خبيران للجزيرة نت: إسرائيل تجاوزت واشنطن وورطتها في التصعيد مع إيران
تاريخ النشر: 14th, June 2025 GMT
واشنطن- تواجه واشنطن موقفا معقدا بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على منشآت في إيران، والتي نُفّذت دون تأكيد رسمي بوجود تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، رغم تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي توحي بعلم مسبق أو موافقة ضمنية.
وشنت إيران هجوما صاروخيا واسعا ردا على الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل أراضيها، وهددت باستهداف قواعد عسكرية أميركية في الخليج والعراق وسوريا.
واكتفى ترامب في تصريحاته بالإشارة إلى أنه "أعطى مهلة 60 يوما لإيران" قبل تنفيذ الهجوم، دون أن يؤكد أو ينفي مشاركة بلاده. وهو ما يثير تساؤلات بشأن حقيقة دور الولايات المتحدة وحجم التنسيق، وحدود تأثير أميركا الفعلي في حليفتها الأبرز في المنطقة.
كما يرى محللون أن هذه التصريحات المتحفظة والغامضة تعكس حالة ارتباك داخل الإدارة الأميركية، التي تجد نفسها الآن بين شُبهة التواطؤ من جهة، والعجز عن ضبط شركائها من جهة أخرى.
علم دون تنسيقفي قراءة تحليلية لتصريحات ترامب، ترى باربارا سليفان، الخبيرة في السياسات الأميركية تجاه إيران ومديرة "مبادرة مستقبل إيران" السابقة في المجلس الأطلسي، أن ترامب تقدّم فعلا لإيران بمقترح دبلوماسي خلال الأسابيع الماضية، "لكنه تضمّن شرطا طالما رفضته طهران، وهو التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، مما يجعله مقترحا غير مقبول".
إعلانوتشير سليفان -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن "ترامب ربما لم يمنح الضوء الأخضر رسميا، لكنه أيضا لم يمنع العملية، معتقدا أن الضربة ستدفع إيران للعودة إلى طاولات المفاوضات، لكن التطورات أظهرت العكس تماما". كما أكدت أن الولايات المتحدة كانت على علم بالعملية استنادا إلى قرار إجلاء الموظفين غير الأساسيين من بعض مواقعها في المنطقة قبل الضربة.
وجاء الهجوم الإسرائيلي قبل أيام من موعد كان من المرتقب فيه انطلاق جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان. حيث كان يسعى الجانب الأميركي إلى التوصل إلى اتفاق تفاوضي مع طهران بشأن برنامجها النووي، وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة.
ويستبعد حافظ الغويل، كبير الباحثين في معهد الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز في واشنطن، أن تكون إسرائيل قد نسّقت مع واشنطن قصف إيران. ويقول "واشنطن اليوم في موقف لا تُحسد عليه، لقد تم إبلاغ أميركا مسبقا، لكن دون تنسيق فعلي، وأعتقد أن ترامب حاول إيقاف الضربة، لكنه لم ينجح".
ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أن "إسرائيل ورّطت واشنطن في التصعيد العسكري ووضعتها أمام خيارين أحلاهما مر: إما الاعتراف أنها كانت على علم وموافقة، مما يعني أنها كانت تتفاوض بسوء نية، أو القول إنها لم تكن موافقة وتظهر بموقف الدولة العاجزة عن التأثير في أقرب حلفائها".
وزير الخارجية ماركو روبيو: شنت إسرائيل الليلة هجومًا أحاديًا ضد إيران. لم نشارك في هذه الضربات، وأولويتنا القصوى هي حماية القوات الأمريكية في المنطقة. وقد أبلغتنا إسرائيل بأنها ترى أن هذا الإجراء ضروري للدفاع عن النفس.
الرئيس ترامب والإدارة اتخذوا جميع الخطوات اللازمة لحماية…
— الخارجية الأمريكية (@USAbilAraby) June 13, 2025
"لم تعد ممكنة"وهددت إيران باستهداف قواعد أميركية ردّا على ما تعتبره "تورطا أميركيا في العدوان". وقال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني إن "القواعد الأميركية لن تكون في مأمن".
إعلانوفي السياق ذاته، رفعت وزارة الدفاع الأميركية مستوى التأهب في قواتها بالمنطقة تحسبا لأي رد إيراني موسّع، ودفعت بتعزيزات بحرية إلى مناطق إستراتيجية بالخليج وعززت أنظمة الدفاع الجوي في قواعدها العسكرية بالعراق وسوريا.
وبشأن آفاق الحوار الأميركي الإيراني، ترى الخبيرة سليفان أن فرص استئناف أي مسار تفاوضي صارت "شبه معدومة" في ظل استمرار التصعيد العسكري بين الطرفين الإسرائيلي والإيراني من جانب، والتمسك الأميركي بمطالب وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، من جانب آخر.
وتضيف "نتنياهو تصرّف وكأنها الفرصة الوحيدة لضرب إيران على نطاق واسع، والآن علينا جميعا أن نتحمّل العواقب".
وعن تأثير الهجوم على علاقات أميركا بحلفائها الإقليميين خاصة دول الخليج، تقول "لا شك أن دول الخليج قلقة للغاية من هذا التصعيد، لأنه يقوّض كل خططها التنموية ويهدد جاذبيتها الاقتصادية"، وتضيف "من سيغامر اليوم بإطلاق استثمارات جديدة في المنطقة؟".
