البنك الدولي ليس كلّه شرًّا
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
خلفان الطوقي
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشا إثر إعلان مجموعة البنك الدولي عن افتتاح مكتب لها في سلطنة عمان، فمنهم كان مع هذه الخطوة، وهناك من كان ضدها، ولكل طرف أسبابه ومبرراته، فمن كان ضدها يرى أن البنك الدولي سوف يملي سياساته الاقتصادية والاجتماعية على الحكومة، وهذه السياسات سوف تكون مصدر تضييق على المواطن والمقيم، وسوف تقيده بشكل مطلق، وهذه نتيجة الصورة النمطية المرتبطة عن البنك الدولي وباقي مؤسساته مثل البنك الدولي للإنشاء والتعمير أو التنمية أو وكالة ضمان الاستثمار أو المركز الدولي لتسوية المنازعات وغيرها من الوكالات الشبيهة كصندوق النقد وغيرها.
الهدف من هذه المقالة توضيح بعض المغالطات والتعاميم عن البنك الدولي، وهل هناك ضرر من وجود مكتب له في سلطنة عمان؟ وما هي الأضرار والمكاسب من وجود مثل هذا المكتب هنا؟ المقالة سوف تكون خليطا من المعلومات لإزالة اللبس والصورة النمطية السلبية المنتشرة لدى كثير من العامة من الناس، وبعد السرد ربما سوف تتضح الصورة أكثر، والهدف ليس الجدال العقيم، وإنما توضيح الصورة ليس إلا، وأهم هذه الحقائق:
- العضوية: سلطنة عمان هي أحد أعضاء البنك الدولي، وانضمام السلطنة منذ السبعينيات.
- فروع للبنك: هناك من يروج خطورة وجود فرع للبنك في عُمان، والحقيقة أن الفرع لا يشكل خطرا أو ضغطا على أحد، وللعلم هناك فروع للبنك في عدة دول، ودول خليجية، مثل وجود مكتبين للبنك في المملكة العربية السعودية، ومكتب في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ومكتب في الدوحة في دولة قطر، ومكتب في الكويت.
- الخدمات المساندة: وجود فرع للبنك لا يعني إمكانية الاستفادة القصوى من البنك ومشوراته المالية والاقتصادية والفنية فقط، بل الاستفادة من مؤسساته التابعة له، والاستفادة لا تقف للحكومة العمانية فقط، بل تشمل القطاع الخاص أيضا.
- شبكة علاقات دولية: وجود مكتب في عُمان لا يعني بالضرورة التعامل معه مباشرة، لكن الحقيقة التي لا بد أن تكون واضحة أن المكتب لديه شبكة تجارية دولية، ويمكن للسلطنة الاستفادة القصوى من ذلك، ومن خلال هذا المكتب يمكن توفير شبكة تجارية خليجية وإقليمية وعالمية تضمن توسعة رقعة إضافية للصادرات العمانية إلى خارج عُمان، بالإضافة إلى سرعة تنمية العلاقات الحكومية مع باقي المؤسسات الدولية من خلال هذا المكتب.
- الحلول التمويلية: تعاون البنك الدولي ومؤسساته التابعة له، وقدّم التسهيلات التمويلية طويلة المدى لعدة شركات من القطاع الخاص، مثل: بنك صحار الدولي، والشركة الوطنية للتمويل، وشركة يونايتد سولار بولي سيلكون UTS لصناعة الألواح الشمسية، لذلك وجود المكتب هو للإشراف على هذه الاتفاقيات المشتركة، مع العلم بأن الحكومة لم ولن تقدم ضمانات لهذه الاتفاقيات المشتركة فيما بينهما.
- استكشاف فرص استثمارية جديدة: وخاصة مع جهاز الاستثمار العماني والصناديق التابعة له كصندوق عُمان المستقبل، والشركات الحكومية وشبه الحكومية وباقي شركات القطاع الخاص.
- التوظيف: بالرغم من ترأس غير عماني للمكتب، وهذا شيء طبيعي وذلك لأن المكتب دولي وليس عماني، ويمكن توظيف عمانيين في هذا الفرع، ولا يوجد ما يمنع ذلك، علما بأن هناك من المواطنين من تدربوا في البنك الدولي والمؤسسات التابعة له، وما زال هناك من هو مستفيد إلى الآن من البرامج التدريبية والتأهيلية (on job training) للبنك والمؤسسات التابعة له.
- المصداقية والموثوقية: وجود مكتب يتبع البنك يعطي قيمة مضافة في نظر المؤسسات الدولية والصناديق الاستثمارية العالمية، مما يؤهل السلطنة لفرص استثمارية إضافية للقطاع الخاص.
الخلاصة: سلطنة عمان هي المبادرة في الاستفادة القصوى من البنك وخدماته، ويظهر ذلك جليا منذ عام ٢٠٢٠م خاصة في الاجتماع التشاوري السنوي، والمعطيات أعلاه توضح أن الحكومة لديها النية في الاستفادة القصوى من البنك بحكم العضوية والمساهمة المالية التي تدفعها، ووجود المكتب يمكن أن يضاعف المنافع لها وللقطاع الخاص، ولمن يشكك في المضار أو الاستفادة التي ألحقها أو جلبها البنك لبعض الدول، فعليه النظر في حيثيات ومعطيات وظروف كل دولة على حدة، فلا يمكن مقارنة نموذج كوريا الجنوبية بالأرجنتين، أو نموذج الهند بزمبابوي، وقس على ذلك، بناء عليه، يمكن القول إن البنك الدولي ليس كما يشاع أو مرسوم كصورة نمطية سلبية -عند البعض- أن كله شر، إنما يعتمد علينا في كيفية المبادرة المبكرة في الاستفادة القصوى من ما ينفعنا كاستفادتنا من فرع مكتب اليونسكو أو اليونسيف أو أي منظمات عالمية لها في فروع في عُمان، والحذر مما قد يضرنا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الاستفادة القصوى من البنک الدولی سلطنة عمان التابعة له وجود مکتب هناک من مکتب فی
إقرأ أيضاً:
تقرير للبنك الأفريقي للتنمية: ليبيا على أعتاب تعافٍ اقتصادي مشروط بالإصلاح والاستقرار السياسي
تقرير للبنك الأفريقي للتنمية يرسم خارطة تعافي الاقتصاد الليبي حتى 2063
ليبيا – أصدر البنك الأفريقي للتنمية تقريرًا حول أوضاع ليبيا الاقتصادية خلال عام 2025، تضمن تحليلات شاملة لاتجاهات الاقتصاد الكلي وتوصيات مفصلة للنهوض به، تحت عنوان «تحسين رأس المال في ليبيا لخدمة تنميتها».
توقعات النمو وآفاق التعافي الاقتصادي
وأكد التقرير، الذي تابعته وترجمت أهم ما ورد فيه صحيفة المرصد، أن الاقتصاد الليبي مرشح للانتعاش بعد فترة انكماش، مع توقع نمو بنسبة 12.4% خلال عام 2025، و4% في عام 2026، مدعومًا بشكل أساسي بتحسن إنتاج النفط. وأشار إلى أن ليبيا تمتلك، رغم التحديات المستمرة، إمكانات تنموية كبيرة تستند إلى احتياجات إعادة الإعمار ووفرة الموارد الطبيعية وفرص التنويع الاقتصادي.
الاحتياجات الاستثمارية والتمويلية
وقدّر التقرير أن التحول الاقتصادي في ليبيا يتطلب استثمارات سنوية بنحو 6 مليارات و900 مليون دولار بحلول عام 2063، إضافة إلى احتياجات تمويلية سنوية عاجلة للتنمية تبلغ 39 مليارًا و300 مليون دولار بحلول عام 2030، مع ضرورة توجيه هذه الاستثمارات إلى قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة والزراعة.
قيود هيكلية واعتماد مفرط على النفط
وأوضح التقرير أن التقدم الاقتصادي لا يزال مقيدًا بالاعتماد الكبير على عائدات النفط، ومحدودية النظام الضريبي، وضعف الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن النظام المالي لا يزال في وضع متدهور يحد من تدفقات رأس المال اللازمة لدعم النمو والتنويع.
رؤية البنك الأفريقي للتنمية
ونقل التقرير عن مالين بلومبرغ، المديرة القطرية لليبيا في البنك الأفريقي للتنمية، قولها إن البنك ملتزم بدعم أجندة تنمية ليبيا رغم عدم استغلال مواردها المهمة لتحقيق نمو طويل الأمد، مثل موقعها الاستراتيجي وثرواتها الطبيعية ورأس مالها البشري. وأضافت أن استخدام الأدوات والشراكات المناسبة سيتيح ترجمة هذه الإمكانات إلى تقدم ملموس، مع التزام البنك بدعم بيئة مواتية لإعادة الإعمار والتنويع الاقتصادي وتعزيز المؤسسات والبنية التحتية.
