لجريدة عمان:
2025-06-08@00:22:20 GMT

ترامب وماسك: فخار يكسّر بعضه

تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT

من المؤكد أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية لا تؤثر فقط على مواطنيها، بل على جميع بقاع المعمورة - بما فـي ذلك قريتي الصغيرة التي أقضي فـيها إجازة العيد -، ولكن هذا لا يعني ألا أردد بيني وبين نفسي وأنا أتابع هذا التراشق المضحك بين رئيسها القويّ ومليارديرها الغنيّ: «فخار يكسّر بعضه». ولا أظنني بحاجة إلى شرح أن هذا المثل الشعبي يتردد عادةً عندما يتشاجر اثنان كلاهما مذنب أو لا يستحق التعاطف، فـيكون المعنى أن النزاع بينهما لا يهمنا فـي شيء؛ لأنهما من النوعية أو الأخلاق نفسها.

لو كنتُ مكان إيلون ماسك الآن لاستعدتُ جميع مأثورات الأدب العربي عن الجزاء من غير جنس العمل، بدءًا من بيت المتنبي الشهير: «إذا أنتَ أكرمت الكريم ملكته»، وليس انتهاء بالبيت الأشهر: «ومن يفعل المعروف فـي غير أهله...»؛ فقد وُصِفَ تبرعه لحملة الرئيس ترامب الذي ناهز ربع مليار دولار بأكبر تبرع انتخابي فـي التاريخ. ولم يكتفِ بذلك، بل أسس أيضًا قبل الانتخابات بأسابيع (فـي أكتوبر 2024) لجنة للعمل السياسي أسماها RBG BAC وتبرع لها بأكثر من عشرين مليون دولار، وعَهِد إليها بتبييض صورة ترامب أمام الناخب الأمريكي فـيما يخص قضية الإجهاض، هذا عدا الملايين العشرة التي تبرع بها لصندوق قيادة مجلس الشيوخ الجمهوري. لقد كان سببًا رئيسًا فـي عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ثم يأتي هذا فـي النهاية ويقلب له ظهر المِجَنّ متهمًا إياه بالجنون والانحياز لمصالحه التجارية!

لكن هل كان دعم صاحب شركة «تسلا» لترامب لوجه الله أو أمريكا؟! فـي الحقيقة فإن الإجابة بالنفـي؛ فهو - مثله مثل ترامب - تاجر يؤمن أن الحياة صفقات «أعطني أُعطِك». ومثلما تبرع بــ«سخاء» لأبي إيفانكا فإن ترامب فـي المقابل رد له الجميل، ونقله – بمجرد أن صار رئيسًا - من مجرد رجل أعمال إلى وزير فـي أقوى دولة فـي العالم، بل إنه كان أقوى وزير فـي حكومة ترامب، حين كلفه برئاسة ما سُمِّيَتْ وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، التي وعد ماسك بأنها ستعمل على تقليص الإنفاق الحكومي، وتحسين الكفاءة من خلال إعادة هيكلة الوكالات الفـيدرالية، وتحديث التكنولوجيا. وخلال أربعة أشهر فـي هذه الوزارة فعل ماسك الأفاعيل دون أن يردعه أحد؛ فقد ألغتْ وزارته - بحكم الصلاحيات الواسعة التي منحها له الرئيس – الكثير من العقود، وقلصت العديد من البرامج المخصصة للصحة العامة، والبحث العلمي بمليارات الدولارات، وخفضت التمويل لبرامج أخرى مهمة، وحجّمت دور وكالات مثل مكتب حماية المستهلك، ووكالة التنمية الدولية. كل هذا بحجة توفـير مائة وستين مليار دولار للخزينة الأمريكية. ومع ذلك؛ فإن تحليلًا مستقلًا زعم أن هذه التخفـيضات كلفت دافعي الضرائب مائة وخمسة وثلاثين مليار دولار؛ بسبب تكاليف قانونية، وخسائر فـي الإيرادات، مذكِّرًا إيانا بالمثل الشعبي: «كأنك يا بو زيد ما غزيت»؟ بل إن الحاجة إلى إعادة توظيف موظفـين مفصولين زادت من التكاليف بدلًا من تقليلها. والأدهى والأمرّ الشكوكُ التي ظلت قائمة طوال فترة وزارة ماسك بوقوعه فـي فخ «تضارب المصالح»؛ فقد ذكر تقرير صادر عن مجلس الشيوخ أن شركاته، مثل: «تسلا»، و«سبيس إكس» جنت من قرارات وزارته، ما يزيد على مليارَيْ دولار!

