في واحدة من أكثر مقالاته حدّة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، رسم الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز صورة قاتمة لمستقبل إسرائيل تحت حكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية.

فالحرب المستمرة لم تعد -برأيه- دفاعا عن إسرائيل ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بل تحوّلت إلى وسيلة لبقاء نتنياهو في السلطة، على حساب أرواح المدنيين الفلسطينيين، وصورة إسرائيل الدولية، ووحدة المجتمع اليهودي نفسه.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مئات الباحثين لمجموعة هارفارد للنشر: أوقفوا الرقابة على فلسطينlist 2 of 2كيف غطى الإعلام الغربي إعلان المجاعة في غزة؟end of list

يرى فريدمان أن ما يصفه نتنياهو بـ"الخطأ المأساوي" -مثل قصف مستشفى ناصر في جنوب غزة الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا، بينهم 5 صحفيين يعملون في مؤسسات إعلامية دولية وأطباء- ليست مجرد حوادث عرضية، بل نتيجة حتمية لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي الساعية إلى إطالة أمد الحرب للهروب من محاكمته جنائيا وتثبيت تحالفه مع وزراء أقصى اليمين.

الاستيطان والتهجير

وقال إن هؤلاء الوزراء، وعلى رأسهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يسعون إلى ملء الضفة الغربية بالمستوطنات لمنع نشوء دولة فلسطينية. وأضاف أن سموتريتش يشجع في الوقت ذاته على تهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة لتمهيد الطريق أمام ضمهما لإسرائيل.

لكن المشكلة -حسب زعمه- أن إسرائيل كانت قد قضت بالفعل على القوة العسكرية لحركة حماس وقتلت معظم قادتها الذين خططوا لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعليها، من ثم، أن تلاحق قادة ميدانيين أدنى رتبة "يختبئون بين المدنيين".

وأكد فريدمان أن هناك فرقا كبيرا بين تبرير الخسائر الجانبية في سبيل استهداف قادة الصف الأول للحركة، وبين قتل عشرات المدنيين لمحاولة اغتيال نائب قائد ثانوي.

سياسات خبيثة ومخزية

ووفقا له، فإن استخدام إسرائيل جيشها لنقل مئات آلاف المدنيين الغزيين من منطقة إلى أخرى تحت ذريعة إبعادهم عن مناطق القتال، ثم جرف منازلهم، إضافة إلى التحكم المتعمد في دخول المساعدات الغذائية، لا تعدو أن تكون سياسات "خبيثة ومخزية" تهدف إلى دفع الناس نحو النزوح القسري.

إعلان

ويحذر المقال من أن هذا النهج يدفع إسرائيل لتصبح دولة منبوذة دوليا. ويستشهد الكاتب بحوادث متفرقة، مثل منع أطفال إسرائيليين من دخول متنزه في فرنسا، وخلاف دبلوماسي علني مع أستراليا، ومنع سفينة سياحية إسرائيلية من الرسو في جزيرة يونانية بسبب احتجاجات شعبية.

كل هذه المؤشرات تعكس -حسب فريدمان- حجم التدهور في صورة إسرائيل على مستوى الرأي العام العالمي، "لدرجة أن الإسرائيليين قد يفكرون مرتين قبل التحدث بالعبرية في أثناء سفرهم إلى الخارج".

ورغم أن إسرائيل تحاول تذكير العالم بأن حماس قتلت نحو 1200 شخص و"خطفت" 250 آخرين ولا تزال تحتجز بعضهم، فإن العالم -كما يقول فريدمان- بات يميز بين حرب من أجل بقاء الدولة، وحرب تخوضها حكومة نتنياهو دفاعا عن بقائه السياسي.

فريدمان: العالم لم يعد قادرا على غض الطرف، مثلما فعل لأشهر، عن الخسائر المدنية الفلسطينية الهائلة صعوبة غض الطرف

غير أن ذلك ليس السبب الوحيد، فالكاتب الأميركي يذكر سببا آخر هو أن العالم لم يعد قادرا على غض الطرف -مثلما فعل لأشهر- عن الخسائر المدنية الفلسطينية الهائلة باعتبارها ثمنا لا مفر منه لحرب تهدف -كما كان يُفترض- إلى إخراج حماس من غزة وإحلال قوة عربية بمشاركة السلطة الفلسطينية مكانها.

ولكن بعدما أعلن نتنياهو رفضه أن تُحكم غزة سواء من حركة حماس أو السلطة الفلسطينية، جعل الحرب -كما يؤكد فريدمان- تبدو بوضوح وكأنها محاولة لمدّ الاحتلال من الضفة الغربية إلى غزة، وإبقاء إسرائيل بلا شريك فلسطيني على الإطلاق.

ويمضي الكاتب إلى القول إن إسرائيل لم تعد تخسر فقط رصيدها الأخلاقي، بل أيضا حلفاءها الإقليميين والدوليين.

تمزيق وحدة اليهود

وعلى الصعيد الداخلي، يشير الكاتب إلى أن الحرب تهدد بتمزيق وحدة الجاليات اليهودية في الشتات خلال الأعياد المقبلة، بين من يرون أن الوقوف مع إسرائيل واجب أبدي، ومن لم يعودوا قادرين على تبرير أفعالها في غزة.

ويردف قائلا إن الحزب الديمقراطي الأميركي نفسه يواجه انقساما خطيرا بين جناح يخشى تحدي جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل -وهي لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)- خوفا من خسارة الدعم المالي، وجناح آخر لم يعد يحتمل السياسات الإسرائيلية التي تجرّ واشنطن إلى مواقف محرجة أمام الرأي العام العالمي.

