فلسفة التاريخ من جديد.. الطيب بوعزة يقترح تأسيسًا جديدًا يجاوز الحتمية.. كتاب جديد
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
الكتاب: المؤرخ والفيلسوف: أسئلة الإسطوغرافيا وفلسفة التاريخ
تأليف: د الطيب بوعزة
الناشر: مركز نهوض للدراسات والبحوث
الطبعة الأولى
سنة النشر: 2025
ثمة سؤال بحثي ومعرفي يثير قلق كل من المؤرخ والفيلسوف على حد سواء، ويخلق نوعا من الخصومة بينهما، خصومة الاختصاص، وخصومة احترام الصلاحيات، ونزاع التطاول على العلم والخوض في عبابه دون مجادف معرفية وأدوت منهجية.
هل يمكن للتاريخ بأحداثه ووقائعه واتساع مدياته، من التاريخ القديم إلى التاريخ المعاصر أن ينتظمه تفسير كلي، يجمع كل وقائعه الصغيرة والكبيرة في خط واحد، أفقيا كان أم دائريا أو متموجا؟ وإذا كان بالوسع معرفيا الإقرار بهذه الإمكان، فهل السعي لتحصيل هذا المعنى الكلي من التاريخ هو وظيفة المؤرخ أم وظيفة الفيلسوف؟
تأخذ الخصومة بين المؤرخ والفيلسوف بعدين اثنين إذن، البعد المتعلق بسؤال الإمكان، إذ يصر الفيلسوف على خوض هذا التمرين دون المؤرخ فتتجلى صور التنازع في التوصيفات القدحية التي يتهم فيها كل طرف الآخر، بسبب هذا السؤال، والبعد المتعلق بمن يملك الأدوات المعرفية والمنهجية للخوض في هذا المسعى، وبأي رؤية ومقاربة، فتنتقل الخصومة المعرفية، أو للدقة النقد المعرفي بما في ذلك الهدمي، إلى مدارس الفلاسفة في التأطير النظري لفلسفة التاريخ.
ويتولد عن هذين الإشكالين إشكال ثالث نقدي وتركيبي في الآن ذاته، فإذا سلمنا بإمكان تحصيل معنى كلي للتاريخ، واستقرأنا مدارس الفلاسفة في تفسيرهم لفلسفة التاريخ، فهل المقاربات التي تم إنتاجها بخصوص هذا السؤال منذ القرن الثامن عشر كافية في الوفاء بالغرض والقول بإمكان الفيلسوف أن يسهم في تقديم نظرته الكلية للتاريخ وتحصيل المعنى منه، أم أن مخرجات هذه المدارس تكشف تيها واضطرابا في التفسير، تجعل المؤرخ في نهاية المطاف، يسعد برؤيته وخصومته للفيلسوف حين كان يتهمه بالتطفل على ميدان لا يحسنه، ويأسف الفيلسوف بسبب اتهامه المؤرخ بأنه يخوص في أجزاء ووقائع ويغرق في تفاصليها دون أن يخرج منها بطائل سوى التوثيق الذي لا ينقع في تقديم شيء في قراءة المسار العام للتاريخ والقانون الذي يحكمه.
بالنسبة للفيلسوف، فَهَمه دائما، ليس قراءة التاريخ فقط، بل في سعيه لتأطير كل الموضوعات، أدبا كانت أم سياسة أم فنا أم أخلاقا أم تربية، بالبحث عن المعنى الكلي، فليس همه النظر في الجزئيات العارضة والظواهر المحكومة بسياقها الزمني، بل نظره معلق بإيجاد خط ناظم، يجمع الحوادث كلها، في إطار رؤية كلية مفسرة.هذه الإشكالية المعقدة، والتي أثارت خصومات معرفية بين الفيلسوف والمؤرخ حول المعنى الكلي للتاريخ، وطرحت أسئلة حتى حول جدية المقاربات التي قدمتها المدارس الفلسفية بخصوص رؤيتها الكلية للتاريخ وأيضا حول مركزيتها الغربية، كانت موضوع دراسة نوعية، وربما غير مسبوقة في العالم العربي، قدمها الدكتور طيب بوعزة في كتابه الجديد:" المؤرخ والفيلسوف: أسئلة الإسطوغرافيا وفلسفة التاريخ " الذي لم يكتف فيه بتتبع هذه الخصومة، وتحليل وجهات نظر المؤرخ ومقاربات الفلاسفة ومدارسهم في هذا الموضوع، بل مارس كثيرا من النقد على صنيع الاثنين، وانتصر لفكرة المعنى الكلي للتاريخ، لكن ليس من نفس القاعدة التي أسست لها المدارس الفلسفية التي اشتغلت على هذا الموضوع، وإنما بتقديم أطروحة أخرى، انطلقت من نقد المنجز الفلسفي بهذا الخصوص، والإفادة من الخبرة الفلسفية العربية الإسلامية، ومحاولة تغيير النظرة القدرية الحتمية في تأطير فلسفة التاريخ، واستبدالها بنظرة أخرى، تجعل من حاصل ومخرجات فلسفة التاريخ أو من القانون العام الناظم لحركيته د حافزا للحركة ودافعا نحو تكميل الإنسان.
