الكبتاغون من سوريا إلى اليمن.. تجارة المخدرات تموّل إرهاب الحوثي وتهدد أمن الإقليم
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
في ظل الانهيار الأمني والسياسي الذي تعيشه المنطقة، بدأت تظهر ملامح تحول خطير في خارطة تجارة الكبتاغون بالشرق الأوسط، مع انتقال مركز الثقل من سوريا – التي شكّلت لعقود معقلًا لإنتاج هذا المخدر – إلى اليمن، وتحديدًا في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، التي لم تتردد في استثمار هذه التجارة غير المشروعة لتمويل عملياتها الإرهابية وتوسيع نفوذها العسكري والسياسي.
بحسب تقرير تحليلي نشرته مجلة ناشيونال إنترست وأعده الباحثان ناتالي إيكانو وبريدجيت تومي، فإن سقوط نظام بشار الأسد لم يُنهِ صناعة الكبتاغون، بل أعاد رسم خارطتها. فبينما فقد "ملك الكبتاغون" في دمشق سلطته، لم يختفِ المنتج، ولا العرض، ولا الطلب. بل وجد لاعبون جدد، وعلى رأسهم الحوثيون، فرصة سانحة لملء هذا الفراغ.
الميليشيا التي تمتلك سجلًا طويلًا في تجارة "القات"، انتقلت إلى مستوى أعلى من النشاط الإجرامي، ببدء تصنيع وتهريب الكبتاغون، مستخدمة الأراضي اليمنية كمنصة إنتاج وعبور، إلى الأسواق الخليجية، خاصة السعودية، حيث تتراوح أسعار الحبة الواحدة ما بين 6 إلى 27 دولارًا.
>> الكشف عن مصنع حوثي للمخدرات.. إيران تنقُل محور "الكبتاجون" من سوريا ولبنان إلى اليمن
خلال شهر يوليو الماضي، أعلنت الحكومة اليمنية الشرعية عن ضبط أكثر من 1.5 مليون حبة كبتاغون، مصدرها مناطق يسيطر عليها الحوثيون. وتشير تقارير أمنية إلى أن الجماعة باتت تمتلك خطوط إنتاج خاصة بها، بغطاء من الحرس الثوري الإيراني، وبحماية شبكات تهريب منظمة.
وأكد اللواء مطهر الشعيبي، مدير أمن العاصمة عدن، في يونيو الماضي، أن الحوثيين أقاموا مصنعًا لإنتاج الكبتاغون داخل مناطق نفوذهم، فيما أشار وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إلى أن المشروع تم بتنسيق مباشر مع النظام الإيراني، في إطار استراتيجية تمويل بديلة تدعم عمليات الحوثي الهجومية، بما في ذلك استهداف المصالح الإقليمية والدولية.
>> الحوثيون وتجارة المخدرات.. اليمن من ساحة صراع إلى منصة تهريب عابر للحدود
تُشكل الحدود اليمنية السعودية الطويلة والمتداخلة، أحد أكبر عوامل الجذب لهذه التجارة. إذ تمكّن المهربين من الوصول إلى سوق استهلاكية ضخمة، بمردود مالي مرتفع، يُعاد ضخه في شراء الأسلحة والطائرات المسيّرة، وتمويل عمليات استهداف القواعد الأمريكية، والهجمات التي تنفذها الجماعة ضمن محور طهران ضد إسرائيل وحلفائها.
ووفقًا للمجلة، فإن هذه التجارة لا تهدد فقط الأمن المحلي، بل تندرج ضمن سياق دولي أوسع، إذ تم ضبط أكثر من 84 مليون حبة كبتاغون في إيطاليا عام 2020، وتسجيل محاولات تهريب أخرى من الشرق الأوسط إلى أوروبا وكندا والإمارات، ما يكشف مدى تشعب الشبكات الإجرامية العابرة للقارات.
مع انتقال معامل الكبتاغون إلى اليمن، دعت ناشيونال إنترست صُنّاع القرار في واشنطن إلى الانتباه إلى هذه التطورات الخطيرة. وأكدت أن تجارة الكبتاغون لم تنتهِ بخروج الأسد، بل تنتقل إلى أيدٍ جديدة – كالحوثيين – لا تقل خطرًا، بل تسعى لاستغلال العائدات المالية لتمويل الإرهاب وتهديد الاستقرار الإقليمي.
ورغم إعلان إدارة بايدن عن استراتيجية مشتركة لتفكيك شبكات الكبتاغون في سوريا، وفرض عقوبات جديدة في أكتوبر 2024، فإن التقرير يُحذر من أن الجهود تباطأت بسبب انشغال الإدارة الأمريكية بالحرب في غزة، ما سمح بظهور مراكز إنتاج جديدة في اليمن ولبنان.
وحذّر التقرير من أن غياب ردع أمريكي واضح سيتيح للحوثيين تثبيت أقدامهم في هذه التجارة، ما يحوّل اليمن إلى بؤرة إجرامية جديدة تهدد أمن الملاحة، واستقرار السعودية، وسلامة القوات الأمريكية في المنطقة.
ودعا إلى تعزيز العقوبات، وتوسيع نطاق استراتيجية "التعطيل والتفكيك" لتشمل اليمن، ومحاسبة كل من يشارك في إنتاج أو توزيع أو تمويل هذه الشبكات، سواء داخل إيران، أو في صفوف الجماعات الموالية لها، وعلى رأسها الحوثيون.
