في مرحلة دقيقة يشهد فيها الاقتصاد العالمي والإقليمي تحولات متسارعة، تواصل الدولة المصرية جهودها لإرساء أسس نموذج تنموي أكثر شمولا واستدامة. 

وتأتي إطلاق "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" كخطوة استراتيجية تهدف إلى بناء رؤية موحدة توجه السياسات الاقتصادية للدولة خلال المرحلة المقبلة، وتضع خارطة طريق واضحة للنمو والتشغيل، في إطار متكامل يجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن  إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يمثل خطوة بالغة الأهمية في هذه المرحلة، لأنه يضع إطارا جامعا وواضحا لأولويات الدولة الاقتصادية.

وأضاف الإدريسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية يمنح المستثمرين والمواطنين رؤية شاملة تجاه المستقبل، وتعد أهمية هذه السردية أنها بمثابة "عقد اجتماعي جديد" بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، فهي تحدد المسار الذي ستسير عليه السياسات خلال السنوات المقبلة.

وأشار الإدريسي، إلى أنه ما يميز هذه السردية أنها لا تقتصر على معالجة التحديات المالية والنقدية، بل تتجاوزها لتؤكد على التنمية الشاملة، من خلال التركيز على الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، بما يفتح المجال أمام زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات وتعظيم الصادرات. 

وتابع: "وتقلل من حالة عدم اليقين التي قد تعرقل الاستثمار أو تضعف ثقة المواطن في جدوى الإصلاحات، كما أن من بين مميزاتها أنها تعطي مساحة أكبر للقطاع الخاص ليكون شريكا رئيسيا في النمو، مع وجود التزام حكومي بتبسيط الإجراءات وتحسين مناخ الاستثمار".

واختتم: "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية كذلك توفر مرجعية موحدة لجميع مؤسسات الدولة، بحيث تصبح البرامج والمبادرات متكاملة وليست متفرقة، وهو ما يعزز الكفاءة ويضمن حسن استغلال الموارد، والأهم أنها تربط بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يشعر المواطن بأن تحسين معيشته وفرص العمل المتاحة له جزء أساسي من عملية التنمية، وليس مجرد نتيجة جانبية لها".

وانطلقت اليوم الأحد، فعاليات الإعلان الرسمي عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية في العاصمة الإدارية الجديدة، برعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وبحضور عدد من الوزراء وكبار ممثلي الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص.

ويعد هذا الحدث خطوة أولى نحو فتح حوار مجتمعي موسع حول محاور السردية، بمشاركة الخبراء والمتخصصين من مختلف المجالات، بهدف الوصول إلى توافق وطني واسع بشأن التوجهات الاقتصادية الكبرى للدولة، والتحديات القائمة، والفرص المتاحة لتعزيز النمو وتحسين جودة حياة المواطنين.

شراكة واسعة لتحقيق التوازن التنموي

وتولت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي مهمة إعداد السردية الوطنية، بالتعاون الوثيق مع كافة الأطراف المعنية، من وزارات وهيئات حكومية، بالإضافة إلى ممثلي القطاع الخاص، بهدف بلورة تصور متكامل يراعي التحديات الاقتصادية الراهنة، ويُعزز من فرص النمو المستدام.

وقد ارتكز إعداد السردية على نهج تشاركي، يضمن اتساق السياسات وتكامل الأدوار، مع التركيز على إحداث توازن دقيق بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واستغلال الموارد الوطنية بكفاءة لتحقيق تنمية أكثر شمولا وعدالة.

أهداف السردية الوطنية ومحاورها الأساسية

وتحدد السردية الوطنية مجموعة من الأهداف المحورية التي تمثل الأساس الذي تقوم عليه الرؤية الاستراتيجية للدولة المصرية للنمو الاقتصادي المستدام، وتشمل:

 - تحفيز النمو الاقتصادي المستدام وزيادة معدل الناتج المحلي الإجمالي.

 - توسيع قاعدة فرص العمل ورفع معدلات التشغيل، لا سيما بين الشباب والنساء.

 - تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتحسين بيئة الأعمال.

 - توجيه الموارد نحو القطاعات الإنتاجية، خاصة الصناعة والزراعة والتكنولوجيا.

 - معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المصري.

تعزيز التنافسية والابتكار.

 - دمج البعد البيئي في السياسات التنموية، تحقيقا لأهداف التنمية المستدامة.

الفصول الرئيسية للسردية الوطنية

وتتضمن وثيقة السردية خمسة فصول رئيسية، تمثل الركائز الأساسية للسياسات الاقتصادية المقترحة، وهي:

 - استقرار الاقتصاد الكلي
يهدف هذا الفصل إلى تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، باعتباره شرطا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة وبناء الثقة في الاقتصاد المصري.

 - الاستثمار الأجنبي المباشر
يركز على زيادة قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية النوعية، وتوفير بيئة محفزة لتحقيق التنمية الشاملة وخلق فرص العمل.

 - التنمية الصناعية والتجارة الخارجية
ويسعى هذا المحور إلى تطوير القطاعات الإنتاجية، وتوسيع القاعدة الصناعية، مع دعم التصدير والانفتاح على الأسواق العالمية.

 - كفاءة ومرونة سوق العمل
يتناول السعي إلى تطوير سوق العمل من خلال برامج التدريب، والتعليم الفني، ورفع كفاءة الموارد البشرية لتلبية احتياجات النمو.

 - التخطيط الإقليمي لتوطين التنمية الاقتصادية
يستهدف تعزيز التنمية المتوازنة في مختلف المحافظات، من خلال دعم المشروعات الإقليمية وتمكين المجتمعات المحلية اقتصاديا.

 - نحو اقتصاد أكثر مرونة واستدامة

تشكل السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية مرجعية موحدة للسياسات الاقتصادية، تسهم في توجيه جهود الدولة نحو أهداف تنموية طموحة، من خلال تعزيز التنسيق بين الجهات المختلفة، وتكامل البرامج والمبادرات. 

ويمثل هذا الإطار خطوة حاسمة نحو تحقيق رؤية مصر المستقبلية لاقتصاد أكثر تنوعا ومرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية.

خبير: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية خريطة طريق تعزز الشراكة مع القطاع الخاصرئيس الوزراء يتابع استعدادات إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية

والجدير بالذكر، أن الطموح من وراء هذه السردية ليس فقط تحقيق أرقام نمو مرتفعة، بل بناء اقتصاد يخدم الإنسان، ويوفر له فرصا عادلة، ويحقق استدامة حقيقية تراعي الأجيال القادمة.

الحكومة تستعرض الاستعدادات النهائية لإطلاق "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية"برلماني: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية خارطة طريق لتحقيق النمو والتشغيل طباعة شارك السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التنمية الاقتصادية الاقتصاد الوطني مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي القطاع الخاص القطاع العام

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التنمية الاقتصادية الاقتصاد الوطني مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي القطاع الخاص القطاع العام السردیة الوطنیة للتنمیة الاقتصادیة القطاع الخاص من خلال

إقرأ أيضاً:

أتش اس بي سي: ثقة عُمان الاقتصادية تنبع من أساسيات متينة

مسقط - الرؤية

استضاف بنك HSBC في سلطنة عُمان أولى جولات منتدى كبار خبراء HSBC الاقتصاديين في مسقط حيث ضم قادة الأعمال وصناع السياسات وكبار العملاء لمناقشة التوجهات الاقتصادية الكلية والتوقعات المستقبلية لسلطنة عُمان ولمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي عموماً.

ولقد تركزت جولات هذا المنتدى العالمي المتنقل لخبراء HSBC الاقتصاديين، الذي يُعقد في الأسواق التي يعمل فيها البنك، على تسليط الضوء على التطورات الاقتصادية التي تشهدها سلطنة عُمان، حيث قدم الاقتصاديين من HSBC وجهات نظرهم العالمية حول توقعات النمو الاقتصادي ومرونة السياسات والبيئة الاستثمارية على المستوى الإقليمي .

هذا وتواصل سلطنة عُمان تميزها على مستوى المنطقة، بفضل انضباطها المالي المستمر، وقوة النمو في القطاعات غير النفطية، وبرامجها الطموحة للتنويع الاقتصادي، مما يُسهم في دفع عجلة الزخم الاقتصادي للسلطنة.

