أمين الإفتاء: الزواج لا يدار بمنطق حقي وحقك
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
قال الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الحياة الزوجية لا ينبغي أن تُدار بمنطق "حقي وحقك" فقط، بل يجب أن يحكمها الفضل والمروءة والتغاضي، مؤكدًا أن هذا المنهج هو ما يضمن دوام الألفة والمودة بين الزوجين.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء: "من الخطأ أن تكون الحياة بين الزوجين قائمة على الحسابات الدقيقة والتفاصيل الحادة المتعلقة بالحقوق والواجبات، الحقوق محفوظة، لكن نحن نحتاج إلى مروءة، إلى تنازل، إلى تحمُّل وتغافل من الطرفين".
واستشهد بقصة وردت في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة، حيث جلس حكيم من العرب ليحكم بين عائلتين، فقال: هل تريدون الحق، أم ما هو أعظم من الحق؟، فلما تعجبوا وسألوه: وهل هناك أعظم من الحق؟، قال: التحاط والهضم، أي أن يُحِفّ الإنسان على نفسه، وينزل قليلاً من حقه لأجل أخيه.
بعد ثبوت الرؤية.. دار الإفتاء: غدا الأربعاء أول شهر ذي الحجة
الإفتاء: لا يجوز مخالفة السعودية في رؤية هلال ذي الحجة
الإفتاء: ميز الله أيام العشر من ذي الحجة لما فيها من اجتماع أمهات العبادة
الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي الحجة 1446 هجريا اليوم.. استعدوا لخير أيام الدنيا
هل تجوز الصلاة بعد الوتر؟ .. الإفتاء توضح
متى يبدأ صيام 10 ذي الحجة 2025؟.. الإفتاء تحدده اليوم
وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "ده منهج نبوي، سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى)، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى يعني كن لينًا، كن كريمًا، كن متسامحًا، ده مش ضعف، دي قوة نفس وعلو خلق".
وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية إلى أن بعض الأزواج قد يظنون أن إنفاقهم على زوجاتهم في حالات معينة مثل المرض، أو حتى المساهمة في متطلبات الحياة، يكون عبئًا زائدًا إذا كانت الزوجة موسرة، موضحا: "حتى لو كانت الزوجة عندها مال، يبقى الرجل صاحب مروءة، ينفق، يكرم، يعطي.. القوامة مش بس في الإنفاق، القوامة في الموقف، في الاحترام، في الدعم، في الشهامة".
أمين الإفتاء: الإسلام يدعو لتأسيس البيوت على الفضلوأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية "المرأة عمرها ما هتنسى الموقف ده، حتى لو هي قادرة، أما لو الزوج قال: (معاكي فلوس، ادفعي)، هتحس بالغُربة، وهتقول له: (إنت بتجبلي إيه؟ أنا اللي بجيب لنفسي كل حاجة)، وساعتها يبدأ الشقاق".
وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية أن الإسلام يدعو لتأسيس البيوت على الفضل، لا على التنافس أو المقارنة، مضيفا: "الحياة الزوجية مش شركة مساهمة، كل طرف بيحسب التاني عمل إيه. دي مودة ورحمة، ومن يتعامل بالفضل يكرمه الله".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أمين الفتوى دار الإفتاء الإفتاء الحياة الزوجية أمین الفتوى فی دار الإفتاء المصریة سمح ا إذا
إقرأ أيضاً:
حكم زواج رجل ببطاقة رقم قومي لشخص آخر.. الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤالا مِن إحدى النيابات العامة، بمناسبة التحقيقات التي تجريها في إحدى القضايا، لاستطلاع الرأي الشرعي منها، بشأن شكوى مقدمة من رجل قرر أنه قد فقد بطاقة الرقم القومي الخاصة به، وعثر عليها أحد الأشخاص (مجهول الهوية)، وقام الأخير باستخدامها في الزواج من امرأة بواسطة مأذون شرعي، بقسيمة زواج على غير الحقيقة.
وتساءلت عن مدى صحة عقد الزواج المبرم محل الواقعة؛ لبيان عما إذا كان الزواج باطلًا بطلانًا مطلقًا، أم أن هناك فسادًا في عقد الزواج، وبيان ما إذا كانت الواقعة المذكورة تشكل مواقعة أنثى بغير رضاها من عدمه، أم أن العلاقة الزوجية التي نشأت بين طرفي الزواج هي علاقة شرعية؟.
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن العقد المذكور هو عقد فاسد يحق للزوجة معه طلب الفسخ؛ لوجود التغرير بمعظم صوره فيه، بدءًا من التغرير في الهوية والنسب وحتى التغرير في الدين، وهو تغرير يؤثر على الرضا، والفسخ هنا يعدُّ نقضًا للعقد من أصله بحيث لا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح الصحيح، والأمر في ذلك كله موكول لجهة التحقيق.
الكفاءة معتبرة في عقد الزواج
وأشارت إلى أن عقد النكاح له خصوصية؛ إذ أنه عقد يبتغي منه الدوام والاستمرار ويترتب عليه أعظم الآثار بخلاف باقي العقود، ولذلك أفرده الشرع باشتراط الشهادة فيه، وهذا رأي جمهور الفقهاء.
والمقرر أنه إذا وجد في العقد عيب لا يُبطل العقد لكنه يمنع من استيفاء المنفعة على وجه الكمال، أو كان أحد المتعاقدين قد دلَّس على الآخر بأن أوهمه بأن العقد يحقق له منافع موهومة دفعته لأن يبرم العقد فإن الشرع قد أعطى للمضرور حق المطالبة بفسخ هذا العقد، والفسخ هو نقض للعقد من أصله بحيث يعود المتعاقدان إلى ما كانا عليه قبل العقد؛ وذلك لأن العقد مع التغرير يكون مشوبًا بعيب في الرضا.
