عباس شراقي: السد العالي أنقذ الشعب المصري من كارثة "سوء إدارة إثيوبيا"
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن سد النهضة الإثيوبي أصبح "قنبلة مائية" تهدد السودان بشكل مباشر، مشدداً على أن السد العالي في مصر كان ولا يزال هو الحصن المنيع الذي حال دون شعور المواطن المصري بآثار الحجز الهائل للمياه.
وأوضح في حوار خاص لـ قناة "العربية بزنس"، أن سد النهضة بني بظروف "سياسية بالدرجة الأولى"، حيث تحول تصميمه من تخزين 11 مليار متر مكعب إلى سد ضخم خزن نحو 74 مليار متر مكعب، سعياً من رئيس الوزراء الإثيوبي لبناء الأكبر في القارة.
وأشار إلى أن العائد الاقتصادي على الشعب الإثيوبي غير واضح تماماً، حيث لم تُزرع أراضٍ إضافية، ولم تُوفر مياه شرب جديدة، بل وتوقفت التوربينات عن العمل، مؤكداً: "لم يحصل أي مواطن إثيوبي على أي فائدة من سد النهضة حتى اليوم".
وكشف الدكتور شراقي أن مصر حُجز عنها أكثر من 100 مليار متر مكعب من المياه على مدار السنوات الخمس الماضية، وهو ما يمثل حصة مصر لأكثر من سنتين.
ورغم هذا الحجز، أكد أن المواطن المصري لم يشعر بالنقص، والفضل في ذلك يعود بالكامل إلى وجود السد العالي الذي عوّض الكميات المحجوزة.
وللحفاظ على احتياطي السد العالي، لفت شراقي إلى أن الدولة المصرية أنفقت 500 مليار جنيه على مشروعات ضخمة كاستخدام مياه الصرف الزراعي وتطوير شبكات الري، مشيراً إلى أن المواطن سيتحمل تكلفة هذه المشروعات لكنه نجا مائياً من كارثة كانت وشيكة لولا السد العالي.
فيما يخص السودان، حذر شراقي من أن سد النهضة أصبح يمثل "خللاً في موازين القوى" بين إثيوبيا والسودان، مشيراً إلى أن السد يمتلك 21 بوابة (مفيض وتوربينات) قادرة على تصريف 2.5 مليار متر مكعب في اليوم، أي أربعة أضعاف الكمية التي أغرقت السودان مؤخراً.
وشدد على أن "إثيوبيا تستطيع أن تدمر السودان في أي يوم من الأيام بفتح بوابات فقط".
ووصف شراكي سد النهضة بـ "القنبلة المائية" نظراً لقدرة إثيوبيا على فتح البوابات وإغراق السودان في أي وقت بسبب ضخامة مخزونه وسوء إدارته، كما حدث مؤخراً باضطرارهم لفتح البوابات إجبارياً نتيجة تراكم مياه الأمطار.
وعلى الجانب المصري، طمأن شراقي بأن مصر في مأمن بفضل السد العالي، الذي يستطيع استقبال أي كمية مياه، حتى لو فُتحت جميع بوابات سد النهضة، وتخزينها في بحيرة ناصر الضخمة.
وأكد أن وجود السد العالي هو ما منح مصر "طول البال والوقت للتمسك بالشرعية الدولية طوال 14 سنة".
وفي الختام، شدد شراكي على ضرورة العودة للمفاوضات، منوهاً بأن خيار "القوة العسكرية" يبقى الطريق الأخير للدفاع عن الأمن المائي إذا لم تستطع مصر توفير المياه للمواطنين أو توقفت الأراضي عن الزراعة، معرباً عن أمله في ألا تصل الأوضاع إلى تلك الخطوة.
كما أكد أن سد النهضة، كـ "أمر واقع"، أصبحت المياه المخزنة فيه "احتياطياً مائياً مصرياً" لأن المياه ليس لها طريق آخر سوى الذهاب إلى مصر.
اقرأ المزيد..
