الأهوسة والبوابات فى طى النسيان.. وتطهير ترع الرى «فشنك»
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
هويس «الفونس» التاريخى على نيل المنصورة... ضحية الإهمال والانهيار
بين فجوة مائية تزداد اتساعاً، ومجاعات مائية محتملة، تطفو إلى السطح تحذيرات متكررة عن تدهور منشآت الرى فى مصر، مع غياب التوزيع العادل للمياه، وعطش مستمر لنهايات الترع، وسوء أعمال التطهير، ورغم أن الأزمة ليست جديدة، لكنها ازدادت حدة فى الربع الأخير من هذا القرن، خاصة مع انتهاء بناء «سد النهضة» والتلويح المتكرر بتقليص حصة مصر من مياه النيل.
كل هذه التحديات دفعت وزارة الموارد المائية للتحرك ووضع خطة استراتيجية لتحسين إدارة الموارد المائية، وسد الفجوة بين المتاح من المياه واحتياجات المواطنين، وتوفير الكميات المطلوبة لكل ترعة حسب الاحتياجات الفعلية.
فى عام 2022 أعلنت وزراة الموارد المائية والرى، عن خطة شاملة لإحلال وصيانة منشآت الرى فى مختلف المحافظات، بإجمالى يصل إلى 47 ألف منشأة تشمل: قناطر، أهوسة، بوابات، سحارات، هدارات، كبارى، وغيرها على الترع والرياحات وفرعى النيل، مع التركيز على أعمال التطهير والتوسعة، وخصص مبلغ 10 مليارات جنيه للبدء الفورى فى صيانة وإحلال 3 آلاف منشأة ذات خطورة داهمة.
وبسبب أهمية البوابات التى يبلغ عددها 9700 بوابة، والتى تلعب دوراً محورياً فى الحفاظ على منسوب المياه وتحسين التوزيع داخل الترع، والسيطرة على المياه المنصرفة نحو المصارف، أعلن الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية، فى مايو الماضى، بدء تنفيذ خطة لإحلال وصيانة بوابات أفمام الترع، وإنشاء مصبّات نهايات الترع بالمحافظات المختلفة، بجانب صيانة الأهوسة الملاحية القائمة على فرعى النيل والترع الرئيسية.
ورغم هذه الجهود، فما زالت بعض منشآت الرى تعانى من إهمال بالغ، كما هى الحال فى محافظة الدقهلية، التى شهدت كارثة غرق 3 آلاف فدان فى التسعينيات نتيجة ارتفاع مناسيب المياه وتدهور المنشآت المائية آنذاك.
وتُعد محافظة الدقهلية من المحافظات الكبرى الواقعة على فرع دمياط، والتى تمر بها ترع رئيسية متفرعة من الرياح التوفيقى، ويعتمد نحو 100 ألف فدان من أصل 563 ألف فدان مزروعة بالمحافظة على مياه النيل.
وبحسب الإدارة المركزية للرى، تم تنفيذ مشروعات إحلال وصيانة على مستوى المحافظة فى عام 2019 بتكلفة 370 مليون جنيه، شملت بدالات، كبارى، أفمام ترع، وقناطر، ورغم هذه الجهود، لا تزال مناطق عديدة تطالب بالتعجيل فى إحلال وصيانة بوابات وبدالات تعرضت للإهمال والتخريب، وتُهدد بأزمات زراعية ومائية كبيرة.
ويعتبر هويس قولنجيل (المعروف بـ«هويس الفونس») بمدينة المنصورة، والذى تم إنشاؤه قبل أكثر من نصف قرن. يمتاز بتصميم هندسى فريد، ويربط بين ترعة المنصورية الكبرى المستمدة من الرياح التوفيقى، ونهر النيل (فرع دمياط)، يتكون من بوابتين أماميتين وخلفيتين، وقنوات جانبية لملء الحوض، بالإضافة إلى كوبرى علوى، لكن هذا المعلم التاريخى سقط من حسابات الوزارة لسنوات، ولم يتم الالتفات إليه إلا بطلاء بعض الأجزاء المعدنية وترميم الكوبرى العلوى فقط!
يقول محمد خطاب، أحد أهالى مدينة المنصورة، إن الهويس كان واجهة حضارية وتاريخية لعقود طويلة، قبل أن يطاله الإهمال، وتنهار السلالم والجسور، ويتدهور الطريق الممتد بطول النيل (طريق الخيارية)، بفعل ضغط المياه والتعديات، مشيراً إلى أن الشاطئ تحول إلى مكب للمخالفات والقمامة، فى ظل غياب تام للرقابة، وسط ظلام دامس يخيم على المنطقة، وسوء حالة البوابات التى تتحكم فى منسوب المياه بترعة المنصورية، والتى تصل فى بعض الأوقات إلى 4 أمتار.
وقد توقفت حركة الملاحة عبر الهويس منذ أكثر من 10 سنوات، رغم أنها كانت تُستخدم لنقل البضائع. ويؤكد الأهالى وجود غرف متهالكة وأجزاء مفتوحة تشكل خطراً على السلامة العامة، إضافة إلى أن تطهير المجرى المائى لا يتم إلا «حين ميسرة».
ويطالب أهالى مدينة المنصورة وزارة الموارد المائية بسرعة إنقاذ الهويس التاريخى وإعادة تطويره بما يليق بمكانته، أسوة بما تم فى منشآت مشابهة بمحافظات أخرى.
