يستحضر مفهوم السفر على أنه: إما سفر بلا عودة، وإما سفر وعودة، وفي كلا المفهومين مساحة أفقية للنظر خلالها، وفق كل نوع على حدة ومن بينهما من معان كثيرة تتزاحم على الذاكرة، ومعنى ذلك أن كل سفر مرتبط بكثير من القرارات، والممارسات لأنها « في نهاية الأمر» تفضي إلى واقع جديد، وترسيخ قناعات جديدة، واتخاذ مواقف مختلفة، سواء على المستوى الشخصي، أو المستوى الجمعي، مع التسليم المطلق بحتمية السفر وممارسته عند كل فرد؛ بلا استثناء؛ والاستثناء الوحيد هو من لا يفكر بسفر ما، فحياتنا سفر على سفر، منذ النشأة الأولى، وإلى آخر فرصة زمنية متاحة لأعمارنا، وأخص الفرد هنا، وأعنيه؛ لأنه القادر على التغيير، فالمجموع لا توقظهم إلا همة الفرد، فالفرد هو «رأس الحربة».
وتأتي الخمس فوائد «سافر ففي الأسفار خمس فوائد: تفريج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب، وصحبة ماجد» التي يتغنى بها دائما لتثبيت المكاسب المادية والمعنوية المتحصلة من أي سفر كان، سواء أكان سفرا ماديا، وهو الانتقال من مكان إلى مكان، أو سفرا معنويا؛ يذهب إلى القطيعة عن شيء ما يكون ضرره أكثر من نفعه، وإذا كان « بعض الأحيان » أن السفر المادي مرتبط بمعززات لوجستية، فإن السفر المعنوي متحرر من ذلك كلية، ويحتاج فقط إلى عزم النية الصادقة، واتخاذ القرار في الوقت المناسب لمخاطر التأجيل، خاصة في حالة المكوث أكثر والمخاطرة بالانتظار؛ لعل أن تكون هناك حلحلة لأمر ما يشكل خطورة كبيرة، مع أن معظم التأجيل يفضي إلى الوهن، وانطفاء ذروة الأمر، والعودة إلى المربع الأول؛ في أغلب الأحيان، ولذلك قيل: «إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة؛ فإن سداد الرأي ترك التردد».
وكما يرتبط السفر بالحالة المادية عند الشخص، يرتبط كذلك بالحمولة المعنوية عند شخص آخر يريد أن يسافر من حالة شعورية جاثمة على قلبه إلى حالة شعورية متحررة من ذات القيود والسلاسل التي تكبل حريته ونشاطه، ولذلك تتوفر عند كثير من الناس المعززات المادية، فلا يسافر، وعند آخر تعلو قيمة المعنوية فلا يجد نفسه إلا وقد خلا مكانه من حضوره، فإذا هو بعيد بعيد، وتذهب الفكرة هنا أكثر إلى السفر المفضي إلى إنقاذ النفس من السقوط في كثير من المشاكل التي تحيط بالفرد، سواء من جانب مقارفة الذنوب، أو مقارفة خلق العداوات، أو استحضار الصور النمطية عن الأمكنة، والناس من حوله، ففي السفر التحرر من كل ذلك، ولو عبر مسافة زمنية قصيرة، ومن استطاع أن يطيل فذلك مكسب أكبر، وأكثر، وليس من ضرر معنوي في ذلك.
فالذين يسافرون بأفكارهم « في أغلب الأحيان مبدعون، «والذين يسافرون بانعتاق أنفسهم عن ما حولهم «في أغلب الأحيان سالمون »، والذين يسافرون بتمسكهم بقيمهم وسموها «في أغلب الأحيان ناجحون»، والذين يسافرون بهروبهم من واقع يرونه مملا « في أغلب الأحيان ناجون »، وبالتالي فمفهوم السفر يتجاوز الصورة الضيقة، أو الأفق القصير المحصور بين محطتين يصل بينهما قطار.
وتنسحب الصورة ذاتها عند الذوات المثقلة بأعباء معنوية ومادية، وتتحرك ببطء، فلا تشعر بحرية واسعة لتغيير واقعها، وهذه معاناتها عميقة، فتجربة الحياة بقدر ما تعطي الفرد القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، إلا أنها في الوقت نفسه تكبله بكثير من الصور النمطية التي تشوه أمام ناظريه الأفق الجميل، حيث يظل مسكونا بهذه الصور فتعطل عنده متعة الحياة الآمنة، ولذلك نلاحظ هذه الصورة جليا في اختلاف الأعمار وتجربة الحياة، عبر تصرفات الأفراد، فالأحدث سنا يكون أكثر حيوية ونشاطا وقدرة على تجاوز المواقف المؤلمة والصادمة، بينما الكبار في السن، يتموضعون أكثر عندها، ويجدون صعوبة كبيرة للسفر بذواتهم، ومفارقة مواقعهم.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بن شيخة يضع الروتوشات الأخيرة قبل السفر إلى أبيدجان
أجرى فريق اتحاد العاصمة بقيادة المدرب عبد الحق بن شيخة آخر حصة تدريبية له اليوم قبل التنقل إلى العاصمة الإيفوارية أبيدجان، استعداداً لمواجهة أكاديمية أمادو ديالو ضمن الدور التمهيدي الثاني من كأس الكونفيدرالية الإفريقية.
وشهدت الحصة التي جرت بملعب عمر حمادي ببولوغين حضور جميع اللاعبين المعنيين برحلة الفريق، التي ستنطلق غداً الجمعة على الساعة التاسعة صباحاً، حسب ما كشفه بيان النادي عبر صفحته الرسمية.
وسيجري ممثل الكرة الجزائرية حصتين تدريبيتين في أبيدجان، إحداهما على أرضية الملعب الرئيسي الذي سيحتضن اللقاء المرتقب يوم الأحد المقبل على الساعة الخامسة مساءً بتوقيت الجزائر.
ومن المقرر أن تعود بعثة اتحاد العاصمة إلى الجزائر يوم الإثنين، غداة المواجهة التي يسعى فيها الفريق لتحقيق نتيجة إيجابية خارج الديار قبل لقاء الإياب.
ملامح تسوية انتخابية مرتقبة: لا مغتربين وتأجيل تقني