إيكونوميست: لماذا يتجه الغرب نحو تبني تأشيرات العمل المؤقتة؟
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
تشهد برامج الهجرة المؤقتة للعمالة الوافدة ازدهارا عالميا، وتُعتبر الحل السياسي والاقتصادي الذي تتبناه الدول الغنية لمعالجة نقص العمالة الناتج عن التغيرات الديمغرافية، مع إرضاء التيار الشعبوي المناهض للهجرة الدائمة.
وتناول تقرير نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية انتشار هذا النموذج من الهجرة في دول تقودها حكومات يمينية مثل إيطاليا والمجر خاصة، وفي دول الغرب عامة.
ولفتت إيكونوميست إلى أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أعلنت -رغم خطابها اليميني المتشدد- عن إصدار 165 ألف تأشيرة عمل لعام 2026، مقارنة بـ30 ألفا فقط قبل 5 سنوات، كما وقّعت اتفاقا مع الهند لتعزيز التنقل الوظيفي.
أما رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، فعلى الرغم من تصريحه بأن اقتصاد بلاده لا يحتاج إلى أي مهاجرين، إلا أنه قام بهدوء بتبني خطط العمالة المؤقتة، وارتفع عدد العمال المهاجرين في المجر عام 2024 إلى حوالي 78 ألفا، بزيادة قدرها 92% مقارنة بعام 2019.
تعاني البرامج من مشكلتين رئيسيتين هما صعوبة اندماج المهاجرين في الدول المضيفة وسهولة استغلالهم
كما ارتفع عدد العمال المؤقتين في فرنسا وإسبانيا واليابان، وبلغ عددهم في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2.5 مليون عام 2023، مقارنة بـ1.5 مليون عام 2014. ويعكس ذلك اتساع هذا النموذج العملي -الذي اشتهرت به دول الخليج وسنغافورة- عالميا، حسب المجلة.
وبسبب حاجة الدول الغنية للعمالة، فإن صعود اليمين المتشدد لم يمنع من المضي قدما في تبني سياسات مناهضة للهجرة الدائمة، مما يُسهم في نجاح هذه البرامج، وفق التقرير.
وأشارت المجلة إلى مثال ألمانيا التي ألغت مؤخرا مسارا لتسريع الحصول على الجنسية، وبريطانيا التي تخطط لرفع مدة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية من 5 إلى 10 سنوات، مما يعزز الاعتماد على هذه العقود المؤقتة التي تلبّي احتياجات السوق دون منح المهاجرين الإقامة الدائمة.
وذكر التقرير الزراعة والرعاية الصحية والبناء والتقنيات والوظائف الحرفية والدعم العام كقطاعات رئيسية تعتمد على العمالة المؤقتة.
إعلان فوائدوأوضحت المجلة البريطانية أن هذه البرامج تعود بالفائدة على العمال أيضا، مشيرة إلى قول الباحث لانت بريتشيت من كلية لندن للاقتصاد إن العمل المؤقت في الولايات المتحدة يمكن أن يزيد رواتب العمال من 11 دولة نامية بنسبة تصل إلى 424%.
ويمكن لزيادة نسبة العمال المؤقتين تعويض التراجع الاقتصادي الناتج عن الانكماش السكاني في دول مثل كوريا الجنوبية، حيث يمكن لرفع نسبة العمالة الأجنبية المؤقتة من 3% إلى 15% -كما حدث في أستراليا- أن يدعم الناتج المحلي، وفق تقديرات جامعة جورج ميسون.
وأشارت إيكونوميست -استنادا إلى بيانات البنك الدولي– إلى أن فوائد الهجرة المؤقتة تتجاوز التحويلات المالية، إذ أظهرت الدراسات أن المهاجرين العائدين أكثر ميلا لتأسيس مشاريعهم الخاصة، مما يعزز ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية في بلدانهم.
وبالتالي، تدعم الدول النامية هذا التوجه في الدول الغنية بحماس، فقد أبرمت دول مثل الهند وأوزبكستان اتفاقيات ثنائية لتصدير العمالة مع ضمانات لإعادة العاملين عند انتهاء تأشيراتهم، بينما تهدف فيتنام لإرسال 130 ألف عامل هذا العام، وفق المجلة.
تحدياتورغم الفوائد، أشار التقرير إلى مشكلتين رئيسيتين هما صعوبة اندماج المهاجرين في الدول المضيفة وسهولة استغلالهم.
