جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-18@16:40:18 GMT

"حماس" على مفترق طرق

تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT

'حماس' على مفترق طرق

 

 

 

د. أحمد يوسف **

 

بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار وموافقة حركة حماس على الاتفاق، كان السؤال الأكثر تداولًا في وسائل الإعلام، وفي المقابلات التي أجريتها على الفضائيات العربية والدولية، يدور حول مسألة نزع سلاح حماس ومستقبل الحركة في ترتيبات ما بعد "اليوم التالي".

بطبيعة الحال، لن تُسلِّم حماس سلاحها قبل التوصل إلى ترتيبات تضمن سلامة قياداتها وكوادرها في الداخل، وذلك ضمن صيغةٍ أمنيةٍ ستشرف عليها الدول العربية والإسلامية التي ساهمت في إقناع الحركة بتوقيع الاتفاق.

فعملية نزع السلاح ليست إجراءً آنيًا؛ بل مسار سياسي وأمني معقّد يحتاج إلى وقت قد يطول أو يقصر، تبعًا لمدى جدّية التحركات الدولية، وتقدّم عجلة السلام في الاتجاه الصحيح، ووجود حلٍّ سياسي يبدد أسباب المقاومة ويفتح أفق الأمل أمام الشعب الفلسطيني.

وفي هذا السياق، يمكن الاستفادة من تجربة إيرلندا الشمالية واتفاق "الجمعة العظيمة" عام 1998، الذي أنهى مظاهر العنف بين الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) والجيش البريطاني. فبعد سنوات من التفاهمات، تمّ التوافق في عام 2005 على أن البلاد أصبحت خالية من السلاح، دون أن يُقال إنّ كلَّ قطعة سلاح قد سُلِّمت بالفعل.

في الحالة الفلسطينية، يمكن للسلطة الوطنية أن تلعب دورًا في تحييد سلاح المقاومة ضمن ترتيبات تحفظ الكرامة الوطنية، طالما توفَّر استقرارٌ أمنيٌ وضمانات سياسية واضحة؛ فالقضية، في جوهرها، مرتبطة بمدى التزام إسرائيل بمسار السلام، وبإمكانية الوصول إلى دولة فلسطينية حقيقية ذات سيادة.

أما التساؤل الآخر، فيتعلق بمستقبل حركة حماس بعد الاتفاق، وتعهدها بأنها لن تعود لحكم قطاع غزة. غير أن الواقع يشير إلى أن الحركة تدير تنظيمًا يزيد تعداده على 100 ألف في القطاع، وربما أكثر من ذلك في الضفة الغربية. لذا، من الطبيعي أن تفكر حماس في إنشاء حزبٍ سياسي يمكّنها من المشاركة في الحياة السياسية، لكن هذه المرة في إطار اتفاق وطني شامل، وضوابط يحددها النظام السياسي الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير، في سياق شراكة وطنية تقوم على القواسم المشتركة لا على أجندات فصائلية ضيقة.

إنّ حماس، بحزبها الجديد وتطلعاتها الوطنية، ستكون جزءًا من الحراك السياسي الفلسطيني، تسهم فيه بفاعلية ومسؤولية لتحقيق المصالح الوطنية العليا، ولإعادة بناء النظام السياسي على أسس من الشراكة والتكامل لا الإقصاء والانقسام.

وفي التأمل الأخير، يمكن القول إنّ ما تعيشه حماس اليوم ليس مجرد تحوّل سياسي؛ بل هو جزء من مسارٍ أوسع تخوضه الحركات الإسلامية المعاصرة بين متطلبات الشرعية الوطنية واستحقاقات الواقعية السياسية. فكما انتقلت حركات المقاومة في تجاربٍ عدة من خنادق المواجهة إلى ميدان السياسة، فإنّ التحوّل من البندقية إلى الكلمة، ومن المقاومة إلى المشاركة، هو خيار الوعي لا الاضطرار، وهو طريق النضج الذي تتكامل فيه القيم والمصالح من أجل فلسطين ومستقبلها.

** مستشار سابق لرئيس الوزراء الفلسطيني الراحل إسماعيل هنية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حماس: سلمنا جميع المحتجزين الأحياء وما لدينا من رفات جثث يمكن الوصول إليها

 

أعلنت حركة "حماس" أنها سلمت ما لديها من المحتجزين الأحياء خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، إضافة إلى رفات الجثث التي تمكنت من الوصول إليها، مؤكدة أنها تبذل جهودًا كبيرة لإغلاق ملف المحتجزين بشكل كامل.

اعلام عبري:  كاتس يأمر الجيش بإعداد خطة لهزيمة حماس في حال تجدد الحرب

وفي بيان رسمي، أوضحت الحركة أن الجهود مستمرة للعثور على بقية جثامين المحتجزين، إلا أن ذلك يتطلب معدات متقدمة وجهودًا ميدانية معقدة في ظل الظروف الأمنية والإنسانية الصعبة داخل قطاع غزة، وفقا للقاهرة الإخبارية.

وأكدت حماس التزامها بما تم الاتفاق عليه في إطار التفاهمات المتعلقة بتبادل الأسرى، مشيرة إلى أنها تتعاون مع الوسطاء في هذا الملف، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عمليات البحث والانتشال.

مقالات مشابهة

  • "الهضيبي": الوفد يخوض انتخابات النواب ضمن القائمة الوطنية بثقل سياسي وتنظيمي تاريخي
  • مصادر: البرهان يجري ترتيبات لحوار سياسي جديد وتوقعات بشطب بلاغات ضد شخصيات سودانية بارزة
  • محلل سياسي: مصر ماضية في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني والتصدي لممارسات الاحتلال الممنهجة
  • باحث سياسي: 5 مسارات أساسية لنجاح المرحلة الثانية من خطة ترامب
  • محلل سياسي: موافقة حماس المفاجئة على خطة السلام أربكت إسرائيل وأجبرتها على التراجع
  • محلل سياسي من غزة لحديث القاهرة: شبح الحرب الأهلية يخيف الشارع
  • نتنياهو يعلق على وصف ترامب له بأنه ليس أسهل شخص يمكن التعامل معه
  • حماس: سلمنا جميع المحتجزين الأحياء وما لدينا من رفات جثث يمكن الوصول إليها
  • حماس: التزمنا باتفاق تبادل الأسرى وسلمنا كل ما لدينا من أحياء وجثامين يمكن الوصول إليها