ويختتم فريدمان مقاله بالتأكيد أن ما يحدث هو "انتحار جيوسياسي" لن يوقفه سوى تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب. غير أن الكاتب يخشى أن يكون ترامب قد وقع بدوره في فخ نتنياهو، وتخلى عن أي تسوية واقعية، مأخوذا بوهم "النصر الكامل" الذي يروّج له نتنياهو، تماما كما انساق من قبل خلف وعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات ترجمات

إقرأ أيضاً:

موقع عبري: تعقيدات المرحلة الثانية في غزة تستحوذ على لقاء نتنياهو وترامب

أفاد موقع واينت العبري، اليوم الإثنين، بأن التخطيط للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لا يزال يتبلور، حتّى لدى الإدارة الأميركية؛ إذ فعلياً لم يُحسم أي شيء بعد، مشيراً إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة صاغتا "الخطة الشاملة لإنهاء الصراع في غزة"، والمكوّنة من 21 بنداً، والتي تضمنت توافقاً واضحاً على نزع سلاح حركة حماس .

وتزعم إسرائيل، بحسب الموقع،  أنّ "قطر وتركيا، اللتين ساعدتا في الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، تعملان حالياً لإنقاذ حماس من فكرة نزع السلاح". وعلى خلفية ما تقدّم، فإنّ مسألة المرحلة الثانية ستكون عملياً الموضوع المركزي المطروح على طاولة النقاش خلال لقاء رئيس حكومة الاحتلال،  بنيامين نتنياهو ، ورئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، نهاية الشهر الجاري؛ إذ يفترض أن يحط الأول بمنتجع مارآلاغو بميامي في ولاية فلوريدا الأميركية ليُستضاف هناك، بين 28 ديسمبر/كانون الأول و1 يناير/كانون الثاني المقبل. وطبقاً لجدوله، سيلتقي نتنياهو ترامب مرتين على الأقل، إلى جانب لقاءاته المخططة مع نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، ووزير الخارجية، ماركو روبيو، ووزير الحرب، بيت هغسيث.

اقرأ أيضا/ إسرائيل ترفض مهلة العامين لنزع سلاح حمـاس وتصر على أشهر فقط

وفي الصدد، لفت الموقع إلى أنه في النقاشات مع الأميركيين، تطرح الدولتان خيارات مختلفة، مثل أن تُسلّم "حماس" أسلحتها للسلطة الفلسطينية، أو أن تنقل السلاح إلى مخزن يخضع لنوع من الإشراف والرقابة. لكن في المحصلة، يتُجنّب الوصول إلى وضع تُسلّم فيه "حماس" سلاحها، وبالتالي تنحل من دورها بوصفها جهة مؤثرة وفاعلة في القطاع. أمّا إسرائيل من جهتها، فتُصرّ على مطلبها بنزع سلاح "حماس"، فيما تشير التقديرات في تل أبيب، بحسب "واينت"، إلى أنّ هذه المسألة لن تُحسم إلا بعد لقاء نتنياهو وترامب.

وأمس الأحد، قال نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني، فريدريتش ميرز في القدس المحتلة، إنه "أنهينا تقريباً المرحلة الأولى، وتبقى لنا أسير واحد لإعادته"، في إشار إلى جثة أسير متبقية في غزة. وفي وقت لاحق، قال إنّ "ثمة مهمات لا يمكن للقوة الدولية التي ستُنصّب على غزة فعلها. وعملياً، الأمر الأساسي (نزع سلاح حماس) لا يمكنها فعله". وإلى أن تُعاد جثة آخر أسير إسرائيلي، تتعاظم الضغوط من جانب تركيا وقطر للانتقال إلى المرحلة الثانية؛ إذ بحسب المزاعم الإسرائيلية، "بهدف الحؤول دون الإعلان عن أن حماس هُزمت نهائياً، تعمل قطر وتركيا على إيجاد وضع معيّن تبقى بموجبه الحركة في غزة محتفظةً بسلاحها".

المصدر : العربي الجديد اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية إسرائيل تخصص 2.7 مليار شيكل لإقامة 17 مستوطنة جديدة بالضفة 110 أسرى فلسطينيين استشهدوا في سجون الاحتلال منذ تولي بن غفير منصبه إسرائيل ترفض مهلة العامين لنزع سلاح حماس وتصر على أشهر فقط الأكثر قراءة توغلات إسرائيلية متواصلة في ريف القنيطرة جنوبي سوريا توجيهات رئاسية - تفاصيل اتصال هاتفي بين الرئيس عباس ومحافظ طوباس صحة غزة تكشف أرقام صادمة تعكس حجم الانهيار الصحي في القطاع الرئاسة الفلسطينية تعقب على ما جرى في أريحا أمس الأحد عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: المرحلة الأولى من خطة ترامب على وشك الانتهاء وسنركز الآن على نزع سلاح غزة وتجريد حماس منه
  • لن نسمح بهذا الأمر - نتنياهو: حماس تخرق وقف إطلاق النار
  • نتنياهو: حماس تخرق وقف إطلاق النار
  • موقع عبري: تعقيدات المرحلة الثانية في غزة تستحوذ على لقاء نتنياهو وترامب
  • إسرائيل ترفض مهلة قطر وتركيا لنزع سلاح حماس
  • وهم إسرائيل الكبرى
  • وزير خارجية سوريا: إسرائيل تحتل أجزاء من أراضينا.. ونطالبها بعدم التدخل في شؤوننا
  • نتنياهو تحت الضغط
  • الرئيس الإسرائيلي يرد على طلب ترامب بالعفو عن نتنياهو 
  • خليفة ياسر أبو شباب: سنقاتل حماس إذا انسحبت إسرائيل من غزة