وإذن ظن ماسك - على ما يبدو - أن إضافته القوة السياسية إلى قوته الاقتصادية ستجعل منه أقوى رجل أعمال فـي العالم، غير أنه اكتشف مع الوقت أنه وقع فـي حفرة كان فـي غنى عنها. الملياردير - الذي «يلعب» بالمال كيفما شاء - تزامن توليه الوزارة مع تراجع أداء شركاته، خاصة «تسلا» التي شهدت انخفاضًا فـي المبيعات بنسبة 71%. كما أنه فقد الكثير من شعبيته عند المواطن الأمريكي؛ لأنه بدا عدوًّا لكل ما من شأنه تحسين حياة هذا المواطن من صحة عامة، وبحث علمي، وغيرهما من الخدمات التي قلص الإنفاق عليها، ثم جاءت الضربة القاضية من مشروع قانون الإنفاق الضخم الذي دعمه ترامب، وسماه «مشروع قانون كبير وجميل» («One Big Beautiful Bill»). وقد وصفه ماسك بأنه «تشويه مقزز»؛ لأنه يزيد العجز الفـيدرالي بمقدار ثلاثة تريليونات دولار، ما يجعل جهود وزارته فـي تقليص الإنفاق الحكومي أشبه بهشيم تذروه الرياح. ولأن ترامب لا يحب أن يُقال له إلا «آمين»، ويغضب ممن يخالفه الرأي؛ فقد غضب من انتقاد ماسك، ووصفه بأنه «فقد صوابه»، بل هدده بإلغاء العقود الحكومية مع شركاته، ليرد ماسك باتهام الرئيس بالتورط فـي قضية «جيفري أبستين» (وهي قضية شهيرة تورط فـيها كثير من الشخصيات العامة فـي أمريكا وخارجها بالاستغلال الجنسي لقاصرات)، وأنه يرفض لهذا السبب نشر ملفاتها علنًا.

وبينما يواصل الرئيس القويّ، والملياردير الثريّ التراشق أمام وسائل الإعلام؛ يتفرج العالم، ونحن معهم مبتسمين ومرددين: «فخار يكسّر بعضه».

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

سهم تسلا يقلص خسائره وسط مؤشرات على انحسار الخلاف بين ترامب وماسك

عوضت أسهم شركة تسلا  Tesla خسائرها الفادحة وسط مؤشرات على انحسار الخلاف بين الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما حد من مخاوف المستثمرين إزاء التداعيات السياسية المحتملة على شركة صناعة السيارات الكهربائية.

وارتفع سهم تسلا 5% في بداية التعاملات. وذكر موقع بوليتيكو أنه من المتوقع أن يتحدث ماسك وترامب اليوم الجمعة، لكن مسؤولاً في البيت الأبيض قال لرويترز إنه لا توجد خطط لإجراء اتصال.

وأشار ماسك عبر منصة التواصل إكس المملوكة له إلى انفتاحه على تخفيف التوتر مع ترامب.

وأدى الخلاف بين ترامب وماسك إلى خسارة شركة تسلا أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية أمس الخميس، وهو أكبر انخفاض للشركة في جلسة واحدة.

وزاد التوتر بعد أن صعد ماسك انتقاداته لمشروع قانون للضرائب والإنفاق يقترح إنهاء جزئياً لحافز ضريبي لمشتري السيارات الكهربائية بقيمة 7500 دولار بحلول نهاية 2025.

ورداً على ذلك اقترح ترامب تخفيضات في العقود الحكومية المبرمة مع شركات ماسك، بما في ذلك شركة سبيس إكس. ولم ترد شركة تسلا على طلب للتعليق بعد.

وتراجع سهم تسلا 29.5% منذ بداية العام بعد انخفاضه 14%  الخميس.

طباعة شارك ورداً على ذلك اقترح ترامب للضرائب والإنفاق يقترح إنهاء أكثر من 150 مليار دولار وارتفع سهم تسلا 5

مقالات مشابهة

  • خلاف ترامب وماسك يفاقم خسائر تسلا لتصل إلى 380 مليار دولار
  • سهم تسلا يقلص خسائره وسط مؤشرات على انحسار الخلاف بين ترامب وماسك
  • ما حقيقة ملفات إبشتاين التي فجّرت الخلاف بين ماسك والرئيس ترامب؟
  • خلاف ترامب وماسك.. ما أسبابه وما السيناريوهات المحتملة؟
  • خلاف ترامب وماسك يهز وول ستريت.. الملياردير يفقد 34 مليار دولار في يوم واحد
  • ماسك يخسر 34 مليار دولار بعد خلافه مع ترامب
  • أزمة مالية تضرب ماسك.. صدام علني مع ترامب يطيح بـ 34 مليار دولار
  • بسبب خلاف ترامب وماسك .. 22 مليار دولار في مهب الريح #عاجل
  • بسبب خلاف ترامب وماسك.. "22 مليار دولار" في مهب الريح