المعنى الكلي للتاريخ والخصومة المعرفية بين المؤرخ والفيلسوف
يتنازع المؤرخ والفيلسوف سؤال إمكان تحديد المعنى الكلي للتاريخ القادر على تأطير ونظم التواريخ كلها وتفسير مبدئه ومسار وغايته، والأدوات المنهجية الكفيلة بتحقق هذا الغرض.
بالنسبة للفيلسوف، فَهَمه دائما، ليس قراءة التاريخ فقط، بل في سعيه لتأطير كل الموضوعات، أدبا كانت أم سياسة أم فنا أم أخلاقا أم تربية، بالبحث عن المعنى الكلي، فليس همه النظر في الجزئيات العارضة والظواهر المحكومة بسياقها الزمني، بل نظره معلق بإيجاد خط ناظم، يجمع الحوادث كلها، في إطار رؤية كلية مفسرة.
أما المؤرخ الذي تقوده مهمته إلى الاقتصار على توثيق الحدث ونقله بتفاصليه ومختلف سياقاته، فيرى في الفيلسوف كائنا طفيليا يتعدى على الحقول المعرفية للغير ويريد بمنزعه نحو "التعميم" والبحث عن المعنى الكلي إلى تأسيس شرعيته المتعالية على الجميع، مع أن عمله يفتقد ـ حسب نظر المؤرخ ـ إلى أبسط مقومات التنقيب والاستقصاء التي تتوفر في المؤرخ وبها تنطبع صنعته.
ينقل المؤلف أمثلة عن الاتهامات التي وجهها المؤرخون للفلاسفة ومنهم المسعودي في القرن الرابع الهجري، الذي وصف الفيلسوف بالطفيلي الذي يتطاول على صنعة لا يحسنها، وينقل آراء مفكرين معاصرين استمرت عندهم هذه النظرة، مثل أسد رستم، الذي اتهم الفلاسفة بالجهل بالتاريخ، والتعالي عن الاستشارة للمختصين في حقله، وارتكاب حماقات متعسفة في تحميل التاريخ ما لا يطيقه.
يقر الدكتور طيب بوعزة، أنه رغم انتسابه للحقل الفلسفي، فإن هناك ما يبرر استهجان المؤرخ لعمل الفيلسوف، فالمؤرخ يبذل الجهد المضنى في التدقيق والنخل والتحقيق والجمع والتوثيق في واقعة تاريخية مفردة، بينما لا يتورع الفيلسوف في أن يتحدث عن التاريخ في حركيته الطويلة والممتدة، مقدما فهمه الكلي لمساره وغايته وتعيين مستقبله.
لكن مع إقراره بشرعية هذه المبررات، فإنه يرجع هذه الخصومة بين الفيلسوف والمؤرخ إلى طبيعة نظر كل منها، والغاية التي تحكم السؤال المعرفي عندهما، فالفيلسوف ينشغل بسؤال المبدأ والنهاية ويعتبر ذلك الاهتمام الرئيس للوعي الفلسفي، بينما ينشغل المؤرخ بسؤال الكيف في مدلوله الوصفي، ويضع عينه على العلائق السببية في الأحداث الجزئية التي يوثقها ويدققها ويعاير صدقيتها.
