وصول وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة النووية الأولى إلى ميناء الضبعة
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
شهد ميناء الضبعة التخصصي بموقع المحطة النووية بالضبعة في جمهورية مصر العربية، حدثًا محوريًا تمثّل في وصول وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة النووية الأولى.
ومن الجدير بالذكر أن وعاء ضغط المفاعل يُعد أحد المكونات الرئيسية في المحطة النووية، حيث يحتوي في داخله على قلب المفاعل النووي الذي تتم فيه سلسلة التفاعلات النووية المتحكم به، ويتميّز هذا الوعاء بقدرته العالية على تحمّل الضغط ودرجات الحرارة المرتفعة، مع ضمان الإحكام الكامل ضد أي تسرب، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في منظومة الأمان والموثوقية التشغيلية للوحدة النووية.
هذا وقد تمّ تصنيع وعاء ضغط المفاعل في مصنع “إيجورا” التابع للقسم الهندسي الميكانيكي لمؤسسة “روساتوم” الحكومية، ويبلغ وزنه أكثر من 330 طنًا، وقد شارك خبراء من هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء– بصفتها المالك والمشغّل المستقبلي لمحطة الضبعة النووية – في أعمال التفتيش خلال مراحل التصنيع، وذلك لضمان الالتزام الكامل بمتطلبات ضمان الجودة والمعايير الفنية المعتمدة.
كما تجدر الإشارة إلى أنه تمّ نقل وعاء ضغط المفاعل على متن سفينة شحن بحرية متخصصة غادرت ميناء سانت بطرسبورغ في الأول من أكتوبر، واستغرقت رحلتها نحو 20 يومًا حتى وصولها إلى موقع المحطة النووية بالضبعة.
صرح الدكتور المهندس شريف حلمي – رئيس مجلس إدارة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء: "نشهد اليوم وصول وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة النووية الأولى للمحطة النووية بالضبعة الى الرصيف البحري الذي أنشأه الجانب المصري خصيصًا لاستقبال المعدات الثقيلة وغير النمطية الخاصة بالمحطة، ومن المقرر البدء في أعمال تركيب وعاء الضغط بالوحدة النووية الأولى خلال منتصف شهر نوفمبر المقبل، حيث يواصل فريق العمل جهوده المكثفة بروح عالية من الالتزام لتحقيق هذا الإنجاز المحوري في مسيرة تنفيذ المشروع الوطني الاستراتيجي".
ومن جانبه صرّح أليكسي كونونينكو - نائب رئيس شركة «أتوم ستروي إكسبورت» ومدير مشروع المحطة النووية بالضبعة من الجانب الروسي: "نشهد اليوم مرحلة مهمة في مسار تنفيذ مشروع إنشاء المحطة النووية بالضبعة، والمتمثّلة في وصول وعاء ضغط المفاعل إلى موقع الإنشاء، ويعكس هذا الإنجاز مستوى التعاون الفعّال بين فرق العمل المشاركة في المشروع، نحن نقف الآن على أعتاب الحدث الأبرز لهذا العام، والمتمثل في تركيب وعاء ضغط المفاعل الخاص بالوحدة النووية الأولى في موضعه التصميمي، إن فريق العمل بأكمله يعمل بروح واحدة، ويتحلى بعزيمة عالية وتركيز واضح نحو تحقيق الأهداف المنشودة."
لمحة تاريخية عن مشروع المحطة النووية بالضبعة
تُعد المحطة النووية بالضبعة هي أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مصر، ويتم بناؤها في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتبعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة، وتتكون المحطة النووية بالضبعة من أربع وحدات للطاقة بقدرة 1200 ميجاوات لكل منها، مزودة بمفاعلات الماء المضغوط من الطراز الروسي VVER-1200 من الجيل الثالث المُطور، التي تعد أحدث التقنيات، ولها بالفعل محطات مرجعية تعمل بنجاح
ويتم بناء المحطة النووية بالضبعة وفقًا لمجموعة العقود التي دخلت حيز التنفيذ في 11 ديسمبر 2017؛ والتي بموجبها ووفقًا للالتزامات التعاقدية، لن يقوم الجانب الروسي ببناء المحطة النووية فحسب، بل سيتعين عليه أيضًا توريد الوقود النووي طوال فترة العمر التشغيلي للمحطة النووية بالضبعة كما سيقدم المساعدة للشركاء المصريين في تدريب الموظفين ودعمهم أثناء مرحلة التشغيل والصيانة خلال السنوات العشر الأولى من تشغيل المحطة. فضلًا عن قيام الجانب الروسي - بموجب اتفاقية منفصلة – ببناء مرافق تخزين خاصة، وكذلك سيوفر حاويات لتخزين الوقود النووي المستنفد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المفاعل النووي المحطة النووية المحطة النووية بالضبعة المحطة النوویة بالضبعة
إقرأ أيضاً:
العالم في فوهة السلاح النووي
تنطلق من اليوم، وعلى امتداد أسبوع، فعاليات الأسبوع الأممي لنزع السلاح، وهي مناسبة تتم فيها الدعوة إلى تعزيز الوعي بخطورة الأسلحة والتسليح وتهديد التنمية وأمن البشرية.
وكما نلاحظ، فإن هذه المناسبة تحظى بفعاليات لأسبوع كامل، وليس ليوم دولي فقط كالكثير من المناسبات الدولية الأخرى، الأمر الذي يعكس أهمية قضية التسليح، وخطورة ظاهرة سباق التسلح في العالم؛ حيث إن تأسيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية سنة 1957 يمثل أحد مظاهر هذا الوعي الأممي المبكر وغير الفعال في الوقت نفسه.
