تشهد برامج الهجرة المؤقتة للعمالة الوافدة ازدهارا عالميا، وتُعتبر الحل السياسي والاقتصادي الذي تتبناه الدول الغنية لمعالجة نقص العمالة الناتج عن التغيرات الديمغرافية، مع إرضاء التيار الشعبوي المناهض للهجرة الدائمة.

وتناول تقرير نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية انتشار هذا النموذج من الهجرة في دول تقودها حكومات يمينية مثل إيطاليا والمجر خاصة، وفي دول الغرب عامة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل تنجح واشنطن في وقف هيمنة بكين على المعادن النادرة؟list 2 of 2صحف عالمية: دول عربية ترفض مخططا أميركيا إسرائيليا لتقسيم غزةend of listمقاربة سياسية

ولفتت إيكونوميست إلى أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أعلنت -رغم خطابها اليميني المتشدد- عن إصدار 165 ألف تأشيرة عمل لعام 2026، مقارنة بـ30 ألفا فقط قبل 5 سنوات، كما وقّعت اتفاقا مع الهند لتعزيز التنقل الوظيفي.

أما رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، فعلى الرغم من تصريحه بأن اقتصاد بلاده لا يحتاج إلى أي مهاجرين، إلا أنه قام بهدوء بتبني خطط العمالة المؤقتة، وارتفع عدد العمال المهاجرين في المجر عام 2024 إلى حوالي 78 ألفا، بزيادة قدرها 92% مقارنة بعام 2019.

تعاني البرامج من مشكلتين رئيسيتين هما صعوبة اندماج المهاجرين في الدول المضيفة وسهولة استغلالهم

كما ارتفع عدد العمال المؤقتين في فرنسا وإسبانيا واليابان، وبلغ عددهم في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 2.5 مليون عام 2023، مقارنة بـ1.5 مليون عام 2014. ويعكس ذلك اتساع هذا النموذج العملي -الذي اشتهرت به دول الخليج وسنغافورة- عالميا، حسب المجلة.

وبسبب حاجة الدول الغنية للعمالة، فإن صعود اليمين المتشدد لم يمنع من المضي قدما في تبني سياسات مناهضة للهجرة الدائمة، مما يُسهم في نجاح هذه البرامج، وفق التقرير.

وأشارت المجلة إلى مثال ألمانيا التي ألغت مؤخرا مسارا لتسريع الحصول على الجنسية، وبريطانيا التي تخطط لرفع مدة الإقامة المطلوبة للحصول على الجنسية من 5 إلى 10 سنوات، مما يعزز الاعتماد على هذه العقود المؤقتة التي تلبّي احتياجات السوق دون منح المهاجرين الإقامة الدائمة.

وذكر التقرير الزراعة والرعاية الصحية والبناء والتقنيات والوظائف الحرفية والدعم العام كقطاعات رئيسية تعتمد على العمالة المؤقتة.

إعلان فوائد

وأوضحت المجلة البريطانية أن هذه البرامج تعود بالفائدة على العمال أيضا، مشيرة إلى قول الباحث لانت بريتشيت من كلية لندن للاقتصاد إن العمل المؤقت في الولايات المتحدة يمكن أن يزيد رواتب العمال من 11 دولة نامية بنسبة تصل إلى 424%.

ويمكن لزيادة نسبة العمال المؤقتين تعويض التراجع الاقتصادي الناتج عن الانكماش السكاني في دول مثل كوريا الجنوبية، حيث يمكن لرفع نسبة العمالة الأجنبية المؤقتة من 3% إلى 15% -كما حدث في أستراليا- أن يدعم الناتج المحلي، وفق تقديرات جامعة جورج ميسون.

شركات هولندية لجأت إلى توظيف العمال عبر مكاتب وهمية في دول أوروبية أخرى مما أثر سلبا على حقوقهم (رويترز)

وأشارت إيكونوميست -استنادا إلى بيانات البنك الدولي– إلى أن فوائد الهجرة المؤقتة تتجاوز التحويلات المالية، إذ أظهرت الدراسات أن المهاجرين العائدين أكثر ميلا لتأسيس مشاريعهم الخاصة، مما يعزز ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية في بلدانهم.

وبالتالي، تدعم الدول النامية هذا التوجه في الدول الغنية بحماس، فقد أبرمت دول مثل الهند وأوزبكستان اتفاقيات ثنائية لتصدير العمالة مع ضمانات لإعادة العاملين عند انتهاء تأشيراتهم، بينما تهدف فيتنام لإرسال 130 ألف عامل هذا العام، وفق المجلة.

تحديات

ورغم الفوائد، أشار التقرير إلى مشكلتين رئيسيتين هما صعوبة اندماج المهاجرين في الدول المضيفة وسهولة استغلالهم.

واستشهد بتجربة ألمانيا الغربية في خمسينيات القرن الماضي، حين استقدمت نحو 14 مليون عامل أغلبهم أتراك، كثير منهم ظل لفترة طويلة بدون وسيلة للحصول على الجنسية مما صعب اندماجهم اجتماعيا.

ووجدت وزارة الصحة اليابانية -وفق التقرير- عام 2022 أن 74% من الشركات التي توظف عمالة وافدة تنتهك قوانين العمل، بما في ذلك جعل المهاجرين يعملون ساعات إضافية غير مدفوعة.

وأضاف التقرير أن بعض الشركات الهولندية لجأت إلى توظيف العمال عبر مكاتب وهمية في دول أوروبية أخرى، مستغلة حرية الحركة في الاتحاد الأوروبي، مما ترك المهاجرين تحت رحمة الوسطاء والشركات الوهمية، دون أن يعرفوا أي قانون ينطبق عليهم.

