكذلك تشهد طاقة الرياح انخفاضات كبيرة في التكاليف"، كما زاد القحطاني.
وأضاف: "في الوقت نفسه، تعمل التطورات في تكنولوجيا البطاريات على تغيير قدرتنا على تخزين الطاقة واستخدامها بكفاءة. وقد مهدت هذه التطورات معا الطريق أمام "طفرة البطارية"، حيث توقعت (وكالة) بلومبرج (الأمريكية) زيادة في الطلب العالمي على البطاريات بمقدار عشرة أضعاف بحلول عام 2030، مدفوعة في المقام الأول بسوق السيارات الكهربائية سريعة التوسع".
اقرأ أيضاً
الخليج الأخضر.. هل يقود عمالقة النفط تحول الطاقة في العالم؟
صناعة مزدهرة
و"هذا النمو الوشيك في صناعة البطاريات قدّم مجموعة من الفرص الاقتصادية. ومع ذلك، فإن قطاع البطاريات لا يتعلق فقط بتصنيع الخلايا، فهي سلسلة توريد معقدة، تبدأ من تعدين المواد الخام مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت، مرورا بتصميم وتصنيع خلايا البطاريات إلى إعادة تدوير واستخدام البطاريات المستهلكة"، بحسب القحطاني.
وزاد بأن "دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتبر تاريخيا من كبار الموردين العالميين للنفط والغاز، اكتسبت نفوذا اقتصاديا وسياسيا كبيرا على مر السنين. ومع إدراكها لحتمية التحول العالمي بعيدا عن الوقود الأحفوري، يتعين عليها أن تنظر إلى صناعة البطاريات المزدهرة باعتبارها محورا استراتيجيا".
وشدد على أن "الاستفادة من رأس مال تلك الدول الكبير ونفوذها الجيوسياسي أمر ضروري كي تنتقل بشكل استباقي في هذا التحول في مجال الطاقة، بدلا من الخضوع له بشكل سلبي".
القحطاني مضى قائلا إن "الاستثمار في سلسلة توريد البطاريات أكثر من مجرد فرصة اقتصادية، فهو خطوة حاسمة لحماية سيادتها السياسية والاقتصادية في المستقبل حيث قد يفقد النفط مركزيته، فهذا التحول ليس مجرد خيار لتلك الدول، بل ضرورة استراتيجية للحفاظ على الرخاء والأمن الوطنيين مع تطور مشهد الطاقة العالمي".
اقرأ أيضاً
ف.تايمز: السعودية تبني مصنعا جديدا لمعالجة الليثيوم لإمداد BMW بالبطاريات
التقنيات الخضراء
وتجسد السعودية، بحسب القحطاني، هذا التحول الجاري بالفعل بين دول مجلس التعاون الخليجي، التي تتبنى استراتيجيات شاملة تهدف إلى تعزيز اقتصاد أكثر استدامة وتنوعا، وعنصر رئيسي في ذلك هو تطوير قطاع البطاريات المحلي.
وتابع: "كما هو موضح في رؤية 2030 والمبادرات الخضراء في السعودية والشرق الأوسط، تبذل المملكة جهودا متضافرة لتقليل اعتمادها على عائدات النفط وتهدف إلى أن تصبح لاعبا رئيسا في النظام البيئي العالمي للطاقة المتجددة، وهو ما يكمل هدفها المتمثل في زيادة توليد الطاقة من المصادر المتجددة".
و"نتيجة لذلك، تستثمر المملكة أيضا في صناعة البطاريات؛ لأن البطاريات لها دور محوري في تخزين وإدارة هذه الطاقة المتجددة بشكل فعال، مما يجعلها جزءا لا يتجزأ من طموحات البلاد لتصبح رائدة عالميا في التقنيات الخضراء"، كما أردف القحطاني.
وأضاف أن "تقدم صناعة البطاريات في السعودية يوفر أيضا سبلا جديدة للتصدير والاستثمار وخلق فرص العمل، مما يساعد على تنويع اقتصادها بشكل أكبر".
وقال إنه "على الجانب الآخر من الخليج، في الإمارات، تتم تحولات مماثلة على قدم وساق، إذ تهدف المشاريع الطموحة، مثل استراتيجية دبي للتنقل ذاتي القيادة، إلى تحويل 25٪ من إجمالي الرحلات في دبي إلى رحلات تقوم بها المركبات ذاتية القيادة بحلول عام 2030".
وزاد بأنه "بما أن هذه التكنولوجيا تميل إلى الاندماج في المركبات الكهربائية بدلا من المركبات ذات محركات الاحتراق، فمن الطبيعي أن يؤدي الاعتماد على المركبات الكهربائية إلى زيادة الطلب الكبير على البطاريات عالية الأداء".
