يمانيون:
2025-11-21@15:07:17 GMT

غزّة .. بين مطر الشتاء ووعد السماء

تاريخ النشر: 21st, November 2025 GMT

غزّة .. بين مطر الشتاء ووعد السماء

لم يكن الشتاء مجرّد تبدّل في الفصول فوق غزّة؛ بل كان امتحانًا جديدًا تتجلّى فيه سنّة الابتلاء التي تحدّث عنها القرآن، حين تشتدّ المحن لتكشف خبايا القلوب، وتُظهر المواقف كما هي دون أقنعة، فالمطر الذي ينزل على كل الأرض، نزل على غزة بوجهٍ آخر: مطرٌ يطرق خيامًا بلا جدران، ويهوي فوق بقايا منازل لم يُسمح لها بأن تُبعث من تحت الركام، وبردٌ يلامس أجساد أطفالٍ لم يجدوا إلا العراء.

يمانيون / كتابات / وفاء الكبسي

 

في تلك الليالي العاصفة، تشعر غزة وكأنها تقف على حدّ آيةٍ من كتاب الله:
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ…﴾
فالخوفُ حاضر، والجوعُ حاضر، ونقصُ الأمن والمال والبيوت حاضر… لكن معها أيضًا يقينٌ لا ينكسر، يمتدّ في جذور الأرض كما تمتدّ بقايا الزيتون تحت الركام.

وحده الإنسان الفلسطيني يمضي في مسيره، يحمل على كتفيه ما لا تحمله الجبال، ويقف بإرادةٍ تصنعها العقيدة لا الظروف.
ففي كل خيمةٍ تُقتلع، تُولد أخرى من روحٍ لا تُهزم، وفي كل ركامٍ يعلو، ترتفع عزيمةٌ تُذكّر بأنّ الشعوب قد تنهك… لكنها لا تستسلم.

ومع ذلك، يبقى هناك سؤالًا مطروحًا على الساحة العربية:
كيف تحوّلت غزة، بكل ما فيها من دماء ودموع وصبر، إلى ملفّ يُدار في غرف مغلقة، بينما تُفتح الأبواب على مصاريعها لوفودٍ تشدّ الرحال إلى واشنطن في مواسم التبعية الجديدة؟
مشهد الهرولة السياسية نحو البيت الأبيض ليس مشهدًا عابرًا، بل انعكاس لمعادلة يريدها الغرب واضحة:
أمنُ الكيان المؤقّت أولًا،
ومشاريع إعادة الهندسة الإقليمية ثانيًا،
وتحويل بعض العواصم العربية إلى أدوات تنفيذ ثالثًا.

وما يجري اليوم من محاولات لفرض خرائط جديدة، أو إعادة تشكيل التحالفات، ليس إلا جزءًا من مسار طويل يسعى إلى خنق أي صوت مقاوم، وتجفيف الوعي، ومنع تحوّل الشعوب إلى قوى فاعلة.
لكنّ هذه الحسابات، مهما بدت دقيقة، تغفل سنةً مذكورة بوضوح في القرآن:
﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾
وأنّ الظلم حين يبلغ ذروته، يبدأ أفوله.

في اليمن، يتجلّى هذا الفهم بوضوح أكبر.
شعبٌ حوصر وقُصف، ثم نهض أكثر رسوخًا في موقفه تجاه فلسطين، وكأنّ الجراح التي أصابته لم تزدْه إلا بصيرةً.
فقد تعلّم اليمنيون أن القضايا العادلة لا تُقاس بالجغرافيا، بل بالحق، وأنّ الأمة التي تتخلّى عن فلسطين تتخلّى عن نفسها قبل أن تتخلّى عن قضيتها.

لذلك، لا غرابة أن يصبح الموقف اليمني مصدر قلقٍ لدى القوى الكبرى؛ فمجرّد وجود شعبٍ ما يزال يؤمن بالآيات التي تُذكّر بوعد المستضعفين، يشكّل تهديدًا لمشاريع التطويع ومسارات الاستسلام.

وما بين غزة المحاصرة واليمن الصامد، يمتدّ خيط واحد: خيط الوعي.
وعيٌ يرى أنّ ما يحدث ليس فصلًا من فصول السياسة، بل جزءٌ من معركةٍ أوسع بين مشروعٍ يريد للأمة أن تسقط، ومشروعٍ يريد لها أن تنهض.

وإذا كان البرد قد اشتدّ، والمطر قد أغرق الخيام، والليل قد طال.. فإنّ القرآن يعلّمنا أن الفجر لا يتأخّر، وأنّ النصر لا يأتي وفق توقيت القوى العظمى، بل وفق وعدٍ إلهيّ ثابت لا يخلف:
﴿حَتَّىٰ إِذَا ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ قَدْ أُحِيطَ بِهِمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ﴾.

غزة اليوم ليست مأساةً تُروى، بل شاهدًا على خذلان الشعوب الإسلامية، وموت ضمير العالم.
وشتاء غزة، مهما قسا، ليس إلا مقدّمة لنهاية مأساة وفرج قريب تعرفه القلوب قبل أن تراه العيون، لمن ظنّ أنّ الحرب قدرًا أبديًا، وتُكتب فيه البداية لمن آمن بأنّ الصبر طريق، وأنّ الدمّ لا يبقى بلا ثمرة، وأنّ الأرض التي تعمّدها الشهداء لا تموت، وأن البلاء كلما أشتد فالوعد كان أقرب.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

في 3 مواقع مختلفة.. تفاصيل رصد وتصوير مركبة فضائية من السماء العربية

في إنجاز علمي جديد، نجح مرصد الختم الفلكي التابع لمركز الفلك الدولي في تصوير المركبة الفضائية المعروفة باسم (ESCAPADE). 