السياسات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل
وقدم التقرير حزمة متكاملة من خيارات السياسات، دعا في المدى القصير إلى تحسين إدارة الموارد وتعزيز الشفافية، بينما ركز في المدى المتوسط على التنويع الاقتصادي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص. وعلى المدى الطويل، أوصى بتوسيع مصادر الإيرادات، وتحديث السياسات الضريبية، وتعزيز الأطر المؤسسية والقانونية.
تعبئة الموارد المحلية والإصلاح الضريبي
وأكد التقرير ضرورة تقليل الاعتماد على عائدات النفط، مع التركيز على توسيع القاعدة الضريبية وتحسين آليات التحصيل، مشيرًا إلى أن ليبيا تمتلك إمكانات كبيرة لتعبئة الموارد المحلية، إلا أن الإعفاءات الضريبية الواسعة، واتساع القطاع غير الرسمي، وفجوات البيانات، وعدم اليقين السياسي، ما زالت تعيق كفاءة توليد الإيرادات.
القطاع المالي والسياسة النقدية
وأوضح التقرير أن القطاع المالي الليبي يعاني من ضعف فرص الحصول على التمويل الرسمي ومحدودية المنتجات المالية، خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما أن غياب الميزانية الموحدة يعرقل التخطيط والتنسيق. ودعا إلى تعزيز رقابة المصرف المركزي على سوق الصرف الموازي وإدارة التضخم بسياسات نقدية مستهدفة، متوقعًا ارتفاع التضخم إلى 2.5% في 2025 و2.7% في 2026 بعد انخفاض قيمة الدينار.
الدين العام والمخاطر المناخية
وأشار التقرير إلى أن ليبيا خالية من الديون الخارجية، مع توقع انخفاض الدين المحلي من 91.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 إلى 76% بحلول 2028، محذرًا في الوقت ذاته من مخاطر غياب خطة وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية، مثل الفيضانات والجفاف والتصحر.
الاستقرار السياسي كمدخل للتنمية
وشدد التقرير على أن تسريع التنمية الاقتصادية يتطلب إعطاء أولوية للاستقرار السياسي والمصالحة الوطنية الشاملة، ووضع خارطة طريق مرحلية تركز على إجراءات استقرار عاجلة في المدى القصير، وبناء المؤسسات والتنويع في المدى المتوسط، والتنمية المستدامة والشاملة في المدى الطويل.
تنويع الاقتصاد والفرص الكامنة
ودعا التقرير إلى تشجيع التحويلات المالية وإصدار سندات للمغتربين، وتطوير سلاسل القيمة المحلية في قطاعات الزراعة والتصنيع والطاقة المتجددة، وإنشاء مناطق اقتصادية، ودعم ريادة الأعمال. كما أشار إلى امتلاك ليبيا موارد معدنية كبيرة غير مستغلة، من بينها نحو 5 مليارات طن متري من خام الحديد، وإمكانات ضخمة في الطاقة الشمسية والرياح، إضافة إلى موارد سمكية تقدر قيمتها بنحو 230 مليون دولار.
التعليم ورأس المال البشري
وأكد التقرير أن ضعف قدرة القطاع الخاص على خلق فرص العمل، وفجوة المهارات الناتجة عن اضطرابات التعليم، تشكل عوائق رئيسية أمام التنمية، داعيًا إلى تطوير المدارس، وبناء مرافق جديدة، وتوظيف معلمين مؤهلين، ومواءمة المناهج مع احتياجات سوق العمل.
إصلاحات مؤسسية شاملة
وتطرق التقرير إلى بقاء نحو 30% من النقد خارج النظام المصرفي، وضعف الاستثمار في الأسهم الخاصة، وركود سوق التأمين، مؤكدًا ضرورة إصلاح الحوكمة، وتعزيز الشفافية، وتحديث القوانين المالية، ورقمنة أنظمة الضرائب والإنفاق.
توصيات ختامية للتحول المستدام
واختتم التقرير بالتأكيد على أن تهيئة بيئة عمل مستقرة وشفافة، وتعظيم العوائد الاقتصادية من رأس المال الطبيعي عبر ممارسات مستدامة، ستدعم النمو والابتكار بقيادة القطاع الخاص وتسهم في بناء اقتصاد أخضر ومستدام.
ترجمة المرصد – خاص