القحطاني قال إنه "على الرغم من الإمكانات الكبيرة، فإن الرحلة من آبار النفط إلى خلايا الطاقة مليئة بالتحديات، إذ يتطلب توطين صناعة البطاريات استثمارات ضخمة في البنية التحتية ورأس المال البشري والتكنولوجيا".
وأوضح: "مثلا، سوف يتطلب تطوير القوى العاملة الماهرة، وبناء مصانع التصنيع، وتسهيل نقل التكنولوجيا من الشركات العالمية الرائدة، من مئات الملايين إلى المليارات من الدولارات".
كما أن "ضمان سلسلة توريد مستدامة وأخلاقية للمواد الخام للبطاريات، التي يرتبط الكثير منها بقضايا البيئة وحقوق الإنسان، يمثل عقبة أخرى، فمثلا يتطلب تعدين الليثيوم كميات هائلة من المياه، مما يهدد إمدادات المياه المحلية في المناطق القاحلة كالشرق الأوسط، كما أنه تم ربط تعدين الكوبالت بعمالة الأطفال وانتهاكات حقوقية أخرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أكبر منتج عالمي"، بحسب القحطاني.
اقرأ أيضاً
السعودية وبريطانيا تتفقان على الاستثمار المتبادل في مجال المعادن
المصدر | يحيى القحطاني/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية الإمارات الخليج النفط بطاريات كهرباء مجلس التعاون الخلیجی هذا التحول
إقرأ أيضاً:
وزير الكهرباء يستقبل سفير الجزائر بالقاهرة لبحث فرص التعاون
استقبل الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، السفير محمد سفيان براح سفير الجزائر لدى القاهرة، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية، لبحث سبل دعم وتعزيز فرص التعاون والشراكة والاستثمار فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، لاسيما مجالات تنفيذ خطوط الضغط العالي وتطوير شبكات التوزيع وإنشاء محطات المحولات، وكذا الطاقة النظيفة وتوطين صناعة المهمات اللازمة لها والاستفادة من الخبرات المصرية فى التوسع فى الطاقات المتجددة والاعتماد عليها وخفض استخدام الوقود التقليدي وتقليل الانبعاثات الكربونية.
رحب الدكتور محمود عصمت بسفير الجمهورية الجزائرية، مؤكدًا عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات، والحرص على التوسع فى مجالات التعاون فى القطاعات المتعلقة بالكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، مشيدا بالروابط العميقة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، والتى تعد نموذجاً مثالياً للتعاون البناء بين الدول العربية بما يعزز العمل العربي المشترك.
تطرق اللقاء الى رغبة الجانب الجزائري فى الاستعانة بالشركات المصرية لتطوير شبكة الكهرباء على صعيد تنفيذ خطوط الضغط العالي وشبكة التوزيع واقامة عدد من محطات المحولات ، ودراسة كيفية زيادة نفاذ المهمات الكهربائية المصرية إلى السوق الجزائرية، وتم استعراض رؤية وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة حول تنويع مصادر الطاقة واستراتيجية مزيج الطاقة والاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة والفرص الاستثمارية المتاحة فى هذا المجال ودعم ومساندة القطاع الخاص لإقامة مشروعات الطاقة النظيفة فى إطار السياسة العامة لخفض استهلاك الوقود وتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك استراتيجية العمل لتوطين صناعة المهمات الكهربائية وخاصة التى تتعلق بالطاقات الجديدة والمتجددة من الرياح والشمس.
قال الدكتور محمود عصمت أن هناك اهتمام خاص بالطاقة الكهربائية باعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية في شتى المجالات، مشيرا إلى التوسع فى الطاقات المتجددة والاعتماد عليها لخفض استهلاك الوقود التقليدي فى إطار خطة التنمية المستدامة، موضحا أن مصر تتمتع بثراء كبير فى مصادرها الطبيعية والتي تشمل بشكل أساسى طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مشيرا إلى أهمية التعديلات التشريعية التى تمت لتسهيل الاستثمار في هذا المجال والتي تعكس التزام الدولة تجاه مشروعات الطاقة المتجددة والذى نتج عنه إقبال المستثمرون من القطاع الخاص الأجنبى والمحلى للدخول فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.
من جانبه أكد السفير محمد سفيان براح على عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين الشقيقين، موضحا أهمية مواصلة العمل علي زيادة التعاون والتنسيق لتعزيز التكامل بين البلدين في ظل العلاقات المتميزة، وكذلك التطلع إلى تعزيز سبل التعاون الثنائى فى كل المجالات وخاصة فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة.