لجريدة عمان:
2025-10-07@23:20:26 GMT

إفريقيا بحاجة إلى اتفاقية ديون تُكافِئ الإصلاح

تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT

ترجمة: قاسم مكي

الياس موسى دوالِه - نزيوكا وايتا

دَيْن إفريقيا ليس فريدا في ارتفاعه، إنه فريد في تكلفته الباهظة. فعلى الرغم من أن مُعَدَّلات الدَّيْن إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلدان الإفريقية أقل كثيرا من معدلاته في بلدان مجموعة السبع مرتفعةِ الدخل (67% في المتوسط مقارنة بحوالي 126%) إلا أنها تواجه تكاليف فائدة أعلى بأربعة إلى خمسة أضعاف قياسا إلى الإيرادات الحكومية.

نتيجة لذلك تنفق الحكومات الإفريقية في المتوسط 18% من كل الإيرادات في خدمة الفائدة لوحدها، وفي بعض البلدان يرتفع هذا الرقم إلى دولار بين كل أربعة دولارات من حصيلة الضريبة.

تخيَّل إذا كان ربعُ دخلِك العائلي يذهب مباشرة إلى الدائنين فقط لتغطية الفائدة ودون اقتطاع سنت من أصل الدين، كم سيتبقى لك بعد ذلك لإنفاقه على الأشياء المهمة كشراء الملابس أو إجراء إصلاحات منزلية؟ وكما هي حال مع العائلات كذلك الحال بالنسبة للبلدان؛ فتكاليف الفائدة المنخفضة تعني توافر المزيد من المال لإنفاقه في المدارس والمشافي والموانئ والطاقة النظيفة والبنية التحتية الرقمية وتحديث الزراعة.

النظام المالي العالمي الذي تشكَّل عبر أنشطة البنوك والمستثمرين ووكالات تصنيف الائتمان يحبس البلدان الإفريقية في «دورة تصوُّر سلبي لمخاطر استدانتها». تبدأ هذه الدورة بتقييم سلبي من هؤلاء الفاعلين (البنوك والمستثمرين والوكالات) للبلدان الإفريقية يعتبرها عالية المخاطر، يقود ذلك إلى فرض أسعار فائدة أعلى.

وهذا بدوره يَحِدُّ من قدرة الحكومات الإفريقية على الاستثمار في المهارات والتنمية الاقتصادية، وفي ذات الوقت تصارع الشركات المحلية مع تكاليف الاقتراض المرتفعة التي تزيد من صعوبة الاستثمار والقدرة على المنافسة. والنتيجة هي ضعف الاقتصادات وقلة الوظائف وبطء النمو. هذه كلها أوضاع تُضعِف الإيرادات الضريبية وتزيد من عجز الحكومات عن سداد الديون. وهكذا يتعزز التصور الأصلي والسلبي لمخاطر إقراض البلدان الإفريقية، وتستمر الدورة.

لكن لا يمكن أن يظل الوضع هكذا.. إفريقيا بحاجة إلى اتفاقية ديون جديدة الآن. حول القارة، تسعى الحكومات جاهدة لتغيير الاقتصادات «بِرَقْمَنَة» الأنظمة الضريبية والاستثمار في التعليم وإصلاح إجراءات المشتريات وتحديث المؤسسات المالية لتحسين التوقعات الاقتصادية للناس وتحقيق نمو أكثر استدامة.

لكن هذه الجهود تُحبَط ليس بانعدام الطموح والانضباط أو الرؤية ولكن بالقبضة الخانقة لنظام مالي غير عادل يُصدِر اللاعبون الرئيسيون فيه أحكاما قاسية ويرون المخاطرَ على الرغم من وجود الإصلاحات وعدمَ الاستقرار قبل الفرص والتكلفةَ قبل الثقة.