وتبعا لذلك ينتصر الدكتور طيب بوعزة لفلسفة التاريخ، ويبرر الحاجة إليها، بالحاجة إلى تجاوز منهج التعليل الجزئي للأحداث التي لا يحصل منه طائل مالم يتدعم بالرؤية الكلية التوليفية التي تقوم على تفسير التاريخ بالمعنى الكلي والقانون الناظم لمبدئه مساره والغاية منه.
فإذا كانت مهمة المؤرخ ومكنته المنهجية متجهة إلى تحصيل الأحداث الجزئية، والبحث في سؤال الكيف والسبب ضمن السياق المفرد المخصوص، فإن مقدرته على إنتاج فلسفة التاريخ محدودة، ولا تسعفه في بلوغ شيء في تحصيل للمعنى الكلي للتاريخ، فالقدرة التوثيقية الهائلة التي يتمتع بها المؤرخ، لا تفيد إلا في فهم المعنى للحدث العرضي، ولا يقدم شيئا يذكر في تحصيل المعنى الكلي للتاريخ والقانون الحاكم لحركيته، وأن هذا ما يبرر الحاجة لفلسفة التاريخ، ولمهمة الفيلسوف في الحقل التاريخي، لأنه يمتلك القدرة والمكنة على لَم الجزئيات، ونظمها في خط جامع، يتمتع بمقومات التفسير الكلي للتاريخ.
يطرح الدكتور طيب بوعزة سؤال الإمكان والقدرة، وهل يستطيع الفيلسوف أن يقوم بهذه المهمة، وهل له الاقتدار على فعلها، ويستعرض مسار الفلسفة الإغريقية، ويلحظ غياب فلسفة التاريخ فيها، هذا في الوقت التي انشغلت فيه هذه الفلسفة بمختلف أنواع الفلسفة (فلسفة الكوسموس، وفلسفة السياسة، وفلسفة النفس، وفلسفة الأخلاق، وفلسفة المعرفة، وفلسفة "الجسد، وفلسفة الجنس، وفلسفة الطبخ..." ويتساءل عما إذا كان العقل اليوناني قد عجز عن بلورة فلسفة للتاريخ؟
وبعد أن يقدم تفسيرات لسبب عدم انشغال العقل اليوناني بهذا السؤال، ونفي أرسطو إمكان قيام فلسفة التاريخ بسبب استحالة تحديد رابط يمكن أن يجمع وينظم التواريخ البشرية جميعها، يلفت الانتباه إلى أن فلسفة التاريخ لم تظهر إلا في الزمن الروماني، ويعزو ذلك إلى تأثيرات الدياية المسيحية سواء في عهدها الجديد أو في ميراثها التوراتي، وأنه من هذين المصدرين بدأت تتأسس فكرة الرؤية الجامعة للتاريخ الإنساني، وفكرة هندسة الزمن في شكل خطي ذي بداية ونهاية، وأن هذه التأثيرات المسيحية هي التي تفسر بروز فلسفة التاريخ بشكل مؤسس في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، بما يعني في المحصلة أن جذور فكرة فلسفة التاريخ، أو المعنى الكلي له، تم استمدادها من الفكرة الدينية لا من الأصول الهندو -أوربية، وهذا ما جعل طيب بوعزة يخلص للقول بأن: "المبدأ الكُلِّي المفسر للتاريخ لم يظهر ابتداءً في إطار الوعي الفلسفي، بل في إطار الوعي الديني" وأنه تبعا لذلك، لا ينبغي بالمطلق فصل نشأة فلسفة التاريخ، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عن الرؤية الدينية لصيرورة الوجود، ويستشهد طيب بوعزة على ذلك، باستعمال فلسفة التاريخ في نشأتها الحديثة للاصطلاح الديني "الثيوديسيا" التي تعني في اللغ اليونانية "العدل الإلهي"، كما يستدل على ذلك باستعمال هذا الاصطلاح في الدراسات اللاهوتية المسيحية بالمعنى الذي يفيد بأن العالم يسير وفق خطة إلهية، فتم استعمال هذا الاصطلاح في فلسفة التاريخ، وتم تتطوير مفهومه، حتى صار يأخذ أبعادا أخرى ابتعدت به عن معناه ألأصلي في الفلسفات المعاصرة.
