جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-09@09:12:37 GMT

"حماس" على مفترق طرق

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

'حماس' على مفترق طرق

 

 

 

د. أحمد يوسف **

 

بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار وموافقة حركة حماس على الاتفاق، كان السؤال الأكثر تداولًا في وسائل الإعلام، وفي المقابلات التي أجريتها على الفضائيات العربية والدولية، يدور حول مسألة نزع سلاح حماس ومستقبل الحركة في ترتيبات ما بعد "اليوم التالي".

بطبيعة الحال، لن تُسلِّم حماس سلاحها قبل التوصل إلى ترتيبات تضمن سلامة قياداتها وكوادرها في الداخل، وذلك ضمن صيغةٍ أمنيةٍ ستشرف عليها الدول العربية والإسلامية التي ساهمت في إقناع الحركة بتوقيع الاتفاق.

فعملية نزع السلاح ليست إجراءً آنيًا؛ بل مسار سياسي وأمني معقّد يحتاج إلى وقت قد يطول أو يقصر، تبعًا لمدى جدّية التحركات الدولية، وتقدّم عجلة السلام في الاتجاه الصحيح، ووجود حلٍّ سياسي يبدد أسباب المقاومة ويفتح أفق الأمل أمام الشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق، يمكن الاستفادة من تجربة إيرلندا الشمالية واتفاق "الجمعة العظيمة" عام 1998، الذي أنهى مظاهر العنف بين الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) والجيش البريطاني. فبعد سنوات من التفاهمات، تمّ التوافق في عام 2005 على أن البلاد أصبحت خالية من السلاح، دون أن يُقال إنّ كلَّ قطعة سلاح قد سُلِّمت بالفعل.

في الحالة الفلسطينية، يمكن للسلطة الوطنية أن تلعب دورًا في تحييد سلاح المقاومة ضمن ترتيبات تحفظ الكرامة الوطنية، طالما توفَّر استقرارٌ أمنيٌ وضمانات سياسية واضحة؛ فالقضية، في جوهرها، مرتبطة بمدى التزام إسرائيل بمسار السلام، وبإمكانية الوصول إلى دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة.

أما التساؤل الآخر، فيتعلق بمستقبل حركة حماس بعد الاتفاق، وتعهدها بأنها لن تعود لحكم قطاع غزة. غير أن الواقع يشير إلى أن الحركة تدير تنظيمًا يزيد تعداده على 100 ألف في القطاع، وربما أكثر من ذلك في الضفة الغربية. لذا، من الطبيعي أن تفكر حماس في إنشاء حزبٍ سياسي يمكّنها من المشاركة في الحياة السياسية، لكن هذه المرة في إطار اتفاق وطني شامل، وضوابط يحددها النظام السياسي الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير، في سياق شراكة وطنية تقوم على القواسم المشتركة لا على أجندات فصائلية ضيقة.

إنّ حماس، بحزبها الجديد وتطلعاتها الوطنية، ستكون جزءًا من الحراك السياسي الفلسطيني، تسهم فيه بفاعلية ومسؤولية لتحقيق المصالح الوطنية العليا، ولإعادة بناء النظام السياسي على أسس من الشراكة والتكامل لا الإقصاء والانقسام.

وفي التأمل الأخير، يمكن القول إنّ ما تعيشه حماس اليوم ليس مجرد تحوّل سياسي؛ بل هو جزء من مسارٍ أوسع تخوضه الحركات الإسلامية المعاصرة بين متطلبات الشرعية الوطنية واستحقاقات الواقعية السياسية. فكما انتقلت حركات المقاومة في تجاربٍ عدة من خنادق المواجهة إلى ميدان السياسة، فإنّ التحوّل من البندقية إلى الكلمة، ومن المقاومة إلى المشاركة، هو خيار الوعي لا الاضطرار، وهو طريق النضج الذي تتكامل فيه القيم والمصالح من أجل فلسطين ومستقبلها.