لا تبحث الحكومات الإفريقية عن إنقاذ مالي، ولا تطلب من العالم تجاهل مواضع القصور في اقتصاداتها. إنها تريد نظاما يكافئ الإصلاح ويدعم الحوكمة الجيدة ويضمن للحكومات التي تتعهد باستيفاء شروط الاقتراض الحصول على رأس المال عند أسعار فائدة معقولة. نحن ندعو فقط إلى مثل هذا النظام.

نحن نقترح قيام المجتمع الدولي بعمل مشترك لإيجاد آلية مالية جديدة بقيمة 100 بليون دولار لمبادلة الديون وضمانها وإعادة تمويلها، وعلى نحو مماثل للتسهيلات التي سبق أن أعدها معهد توني بلير للتغيير العالمي (آلية تبادل الديون لمساعدة الدول الإفريقية على التخلص من أعباء ديونها- المترجم) . من شأن هذه التسهيلات أو الآلية تمكين البلدان الإفريقية من إحلال ديونها المرتفعة الفائدة بتمويل أقل تكلفة مما يقلل بقدر كبير من تكاليف الفوائد مع ربطها مباشرة بإجراء تحسينات في إدارة المالية العامة.

هذه خطة جريئة، لكنها أيضا براجماتية. فهي تخاطب كُلاّ من الأعراض وجذور الأسباب. إنها تقرُّ بالحقيقة وهي أن الحكومات الإفريقية تحرز تقدما له معنى في تحسين أنظمة الموازنة وإدارة الدين وتعزيز الشفافية وتقوية المؤسسات.

بموجب الآلية المقترحة ستتمكن البلدان من الحصول على ائتمان أقل تكلفة كلما حققت تحسينات في الحوكمة. وسيتم توجيه هذه العملية بواسطة مؤشرات معترف بها عالميا مثل «إطار الإنفاق العام والمساءلة المالية». وهو مبادرة يدعمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من بين جهات أخرى وساعدت في توحيد مقاربات الإدارة الاقتصادية في البلدان النامية.

بالنسبة للبلدان الضامنة ستكون التكلفة في حدها الأدنى، فلن تكون هنالك مساهمات نقدية بل فقط ضمانات تدعم آلية تبادل الديون. ستستفيد هذه الآلية من تصنيفاتِها الائتمانية القوية في اقتراض الأموال بتكلفة رخيصة ومن ثم إقراضها للحكومات الإفريقية عندما تستوفي المعايير الموضوعة مسبقا لتحسين إدارة الأموال العامة. فالضامنون في الواقع يُقْرِضون «تكلفتَهم المنخفضة» لرأس المال إلى البلدان النامية التي تُثبِت تدنِّي مخاطرة إقراضِها ببلوغها تلك الأهداف.

بالنسبة للبلدان الإفريقية قد يُحدِث ذلك تحولا بتدبير «إعادة تمويل» تصل إلى بليوني دولار للبلد الواحد بالإضافة إلى عشرات ملايين الدولارات من الوفورات السنوية في فوائد الدين والتي يمكن إعادة تخصيصها لأولويات التنمية الوطنية.

وسيستفيد القطاع الخاص أيضا مع الخفض الذي يترتب عن تحسين الجدارة الائتمانية والحوكمة لأسعار الفائدة في أرجاء الاقتصاد.

دعونا نَكُن واضحين. هذا ليس بديلا للعون التنموي؛ إنه تصحيح هيكلي لعدم إنصاف يتموضع في قلب التمويل الدولي ومسعى لتحقيق المساواة في الفرص حتى تتمكن إفريقيا من النمو وفق شروطها الخاصة بها.

نحن نحث البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي والشركاء الثنائيين على العمل معنا لإنشاء وتجريب هذه الأداة، وندعو البلدان المشاركة في اجتماعات مجموعة العشرين في الشهر القادم لإقرارها والمساعدة في تصميمها. وندعو المستثمرين ووكالات تصنيف الائتمان للانضمام إلينا في كسر دائرة التصوّر السلبي التي تشدّ إفريقيا إلى الخلف.