هل أجابت الفلسفة عن سؤال المعنى الكلي للتاريخ؟
في الواقع، وبعيدا عن سؤال تبرير الحاجة لفلسفة التاريخ، وبيان مشروعية عمل الفيلسوف في حقل التاريخ بمنهج مغاير لعمل المؤرخ، ومحاولة تفسير سبب الخصومة بينهما، ومحاولة تفهم منهج كل واحد منهما في النظر للتاريخ، فإن السؤال الذي يتجاوز ذلك، هو إلى أي حد قدمت فلسفة التاريخ جوابها عن إمكان وجود معنى كلي للتاريخ؟ وهل الإسهامات التي قدمت تناسب مستوى المقدمات المنهجية التي كانت تبرر الحاجة لتأسيس فلسفة التاريخ؟ وهل ما قدم من عطاءات في هذا الاتجاه تعطي شرعية معرفية وعلمية ومنهجية للمعاني الكلية التي تم إنتاجها في فلسفة التاريخ؟
واقع الأمر، يؤكد بأن الجواب عن هذا السؤال يكمن في تقييم عطاء المقاربات الفلسفية التي نشأت منذ القرن الثامن عشر، ومحاولة تقييمها ومعايرتها في ضوء المقدمات التأسيسية لفلسفة التاريخ.
بعيدا عن سؤال تبرير الحاجة لفلسفة التاريخ، وبيان مشروعية عمل الفيلسوف في حقل التاريخ بمنهج مغاير لعمل المؤرخ، ومحاولة تفسير سبب الخصومة بينهما، ومحاولة تفهم منهج كل واحد منهما في النظر للتاريخ، فإن السؤال الذي يتجاوز ذلك، هو إلى أي حد قدمت فلسفة التاريخ جوابها عن إمكان وجود معنى كلي للتاريخ؟ وهل الإسهامات التي قدمت تناسب مستوى المقدمات المنهجية التي كانت تبرر الحاجة لتأسيس فلسفة التاريخ؟ وهل ما قدم من عطاءات في هذا الاتجاه تعطي شرعية معرفية وعلمية ومنهجية للمعاني الكلية التي تم إنتاجها في فلسفة التاريخ؟قام الدكتور طيب بوعزة في هذا السياق باستقراء دقيق لما أنتجته فلسفة التاريخ من رؤى ومقاربات في هذا الاتجاه، وحصرها في ثلاثة أنماط متمايزة واستفاد في ذلك من جهود هنري ولش: نمطان أنتجهما اللوغوس الفلسفي هما "فلسفة التاريخ التأملية" ونمط "فلسفة التاريخ النقدية"، ثم نمط آخر نشأ في القرن العشرين، ومثل ما يسميه الكاتب بالمنعطف اللغوي في النظر الفلسفي للتاريخ.
النمط الأول، اتجه إلى تحديد معنى كلي للتاريخ، وضمنه يمكن أن ندرج المدرسة الهيجيلية. والنمط الثاني، نشأ بوصفه تجاوزا للهجيلية، ونقدا للعقل الفلسفي الثيوديسي.
يعلل الطيب بوعزة نشأة النمط الثاني بأزمة المعنى في الفكر الفلسفي المعاصر، ويرى أن تيارا جديد امتأثرا بالمنعطف اللغوي في القرن العشرين، أسهم في بروز نمط ثالث في فلسفة التاريخ، يرى طيب بوعزة أنه لم يستطع بنظريته حول "فلسفة التاريخ الجديدة" أن يحدث ثورة حتى في مجال اختصاصه، فبالأحرى أن يحدث انقلابا ثوريا في نظرية التاريخ وفلسفته، ويعلل ذلك بسببين اثنين، أن فلسفة التاريخ لم يكن من الممكن أن تستبدل بأدوات الشعر، والثاني أنه إذا كان مأزق الإسطوغرافيا العلموية يرجع بالأساس إلى الوهم النظري الذي يقوم على إمكان تعميم براديغم العلم الطبيعي على المعارف الإنسانية، فإن الجواب عن ذلك لا يكون بمجرد الاكتفاء بالنقد البلاغي على طريقة مؤسس فلسفة التاريخ الجديدة هايدن وايت.
