لم يستجب معظم سكان مدينة غزة إلى تهديدات وأوامر الاحتلال التي تحاول دفعهم للنزوح جنوبا، رغم المجازر البشعة، وعمليات القصف والتفجير الواسعة النطاق للمنازل والأحياء السكنية في جنوب وشمال وشرق المدينة المحاصرة.

وقالت بيانات رسمية، إن أكثر من مليون فلسطيني ما زالوا في مدينة غزة، "يرفضون الرضوخ لسياسة التهجير القسري والتطهير العرقي، مؤكدين صمودهم الأسطوري في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المجرمة".



وبينما تمكنت أعداد قليلة للغاية من النزوح جنوبا خشية امتداد القصف واشتداد حدته على المناطق الغربية من مين غزة ،حيث يتكدس هناك النازحون، حمل البعض أمتعتهم وقرروا السير ضد التيار عائدين إلى المدينة، رغم الأخطار والتهديدات المحدقة بها، بسبب صعوبة ظروف النزوح في مناطق الجنوب.

وفي حديث لـ"عربي21" قال سليمان حجازي، إنه نزح منذ ثلاثة أيام إلى مدينة دير البلح، بحثا عن مكان فارغ ينصب فيه أوتاد خيمته المتهالكة، إلا أنه صدم بالواقع على الأرض هناك، إذ أن الازدحام الشديد والاكتظاظ يسيطران على المشهد.


ولفت حجازي إلى أن ما تبقى من أراض فارغة في المناطق الغربية من دير البلح، إما لا تصلح للإقامة، أوحجزت مسبقا، أو معروضة للإيجار مقابل مبالغ خيالية غير متوفرة لدى معظم أهالي غزة الذين استنزفوا ماديا على مدار 23 شهرا من الحرب الوحشية، مؤكدا في الوقت نفسه أنه قرر العودة إلى منزله المدمر في غزة، لنصب خيمته مجددا على أنقاضه، قائلا: " سلمنا أمرنا إلى الله وننتظر أقداره ولطفه".

وشدد حجازي على أنه رصد حالات عودة كثيرة للنازحين من الجنوب إلى الشمال بسبب الأوضاع الكارثية في المناطق التي يزعم الاحتلال أنها آمنة جنوب القطاع، مؤكدا أن معظم جيرانه في مخيم الشاطئ غرب غزة يرفضون النزوح نحو الجنوب، و"يفضلون الموت في بيوتهم" بسبب مرارة التجارب السابقة، وكذب ادعاءات الاحتلال حول "المنطقة الآمنة".

من جهته، قال محمد الهسي، إنه قرر العودة إلى منطقة نزوحه غرب مدينة غزة، قرب الشريط الساحلي، بعد أن ضاق ذرعا في الحصول على خيمة أو مكان للنزوح فيه في منطقة مواصي خانيونس جنوب القطاع.

ولفت الهسي في حديث خاص لـ"عربي21" أنه نزح الأسبوع الماضي من بلدة جباليا مع عائلته على وقع القصف الكثيف الذي تنفذه قوات الاحتلال في البلدة، حيث تدبر أمره في منطقة تقع غرب حي الكرامة في غزة، قبل أن يقرر الذهاب إلى المناطق التي يدفع الاحتلال الناس إلى النزوح إليها جنوب القطاع".

أضاف الهسي: "ذهبت وحيدا إلى مواصي خانيونس أبحث عن مكان للنزوح فيه، على أن أقوم بنقل عائلتي لاحقا، لكني تفاجأت أن المنطقة كانت مكتظة جدا، ولا مكان لنصب الخيام، ولا يوجد خدمات هناك(..)، المنطقة عبارة عن غابة حزينة من الخيام المكتظة، والناس المتعبين بالهموم ومثقلين بالجراح والمعاناة، وعليه قررت العودة مجددا إلى غزة، والبقاء هناك مع عائلتي رغم كل المخاطر المحيطة بنا".

في سياق متصل، قالت مصادر إعلامية لـ"عربي21" إن أعداد كبيرة من المواطنين عادوا الاثنين، إلى حي الشجاعية شرق مدينة غزة، رغم القصف وحالة الدمار الواسعة التي ضربت الحي بفعل عمليات قوات الاحتلال هناك.

