صدى البلد:
2025-08-07@22:38:26 GMT

عالم أزهري: التشدد في الفتوى يضيق على الناس

تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT

أكد الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن من صور الغلو والتشدد الخطيرة أن يُفتي بعض الناس بغير علم في مسائل الدين، بدافع الخوف من الظهور بمظهر الجاهل أو بدافع ورع زائف.

التحريم دون علم

وقال “نبوي” في تصرح له: إن هناك من يُسارع إلى التحريم دون علم، ويظن أن هذا من باب الاحتياط، فيقول: "لو كان حرامًا فقد أنكرناه، وإن كان حلالًا فقد تورعنا"، وهذه أنانية في الطرح، وضررها كبير، إذ قد تُضيّق على الناس في حياتهم وتُربك أمورهم دون دليل شرعي.

وأوضح الدكتور نبوي، أن الغلو يتمثل في مجاوزة الحد، بينما الورع الحقيقي هو التزام الإنسان بنفسه دون الإنكار على غيره، مضيفًا: "الذي يتورع بحق لا يحكم على الآخرين، أما الذي يتهم الناس في نياتهم ويقسو في أحكامه، فقد جاوز حدود الورع ووقع في التشدد".

ودعا إلى تطبيق القاعدة الأصيلة: "تعلّم قبل أن تتكلم"، مؤكدًا أن هذا المنهج مطلوب في كل شؤون الحياة، لا سيما في أمور الدين، مضيفا: "لا يليق بالإنسان أن يتحدث في أمور الشريعة دون علم، مثلما لا يليق أن يتدخل في إصلاح بين متخاصمين دون معرفة التفاصيل. فكيف بمن يتحدث في دين الله؟".

أنواع البدعة

وفي معرض حديثه عن البدعة، أوضح الدكتور أحمد نبوي أن العلماء فرّقوا بين أنواع البدعة، وقالوا إنها تنقسم إلى: بدعة محرمة وغير محرمة، بدعة هدى وبدعة ضلالة، بدعة حسنة وبدعة سيئة.


وأشار إلى أن هذا التقسيم قرره جماهير علماء الأمة سلفًا وخلفًا، وأن الحديث النبوي الشريف: "كل بدعة ضلالة"، هو عام مخصوص، فليس كل ما لم يفعله النبي ﷺ بدعة محرمة.

وبيّن أن الميزان الصحيح في هذا الباب هو عرض الأمور على أصول الشريعة، فإن خالفتها فهي بدعة مذمومة، وإن وافقتها أو لم تخالفها فهي من الأمور الجائزة أو المستحسنة، وهذا لا يُقرره إلا العلماء، لأنهم الأقدر على فهم قواعد الشرع ومقاصده.

وحذر من أثر الغلو على شخصية الإنسان، قائلًا: "المتشدد غالبًا ما يصبح منفردًا ومنفّرًا، يبتعد الناس عنه، لأنه يُقسو عليهم ويتهمهم في دينهم، والنبي صلى الله عليه وسلم رغم أنه رحمة للعالمين، قال الله له: "ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك"، فكيف بغيره؟".

 الفرق بين  الغلو والورع 

وواصل: إن الغلو في الدين هو تجاوز الحد المشروع، وهو أمر نهى عنه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مستدلًا بقوله تعالى:"لا تغلوا في دينكم"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو"، مشيرًا إلى أن الغلو يشمل المغالاة في الأقوال أو الأفعال أو الأحكام، سواء في حق النفس أو في حق الآخرين.

ولفت إلى أن هناك فرقًا دقيقًا يجب فهمه بين الورع المشروع والغلو المنهي عنه، مشددًا على أن الورع الحقيقي هو ما يلزم به الإنسان نفسه فقط، دون أن يتعدى ذلك إلى الحكم على أفعال أو نيات الآخرين.

دعاء الرزق الذي لا يرد .. ردده ليلة الجمعةدعاء النبي عند الحر الشديد .. ردد هذه الكلمات النبوية للوقاية من نار جهنم

وأكمل: "الورع أن أمتنع عن أمر مباح تورعًا، دون أن أُنكر على غيري فعله أو أتهمه، أما من بالغ على نفسه وعلى الناس، فدخل في دائرة الغلو".

وأكد أن الإنكار على الغير في المسائل التي فيها سعة واختلاف معتبر بين العلماء، ليس من الورع، بل قد يوقع الإنسان في المحظور إذا ما ترتب عليه تحريم ما أحله الله أو القدح في نيات الناس أو ديانتهم، وهو أمر شديد الخطورة، مشيرًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال هلك الناس، فهو أهلكهم أو أهلكهم"، أي أنه قد يكون أهلكهم بكلامه، أو أنه أول الهالكين.

الأحوطات الفقهية

وأشار الدكتور أحمد نبوي إلى أن البعض قد يظن أن تمسكه الزائد ببعض الأحوطات الفقهية هو من باب التقوى، بينما هو في الحقيقة سلوك متشدد إذا ما ترافق مع إطلاق الأحكام على الآخرين أو ازدراء أفعالهم.

وقال: "الورع أن تقول لنفسك: لا أفعل هذا، لكن لا تحكم على من فعله إذا كان فعله في إطار المباح أو المختلف فيه شرعًا".

