الحيض.. قالت دار الإفتاء المصرية إن اللهُ تعالى اختص النساءَ بالحيض، حتى جعله سبحانه مِن أصل خلقتهن وسببًا لاستقرار صحتهن وبقاء النسل الإنساني؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَحِضْتُ، فدخلط عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: «ما لَكِ، أنَفِسْتِ؟» قلت: نعم، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفق عليه.

الحيض عند المرأة:

وأوضحت الإفتاء أن ما دام دمُ الحيض قد انقطع عن المرأة أثناء الليل أو قبل ذلك، ونَوَت الصيام من الليل؛ فإنَّ صومها صحيحٌ شرعًا وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر؛ لأن الاغتسال مِن الحيض وإن كان واجبًا إلا أنه ليس شرطًا لصحة الصوم.


قال العلَّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (1/ 411، ط. دار الرشد): [هذا الحديث يدلُّ على أنَّ الحيض مكتوب على بنات آدم فمَن بعدهن من البنات؛ كما قال صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من أصل خلقتهن الذي فيه صلاحُهُنَّ؛ قال الله تعالى في سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴾ [الأنبياء: 90]. قال أهل التأويل: يعنى ردَّ الله إليها حيضها لتحمل، وهو مِن حكمة الباري الذى جعله سببًا للنسل؛ ألَا ترى أنَّ المرأة إذا ارتفع حيضها لم تحمل، هذه عادةٌ لا تنخرم] اهـ.


الأدلة على أن انقطاع دم الحيض من موجبات الغسل

وأضافت أن انقطاع دم الحيض موجبٌ مِن موجبات الغسل بدلالة الكتاب والسنة والإجماع:

- فمن الكتاب: قول الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ﴾ [البقرة: 222]؛ ومعناه: يغتسلن بالماء بعد النقاء مِن دم الحيض؛ كما في "الوسيط في تفسير القرآن المجيد" للإمام الواحدي (1/ 328، ط. دار الكتب العلمية).

ومِن السنة: أحاديث كثيرة؛ منها: ما رواه البخاري في "صحيحه" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي».

وأما الإجماع: قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع" (1/ 112، ط. دار طيبة): [وجاءت الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على وجوب الاغتسال على الحائض إذا طَهُرَتْ، وأجمع أهلُ العِلم على ذلك] اهـ. وممن نقل الإجماع أيضًا: الإمام النووي في "المجموع" (2/ 148، ط. دار الفكر)، والإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 154، ط. مكتبة القاهرة).

التخفيف على المرأة أثناء فترة الحيض في بعض العبادات

لما كان الحيض أمرًا مكتوبًا على النساء وخارجًا عن إرادتهن؛ خفف الله سبحانه وتعالى عنهن جملةً من العبادات البدنية التي لا تتناسب مع هذا الحدث؛ كالصلاة والصيام والطواف، ونحو ذلك من العبادات.

قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 23، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أن الحائض لا تصلي ولا تصوم أيام حيضها] اهـ.

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 142، ط. دار المعرفة): [ولو أنَّ امرأة رأت الدم أيام أقرائها عشرًا، ثم انقطع الدم عنها قبل طلوع الفجر في رمضان في وقتٍ لا تقدر فيه على الغسل حتى يطلع الفجر؛ فهذه تصلي، وتصوم، ولا تقضي صوم هذا اليوم، وتصلي العشاء الأخيرة، ولا يملك الزوج مراجعتها إن كان طلقها؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بخروجها مِن الحيض قبل طلوع الفجر؛ فتلزمها صلاة العشاء؛ لأنها أدركت جزءًا من الوقت، ويجوز صومها؛ لأنها أهل لأداء الصوم من أول النهار، وإن كانت أيام أقرائها خمسًا خمسًا، ثم انقطع الدم عنها قبل طلوع الفجر في وقت لا تقدر فيه على الغسل حتى طلع الفجر؛ فهذه تصوم وتقضي، ومعناه: تمسك في هذا اليوم وعليها قضاء هذا اليوم؛ لأنه لا يحكم بخروجها عن الحيض ما لم تغتسل، فهي لم تكن من أهل أداء الصوم عند طلوع الفجر؛ فلا يجزئها صومها] اهـ.

وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 311، ط. دار الفكر): [(ومن أصبح) أي: طلع عليه الفجر (جنبًا) في زمن صومه (ولم يتطهر، أو) أصبحت (امرأةٌ حائضٌ طَهُرَت) أي: طاهرة؛ لرؤيتها علامة الطهر، ولْيُتِمَّا الصوم (قبل الفجر، و) الحال أنهما (لم يغتسلَا إلا بعد الفجر؛ أجزأهما صوم ذلك اليوم) لوقوع النية قبل الفجر، ولا يضر الإصباح بلا غسل، ولو مع العلم بالجنابة وانقطاع الحيض ليلًا.. وأما صحة صوم الحائض إذا طَهُرَت قبل الفجر؛ فمتفق عليه إذا كان طُهرها في زمنٍ يَسَعُ الغسل، وعلى المشهور إذا كان في زمنٍ بحيث تدرك فيه النية] اهـ.

الحيض 
وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 521-522، ط. دار الفكر): [متى رأت أيَّ علامةٍ كانت؛ جفوفًا أو قَصَّةً: وَجَبَ عليها الصوم، (قوله: صح صومها) أي: وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر، بل وإن لم تغتسل أصلًا؛ لأن الطهارة ليست شرطًا في الصوم، (قوله: أخذًا مما قَدَّمه) أي: من صحة الصوم بالنية المقارنة للفجر] اهـ.

وقال الإمام الرافعي الشافعي في "العزيز شرح الوجيز" (3/ 216، ط. دار الكتب العلمية): [ولو طهرت الحائض ليلًا، ونوت الصوم، ثم اغتسلت بعد طلوع الفجر؛ صح صومها] اهـ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحيض الحيض للمرأة الصيام اثناء الحيض انقطاع الحيض صلى الله علیه وآله وسلم قال الإمام طلوع الفجر قبل الفجر دم الحیض الحیض م ن الحیض

إقرأ أيضاً:

السّيدة الجليلة توجّه كلمة بمناسبة يوم المرأةِ العُمانية

العُمانية: وجهت السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم - حفظها اللهُ ورعاها - كلمة بمناسبة يوم المرأة العُمانية الذي يوافق الـ17 من أكتوبر سنويًّا، هنّأت خلالها المرأةَ العُمانية والمُقيمةَ في الوطن العزيز بهذه المناسبة.

وقد نصّت الكلمةُ على ما يأتي ..

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الأمّهات والأخوات العزيزات، الإخوة الكرام، الأبناء الأعزّاء، السّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه، لقد أثبتت المرأةُ العُمانية، عبر تاريخها، أنها معينُ الحِكمة، ومنبعُ العطاء، فهي الأمُّ المُربّية التي تغرس القيمَ في القلوب، والجدّةُ الحكيمةُ التي تحفظ الإرثَ وتنقلُه نقيًّا للأحفاد، والابنةُ البارّةُ التي تمضي بثقةٍ في دروب العلم والرّيادة. ومن هذه البيوت، خرجت أجيالٌ رفعت رايةَ عُمان خفّاقةً في ميادين التميّز والإبداع.

وإنه ليسرُّنا في هذا اليوم المبارك، الذي يوافق السابع عشر من أكتوبر، يوم المرأة العُمانية، أن نبعث بأسمى التّهاني وأصدق الأمانِي لكلِّ امرأةٍ عُمانيّة، ولكلِّ مُقيمةٍ في خدمة هذا الوطن العزيز. إنّهُ يومُ الاعتزاز بنساء عُمان جميعًا، يومٌ نقدّر فيه ما تنسجُه المرأةُ بحكمةٍ وصبرٍ، وتزيّنُه بالولاء والإخلاص، فغدت ركيزةً أساسيّةً للنهضة، وحارسةً للقيم، وصانعةً للأجيال.