يجب بناء مستقبل التمويل التنموي على أساس المساءلة المتبادلة والازدهار المشترك. واتفاقية الدين الجديدة لإفريقيا، وهي التسمية التي تطلق على مقترحنا، تقدم مسارا عمليا إلى الأمام. إنه مسار قابل للتوسع ومتجذر في الإصلاح ويركز على تحقيق نتائج. على العالم ألا يهدر أي وقت في تبَنِّيها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحکومات الإفریقیة البلدان الإفریقیة التی ت

إقرأ أيضاً:

وزير الرياضة يُنهي الخلاف بين الأنوكا والأوكسا استعدادا لدورة الألعاب الإفريقية 2027

عقد الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، اجتماعًا مطولًا أنهى خلاله كافة الخلافات بين أكبر مؤسستين رياضيتين على مستوى القارة الأفريقية، وهما اتحاد اللجان الأولمبية الأفريقية "الأنوكا"، واتحادية الكونفدراليات الرياضية الأفريقية "الأوكسا"، وذلك في ضوء حرص الدولة المصرية على استقرار المنظومة الرياضية الأفريقية وتهيئة الأجواء لاستضافة مصر لدورة الألعاب الإفريقية 2027.

وحضر الاجتماع مصطفى براف، رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الأفريقية "الأنوكا"، واللواء أحمد ناصر، رئيس اتحادية الكونفدراليات الرياضية الأفريقية "الأوكسا"، والمهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، حيث قاد الوزير حوارًا مثمرًا أسفر عن تقريب وجهات النظر وتأكيد التنسيق الكامل بين الجانبين.

خالد الغندور يشيد بخوان بيزيرا ويوجه رسالة لجمهور الزمالكمحاولات أهلاوية لضم نجم الزمالك.. والأبيض يتحرك لحسم مصيرهأحمد حسن: عبدالقادر والشحات وافقا على مبدأ التجديد للأهليهالاند يقتحم قائمة تاريخية في الدوري الإنجليزي

وفي هذا السياق، أكد الدكتور أشرف صبحي أن الدولة المصرية ستظل حريصة على دعم وحدة المؤسسات الرياضية الأفريقية والعمل على تعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، مشيرًا إلى أن استضافة مصر للألعاب الأفريقية ستكون نموذجًا للنجاح والتعاون الأفريقي المشترك تحت راية واحدة.

وأشاد الحضور بالدور الكبير الذي قامت به الدولة المصرية، ممثلة في وزير الشباب والرياضة، في رأب الصدع بين المؤسستين الرياضيتين وتوحيد الرؤى بما يخدم مصلحة القارة الأفريقية واستعداداتها لاستضافة دورة الألعاب الأفريقية 2027، مؤكدين أن هذا الموقف يعكس المكانة القيادية لمصر على الصعيدين القاري والدولي.

طباعة شارك أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة الأنوكا الأوكسا مصر دورة الألعاب الإفريقية 2027

مقالات مشابهة

  • إطفاء ديون وإعفاءات لفلاحي النجف في توصيات لمجلس المحافظة
  • الزراعة:مستعدون لنقل خبراتنا وأصناف الأرز المحسنة إلي الدول الإفريقية
  • مؤشر إيجابي وثقة دولية| البنك الدولي يرفع توقعاته للاقتصاد المصري.. وخبير: نجاح لسياسات الإصلاح المالي والنقدي
  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2025
  • ترمب وضريبة التحويلات المالية المصممة لإفقار الفقراء
  • تخطت الـ 3 ملايين دولار.. ديون الزمالك ورقة خطيرة قبل اجتماع الإنقاذ
  • وزير الرياضة يُنهي الخلاف بين الأنوكا والأوكسا استعدادا لدورة الألعاب الإفريقية 2027
  • الاحتفاظ بالأموال في أوروبا: ما هي البلدان الأكثر استخدامًا للعملات الورقية بدل من الدفع الرقمي؟
  • دولة بلا ملامح.. بين فشل الحكومات وفساد الأحزاب