كالكاليست: إسرائيل تضحي باقتصادها لصالح جبهات الأمن
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
بينما تتصدر مشاهد الصواريخ والدفاعات الجوية العناوين، وفي حين يبدو أن الشارع الإسرائيلي يلتف حول ما تصفه القيادة بـ"ضربة وقائية" ضد إيران، يُطلّ التحليل الاقتصادي بنظرة أكثر قلقا وعمقا.
ففي تقرير تحليلي نُشر في صحيفة كالكاليست المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي، قال شلومو تايتلباوم إن إسرائيل ستضطر إلى التضحية بجزء كبير من استقرارها الاقتصادي لصالح أولوياتها الأمنية، وإن موازنات 2025 و2026 ستتحمل الكلفة الحقيقية لهذه الحرب.
ومنذ الساعات الأولى ليوم الجمعة، بدأت الجهات الاقتصادية في الحكومة وبنك إسرائيل بإرسال 3 رسائل متكررة:
الدولة كانت مستعدة للهجوم من حيث ضمان الاستمرارية المؤسسية والقدرة على دفع التعويضات. الاستعداد يشمل سيناريوهات أصعب وأطول مدى. لا يمكن التنبؤ حاليا بالتأثير الاقتصادي الكلي للضربة، لأن المسار الأمني لا يزال مفتوحا.ورغم أن هذه الرسائل مفهومة في السياق السياسي، فإن كالكاليست ترى أنها لا تكفي في ظل صدمة الحدث وخطورته على الاقتصاد الإسرائيلي، وتُشير إلى أن غياب الإحاطات التفصيلية يضعف مصداقية الخطاب الرسمي.
وحده بنك إسرائيل اتخذ خطوة إضافية بإعلانه لأول مرة عن انعقاد "لجنة الاستقرار المالي"، وهو إعلان لم يحدث حتى خلال صدمة 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ما يعكس -حسب التحليل- إدراكا داخليا بأن الاقتصاد بات أمام منعطف حساس.
كلفة الحرب بدأت فعليارغم هذا الهدوء المؤقت بالأسواق، يُحذر كاتب التحليل من أن العبء الاقتصادي بدأ يتشكل بالفعل، وسينعكس بشكل صارخ في موازنة 2025، حيث يُتوقع:
ارتفاع فوري في الإنفاق الدفاعي، بسبب استدعاء الاحتياط، وتكاليف الذخيرة، وتعزيز الأنظمة الأمنية. اتساع رقعة التعويضات: وتشمل تعويضات مباشرة للسكان المتضررين، وتعويضات غير مباشرة للقطاعات المتوقفة أو المتضررة. إعادة فتح الموازنة وزيادة العجز: إذا استمرت المواجهات لأسابيع، فإن الإيرادات الضريبية ستتراجع والعجز سيتضخم.وفيما تشير التقديرات الحكومية إلى أن نسبة النمو المتوقعة في 2025 تبلغ 3.5%، فإن كالكاليست ترى أن هذه النسبة قد تكون غير واقعية إذا طال أمد الحرب وامتدت القيود على الاقتصاد الداخلي.
معضلة الاقتصاد والأمن تعود إلى الواجهةيُذكّر التقرير بما حدث في أزمة كورونا، حين واجهت الجهات الاقتصادية معضلة صعبة بين حماية الصحة العامة وضمان استمرار النشاط الاقتصادي.
إعلانويشير التقرير إلى أن الوضع اليوم قد يُفضي إلى صراع مماثل، إذ قد يضطر صناع السياسات الاقتصادية إلى الضغط من أجل تخفيف القيود الأمنية على النشاط الاقتصادي لتجنّب ركود واسع.
ويقول الكاتب "طالما أن الاقتصاد لم يعد إلى طاقته الكاملة، فإن الأضرار المتراكمة على الناتج المحلي والعجز ستكون ملموسة".
ولا يستبعد الكاتب أن تتبنّى الحكومة نماذج عمل مرنة توازن بين التحصين الأمني واستمرار العمل، لكنه يُشدد أن ذلك لن يتحقق إلا بضغط سياسي ومالي مباشر من الجهات الاقتصادية العليا.
ورغم أن البعض يتوقع أن تؤدي الضربة الإسرائيلية لإيران إلى تحقيق نصر إستراتيجي قد يسمح بتقليص ميزانية الدفاع مستقبلا -وفق وصف الصحيفة- يُحذر التحليل من أن الواقع قد يكون معكوسا تماما. وترى كالكاليست أن الحديث عن "انفراج مالي" بعد المعركة غير مضمون أبدا.