ما يجري في اليمن ليس مجرد نشاط تهريبي عابر، بل هو تحوّل إستراتيجي خطير لجماعة مسلحة تسعى لتمويل مشاريعها الإرهابية عبر تجارة المخدرات. واشنطن مطالبة بالتحرك، ليس فقط لحماية الخليج، بل لمنع وصول هذه الشبكات إلى الأراضي الأمريكية عبر بوابات أوروبا وشبكات الجريمة المنظمة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: هذه التجارة إلى الیمن
إقرأ أيضاً:
المعلمون في مواجهة الإقصاء القاتل الحوثيون ينهبون رواتب عشرات الالاف من معلمي اليمن لست سنوات ويمارسون أكبر عملية إحلال وظيفي وفق معايير طائفية وسلالية
عشرات الالاف من أسر المعلمين في اليمن يعيشون ظروفا اجتماعية قاهرة في ظل سياسات الإقصاء والقمع التي طالتهم من قبل جماعة الحوثي مؤخرا.
التقارير التعليمية تؤكد تصفية وإقصاء أكثر من 90% إجمالي المعلمين في اليمن البالغ عدد نحو 171000 معلم, إضافة إلى أنهم لم يتلقوا رواتبهم بانتظام منذ عام 2016.
وتسببت هذه السياسات إلى تراجع أعداد المعلمين ,حيث تقاعد بعضهم وبعضهم أصيبوا بأمراض وبعضهم غادروا المهنة إلى مهن أخرى بعد إصدار آليات تشريعية حوثية جديدة للتخلص من الغالبية العظمى منهم .
الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة
في ديسمبر 2024 أصدر الحوثيون تشريعا جديدا أسموه "قانون الالية الاستثنائية المؤقتة لدعم المرتبات" وهو التشريع الذي منحهم ممارسة أكبر لعمليات الابعاد والاحلال في تاريخ التعليم في اليمن، و تحول هذا التشريع إلى نكبة طالت 90% من المعلمين ولم يستفد منه سوى 10% فقط وتمثلت الاستفادة في تلقيهم نصف راتب وفق كشوفات راتب عام 2014 .
وخلال السنوات الماضية وجدت جماعة الحوثي عجزا كبيرا في قوائم المعلمين، عندها لجأت إلى الاستعانة بعشرات الالف من المعلمين الجدد للعمل كمدرسين.
وكشف الخبير التربوي محسن الدار أن "ما يقارب 60 ألف معلم ومعلمة جرى تشغيلهم تحت مسمى متطوعين، دون أن حصولهم على أدنى درجات التأمين الوظيفي أو العقود القانونية، وهو خطوة يراها الخبراء بأنها تعكس غياب الرؤية المستدامة للحوثيين تجاه مستقبل التعليم.
حوثنة التعليم والمعلم
كما كشفت المصادر أن جماعة الحوثي تستعد لمرحلة جديدة من عمليات التدمير الممنهج للتعليم في اليمن حيث بدأت القيادات الحوثية المعينة على رأس هرم وزارة التعليم خطة تفريغ القطاع من الكوادر المؤهلة وإعادة تشكيله، في سياق ما بات يُعرف محليًا بـ"حوثنة التعليم".
وهناك استعداد لتنفيذ سلسلة من الإجراءات المنهجية قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد، تهدف إنهاء خدمات آلاف المعلمين والمعلمات، لا سيما المتطوعين الذين استعانت بهم الوزارة على مدار السنوات الماضية.
وتهدف الخطوة إلى التنصل من دفع مستحقاتهم أو تثبيتهم وظيفيًا، في وقت تشهد فيه المدارس الحكومية تراجعًا حادًا في أعداد الكادر التعليمي المؤهل.
وتهدف جماعة الحوثي من ذلك إلى تنفيذ خطة إحلال واسعة لاستبدال المعلمين الرسميين والمتطوعين بآخرين تم إعدادهم مسبقًا ضمن دورات طائفية تم تأهيلهم مسبقا وتلقوا تدريبات عقائدية مكثفة، وتكليفهم بمهام التدريس في مئات المدارس بمختلف مناطق سيطرتهم.
أكبر عملية سرق للرواتب
ووفقاً لما يسمى الآلية الاستثنائية المؤقتة حصل الموظفون وفي مقدمتهم المعلمين على راتب شهر ديسمبر 2024، في حين أن آخر راتب تم صرفه لهم وفقاً للآلية القديمة كان نصف راتب شهر نوفمبر 2018،وبذلك، أسقط الحوثيون حقوق الموظفين في المرتبات المستحقة للفترة الممتدة لست سنوات، مستحوذين عليها دون أي التزام قانوني أو تعويض.
خلاصة المشهد
أفرزت السياسيات الحوثية تجاه قطاع المعلمين إلى تفاقم الوضع المعيشي لعشرات الالاف منهم والعشرات تعرضوا للاعتقال وأراغمهم على تدريس الفكر الحوثي , وكذلك ارغام الالاف المعلين والمعلومات على التدريس بالقوة دون أي عائد مالي إضافة إلى تدهور جودة التعليم ووصوله إلى مرحلة متقدمة من الهشاشة وتحول المعلم إلى أداه لتكريس الفكر الطائفي, ناهيك عن المخرجات الهشة التي لا يمكن أن تشارك في بناء وطن أو إصلاح وضع.