من جهته، يحذّر الغويل من أن "إسرائيل بهذه الخطوة تجر الولايات المتحدة جرّا نحو الحرب، وسحبت البساط من تحت جهودها الدبلوماسية، وتضع واشنطن في مأزق إستراتيجي يتزامن مع اقتراب استحقاقات انتخابية داخلية. وقال إن واشنطن تواجه الآن تبعات مباشرة لتحرك لم تكن مستعدة لتحمّل كلفته.
الخطوة التالية
وفي ظل تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب، تجد الإدارة الأميركية نفسها مطالبة باتخاذ موقف واضح من التصعيد، وسط انقسام داخلي بين تيارات تدعو إلى التهدئة، وأخرى تضغط من أجل دعم غير مشروط لإسرائيل.
ورغم أن ترامب لم يعلن موقفا حاسما بعد الضربة، فإن محللين يرون أنه يفضّل إبقاء واشنطن في موقع المناورة من دون الانخراط المباشر في مواجهة مفتوحة مع إيران.
ويرى الغويل أن أي خطوة أميركية مقبلة ستكون محكومة باعتبارات انتخابية داخلية، حيث "يسعى ترامب إلى تجنب الغرق في نزاع جديد قد يورّطه أمام قاعدته الانتخابية التي دعمته على أساس وعود بإنهاء الحروب في المنطقة وليس الانخراط في نزاعات جديدة".
إعلانوبحسب التقديرات الأمنية، فإن أي رد إيراني مباشر أو موسّع قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم تموضعها العسكري في المنطقة، وربما نشر مزيد من التعزيزات لحماية المصالح الأميركية وقواعدها المنتشرة في الخليج والعراق وسوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج الولایات المتحدة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: التراجع عن دعم الديمقراطية يقوّض مكانة أميركا
في تحول جذري عن السياسات التقليدية للولايات المتحدة، اختارت إدارة الرئيس دونالد ترامب، بتوجيه وزير خارجيتها ماركو روبيو، إلى تقليص الدور الأميركي في دعم الديمقراطية في العالم، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
وانتقدت هيئة تحرير الصحيفة في افتتاحيتها هذا التوجه، ووصفته بأنه خطأ يقلل من أهمية الانتخابات الحرة والنزيهة في العالم باعتبارها مسألة في صميم السياسة الخارجية الأميركية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2معاريف: الأمراض النفسية للجنود وباء صامت يقوّض المجتمع الإسرائيليlist 2 of 2إعلام إسرائيلي: إسرائيل أصبحت دولة جرباء وهي تعيش انحطاطا غير مسبوقend of listوجاءت الافتتاحية تعليقا على توجيه أصدره روبيو للعاملين في وزارته في وقت سابق من الشهر الجاري، يوليو/تموز، بضرورة "تجنب إبداء الرأي بشأن نزاهة أو عدالة أو شرعية" الانتخابات التي تُجرى في الدول الأجنبية.
يأتي هذا التحول -بحسب الصحيفة- عقب خطاب ألقاه ترامب في مايو/أيار الماضي، انتقد فيه رؤساء أميركا السابقين لأنهم "كانوا يلقون المحاضرات على الآخرين في كيفية الحكم".
وقد شدد ترامب على أن وظيفته هي "الدفاع عن أميركا وتعزيز المصالح الأساسية في الاستقرار والازدهار والسلام"، وليست فرض القيم.
وأشارت هيئة تحرير واشنطن بوست إلى أن مواقف الولايات المتحدة تأرجحت بين الواقعية والمثالية، ولطالما كانت على استعداد لغض الطرف عن الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان من أجل تعزيز مصالحها الإستراتيجية.
ولفتت إلى أن روبيو نفسه كان، حتى وقت قريب، من أبرز المدافعين عن الديمقراطية، إذ دعم بقوة المعارضة في فنزويلا، وأدان القمع في هونغ كونغ، ورعى تشريعات تعزز حقوق الإنسان.
ترامب شدد على أن وظيفته هي "الدفاع عن أميركا وتعزيز المصالح الأساسية في الاستقرار والازدهار والسلام"، وليست فرض القيم
لكن الصحيفة رأت أن التوجيه الجديد يفتح الباب لتناقضات واضحة، حيث يسمح فقط بـ"استثناءات نادرة" للتعليق على الانتخابات، إذا كانت هناك "مصلحة أميركية واضحة ومقنعة".
وهنا يكمن الإشكال، فعندما يناسبهم الأمر، لا يتردد ترامب وإدارته في إلقاء المحاضرات على دول معينة -حتى وإن كانت حليفة- في كيفية العيش وإدارة شؤونها.
إعلانويرى المنتقدون أن هذا الشرط يُستغل انتقائيا لخدمة أجندات سياسية ضيقة، كما يظهر في تصريحات ترامب وروبيو الأخيرة.
فالرئيس الأميركي لم يتردد في مهاجمة رئيس البرازيل اليساري لولا دا سيلفا بسبب محاكمة سلفه جايير بولسونارو.
كما انتقد روبيو تصنيف الحكومة الألمانية لحزب يميني متطرف على أنه تهديد للديمقراطية، بل وشكك في شرعية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم أن التوجيه الرسمي يحضّ على الصمت، وفق هيئة تحرير الصحيفة.
ويحذّر المقال الافتتاحي من أن هذا الاستخدام الانتقائي للقيم يُقوّض المصداقية الأخلاقية للولايات المتحدة على الساحة الدولية.
فحين تُستخدم المبادئ بطريقة "متناقضة"، حتى المواقف المبدئية تبدو مدفوعة بمصالح سياسية، ويؤدي ذلك -بحسب الصحيفة- إلى إضعاف الثقة في التزام أميركا بالديمقراطية، ويُثبّط آمال الشعوب والحركات المؤيدة للحرية والشفافية في العالم، على حد تعبير واشنطن بوست.