ونحن في سلطنة عُمان إذ نحتفي اليومَ بالمرأة العُمانية، فإنّنا نكرّمُها تكريمًا يليقُ بمقامِها، ويعكسُ ما حقّقتهُ من إنجازاتٍ مُشرقةٍ في التّربية والتّعليم، في الإدارةِ والقيادةِ، في الاقتصادِ والإبداعِ، وفي خدمةِ المجتمع وبناءِ الوطن. وما هذا التكريمُ الذي نالتهُ نخبةٌ من المُجيدات إلّا رمزٌ صادقٌ يشمل جميع نساء عُمان، في كل موقعٍ ومجالٍ، تقديرًا لعطائهنّ المُتواصل، وإجلالًا لعزيمتهنّ التي لا تعرف التوقّفَ.

أبناء الوطن العزيز:

إننا ندركُ جميعًا ما تواجههُ المرأةُ والأسرةُ والنشءُ من تحدّياتٍ في هذا العصر المتسارع، حيث تتبدّلُ المعارفُ، وتتنوّعُ التقنياتُ، وتتشابكُ القضايا. ومع هذه التحدّيات، فإنّنا في سلطنة عُمان، بقيادة مولانا جلالةِ السُّلطان المعظم - حفظهُ اللهُ ورعاهُ -، نولي الأمر عنايةً كبرى، ونؤمن بأن المرأة العُمانية قادرةٌ على تجاوز الصّعاب، متسلّحةً بقيمِها وثوابتِها، مدعومةً بقيادتِها ومجتمعِها، وشريكةً صادقةً للرّجل الذي يقف سندًا لها في رسالتها. فحين يُعين الرجل المرأة، فإنه يُعين وطنًا بأسره، ويصُون مجتمعًا بأكمله.

أبنائي وبناتي الأوفياء:

إنّ تربيتَكم على الدّين والقيم، وحمايتَكم من مخاطر العصر، ورعايتَكم بالعلم والمعرفة، أمانةٌ عظيمةٌ لا تحتمل التفريط. فكونوا قدواتٍ صالحةً، وأسوةً حسنةً، وكونوا سفراء لعُمان في العلم والعمل، ولتعلموا أن للحقّ وجهًا واحدًا لا يلتبسُ، وأن للأمانة دربًا مستقيمًا لا يضلُّ.

الإخوة والأخوات الكرام:

ستظلُّ المرأة العُمانية، بعونِ اللهِ، شعلةً مُضيئةً في حاضر الوطن، وركنًا راسخًا في مُستقبله، تسير بخُطًى واثقة نحو آفاق أرحب، مُحافظةً على أصالتها، مُنفتحةً على مُعطيات العالم، وفيّةً لعُمان وقائدِها المُفدّى حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان المعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ-.

نسألُ اللهَ أن يحفظ عُمان آمنةً مُزدهرةً، وأن يُديم على نسائِها ورجالِها المجدَ والعزَّ والفخرَ، وكلُّ عامٍ وأنتمْ جميعًا في خيرٍ ورفعةٍ

مقالات مشابهة

  • هل يجب انتظار 20 دقيقة بعد الأذان لصلاة الفجر؟.. الإفتاء تحذر
  • هل يجوز أداء ركعتي سنة الفجر بعد الانتهاء من الصلاة؟.. الأزهر يجيب
  • إحسان الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليوم الجمعة
  • السّيدةُ الجليلةُ توجّهُ كلمةً بمناسبة يوم المرأةِ العُمانية
  • هل سماع الأذان شرط لحضور لصلاة الجماعة؟..الإفتاء تجيب
  • المرأة العُمانية.. نبع العطاء السخي
  • كيف يلتزم المسلم بصلاة الفجر ولا ينام عنها؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم
  • السّيدة الجليلة توجّه كلمة بمناسبة يوم المرأةِ العُمانية
  • حكم صلاة المرأة بالنقاب .. الإفتاء ترد