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة القاهرة أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية المواطن المصرى ملیار متر مکعب أن سد النهضة السد العالی إلى أن
إقرأ أيضاً:
فيضانات وتوترات وغياب اتفاق.. هكذا تجدّدت أزمة سد النهضة
شهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدًا في التوترات الدبلوماسية بين مصر وإثيوبيا، على خلفية موجة الفيضانات التي ضربت السودان وامتدت تداعياتها إلى الأراضي المصرية، ما دفع القاهرة إلى توجيه انتقادات لطريقة تشغيل سد النهضة، والتي تسببت، بحسبها، في اضطراب تدفقات مياه النيل.
وبحسب عدد من التقارير الإعلامية، المتفرّقة، فإنّ: "تصاعد التوتر بين القاهرة وأديس أبابا يعكس عمق الخلافات الفنية والسياسية حول آليات تشغيل سد النهضة، وغياب التنسيق المسبق بشأن تدفقات المياه التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن المائي لمصر والسودان".
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد أكّد قبل أيام أنّ: "مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا، مشددا على أن بلاده ستتخذ كل التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي".
يأتي ذلك تزامنا مع ما شهدته مناطق ريفية مصرية من فيضانات غير مسبوقة غمرت منازل وأراضي زراعية واسعة في منطقة "طرح النهر"، جرّاء ارتفاع منسوب نهر النيل بشكل ملحوظ.
وفي السياق نفسه، حملت الحكومة المصرية بدورها المسؤولية لسد النهضة الإثيوبي، مبرزة أنّ: "زيادة التصريفات الأحادية ومخالفة القواعد الفنية في التخزين ساهمت في تفاقم الأضرار". فيما ردّت الحكومة الإثيوبية على "حقها السيادي في استخدام مواردها المائية".
وردا على اتهامات الرئيس المصري بـ"الإجراءات الأحادية"، رفضت أديس أبابا هذه التصريحات "رفضا قاطعا"، مؤكدة أنها "أدارت مشروع سد النهضة بشفافية كاملة"، وقدمت "بيانات فنية دورية حول مراحل الملء والتشغيل إلى كل من السودان ومصر"، سواء عبر آليات الاتحاد الإفريقي أو القنوات الدبلوماسية المباشرة.
إلى ذلك، قالت مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الإفريقية، منى عمر، إنّ: "القلق المصري مشروع في ضوء انعدام الثقة المتراكم تجاه الموقف الإثيوبي، فأي مبادرة دولية مهما كانت جديتها، ستواجه صعوبة حقيقية إذا لم تظهر أديس أبابا إرادة سياسية صادقة للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد".
وأشارت إلى أنه "رغم السنوات الطويلة من التفاوض والوساطات، لم يتم الوصول إلى اتفاق قانوني مع دولتي المصب، نتيجة التعنت الإثيوبي خلال هذه المفاوضات". وبشأن خيارات القاهرة للتعامل مع الأزمة، شدّدت على أن "جميع الخيارات تظل مطروحة أمام مصر، إلا أن القاهرة ما زالت تفضل وتتمسك بالمسار السلمي كخيار استراتيجي لحل هذه الأزمة، وهو ما تعلنه بوضوح في كل المحافل الدولية".
إلى ذلك، تتمحور انتقادات مصر والسودان بخصوص سد النهضة، في اعتباره "مخالفا للقانون الدولي، ويترتب عليه آثار جسيمة تصيب دولتي المصب، ويمثل تهديدا مستمرا لاستقرار الوضع في حوض النيل الشرقي طبقا للقانون الدولي".
وحددت اجتماعات آلية 2+2 التشاورية بين القاهرة والخرطوم، أنّ: "تهديد السد الإثيوبي يكمن في المخاطر المترتبة على الخطوات الأحادية الإثيوبية لملء وتشغيل السد، وكذلك المتعلقة بأمان السد، والتصريفات المائية غير المنضبطة ومواجهة حالات الجفاف".
وكان كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، قد كشف أنّ: "واشنطن تعتزم لعب دور يضمن حقوق الدول ويمنع اندلاع نزاع".