حدث هذا بعد ساعات من انفصال المركبة عن الصاروخ الذي حملها من الأرض، حيث تم تحديد موقع المركبة في السماء والتقاط عدة صور لها بالرغم من التحديات التي يمثلها هذا النوع من الرصد.

جسم غامض يقترب من الأرض.. إشارة راديوية تربك علماء الفلكقمر البرد العملاق.. ظاهرة فلكية تضيء سماء ديسمبر | متي تشاهده ؟دراسة تهز علم الفلك الحديث .. هل بدأ الكون في التباطؤ؟ملك الخسوفات.. أندر ظاهرة فلكية حتى عام 2044| أين تظهر؟زلزال مرسي مطروح.. معهد الفلك يكشف تفاصيل الهزة الأرضيةبآلاف الدولارات .. أسعار فلكية لفساتين الفنانات في مهرجان الجونة 2025تفاصيل رصد المركبة الفضائية 

تعتبر عملية تصوير المركبات الفضائية معقدة وصعبة، وذلك بسبب السرعة العالية للمركبة ودرجة خفوتها. ووفقًا للمعطيات، كانت المركبة تتلألأ في السماء بدرجة سطوع تقدر بـ18، وكانت تسير بسرعة تعادل ثلاث دقائق قوسية في الدقيقة. 

هذا يعني أنها تتحرك مسافة تعادل قطر القمر في عشر دقائق فقط، مما يجعل من الضروري تقليل زمن التصوير حتى لا تُلتقط على شكل خط بدلاً من نقطة.

استمر المرصد في رصد المركبة في ثلاثة مواقع مختلفة خلال فترة عشرين دقيقة، من الساعة 04:55 إلى 05:14 بتوقيت الإمارات. تمت قياسات فلكية دقيقة تم إرسالها إلى مركز الكويكبات الصغيرة التابع للاتحاد الفلكي الدولي، بالإضافة إلى عالم متخصص في الولايات المتحدة مهتم بتحديد مسارات الأجرام السماوية. تعتبر مثل هذه الأرصاد ضرورية للتأكد من جاهزية المراصد للتعامل مع الأحداث الفلكية الطارئة.

على الرغم من أن المسار الحالي للمركبة معروف للجميع، إلا أن هناك دولًا لا تكشف عن مسارات صواريخها ومركباتها، مما يشكل خطرًا على الأقمار الصناعية الأخرى. تتواجد فرق متخصصة في وكالات الفضاء العالمية لمتابعة الأجرام الفضائية لأغراض متعددة، سواء للأغراض العسكرية أو لضمان السلامة العامة.

ما دور المركبة ESCAPADE؟

سُميت المركبة ESCAPADE، اختصارًا لـ "Escape and Plasma Acceleration and Dynamics Explorers"، وهي تتكون من مركبتين فضائيتين توأم. تم إطلاقهما في 13 نوفمبر 2025، بواسطة صاروخ من شركة بلو أوريجن. المهمة مصممة بتكلفة منخفضة، تقل عن 80 مليون دولار، بهدف جمع بيانات حول طقس الفضاء.

بعد وصول المركبتين إلى نقطة L2 بين الأرض والشمس، ستبقيان هناك حوالي عام لجمع البيانات. ومن المتوقع أن ينطلق محرك المركبة في نوفمبر 2026 نحو كوكب المريخ، حيث ستبدأ مهمة علمية معقدة تتعلق بدراسة الغلاف الأيوني للمريخ.

حددت الأهداف العلمية للمهمة في عدة نقاط رئيسية:

فهم العمليات التي تتحكم في بنية الغلاف المغناطيسي الهجين للمريخ وتأثيرها على تدفق الأيونات.

دراسة كيفية نقل الطاقة والزخم من الرياح الشمسية عبر الغلاف المغناطيسي للمريخ.

تحليل العمليات التي تتحكم في تدفق الطاقة والمادة من وإلى الغلاف الجوي للمريخ.

تعتبر هذه المهمة خطوة مهمة في مجال الأبحاث الفضائية، وتظهر قدرة المراصد على التعامل مع الأحداث الفلكية المتنوعة، مما يسهم في تعزيز تقدم العلم والمعرفة في مجالات الفلك والفضاء.

طباعة شارك مركبة فضائية رصد مركبة فضائية رصد مركبة فضائية من السماء العربية المركبة ESCAPADE مركز الختم الفلكي

مقالات مشابهة

  • فلكية جدة: أورانوس يصل الليلة إلى أقرب نقطة من الأرض تناسب الرصد
  • بعد الهدم والنزوح: نازحو طولكرم يعلقون بين المدرسة ووعد العودة
  • فارتقي هام السماء.. واملئي الكون الضياء
  • غزة.. الحجّـة القائمة على الشعوب
  • إشعال الحروب وتدمير الشعوب
  • إسرائيل وصراع السرديات مع العرب
  • في 3 مواقع مختلفة.. تفاصيل رصد وتصوير مركبة فضائية من السماء العربية
  • ما بعد MQ-9 العاجزة.. سيارات العملاء
  • شبكات يتناول قرار مجلس الأمن بشأن غزة ووعد ترامب بشأن مونديال 2026