الترويكا الأوروبية تُصعّد.. إلى أين يتجه الملف الإيراني؟
تاريخ النشر: 1st, September 2025 GMT
1 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة:
محمد صالح صدقيان
نفذّت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) تهديدها وأبلغت مجلس الأمن الدولي (الجمعة) بعدم التزام إيران بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة” (الاتفاق النووي الموقع عام 2015)، وقرّرت بالتالي اللجوء إلى الآلية المعروفة باسم “آلية الزناد” (سناب باك)، أي إعادة تفعيل آلية العقوبات الدولية في مجلس الأمن.
الطلب الأوروبي سبقه توجيه الترويكا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بداية العام الحالي تضعه في اطار ما تعتقد به من “انتهاكات” مارستها إيران تتعارض مع القرار الأممي 2231 الذي احتضن الاتفاق النووي، لكن وزارة الخارجية الإيرانية سارعت في حينه إلى توضيح الموقف للأمم المتحدة خصوصاً بعد انسحاب الجانب الأميركي من الاتفاق (2018) وتملص الأوروبيين من الايفاء بالتزاماتهم المنصوص عليها في الاتفاق بحجة الضغوط التي مارستها واشنطن والتي تمنعهم من تنفيذ القرار الأممي 2031.
ومن الواضح ان عملية تفعيل “آلية الزناد” ليست بالعمل الهين والبسيط لانها يجب ان تمر عبر لجنة تحكيمية من قبل الموقعين علی الاتفاق ومن بينهم روسيا والصين واذا ما تمت إدانة إيران عندها يتم تفعيل الآلية بصورة أتوماتيكية من دون الحاجة للتصويت من قبل أعضاء مجلس الأمن الدولي.
وبرغم طلب تفعيل “آلية الزناد”، فإن مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أوضحت أن مهلة الثلاثين يوماً تُمثل فرصة للبحث عن حلول دبلوماسية للأزمة المرتبطة بالاتفاق النووي.
وبطبيعة الحال، توعدت إيران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي في حال عودة عقوبات مجلس الأمن لكن هذه العقوبات لن تعود قبل الثامن عشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل ولربما أكثر من ذلك، بسبب الاجراءات القانونية التي يجب تمريرها في مجلس الأمن قبل القبول بالطلب الأوروبي من عدمه.
وقد طرح الأوروبيون خلال اجتماعاتهم مع إيران ضرورة العودة إلى المفاوضات مع الأميركيين مقابل عدم تفعيل “آلية الزناد”، لكن هذا الاقتراح اصطدم برفض طهران التي تنتظر استحقاق 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل لانتهاء صلاحية القرار 2231، في حين اعتبرت أن تفعيل “آلية الزناد” باتت “غير قانونية” و”غير أخلاقية”.
في ظل هذه المشهدية المعقدة، طرحت روسيا التي ستترأس مجلس الأمن الدولي بدءاً من الأول من تشرين الأول/أكتوبر القادم مبادرة باعتبارها عضو رئيسي في المجلس المذكور وعضو في المجموعة الدولية (5+1) لتمديد صلاحية القرار 2231 لمدة ستة أشهر إفساحاً في المجال لاستئناف المفاوضات مع إيران في الوقت الذي تتحدث المصادر عن أن التمديد من قبل مجلس الأمن سوف يُلغي امكانية تفعيل “آلية الزناد” علی عكس حالة تفعيلها من قبل المجموعة الأوروبية. وأعلن نائب مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانتسكي أن موسكو اقترحت في الأمم المتحدة تمديد عمل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الاتفاق النووي الإيراني. وقال للصحافيين، الأسبوع الماضي، إن روسيا والصين، كطرفين مسؤولين في خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، منحا مساحة أكبر للدبلوماسية وتوفير فرص للبحث الدبلوماسي عن حل لهذه المشكلة، مشيراً إلی أن روسيا “تعتقد أن اختيار المجتمع الدولي يجب أن يكون لصالح السلام والدبلوماسية، وليس لصالح الحرب، وهذا بالضبط ما يتعلق به مشروع قرارنا”، الذي يُمدّد صلاحية القانون حتی 18 نيسان/أبريل 2026.
هذا الأمر وإن كان ينسجم مع الرغبة الأوروبية ومع ما تقوله واشنطن بشأن المفاوضات لكنه مرهون بنتيجة التصويت من قبل مجلس الأمن الدولي؛ خصوصاً أن إيران سمحت لفرق التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفقد منشآت إيرانية، وهي خطوة تساعد الجانب الروسي على تمرير مقترحه.
وتشير المعلومات إلی أن إسرائيل تنتظر اقدام الترويكا الأوروبية على طلب تفعيل “آلية الزناد” من أجل شن هجوم جديد علی إيران بضوء أخضر أميركي كما فعلت في 12 يونيو/حزيران الماضي. لكن الجانب الإيراني المعني بهذه السردية يتحدث بفم ملآن عن رد أي اعتداء وبقدرة أكبر من تلك التي استخدمها في المرة السابقة مستفيداً من تجاربه الماضية.
وتتحدث المؤسسة العسكرية الإيرانية عن منظومة صواريخ لم تستخدم في مواجهة حزيران/يونيو الماضي هي:
-صاروخا “خورمشهر 5” و”قاسم بصير”، وهما صاروخان انشطاريان يتميزان بقدرتهما علی اختراق أنظمة الدفاع الجوي ويحملان رؤوساً حربية قوية ودقة عالية في إصابة الأهداف.
-صاروخ رستاخيز، الذي أسمته وسائل الإعلام العبرية “يوم القيامة”، وهو صاروخ غامض لن تتحدث عنه طهران كثيراً لكن مصادر مطلعة قالت إنه صاروخ باليستي ضخم قادر علی حمل رأس حربي كبير، وفي حال بلوغه الهدف المحدد في العمق الإسرائيلي “فإنه قادر على تغيير موازين القوی في الشرق الأوسط”.
-صاروخ جاسك 2، وهو صاروخ بحر أرض لم يستخدم سابقاً.
والجدير ذكره أن المناورات الأخيرة للجيش الإيراني اختبرت المُسيّرة “باور 5” التي تُطلق من قطع بحرية بهدف ضرب أهداف بحرية بعمق 400 كيلومتر.
عملياً، تبقی الكرة في الملعب الأميركي. واشنطن قادرة على الإجابة بـ”نعم” أو “لا” علی مخاطر هذا التصعيد أو القبول بالعودة إلى المفاوضات علی قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل ومعادلة “رابح/ رابح”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الترویکا الأوروبیة مجلس الأمن الدولی الاتفاق النووی آلیة الزناد من قبل
إقرأ أيضاً:
إيران تؤكد عدم استئناف المفاوضات النووية مع أوروبا
صراحة نيوز-أكدت إيران الاثنين أنها لا تعتزم “في هذه المرحلة” استئناف المباحثات مع الدول الأوروبية بشأن ملفها النووي، بعدما أعاد مجلس الأمن الدولي فرض العقوبات الأممية عليها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي “لا خطط لدينا لمفاوضات في هذه المرحلة. تركيزنا الحالي ينصب على دراسة تبعات وتداعيات الخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة”.
وأعاد مجلس الأمن فرض العقوبات على طهران أواخر أيلول، بعد تفعيل فرنسا وبريطانيا وفرنسا “آلية الزناد” الواردة في اتفاق العام 2015 النووي، على خلفية عدم التزامها بمندرجاته عقب الانسحاب الأميركي الأحادي منه في 2018.