في مبررات الاشتغال على فلسفة التاريخ.. وهل بالإمكان التأسيس من جديد لهذه الفلسفة؟
يرى طيب بوعزة أن هذه الأنماط الثلاثة، خاصة منها النمطين الأخيرين الذين جمعهما جامع النقد، لم تقدم شيئا كثيرا لنظرية التاريخ وفلسفته، وأن هذا ما برر اشتغاله على هذا الكتاب، هو محاولة إنجاز "ضبط أكثر دقةً لهذا النسيج الثري من الأنماط التصورية التي نظرت في مسألة التاريخ ومعناه".
ولتحقيق هذا الهدف وهذا الضبط بشكل استقرائي دقيق، حاول طيب بوعزة أن يتتبع كيفية تشكيل النظرية الإسطوغرافية في التراثين الإسلامي والغربي، وأن يمارس عملية النقد المعرفي والمنهجي على أطاريح فلسفة التاريخ، ويرصد تحولاتها، حيث توقف بهذ الخصوص على المحطة التي وصلتها، أي محطة النقد العدمي بسبب من تهجمات النقد ما بعد الحداثي، وما تلاه من تفكيك للمفاهيم المؤسسة للنظر الكلي.
وقد كان قصد الكتاب، أن يتجاوز المقاربة التوصيفية الاستعراضية إلى ما هو أكبر من ذلك مما يتعلق بجهد البناء والتركيب والتأسيس، إذ سعى خاصة في الباب السادس، إلى تأسس نموذج لفلسفة تاريخ جديدة، من خلال إعادة التفكير في "متعاليات الذات" من أجل استمداد معنى للتاريخ، ضدا على دعوى استحالة تأسيسه، وذلك لأن ضغط الزمن المعاصر يلح أكثر من أي وقت مضى على وجود فلسفة للتاريخ، وذلك بعد أن أصولت المقاربات النقدية والعدمية هذه الفلسفة إلى مربع الموت والزوال.
وقد ركز طيب بوعزة مشروعه التأسيسي على استحضار بعض ميزات الفلسفة الإسلامية، ومنها "مقولات الجهة" وذلك بالسعي بالانتقال بها من المبحث المنطقي، إلى مبحث الميتافيزيقا؛ وذلك حتى يتسنى له تأسيس الدليل الوجودي. ومنها أيضا "مفهوم كمال واجب الوجود"، الذي كشف عنه الفارابي وابن سينا (الضرورة الوجودية)، ومنها مفهوم "الكمال"، الذي استعمل في الفلسفة بوصفه أساسا للدليل الأنطولوجي، حيث اتخذه الكاتب مقدمة إلى فهم الوضع البشري وصيرورته في الزمن (التاريخ).
وقد قصد من توظيف واستثمار هذه المفاهيم تحقيق: "ثلاث نقلات تبدأ من المنطق (موجهات القضايا)، إلى الميتافيزيقا (واجب الوجود)؛ فالأنثربولوجيا (الكائن الإنساني بما هو وجود بالكامل للكمال)".
الفارق في طريقة اشتغال المؤلف لتأسيس فلسفة التاريخ من جديد، أنه ابتعد كلية عن فكرة القدرية والحتمية في قراءة التاريخ، وأن هناك مآلا حتميا سيصير إليه التاريخ، كما هي نظريات النظرة التأملية في فلسفة التاريخ، وإنما اتجه متجها آخر، عنوانه محاولة "رفع الكلي إلى مثال آفاقي، فلا يكون حاصلا حتميا لتلك الحركة، بل أفقًا جاذبا لها، يرتهن الاقتراب منه بالتحرك في اتجاهه، لا انتظار وقوعه قدريا، ولأن الكمال مثال غير متعين، فهو محرك؛ لذا نقدمه بوصفه قانون حركة التاريخ".