ونطاق التغرير عند الحنفية هو الكفاءة والعيوب، فإيهام الطرف الآخر بأنه كفء له على خلاف الحقيقة، وكذلك إخفاء العيوب التي لا يمكن معها استيفاء مقصودات النكاح هو تغرير يبيح للمغرور أن يطلب فسخ النكاح، ولا يكون حق طلب الفسخ للتغرير إلا للمرأة لأن الرجل يملك التخلص من العقد بالطلاق.
والكفاءة عند الحنفية تكون في الخصال التي يحصل بها التفاخر والتعيير ومنها الدين والنسب، وذلك حسب عرف كل زمان ومكان، والكفاءة المعتبرة في الدين هي الصلاح فيه، فالفاسق ليس كفئًا للصالحة.
قال العلامة الكاسائي في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (2/ 318، ط. دار الكتب العلمية): [فما تعتبر فيه الكفاءة أشياء. منها النسب، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم -«قُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، حَيٌّ بِحَيٍّ، وَقَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، رَجُلٌ بِرَجُل»-؛ لأن التفاخر، والتعيير يقعان بالأنساب، فتلحق النقيصة بدناءة النسب، فتعتبر فيه الكفاءة] اهـ.
وقال أيضًا (2/ 320، ط. دار الكتب العلمية): [ومنها الدين في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف حتى لو أن امرأة من بنات الصالحين إذا زوجت نفسها من فاسق كان للأولياء حق الاعتراض عندهما؛ لأن التفاخر بالدين أحق من التفاخر بالنسب، والحرية والمال، والتعيير بالفسق أشد وجوه التعيير] اهـ.
وقد تنوعت نصوص فقهاء الحنفية؛ بين اعتبار الكفاءة شرط لزوم ينشأ معه العقد صحيحًا إلَّا أنه قابل للفسخ، وبين اعتبارها شرط صحة يترتب على فقدها فساد العقد، ومحل القول بأنها شرط لزوم فيكون في حالة تزوج المرأة بغير كفء وهي تعلم بذلك، فيثبت لأوليائها حق الاعتراض وطلب الفسخ باعتبار أن هذا العقد غير لازم بالنسبة لهم، أمَّا محل القول بأن العقد يكون فاسدًا لفقد شرط الكفاءة فهو حالة ما إذا كانت المرأة نفسها قد غُرِرَ بها وأوهمها الرجل بكونه كفئًا على غير الحقيقة، فإن هذا التغرير يرتِّب فساد العقد؛ لأن الإيجاب والقبول لم يتلاقيا على محل واحد، وكل عيب في الرضا يفسد النكاح، ويكون المطالبة بالفسخ هنا حق للمرأة وأوليائها.
وقال العلامة السرخسي في "المبسوط" (5/ 13، ط. دار المعرفة): [وعلى رواية الحسن -رحمه الله تعالى- قال: إذا زوجت نفسها من غير كفء لم يجز النكاح أصلًا] اهـ.
وقال العلامة ابن مَازَه البخاري الحنفي في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (3/ 37، ط. دار الكتب العلمية): [لو وكلت رجلًا أن يزوجها فزوجها من كفء بمهر مثلها فالكلام فيه كالكلام فيما إذا زوجت نفسها، وأنه على الخلاف على ما يأتي بيانه في موضعه بعد هذا إن شاء الله تعالى، فكذا هذا. وإن زوجها من غير كفء لها لم يجز عليها] اهـ.
وقال العلامة الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (2/ 135، ط. الأميرية): [وكذا لو أمرت امرأة رجلًا أن يزوجها فزوجها من نفسه لم يجز، وكذا إذا زوجها غير كفء بالإجماع على الصحيح] اهـ.
حكم زواج رجل ببطاقة رقم قومي لرجل آخر
وأوضحت أن تعمد الرجل التزوج ببيانات مزورة هو أشد أنواع التغرير؛ لأن البيانات الرسمية المقيدة في سجلات الدولة والمرتبطة بالرقم القومي هي وحدها ما يمكن معه تحديد هوية الشخص ومعرفة نسبه وعائلته وحالته الاجتماعية وسجله الجنائي وخلافه من البيانات الأساسية التي يحدد الطرف الآخر على أساسها قبوله أو عدم قبوله الزواج منه، كما أنه لا يمكن مطالبة أي طرف بآثار هذا العقد إلا من خلال هذه البيانات الرسمية، وما تعتبر به الكفاءة في أزماننا إنما يتحدد عن طريق هذه البيانات.
كما أن هذا الفعل دليل على قلة الديانة، لعلم من قام به أن هذه المرأة ستصبح معلقة؛ حيث إنها قد ارتبطت في المستندات الرسمية بشخص لا تعرف عنه شيئًا، ولم يتزوجها بالفعل، فلا يمكنها أن تستكمل معه العقد، كما أنها لا تستطيع أن تتخلص من هذه الزيجة لأنه ليس له وجود رسمي، بالإضافة إلى أنها لن تستطيع أن تنسب الطفل الذي قد يولد من هذه الزيجة إلى أبيه الحقيقي، ومجموع هذا الغش يجعله غير كفء لأي مسلمة الأصل في حالها الصلاح.
وأكدت بناءً على ذلك، أن العقد المذكور هو عقد فاسد يحق للزوجة معه طلب الفسخ؛ لوجود التغرير بمعظم صوره فيه، بدءًا من التغرير في الهوية والنسب وحتى التغرير في الدين، وهو تغرير يؤثر على الرضا، والفسخ هنا يعدُّ نقضًا للعقد من أصله؛ بحيث لا يترتب عليه أي أثر من آثار النكاح الصحيح، والأمر في ذلك كله موكول لجهة التحقيق.