ويشير عباس راغب الشربيني- أحد الأهالي- إلى أن بوابات ترع فرعية، مثل ترعتى الروضة والشعشاعية (المتفرعة من ترعة ميت طاهر العمومية)، تهالكت تماماً، ولم تعد قادرة على أداء دورها، مطالباً بسرعة تنفيذ بوابات بديلة لضمان توصيل المياه لأكثر من 5 آلاف فدان بمناطق ميت طاهر والبجلات.
كما يطالب بإحلال وصيانة بدالات الأستاذ ونظلة القريعى والسبع أسفل ترعة الروضة، إضافة إلى هدار الروضة على مصرف الخطَرية، وكذلك إصلاح جسور الترع المنهارة، وإزالة الردم الذى تسبب فى دفن هدارات الشعشاعية والروضة تحت الأرض، ما أدى لهدر نحو 90% من مياه الرى وضياعها فى مصرفى منية النصر والحدود.
ويؤكد خالد أحمد هجرس، أحد المواطنين، ضرورة صيانة بدال مصرف السرو العمومى، الذى يُغذى ترعة كفر تقى ديموه (المتفرعة من ترعة بساط بالدقهلية). هذه الترعة تعتمد على مياه ترعة الشرقية – المنصورية الرئيسية، لافتاً إلى أن تراكم الطين والمخلفات والقمامة عند بدال مصرف السرو أدى إلى انسداده، ما أعاق حركة المياه وحرم نهايات الترع من احتياجاتها، مشيراً إلى أن أعمال التطهير الحالية لا تتم إلا بشكل «غير فنى»، وتُنفذ فقط من باب سد الخانة!
وهذا ما تلاحظ أثناء زيارة الدكتور هانى سويلم، وزير الموارد المائية، برفقة المحافظ اللواء طارق مرزوق، عدداً من منشآت الرى فى مايو الماضى لمتابعة حالتها، خاصة خلال موسم الاحتياج المائى، شملت الزيارة: فم ترعة المنصورية بميت غمر، كوبرى ترعة البزرارى بكفر عوض، بحر طناح، بحر أبو الأخضر، البحر الصغير، ميت سويد، الزوات، بمراكز منية النصر، دكرنس، بنى عبيد، والمنزلة، تبين سوء حالة بعض المنشآت، وأعمال التطهير المنفذة بها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محافظة الدقهلية وزارة الموارد المائية الموارد المائیة منشآت الرى إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير الري يبحث مع سفيرة فنلندا بالقاهرة تعزيز التعاون بين البلدين بمجال الموارد المائية
استقبل الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى، ريكا إيلا سفيرة دولة فنلندا بالقاهرة، لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين فى مجال الموارد المائية .
وخلال اللقاء تم مناقشة التنسيق المشترك بين البلدين خلال فعاليات "مؤتمر الأمم المتحدة للمياه ٢٠٢٦" ، حيث أشار الدكتور سويلم لقيام مصر واليابان بقيادة "الحوار التفاعلي الثالث للمياه والمناخ" خلال "مؤتمر الأمم المتحدة للمياه ٢٠٢٣"، والذي صدر عنه عدد من الرسائل والتوصيات الهامة لتحويل التعهدات الدولية فى مجال المناخ لمشروعات يتم تنفيذها على الأرض، مشيرا لرغبة مصر فى التنسيق مع الجانب الفنلندى خلال الحوارات التفاعلية المزمع عقدها خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمياه القادم .
كما تم بحث موقف المشاركات الفنلندية المرتقبة فى فعاليات "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"، فى ظل مشاركة السيد المبعوث الفنلندى للمياه فى فعاليات الأسبوع على رأس وفد من المتخصصين الفنلنديين فى مجال المياه، للمشاركة فى جلسة "الحوار رفيع المستوى بين مصر والإتحاد الأوروبي".
وأشار الدكتور سويلم لما تحقق خلال الفترة الماضية من خطوات هامة في إطار الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين مصر والاتحاد الأوروبي فى مجال المياه، وحرص الوزارة على مواصلة التعاون الوثيق مع الجانب الأوروبى لتعزيز هذه الشراكة .
واستعرض الدكتور سويلم موقف الأنشطة التدريبية المختلفة التى يقدمها "مركز التدريب الإفريقي للمياه والتكيف المناخي" PACWA، والمقدمة للأشقاء الأفارقة، مشيرا إلى أنه تم تدريب حوالى ٧٠٠ متدرب أفريقي حتى الآن، مؤكدا رغبة مصر فى تعزيز التعاون مع الجانب الفنلندى فى توفير المزيد من الدورات التدريبية للأشقاء الأفارقة خاصة فى مجالات "الدبلوماسية المائية" و "المياه الزرقاء والخضراء" و "تكنولوجيا المياه" ، استكمالا للتعاون القائم بين مركز التدريب الإقليمى للموارد المائية والرى والمنتدى الفنلندى للمياه والذى يضم عدد من بيوت الخبرة والجامعات الفنلندية .
كما تم استعراض الشواغل المصرية فيما يخص قضايا المياه العابرة للحدود، وأهمية تطبيق قواعد القانون الدولي للأنهار الدولية المشتركة، واستعراض مجهودات مصر فى دعم دول حوض النيل الشقيقة، حيث تم إطلاق آلية تمويلية بمخصصات قدرها ١٠٠ مليون دولار لدراسة وتنفيذ المشروعات التنموية بدول حوض النيل الجنوبى .