ولفتت المصادر إلى أن قوات الاحتلال عمدت إلى استهداف العائدين، حيث قصفت مجموعة من المواطنين في محيط مركز شرطة الشجاعية، ما أدى إلى استشهاد وجرح عدد منهم، وذلك في محاولة لمنع عودة الناس نحو المناطق التي شهدت عمليات سابقة كحي الشجاعية والزيتون ومناطق أخرى في غزة.

بدوره، قال المكتب الإعلامي الحكومي، في بيانات سابقة وصل "عربي21" نسخ منها إن جيش الاحتلال يروّج أكاذيب وادعاءات باطلة وينشر خرائط مضللة لتهجير سكان غزة والشمال قسرياً نحو الجنوب.


وشدد المكتب أن يروج له جيش الاحتلال حول وجود "مساحات شاسعة فارغة" في جنوب قطاع غزة هو ادعاء باطل يتناقض مع الحقائق الميدانية، ويمثل محاولة تضليل للرأي العام الدولي والتغطية على جريمة "التهجير القسري" واسعة النطاق، وإن هذه المزاعم تأتي ضمن حملة دعائية تستهدف كسر صمود شعبنا الفلسطيني في غزة والشمال.

وذكر أن محافظات الجنوب والوسطى في قطاع غزة مكتظة بالكامل بأكثر من مليون وربع المليون من المُهجرين قسرياً الذين فرّوا من القصف المستمر، حيث يعيشون في خيام عشوائية تفتقر لأدنى التجهيزات ولا تتوافر فيها أدنى مقومات الحياة.

وأكد أن المساحات التي أشار إليها الاحتلال، سواء في "المواصي" في خانيونس أو "مخيمات الوسطى"، هي أراضٍ محدودة غير مجهزة لاستيعاب هذا الكم الهائل من البشر، ومعظمها مزارع أو أراضٍ خاصة، وبعضها يستخدم كمناطق عازلة أو مهددة بالقصف، والاحتلال بذلك يسعى لافتعال أزمة إنسانية جديدة تضاف إلى المأساة المستمرة منذ نحو 700 يوم من الإبادة الجماعية.

وشدد على أن جريمة "التهجير القسري" الذي يفرضه الاحتلال هو جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، وهو محظور وفق المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، كونه يتم بالقوة وقسراً وتحت القصف ومن دون ضمان العودة، ويهدف إلى تفريغ محافظتي غزة والشمال من سكانها الأصليين، في إطار سياسة تطهير عرقي موثقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة الاحتلال فلسطيني النزوح العودة فلسطين غزة الاحتلال العودة النزوح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنوب القطاع مدینة غزة فی غزة على أن

إقرأ أيضاً:

العناني لراديو فرنسا الدولي: أطمح لأن أكون جسراً ثقافياً يربط الجنوب بالعالم

أكد الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار الأسبق والفائز بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، دور المنظمة بالغ الأهمية كأمانة عامة، وهو أن تكون محايدة، وألا تخدم فئة على حساب أخرى، ولا ثقافة على حساب أخرى.

وقال العناني في حوار لراديو فرنسا الدولي، إن انتخابه مديرا عاما لليونسكو إنجاز بالغ الأهمية، وتتويج لمسيرة مهنية كرسها بالكامل للتعليم، والتدريس الجامعي، والبحث العلمي، والحفاظ على التراث الثقافي، بإدارة مؤسسة كبرى تؤمن إيمانا راسخا بالاحترام المتبادل بين الثقافات، مشيرا إلى أن عدد الأصوات التي حصل عليها مسؤولية كبيرة، فهذا يعني وجود شبه إجماع بين الدول الأعضاء، مؤكدا عدم توقعه هذا العدد على الإطلاق.

وعن أولوياته أكد المدير العام الجديد لليونسكو، أنه سيقضي الأيام الـ 100 الأولى في اجتماعات فردية مع كل دولة من الدول الأعضاء، واجتماعات جماعية، واجتماعات مع شركاء اليونسكو، وأسرة الأمم المتحدة، والجهات المانحة، وشركات القطاع الخاص الكبرى، وممثلي المجتمع المدني، ومناقشات مع أسرة اليونسكو.

وقال: «أرغب حقا في بناء قدر كبير من التضافر، إنني قادم من منطقة تمثل ملتقى ثقافيا، فأنا مصري، وعربي، وإفريقي، ومتوسطي، ومواطن من الجنوب، ومواطن من العالم، أرغب حقا في أن أكون جسرا ثقافيا».