واستشهد بتجربة ألمانيا الغربية في خمسينيات القرن الماضي، حين استقدمت نحو 14 مليون عامل أغلبهم أتراك، كثير منهم ظل لفترة طويلة بدون وسيلة للحصول على الجنسية مما صعب اندماجهم اجتماعيا.
ووجدت وزارة الصحة اليابانية -وفق التقرير- عام 2022 أن 74% من الشركات التي توظف عمالة وافدة تنتهك قوانين العمل، بما في ذلك جعل المهاجرين يعملون ساعات إضافية غير مدفوعة.
وأضاف التقرير أن بعض الشركات الهولندية لجأت إلى توظيف العمال عبر مكاتب وهمية في دول أوروبية أخرى، مستغلة حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي، مما ترك المهاجرين تحت رحمة الوسطاء والشركات الوهمية، دون أن يعرفوا أي قانون ينطبق عليهم.
وتشير دراسات إلى أن الهجرة المؤقتة تخفض إنتاجية العامل والفائدة المجنية للشركة والدولة المضيفة، إذ ترى الشركات أن تدريب الموظفين المؤقتين هدر لمصادرها، بينما لا يستطيع العمال ترك الشركة المستقدمة والتنقل بين الوظائف، وهو أمر ضروري لتنمية مهارة العامل.
لذلك -يتابع التقرير- يقترح خبراء الاقتصاد اعتماد تأشيرات تتيح للعمال تغيير شركاتهم بحرية، وقد بدأت دول مثل أستراليا وكندا واليابان بتسهيل حركة العمال داخل الصناعات المختلفة.
وتتوقع المجلة استمرار الهجرة المؤقتة للعمالة الوافدة رغم صعود اليمين بالغرب في وقت تتزايد فيه الحاجة للعمالة، مما يجعل الهجرة أشبه بباب يتيح دخول العمال وخروجهم حسب الحاجة، بدلا من سلّم يؤدي إلى الإقامة الدائمة والجنسية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الهجرة المؤقتة فی دول
إقرأ أيضاً:
ميرتس: ألمانيا غير معنية بانتقادات ترامب لسياسة الهجرة في أوروبا
صرح المستشار الألماني فريدريش ميرتس بأن بلاده غير معنية بانتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسياسة الأوروبية المتعلقة بالهجرة.
وخلال لقائه رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش في برلين، قال ميرتس اليوم الأربعاء إنه أبلغ ترامب مراراً بأن ألمانيا تعتمد سياسة لجوء وهجرة جديدة.
وأضاف رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني أنه سيقول لترامب في لقائهما المقبل «إننا حققنا نجاحاً كبيراً، إذ تمكنا من تخفيض أعداد طالبي اللجوء في ألمانيا إلى نحو النصف».
وتابع ميرتس: «أفترض أن هذا سيكون موضع تقدير منه أيضاً، بأننا قمنا بتغيير المسار في المجال الذي أثقل كاهلنا في ألمانيا بشكل كبير».
وفي ضوء الانتقادات الأخيرة التي وجهها ترامب لأوروبا، أكد ميرتس أنه إذا كان الرئيس الأميركي «لا يرى قيمة في هذه المؤسسة، أي في بنية الاتحاد الأوروبي»، وإذا كانت الحكومة الأميركية تجد صعوبة في التعامل معها، فإن هناك على الأقل دولاً أعضاء يمكن التعاون معها - «وفي مقدمتها بالطبع ألمانيا، التي يمكن مواصلة هذه الشراكة معها».
واستطرد ميرتس أنه لا يزال يرغب في النظر إلى الولايات المتحدة باعتبارها شريكاً، وأردف:«وأتمنى أن ترى أميركا الأمر ذاته بنفس الطريقة من منظورها تجاه أوروبا وتجاه ألمانيا».
وكان ترامب صعد من انتقاداته لأوروبا مجدداً في حديثه لموقع «بوليتيكو»، حيث قال إنه رغم أن يحب «التشكيلة الحالية» في إشارة إلى قادة الدول الأوروبية، «لكنهم لا يقومون بعمل جيد. أوروبا لا تقوم بعمل جيد».
ووعد ترامب بأن يدعم في المستقبل السياسيين الأوروبيين الذين يراهم أكثر كفاءة.
وجدد ترامب انتقاده خصوصاً لسياسة الهجرة في الدول الأوروبية، التي - بحسب رأيه - ستجعل العديد من هذه الدول «غير قابلة للعيش» مستقبلا. غير أن ترامب اعتبر المجر وبولندا المثالين الإيجابيين الوحيدين.