ووفقاً للتقارير التي صدرت مؤخراً عن وزارة المالية وصندوق النقد الدولي، فإنه من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي لسلطنة عُمان بنسبة ٢.٥٪ في عام ٢٠٢٥، مدفوعاًُ بالاستثمار في قطاعات التصنيع والبناء والخدمات. كما أن الموقف المالي الحذر الذي تنتهجه السلطنة مع توقع بقاء سعر النفط ضمن نطاق 60 دولار أمريكي للبرميل، من شأنه أن يدعم تحقيق الاستقرار المالي للسلطنة ويضمن لها المرونة في ظل التقلبات العالمية.

وتعليقاً على ذلك، صرح إيلي الأسمر، الرئيس التنفيذي لبنك HSBC في عُمان قائلاً: "يستمر بنك HSBC بالتعاون مع الجهات المعنية والمؤسسات العُمانية من خلال لعب دور بارز في تقديم الدعم لمسيرة التحول الاقتصادي التي تشهدها السلطنة. ولا يقتصر دورنا هذا على تقديم الخدمات المصرفية وحسب، بل يركز أيضاً على فتح آفاق جديدة من خلال تقديم رؤى وخبرات عالمية وتوفير فرص النمو المتبادلة مع الاسواق العالمية من خلال شبكة HSBC  الدولية. ومع رغبة السلطنة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإن آفاق الرخاء المستدام تبدو أكثر إشراقاً من أي وقت مضى."

وقال سايمون ويليامز، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى HSBC لمنطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا: "يأتي التقدم الذي تحققه سلطنة عمان من وضوح الأهداف والسياسات الثابتة التي تنتهجها السلطنة. كما إكتسب النشاط الاستثماري في سلطنة عمان زخما قويا هذا العام ومع معدل يقارب 190% من الناتج الاجمالي المحلي، فإن حجم المشاريع المخطط العمل عليها الآن يعتبر الاعلى بمعدل الضعف نسيباً من اي سوق آخر في المنطقة."

هذا ويتم تشكيل مستقبل عُمان الاقتصادي بفضل السياسةً الثاقبةً التي تنتهجها السلطنة، وجهودها الرامية إلى تعزيز الابتكار وإيجاد الأسس القوية لتحقيق النمو المستدام. وسيواصل بنك HSBC التزامه الراسخ تجاه دعم طموحات الدولة، وسيعمل عن كثب مع الشركات العالمية الأجنبية والمؤسسات العُمانية ممن لديها تركيز وتوجهات لتوسيع نطاق أعمالها وعلاقاتها على المستوى الدولي، وذلك من خلال توفير المعرفة والخبرة والحلول المالية لتمكين العملاء من تحقيق النجاح في ظل بيئة عالمية دائمة التغير.

 

مقالات مشابهة

  • بنك مسقط يحتفى بـ"اليوم الوطني" مؤكدا مساهمته في تعزيز التنمية الاقتصادية
  • الاستثمار السعودي الأمريكي يتجاوز 575 مليار دولار لتعزيز الشراكة الاقتصادية
  • مركز الحد من المخاطر البحرية يعرض رؤية متكاملة للتنمية المستدامة للاقتصاد الأزرق للدول الساحلية باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • أتش اس بي سي: ثقة عُمان الاقتصادية تنبع من أساسيات متينة
  • مثير للسخط: مسودة كوب 30 تحذف ذكر الوقود الأحفوري رغم الدعوات لخارطة طريق للانتقال
  • علاج الصداع الشديد بـ 4 زيوت طبيعية .. اكتشفها
  • عجال يطلق ورقة طريق لتعزيز التنمية الطاقوية والاجتماعية في الولايات 11 المستحدثة
  • جمعية سند تؤكد دعمها لتوثيق السردية الوطنية الأردنية وحفظ إرث الثورة العربية الكبرى
  • مدبولي: 3 مليارات دولار سنويًا تقديرات دخل مشروع محطة الضبعة النووية.. تطوير المشاريع حول القناة لتكون مصدرًا للإيرادات ورافدًا قويًا للاقتصاد
  • مؤسسة الطاقة الحيوية للتنمية المستدامة تعقد الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية لعام 2026/2025