وفي ختام التحليل، يُشدد شلومو تايتلباوم على أن الأسئلة الحاسمة ليست مالية فقط، بل تتعلّق بتوقيت وكيفية إنهاء الحرب.
فكل يوم إضافي في ساحة المعركة يُكلّف الدولة أكثر، ويُقربها من حافة ضغوط اقتصادية أوسع، وفق قوله.
ويضيف "ميزانية الدولة في العامين المقبلين، ومستوى المعيشة فيها، سيتوقفان على الطريقة التي ستنتهي بها هذه الحرب، والزمن الذي ستستغرقه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
تحت عباءة طهران .. الشاباك يكشف شبكة تجسس إسرائيلية لصالح إيران
أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" اليوم الأحد عن اعتقال مواطنين إسرائيليين اثنين بتهمة التعاون مع المخابرات الإيرانية وتنفيذ مهام تجسسية معقدة تهدد الأمن القومي للدولة العبرية.
المتهمان، روي مزراحي وألموغ أتياس، وكلاهما من مدينة نيشر القريبة من حيفا، وُجها اتهامات خطيرة بعد تحقيقات أمنية استمرت أسابيع، أشرف عليها الشاباك بالتعاون مع الشرطة الإسرائيلية.
ووفقاً للبيانات التي كشفت عنها التحقيقات، فقد تمكّن الإيرانيون من تجنيدهما عبر وسطاء إلكترونيين، وتزويدهما بتعليمات مباشرة تهدف إلى جمع معلومات حساسة وتنفيذ عمليات معقدة في عمق المجتمع الإسرائيلي.
في تفاصيل القضية، أظهرت تحقيقات الشاباك أن المتهمين استخدما وسائل تواصل مشفرة بعد شراء هاتف محمول خصيصاً لهذا الغرض. لم يقتصر نشاطهما على التواصل مع عناصر المخابرات الإيرانية، بل امتد ليشمل تنفيذ مهام ميدانية دقيقة، من بينها نقل حقائب تحتوي على مواد متفجرة داخل إسرائيل، وإخفائها في مواقع مختلفة بانتظار تعليمات لاحقة.
الشاباك: اعتقال إسرائيليين بتهمة تنفيذ مهام لصالح المخابرات الإيرانية
يديعوت أحرونوت: الشاباك يعزز الحراسة على نتنياهو وعدد من الوزراء بقوة
من أبرز المهمات التي كُلّفا بها، بحسب المصادر الإسرائيلية، محاولة تثبيت كاميرات مراقبة قرب منزل وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بلدة كفار أحيم، في خطوة فُهمت على أنها جزء من مخطط لرصد تحركاته تمهيداً لاحتمالات استهداف لاحق.
تأتي هذه الحادثة ضمن سلسلة متصاعدة من محاولات إيران لاختراق الجبهة الداخلية الإسرائيلية، لا سيما بعد اندلاع الحرب الأخيرة في أكتوبر 2023، حيث سجّلت الأجهزة الأمنية أكثر من 20 حالة تجنيد إسرائيليين لصالح طهران خلال أقل من عام. وقد أشار مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي إلى أن عمليات التجنيد هذه تستهدف بالأساس فئات شبابية هشة اجتماعياً واقتصادياً، يمكن استدراجها بالمال أو عبر الشعارات الأيديولوجية المعادية للدولة.
ولم يتردد وزير الدفاع الإسرائيلي في تحميل إيران مسؤولية هذا التصعيد، مؤكداً أن بلاده ستواصل مواجهة التهديدات الإيرانية بكافة الوسائل المتاحة، سواء على الأرض أو في الساحة السيبرانية أو عبر الضربات الاستباقية. وقال كاتس إن إيران "تحاول زرع خلايا إرهابية مباشرة داخل إسرائيل"، في محاولة لإرباك الجبهة الداخلية وزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية في ذروة المواجهة الإقليمية القائمة.
وتعكس هذه الحادثة مدى تعقيد الصراع غير المعلن بين طهران وتل أبيب، والذي لم يعد مقتصراً على ساحات القتال المفتوحة، بل أصبح يدور في الظل، عبر شبكات معقدة من الجواسيس والعملاء المحليين، حيث يتشابك الأمن القومي مع قضايا المجتمع والاقتصاد وحتى الفضاء الإلكتروني، في حرب تبدو مرشحة للتصعيد أكثر في قادم الأيام.