باريس- بينما يتابع العالم الحرب بين طهران وتل أبيب، اجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بكبار مسؤولي الدفاع والمخابرات والخارجية في قصر الإليزيه، أمس الأربعاء، لمناقشة التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.

وندَّد ماكرون بضربات إسرائيل "التي تستهدف مواقع لا علاقة لها بالبرنامج النووي الإيراني"، وطالب إيران بوقف أنشطتها "المزعزعة للاستقرار"، معلنا إطلاق مبادرة أوروبية لوقف إطلاق النار.

وبعد أسبوع من اندلاع الصراع، تعكس خطوة عقد اجتماع لمجلس الدفاع والأمن في باريس حجم القلق الفرنسي والأوروبي من اتساع رقعة المواجهة وتداعيات التوترات العسكرية على الاستقرار الإقليمي والدولي.

مبادرة للحل

وكلّف الرئيس الفرنسي وزير خارجيته جان نويل بارو بإطلاق مبادرة الأيام المقبلة مع الشركاء الأوروبيين من أجل اقتراح تسوية تفاوضية صارمة لدفع عملية السلام ووقف إطلاق النار، حسب الرئاسة الفرنسية.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي جيرالد أوليفيه أنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي إلا أن يشارك في مبادرة دبلوماسية، وأنه إذا استطاع ماكرون قيادتها، فلن يتردد في ذلك بالتأكيد.

وأشار أوليفيه -في حديثه للجزيرة نت- إلى قدرة فرنسا على لعب دور عسكري أيضا، بفضل امتلاكها قوات منتشرة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، إضافة للقواعد الدائمة في جيبوتي وعدد كبير من الجنود في الأردن.

وفي كلمة خلال مؤتمر في باريس، أكد ماكرون عزم بلاده المساهمة بالدفاع عن إسرائيل ضمن الإمكانات المتاحة إذا تعرضت لهجوم انتقامي من إيران، متهما طهران بعدم الوفاء بالتزاماتها في الملف النووي.

وتعليقا على ذلك، قال أوليفيه: "صحيح أن الإسرائيليين لم يطلبوا ذلك حتى الآن، لكن فرنسا تبقى الدولة الوحيدة في أوروبا التي تمثل قوة عسكرية وانتشارا حقيقيا، وهي في حالة تأهب في المنطقة بشكل عام".

في حين قال ماكرون (يمين) إنه قدم عرضا لترامب لوقف إطلاق النار، رد الأخير بأن ماكرون يخطئ دوما (الأوروبية) موقف متناقض

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع خلال قمة مجموعة السبع، قال ماكرون إنه "قدم عرضا" للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع احتمال وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، لكن سرعان ما علّق ترامب على ذلك بالقول إن ماكرون "دائما ما يُخطئ".

إعلان

ويرى المحلل أوليفيه أن مشكلة الرئيس ماكرون الحالية هي محاولة الوجود -حرفيا- على الساحة الدولية في صراع لا يشارك فيه مباشرة، وليس له دور مباشر فيه، وموقف فرنسا يبقى متناقضا نسبيا، إن لم يكن متناقصا.

وأضاف أن "ماكرون أيّد رسميا العمل الإسرائيلي منذ البداية، غير أنه لا يدعم فكرة إسقاط النظام الإيراني الحالي، ولا يزال يفضل الحل الدبلوماسي الذي يسعى لتكون فرنسا جزءا منه أو تبادر بطرحه. ومن ثم، يجد نفسه في مأزق يبحث من خلاله عن دور في مسرحية لا علاقة له بها".

ويعتبر المتحدث أوليفيه أن صعوبة وضع ماكرون تتمثل في عدم رغبته في الظهور كداعم لتغيير النظام الإيراني، ويفضل توقف القصف، مشيرا إلى أن أسس تحقيق ذلك غير متوفرة، لأن الشرط الأول مرتبط بتخلي إيران عن أي محاولة لبناء قنبلة نووية.

فمن جهة، يقر ماكرون بشرعية الضربات الإسرائيلية على إيران ويصفها بالاستباقية، لكنه يعتقد أن إسرائيل تبالغ في قصفها، لأنها تتحول من مجرد تدمير البرنامج النووي الإيراني إلى الترويج لنوع من تغيير النظام داخل إيران، حتى لو لم يكن هذا الهدف هو المُعلن.

استخلاص الدروس

ومنذ بداية النزاع، كان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو على اتصال وثيق مع نظيريه الألماني والبريطاني (الدول الأوروبية الثلاث التي تعمل منذ سنوات على مفاوضات نووية مع إيران) بيد أنه لم يُحدَّد حتى الآن شكل هذه "المبادرة" أو طبيعتها أو الدول الأوروبية التي تعمل معها باريس.