وتشير دراسات إلى أن الهجرة المؤقتة تخفض إنتاجية العامل والفائدة المجنية للشركة والدولة المضيفة، إذ ترى الشركات أن تدريب الموظفين المؤقتين هدر لمصادرها، بينما لا يستطيع العمال ترك الشركة المستقدمة والتنقل بين الوظائف، وهو أمر ضروري لتنمية مهارة العامل.

لذلك -يتابع التقرير- يقترح خبراء الاقتصاد اعتماد تأشيرات تتيح للعمال تغيير شركاتهم بحرية، وقد بدأت دول مثل أستراليا وكندا واليابان بتسهيل حركة العمال داخل الصناعات المختلفة.

وتتوقع المجلة استمرار الهجرة المؤقتة للعمالة الوافدة رغم صعود اليمين بالغرب في وقت تتزايد فيه الحاجة للعمالة، مما يجعل الهجرة أشبه بباب يتيح دخول العمال وخروجهم حسب الحاجة، بدلا من سلّم يؤدي إلى الإقامة الدائمة والجنسية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الهجرة المؤقتة فی دول

إقرأ أيضاً:

السيسي: مصر أنقذت أوروبا من تداعيات الهجرة غير الشرعية

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، وذلك بمقر إقامة سيادته في العاصمة البلجيكية بروكسل، وذلك بحضور الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، وسفيرة الاتحاد الأوروبي في مصر، ونائب رئيس جهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ومدير عام ادارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس استهل اللقاء بالتعبير عن تقديره للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، مؤكداً أهمية تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين، لا سيما في المجالات السياسية والأمنية، بما يخدم مصالح منطقة الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي على حد سواء. 

وأشار السيسي إلى أن الأوضاع في الشرق الأوسط تشهد اضطراباً، وأن مصر تلتزم بسياسة متزنة وحكيمة تهدف إلى ترسيخ الأمن والاستقرار، بعيداً عن المصالح الضيقة، حيث أثبتت السنوات العشر الماضية نجاح النهج المصري. 

كما أوضح الرئيس أن أوروبا لم تتأثر بشكل كبير بتداعيات الهجرة غير الشرعية، بفضل الجهود المصرية في هذا المجال، وعلى رأسها منع خروج قوارب الهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر ٢٠٢٦، في وقت تستضيف فيه مصر نحو عشرة ملايين أجنبي نزحوا إليها من دول تعاني من الأزمات وعدم الاستقرار، مشدداً سيادته على أن تحقيق الاستقرار في تلك الدول هو السبيل الأمثل للحد من هذه الظاهرة.

وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس استعرض خلال اللقاء جهود مصر في تسوية الأزمات وتحقيق الاستقرار في عدد من دول المنطقة، مؤكداً ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ومقدرات شعوبها، ووقف التدخلات الخارجية فيها. 

وفي هذا السياق، أشار السيسي إلى الدور المصري في التوصل إلى اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في قطاع غزة، بالتعاون مع الوسطاء، معرباً عن تطلع مصر إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ الاتفاق وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع التأكيد على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، وبدء عملية إعادة إعمار القطاع، مشيراً إلى المؤتمر الذي تعتزم مصر استضافته في نوفمبر ٢٠٢٥ بشأن إعادة الإعمار والتعافي.

ومن ناحيتها، أعربت كالاس عن سعادتها بلقاء الرئيس، مشيدةً بالدور الحيوي الذي قامت به مصر في وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار، ليس فقط في غزة، بل أيضاً في السودان وغيرها من الدول التي تشهد أزمات. 

وأكدت أن خطة الرئيس ترامب تمثل خطوة إيجابية، وأن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى المشاركة الفاعلة في تنفيذها، مشددة على أهمية الحفاظ على السلطة الفلسطينية، وعلى استعداد الاتحاد الأوروبي لدعم جهود إعادة إعمار غزة، بما في ذلك المؤتمر المرتقب بمصر في نوفمبر المقبل.

كما شددت المسؤولة الأوروبية على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وتسوية الأزمات في السودان وليبيا بما يضمن وحدة وسلامة أراضيهما وسيادتهما، مشيرة أيضاً إلى أهمية إنهاء الحرب في أوكرانيا واحترام القانون الدولي. 

وفيما يتعلق بملف الهجرة غير الشرعية، أعربت السيدة كالاس عن تقدير الاتحاد الأوروبي الكبير للجهود المصرية الجوهرية في هذا المجال، مؤكدة أن موقف الاتحاد يرتكز على دعم الاستقرار والتنمية في الدول المصدّرة للهجرة.

وذكر المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول أيضاً قضايا المياه والأمن في البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي، حيث تم تأكيد ضرورة احترام القانون الدولي والأعراف الدولية، وعدم المساس بسيادة الدول.

مقالات مشابهة

  • عاجل للسودانيين.. قرار باستئناف إصدار تأشيرات العمل “الإقامة السعودية”.. تعرف على التفاصيل
  • العراق يعيد العشرات من المهاجرين غير الشرعيين من ليبيا
  • اليمن يتصدر الدول العربية في تأشيرات الهجرة إلى أمريكا
  • الأردن وطن وليس جمعية خيرية
  • البرلمان العربي يدعو إلى تبني ميثاق دولي لتحقيق العدالة الاقتصادية العالمية
  • ترحيل عشرات المهاجرين من الجبل الأخضر ضمن جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية
  • السيسي: مصر أنقذت أوروبا من تداعيات الهجرة غير الشرعية
  • أي الدول العربية حصل مواطنوها على أكثر تأشيرات هجرة لأمريكا في 2024؟
  • إبراهيم النجار يكتب: دعوة للنقاش!