بين يدي الكتاب
يجمع هذا الكتاب بين الجهد التقييمي والتوصيفي والسجالي والنقدي والتركيبي التأسيسي، ويضم بين جنباته نقاشات علمية دقيقة ومستوعبة، وفضلا عن ذلك، فإنه يتضمن تصميما مرتبا بشكل منهجي دقيق، إذ ابتدأه، بباب أولي يخص المسألة الإسطوغرافية، حاول فيه المؤلف التمهيد بدراسة دلالة التاريخ والسبب الحافز إلى سرده، قبل الانتقال إلى دراسة القيمة العلمية لذلك السرد، ثم قام في الباب الثاني "الفيلسوف والتاريخ"، بدراسة كيفية إجراء النظر الفلسفي على التاريخ، ونوعية الفروض التي أنتجها فيما يخص هندسة الزمن، فيما خصص الأبواب الثلاثة الموالية لدراسة نماذج فلسفات التاريخ حسب تصنيفها للزمن التاريخي: الارتكاسي والدائري والتقدمي، ليأتي الباب السادس نقديا تأسيسا تركيبيا، حاول فيه الانتقال من المنجز في فلسفة التاريخ ونقده، والرد على دعوى نهاية فلسفة التاريخ وزوالها، إلى اختبار إمكان تأسيس جديد لـ"معنى للتاريخ"، وذلك انطلاقا من عدة مفاهيم استثمرها الكاتب من الفلسفة الإسلامية المعاصرة وأيضا من الفلسفة الغربية، محاولا تعديل وجهة فلسفة التاريخ المرتهنة لأفق الحتمية والقدرية، بأفق ارتيادي، يجعل من قانون التاريخ ومعناه الكلي هدفا محركا نحو الكمال والتكميل وحافزا لهما.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب الذاكرة السياسية تقارير كتب الكتاب العرضي المغرب كتاب عرض نشر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفیلسوف فی الخصومة بین هذا السؤال الثامن عشر فی القرن فی إطار فی هذا
إقرأ أيضاً:
أبرزها الإعفاء الكلي أو الجزئي من فوائد التأخير.. حوافز تشجيعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالقانون
منح قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوافز تشجيعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
حوافز غير ضريبية
وعدد قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى مادته (23) مجالات وأنشطة المشروعات التى أجاز لمجلس إدارة الجهاز منحها حوافز غير ضريبية حال استيفائها الضوابط التى يقررها وفقًا لما تحدده اللائحة التنفيذية وتتمثل فى:
- المشروعات العاملة بالقطاع غير الرسمى التى تتقدم بطلب لتوفيق أوضاعها.
-مشروعات ريادة الأعمال.
-مشروعات التحول الرقمى والذكاء الصناعى.
-المشروعات الصناعية أو المشروعات التى تعمل على تعميق المكون المحلى فى منتجاتها أو المشروعات التى تقوم بإحلال وتجديد الآلات والمعدات والأنظمة التكنولوجية المرتبطة بعملية الإنتاج.
-المشروعات التى تخدم نشاط الإنتاج الزراعى أو الحيوانى.
-المشروعات التى تعمل فى مجال تكنولوجيا المعلومات أو الخدمات المتصلة بذلك.
-المشروعات التى تقدم ابتكارات جديدة فى مجال الصناعة وأنظمة التكنولوجيا.
-مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، مع إجازة استحداث أنشطة أو مجالات جديدة.
العديد من الحوافز التشجيعية أتاحتها المادة (24) من قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والتى تنص على أنه لمجلس إدارة جهاز المشروعات منحها، ومنها رد قيمة توصيل المرافق إلى الأرض المخصصة للمشروع أو جزء منها، وذلك بعد تشغيله، منح المشروعات آجال لسداد قيمة توصيل المرافق، بما فى ذلك الإعفاء الكلى أو الجزئى من فوائد التأخير، تحمل الدولة لجزء من تكلفة التدريب الفنى للعاملين، تخصيص أراضى بالمجان أو بمقابل رمزى، رد ما لا يجاوز نصف قيمة الأرض المخصصة للمشروع، الإعفاء من تقديم الضمانات اللازمة لحين بدء النشاط عند تخصيص العقارات اللازمة للمشروع، أو تخفيض قيمة هذه الضمانات، رد أو تحمل، كلى أو جزئى، لقيمة الاشتراك فى المعارض.
وصدق الرئيس السيسى على القانون رقم 184 لسنة 2023 بتعديل بعض أحكام قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر الصادر بالقانون رقم 152 لسنة2020، والذى وافق عليه مجلس النواب.
وتضمنت التعديلات مادة وحيدة بخلاف مادة النشر، حيث نصت المادة الأولى على أن “تُستبدل عبارة: المواد من (106) إلى (109) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020، بعبارة: المواد من (102) إلى (105) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، والواردة في المادة (62) من قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بالقانون رقم 152 لسنة 2020”.