وختم أن الدين ليس بالتشدد وإنما بالفهم، وأن الالتزام الحقيقي لا يعني الانعزال أو إدانة المجتمع، وإنما يكون بالتوازن والرحمة واحترام تعدد الآراء الشرعية، والبعد عن الغلو الذي يؤدي إلى الانغلاق ورفض الآخر.
 

طباعة شارك أحمد نبوي التشدد التشدد في الفتوى الناس الفرق بين الغلو والورع

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أحمد نبوي التشدد الناس أحمد نبوی إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل يجوز بيع أحد أعضاء الجسد لسداد الديون المتراكمة؟.. الإفتاء تحسم الجدل

 يتداول عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي سؤال حول الحكم الشرعي في بيع أحد أعضاء الجسد لسداد ديون متراكمة عليه وذلك بعد انتشار بعض التدوينات والبوستات التي تتهم البعض بالقيام بهذا التصرف .

وفي هذا الصدد أصدرت دار الإفتاء المصرية في وقت سابق ، فتوى واضحة وصريحة تحرم بشكل قاطع بيع الأعضاء البشرية أو الاتجار بها تحت أي مسمى كان، وذلك ردا على استفسار حول جواز التبرع بفص من الكبد مقابل الحصول على أموال لسداد الديون. 

جاءت الفتوى خلال البث المباشر الذي تقوم به الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، حيث أوضح الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بالدار أن جسم الإنسان أمانة من الله تعالى ولا يجوز التصرف فيه بالبيع أو الشراء، مؤكدا أن هذا الحكم شرعي قطعي لا يقبل التأويل أو التحايل.  

دار الإفتاء تحرم انتهاك الخصوصية وتؤكد: التجسس على الناس جريمة شرعيةحكم الأرباح الناتجة عن المال المغصوب .. دار الإفتاء تجيبهل انتشار النمل والحشرات له علاقة بالحسد؟.. دار الإفتاء تجيبدار الإفتاء: الاتفاق على مبلغ «من تحت الترابيزة» في عقد الإيجار لا يجوز شرعًا

وأشار الشيخ مدوح إلى وجود فارق جوهري بين التبرع الخالص الذي يهدف إلى إنقاذ حياة الآخرين دون أي مقابل مادي، وهو أمر مشروع ومندوب إليه شرعا، وبين أخذ أي مقابل مادي ولو كان تحت مسمى "المكافأة" أو "التعويض"، حيث يتحول في هذه الحالة إلى عملية بيع محرمة لا تجوز.

 كما نبه إلى أن النوايا والمقاصد هي التي تحكم على الأفعال في الشريعة الإسلامية، وأن محاولة إخفاء عقد البيع تحت أي مسمى آخر لا تغير من حكمه الشرعي.  

وفي سياق متصل، تناول الداعية أحمد صبري إمام وخطيب وزارة الأوقاف قضية مشابهة حيث رد على سؤال إحدى السيدات التي استفسرت عن جواز بيع كلية من كليتيها لسداد ديونها وتمويل عملية جراحية لابنها المريض.

 وأكد صبري أن العلماء أجمعوا على تحريم بيع الأعضاء البشرية بأي شكل من الأشكال، لأن الإنسان ليس مالكا لجسده وإنما هو مستخلف فيه، وبالتالي لا يحق له التصرف فيه بالبيع أو الشراء.  

أما عن الحلول الشرعية الممكنة لمن يعانون من ضائقة مالية، فقد أكدت دار الإفتاء على عدة سبل منها الإكثار من الدعاء واللجوء إلى الله تعالى، والبحث عن سبل الصدقات والزكاة الشرعية، والتوجه إلى مؤسسات الإغاثة المعتمدة، مع التأكيد على أهمية الصبر والثقة بأن الله سيفتح أبواب الرزق الحلال لعباده. 

وجاءت هذه الفتوى في إطار حرص المؤسسات الدينية على الحفاظ على الضوابط الشرعية وحماية القيم الأخلاقية في المجتمع، ومنع أي شكل من أشكال الاستغلال المادي للجسد البشري الذي كرمه الله تعالى.  

واختتمت الفتوى بتحذير شديد اللهجة من أي محاولات للالتفاف على الأحكام الشرعية أو التحايل عليها تحت أي مسميات أو حجج، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية وضعت ضوابط واضحة لحماية كرامة الإنسان وحرمة جسده، وأن أي انتهاك لهذه الضوابط يعد مخالفة شرعية كبيرة.

طباعة شارك دار الإفتاء بيع الأعضاء سداد ديون حكم بيع الأعضاء

مقالات مشابهة

  • عالم بالأوقاف: الغلو في الدين ضعف إيمان وقلة علم وحب تميّز وتصدر
  • كيف أثبت التوبة في القلب؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الوسواس القهري.. أمين الفتوى: يحتاج إلى علاج طبي وروحي
  • ابتسامة صفراء تخفي وراءها الوجه القبيح !
  • كيف تلتزم بالصلاة؟..روشتة من أمين الفتوى
  • كيف أتأكد من رضا الله عني؟.. أمين الإفتاء: يُعرف من إقامة الطاعات
  • كيف أرشدنا الله إلى حزب الرحمن ؟..علي جمعة يوضح
  • هل عدم الخشوع في الصلاة أو السرحان يتطلب إعادتها .. لجنة الفتوى تجيب
  • هل يجوز بيع أحد أعضاء الجسد لسداد الديون المتراكمة؟.. الإفتاء تحسم الجدل