** مستشار سابق لرئيس الوزراء الفلسطيني الراحل إسماعيل هنية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شرخ داخل أسوار أنفيلد.. غضب صلاح يضع ليفربول أمام مفترق طرق

شهدت أروقة نادي ليفربول واحدة من أكثر اللحظات توترًا هذا الموسم، بعد أن وجد النجم المصري محمد صلاح نفسه مجددًا على مقاعد البدلاء أمام ليدز، في قرار فاجأ الجماهير وفتح الباب أمام أزمة صامتة خرجت إلى العلن لأول مرة بهذا الوضوح. ما كان يبدو مجرد اختيار فني من المدرب آرني سلوت، تحوّل إلى عاصفة حقيقية داخل أنفيلد، بعدما عبّر صلاح في تصريحات صريحة عن استيائه من وضعه، ملمحًا إلى أن العلاقة بينه وبين النادي تمر بمرحلة غير مسبوقة من التوتر.

محمد صلاح يكشف كواليس التوتر مع آرني سلوت: علاقة انهارت فجأة

صلاح، الذي اعتاد أن يكون العنصر الأهم في تشكيل الفريق خلال السنوات الماضية، تحدث بلهجة تحمل غضبًا مريرًا، مؤكدًا أنه يشعر بتجاهل غير مفهوم، وأنه قدّم ما يكفي ليستحق الثقة وليس التهميش. لم يكن التصريح العابر هو ما أثار الجدل، بل إحساسه بأن النادي "ألقاه تحت العجلات"، على حد وصفه، في مرحلة يرى فيها الجمهور والإعلام أن مستواه لا يستحق الإقصاء.

القرار الفني بوضعه على الدكة للمباراة الثالثة تواليًا منح المشهد بُعدًا أكبر، خاصة أنّ سلوت برّر الخطوة باعتبارات تكتيكية تتعلّق بطريقة لعب ليدز، لكن كلمات صلاح أظهرت أن الأمر يتجاوز الجانب الفني، ليصل إلى شعور بالخذلان وغياب الاستشارة أو التوضيح.

وما يزيد التعقيد أن صلاح يستعد لمغادرة الفريق في منتصف ديسمبر للانضمام إلى منتخب مصر في كأس الأمم الإفريقية، ما يعني أنّ لقاء برايتون ربما يكون ظهوره الأخير قبل سفره، وربما آخر مباراة له بقميص ليفربول إذا اتخذت الأزمة منحنى تصاعديًا خلال فترة الانتقالات المقبلة.

الجماهير بدورها تعيش حالة انقسام؛ فالبعض يطالب المدرب بإعادة النجم المصري إلى واجهة التشكيل احترامًا لما قدمه، بينما يرى آخرون أن التغيير أحيانًا ضروري، وأن سلوت يمتلك الحق التكتيكي في إدارة المجموعة من دون ضغوط.

ووسط هذا الجدل، يبقى الصمت هو لغة النادي الرسمية، بينما تقف الأنظار أمام موقف قد يصبح نقطة انتهاء حقبة تاريخية. صلاح ليس لاعبًا عاديًا في ليفربول؛ هو هداف حقق بطولات وحطم أرقامًا، وتحول إلى رمز للنجاح والهوية في أنفيلد. ورغم ذلك، فإن الأيام المقبلة وحدها ستحدد ما إذا كان ما يحدث مجرد خلاف عابر، أم نهاية العلاقة لأحد أهم نجوم النادي في العصر الحديث.

مقالات مشابهة

  • ماذا تملك المقاومة في غزة اليوم لردع الاحتلال؟
  • قيادي بـ”حماس”: إسناد إدارة قطاع غزة للجنة تكنوقراط مقترح مصري
  • واشنطن وتل أبيب تبحثان ترتيبات "المرحلة الثانية" في غزة
  • شرخ داخل أسوار أنفيلد.. غضب صلاح يضع ليفربول أمام مفترق طرق
  • وقفة لنزلاء الإصلاحية المركزية في البيضاء تأييدا للشعب الفلسطيني وصمود المقاومة
  • قطر: لن نموِّل إعادة إعمار ما دمّره الآخرون في غزة.. وسنواصل دعم الشعب الفلسطيني
  • قطر: سنواصل دعم الشعب الفلسطيني.. ولن نمول إعادة إعمار ما دمّره الآخرون
  • قطر: لا علاقة لنا بتمويل حماس.. ولا يمكن تحقيق السلام بالمنطقة دون انخراط جميع الأطراف
  • هل يمكن تجديد الهوية الوطنية لمقيم خارج المملكة؟.. توضيح من الأحوال المدنية
  • “حماس”:”إسرائيل” تُريد أن تُخضع كل المنطقة لسيطرتها ويجب حماية سلاح المقاومة