وبسؤاله عن خططه لإدارة الوضع المالي الجديد لليونسكو بعد اعتزام الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من المنظمة عام 2026 ما يترتب عليه خفض ميزانيتها بنسبة 11%، أشار العناني إلى أن لديه خبرة في هذا المجال قائلا: «لست قادم من بلد غني جدا، لقد أدرت وزارتين، السياحة والآثار، اللتين دمجتهما معا، كما عملت كثيرا مع القطاع الخاص، ومع شركات كبيرة، لحشد الأموال وتوقيع اتفاقيات شراكة مع القطاع الخاص، وبالتالي مع الدول الأعضاء، وسأواصل هذه الجهود لطمأنة الجهات المانحة الحالية لمواصلة التعاون بل ولتقديم المزيد وجذب حكومات مانحة جديدة».

وأضاف «أعتقد أن القطاع الخاص يمثل أولوية، ولكن مع الحفاظ على قيم (اليونسكو)، والتي لا ينبغي استغلالها تجاريا بشكل مفر، أعتقد أن هناك حلا وسطا يمكننا التوصل إليه مع أسرة (اليونسكو)، وأريد أن يكون لها تأثير على حياة الناس، معروف ومعترف به من قبل الناس متجاوزين بذلك الإطار الثقافي».

وعن كيفية قيام (اليونسكو) بدورها في تعزيز السلام في عالم تتزايد فيه الصراعات نوه العناني، إلى أن الطالب أو التلميذ ما دام يدرس في الكتب المدرسية أن جاره عدو له، فلن يكون هناك سلام، قائلا: «أعتقد أن هذه هي البداية، من الطفولة».

وأضاف «أعتقد أن عدم المساواة بين الناس على هذا الكوكب في التعليم والعلم يولد الكراهية، للأسف، ينتشر خطاب الكراهية بكثرة في الوقت الحالي، وأعتقد أن سبب وجود اليونسكو هو تقريب الناس بعضهم إلى بعض فالاتفاقيات الحكومية والسياسية تقرب الحكومات، بينما تقرب التربية والعلوم والثقافة والتواصل الناس بعضهم إلى بعض»

وتابع «أما دورها الثاني فهو يتمثل في الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي للمدارس والمعلمين والصحفيين ومؤسسات البحث العلمي أثناء النزاعات، ثم في مرحلة إعادة بناء النظم التعليمية والعلمية والثقافية للدول التي تمر بأزمات، وعندما أتحدث عن الأزمات، فالأمر لا يقتصر على النزاعات فحسب، بل يشمل أيضا تغير المناخ، وخاصة بالنسبة للجزر الصغيرة».

يشار إلى أن العناني قد انتخب مديرًا عاما لليونسكو، أمس الاثنين، محققا فوزا ساحقا بحصوله على 55 صوتا من أصل 58 صوتا، ليصبح عالم المصريات ووزير السياحة والآثار الأسبق، أول عربي وثاني إفريقي يرأس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.

اقرأ أيضاًخالد العناني: سأجعل اليونسكو بيتا يعبّر عن قيم مختلف الشعوب

وزير العدل يهنئ الدكتور خالد العناني لتوليه مديرًا عامًّا لـ"اليونسكو"

«قوى عاملة النواب» تهنئ الدكتور خالد العناني بفوزه برئاسة اليونسكو

مقالات مشابهة

  • 12 شهيدا في غزة والاحتلال يواصل غاراته على القطاع
  • العناني لراديو فرنسا الدولي: أطمح لأن أكون جسراً ثقافياً يربط الجنوب بالعالم
  • بسبب «زواج المثليين» .. الكنيسة الأسقفية بدولة الجنوب ترفض الاعتراف بالقيادة بـ «إنجلترا»
  • غارات ونسف منازل بغزة واستهداف نازحين في خان يونس
  • نزوح جديد في غزة.. عائلات تُقيم خياماً على شاطئ دير البلح هرباً من القصف
  • القسام وسرايا القدس توجهان ضربات موجعة للعدو في مدينة غزة
  • القسام تعلن استهدافها دبابة ميركفاه صهيونية جنوب مدينة غزة
  • الفاشر تحت القصف: مدينة محاصرة وغازات كيميائية تهدد المدنيين
  • ترامب يتحدث عن اتفاق مع نتنياهو على إنهاء القصف في غزة
  • غزة: نزوح بلا نهاية.. مئات الآلاف يتجهون جنوبًا هربًا من القصف ودون ملاذ آمن