ويعتقد الأستاذ والمحلل السياسي فيليب غيبير أن الموقف الفرنسي يستخلص الدروس من الفشل الذي قاد البلاد في ليبيا، وهزيمة الأميركيين في العراق، معتبرا أن الدبلوماسية الفرنسية تجد أن السعي لتغيير نظام أجنبي بالقوة الخارجية يؤدي حتما إلى عواقب وخيمة.

وقال غيبير -للجزيرة نت- إن باريس تحاول التعلم من أخطاء الدول الغربية في سعيها لتنصيب أنظمة موالية لها بالقوة العسكرية، "لذا يمكن القول إن موقفها واضح بشأن الصراع الإيراني الإسرائيلي".

بدوره، قال المحلل السياسي جيرالد أوليفيه إن باريس "ستدين -إذا تجرَّأت- تدخّل واشنطن المباشر في الصراع الإيراني الإسرائيلي، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد"، متوقعا استمرار الضربات الإسرائيلية وتوجيهها صوب الأهداف المرتبطة بالبرنامج الإيراني. كما لا يستبعد تواصل الضربات الإيرانية، ويتساءل في الوقت ذاته عن مدى قدرة النظام الإيراني على الصمود في مثل هذا الوضع.

وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، يُواصل الرئيس ترامب تهديداته بشن ضربات لدعم حليفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبينما تدعو الدول الأوروبية إلى ضبط النفس، يبدو أن جهودها الدبلوماسية لم تلق آذانا صاغية في واشنطن وإسرائيل حتى الآن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

ترامب ينتقد ماكرون بشدة

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، إن مغادرته المبكرة لقمة دول مجموعة السبع "لا علاقة لها" بالعمل على وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران، نافيا بذلك تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال إن ترامب قدم اقتراحا لوقف إطلاق النار.

وكتب ترامب على منصته تروث سوشال اليوم الثلاثاء بعدما غادر القمة المنعقدة في كندا عائدا إلى واشنطن:"ماكرون المحب للدعاية الشخصية، قال خطأ إنني غادرت قمة مجموعة السبع في كندا لأعود إلى واشنطن للعمل على وقف إطلاق نار بين إسرئيل وإيران. هذا خطأ! لا يملك أي فكرة عن سبب عودتي إلى واشنطن، لكن بالتأكيد لا علاقة له بوقف إطلاق نار. بل أكبر من ذلك بكثير. إيمانويل يخطئ الفهم دائما. أبقوا على السمع!".

وكان الرئيس الأمريكي دعا الإيرانيين إلى "إخلاء العاصمة طهران فورًا"، في منشور مقتضب على منصته "تروث سوشال"، دون أن يقدّم أي توضيحات إضافية حول أسباب هذه الدعوة المفاجئة.

وكتب ترامب في المنشور: "على الجميع إخلاء طهران فورًا"، ما أثار تساؤلات واسعة بين المتابعين، خصوصًا في ظل التصعيد العسكري المتواصل بين إيران وإسرائيل.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية ترامب يهدد إيران رسمياً: على الجميع المغادرة فورا صحيفة: رسائل إيرانية عبر وسطاء لوقف الهجمات واستئناف المفاوضات النووية بالفيديو: لحظة قصف إسرائيلي على مبنى التلفزيون الإيراني خلال البث المباشر الأكثر قراءة شهيدان في قصف مُسيّرة إسرائيلية بلدة شبعا جنوب لبنان مبادرة "بحبح" تُحرك المياه الراكدة في مفاوضات غزة وسط تفاؤل حذر "فتوح" يُعقّب على خطة الاحتلال لهدم أكثر من 100 منزل في مخيم جنين ترامب: إيران تشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مدير المركز الفرنسي:موقف باريس من حرب إيران وإسرائيل تحذيريٌّ متوازن.. وماكرون لا يربط أمن إسرائيل بقمع الفلسطينيين
  • يوم سادس للتصعيد الإيراني الإسرائيلي.. دعوات متبادلة للإخلاء ومفاجأة "لم تحدث"-عاجل
  • ماكرون: سندعم أي اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
  • سلطنة عمان: نكثف جهودنا لاحتواء التصعيد الإيراني الإسرائيلي
  • باريس وبرلين ولندن تحض طهران على التفاوض "بأسرع ما يمكن بدون شروط مسبقة" (مصدر دبلوماسي)
  • بعد اشتعال فتيل الحرب.. ماذا قال الرئيس الفرنسي عن محاولة تغيير النظام في إيران بالقوة؟
  • ترامب ينتقد ماكرون بشدة
  • ترامب يشن هجوما لاذعا على ماكرون بسبب تصريح وقف إطلاق النار بين إيران وإٍسرائيل
  • الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعلق على تغيير النظام في إيران بالقوة