طبعاً الأسلحة المقصودة ليست المرتبطة بالسلاح الأبيض أو الأسلحة التقليدية التي من الطبيعي أن تمتلك كل دولة الحد الأدنى منها، وذلك لاعتبارين؛ أولهما أن الدولة هي التي تستأثر باستخدام العنف المسلح الذي يصفه ماكس فيبر بالمشروع، وثانيهما لا بد من امتلاك أدوات القوة العسكرية للحفاظ على شرف الوطن وسيادته، وهذا النوع من العناية بالبُعد العسكري لا غبار عليه وغير مطروح للنقاش.
ما تُحاول مكافحته الأمم المتحدة من خلال تنظيم هذا الأسبوع الدولي يتصل بأسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها السلاح النووي، إذ لا تزال فظائع كارثتي هيروشيما وناغازاكي بمثابة الكابوس الذي يُقيم في ذاكرة العالم، وينتقل سرّاً عبر الجينات من جيل إلى آخر.
المشكلة الأولى التي تستحق المرور عليها سريعاً تتمثل في أن خلفية تنظيم الأسبوع الدولي لنزع السلاح تُراوغ في تحديد هوية المتلقي والمعني برسائل هذا الأسبوع، وبمجمل الدعوة ككل، إذ تقول منظمة الأمم المتحدة في ديباجتها الشارحة لأهمية تنظيم أسبوع نزع السلاح، إن الهدف هو إذكاء وعي الجمهور بقضايا نزع السلاح!
فهل امتلاك السلاح أو اتخاذ قرار نزع الأسلحة التدميرية الشاملة هما قراران جماهيريان؟
أغلب الظن أن القضية تخص عدداً من قادة الدول الأوائل في سباق التسلح والأكثر إنفاقاً عليه، والشعوب هي ضحايا هذا السباق المجنون غير العقلاني؛ لأنه غير حامل لأهداف بقدر ما أصبح السلوك السياسي لأقوياء العالم نتاج مزاج وخطة تجمع بين أهداف في ظاهرها سياسية، وتخص نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، وفي باطنها تنشيط ضروري جداً لتجارة السلاح. ذلك أن سوق السلاح النشطة تقوم على إنتاج السلاح وبيعه واستخدامه.
المشكلة الثانية أننا في وضع شديد السلبية، ويؤكد أن الجهود المبذولة من أجل نزع السلاح لا تُلائم طبيعة المشكلة: لا يمكن نزع السلاح النووي بعقلية انتقائية. فالقضية من المفروض أن تكون قطعية وعامة، ذلك أن سياسة الكيل بمكيالين في مشكلة أسلحة الدمار الشامل جعلت منها غير مبدئية وغير عادلة وفاقدة للمصداقية.
لذلك فإن المعركة في العالم هي مَن ينتمي للنادي النووي، ومن لا يُمكنه طرق باب هذا النادي، وإذا حصل فإن حتى علماء البلد الطامح يقتلون نساءً ورجالاً، والتاريخ يزخر بالعلماء المصريين والعراقيين والإيرانيين الذين تم اغتيالهم في ظروف تُشبه النووي ذاته.
أكثر من مائة دولة رفعت من ميزانيتها الدفاعية
إن المعلومة التي تأخذنا إلى هذه النبرة السلبية في طرح قضية التهافت الشرس على التسليح أن سباق التسليح العالمي يعرف تصاعداً وحمى يجعلان من الدعوة إلى نزع سلاح الدمار الشامل شعاراتية وعديمة الجدوى: لقد أنفق العالم سنة 2024 مائة مليار دولار على الأسلحة النووية، وذلك بزيادة تقدر بمبلغ 9.4 في المائة، مقارنة بسنة 2023. ووصف الخبراء المختصون في هذا المجال هذه الزيادة بأنها الأكبر منذ انتهاء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي سابقاً والولايات المتحدة الأميركية.
بل إن المعلومات تُخبرنا أيضاً بأن أكثر من مائة دولة رفعت من ميزانيتها الدفاعية، علماً بأن الولايات المتحدة والصين ومؤخراً ألمانيا تُمثل الدول الأكثر إنفاقاً على السلاح.
مثل هذه المعلومات من المفروض أن تُحدد جغرافية الدعوة إلى نزع السلاح من أجل ترشيد الجهود الأمميّة.
وفي الحقيقة يبدو لنا أن هذا الأسبوع الدولي يجب ألا يقتصر على قضية نزع السلاح من دون إرفاقها بأرقام الجوع والفقر واللجوء والحرمان من التعليم بسبب الصراعات المسلحة والتهجير نتيجةً للحروب وعدم الاستقرار.
من المهم ونحن نكشف للعالم عن حجم الإنفاق على أسلحة الدمار الشامل القاتلة للإنسان والقاتلة للطبيعة والمتسببة في تغييرات المناخ، التي يتحمل تداعياتها فقراء العالم وضحايا أنشطة الأقوياء، أن نعيد كشف أرقام تقول إن 6 ملايين شخص يموتون سنوياً من الجوع، منهم 160 ألف طفل يموتون بسبب الجوع يومياً. كما أن الأسلحة التي تفتك بسكان الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل أساسي، وتدمر البنية التحتية في البلدان التي تعاني الحروب، قد أودّت سنة 2024 بحياة 233 ألف شخص، وهو الرقم الأعلى خلال الثلاثين سنة الماضية، والمؤسف أن غالبية الضحايا من الأطفال والنساء.
تظل الأرقام بليغة في رسائلها، لذلك فإنه يكفي أن نشير إلى خطة البنك الدولي التي مفادها أن 30 مليار دولار تكفي لمعالجة أزمة الجوع العالمية، أي ثلث الأموال التي تم إنفاقها العام الماضي على الأسلحة.
أليس العالم فعلاً في فوهة السلاح النووي؟
الشرق الأوسط