بعد خروجهم من سجون قضوا فيها سنوات طويلة، لم يعُد 145 فلسطينيا مُفرج عنهم مقابل الأسرى الإسرائيليين، إلى منازلهم، بل وجدوا أنفسهم في منفى بفندق في القاهرة تحت رقابة أمنية مشددة.

في الفندق الفاخر، يقول مراد أبو الرُّب (49 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية "حُرِمت من أهلي لـ20 عاما، والآن لم يتغيّر شيء، لا أستطيع رؤية أمي ولا إخوتي".

ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تمّ التوصل إليه بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في 10 من أكتوبر/تشرين الأول، على الإفراج عن جميع الأسرى المحتجزين في قطاع غزة مقابل نحو 2000 معتقل في سجون إسرائيلية.

وبين هؤلاء، أبعد 154 فلسطينيا من ذوي الأحكام المؤبدة، إلى مصر، وهم يقبعون منذ منتصف الشهر الجاري في فندق من دون أوراق ثبوتية، وممنوعون من الخروج إلا بموافقة أمنية.

لا أحد يريد استقبالنا

يقيم في الفندق نفسه أكثر من 100 سجين آخر أبعدوا في تبادل سابق بين إسرائيل وحماس في يناير/كانون الثاني الماضي، وفق نادي الأسير الفلسطيني.

وبعد 8 أشهر، لا يزالون لا يعرفون ماذا سيكون مصيرهم ولا يمكنهم التحرّك بحرية.

ويقول أبو الرُّب إن المعتقلين الذين وصلوا إلى مصر أبلغوا من بعض الإخوة في حركة حماس، أن لا دولة عربية تريد استقبالنا.

في ردهات الفندق، يقضي المبعدون ساعات في مكالمات هاتفية مع ذويهم الموجودين في الأراضي الفلسطينية.

حين دخل أبو الرُّب السجن في عام 2006، كانت شقيقته الصغرى في الـ15 من عمرها، "لم أرها منذ 20 عاما، ولم أتعرف عليها حين رأيتها عبر الفيديو. وقد توفي والده بينما كان في السجن.

وكان يمضي عقوبة بالسجن لمدة 400 عام بتهمة قتل 4 جنود إسرائيليين في عملية نفذتها كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح.

ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن ضد إبعاد أي شخص عن وطنه وليس فقط نحن".

إعلان

وتنتقد منظمات حقوقية محاكمة إسرائيل فلسطينيين متهمين بتهديد الأمن أمام المحاكم العسكرية، معتبرة أنها لا تلتزم بضوابط المحاكمة العادلة.

ويقول أبو الرب "لسنا نادمين على ما فعلنا، ولو عدنا إلى الوطن، سنفعل الأمر نفسه".

أبو الرُّب: أبلغنا أن لا دولة عربية تريد استقبالنا (الفرنسية) الساعات الأخيرة

يروي كميل أبو حنيش، الذي أمضى 22 سنة في السجون الإسرائيلية مدانا بالقتل وبتأسيس "كتائب أبو علي مصطفى"، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن الانتقال من السجن الإسرائيلي إلى مصر كان بالنسبة إليه "بمثابة انتقال بين عالمين: عالم الموت وعالم الحياة. عالم القيود والأبواب الموصدة وعالم الحرية والفضاء الواسع".

ويتابع "كنت مع كل خطوة أخطوها (في اتجاه الحافلة المصرية)، أشعر بأنني أولد من جديد".

ويصف الساعات الأخيرة قبل إطلاق سراحه بأنها "الأقسى في حياتنا"، مشيرا إلى أنه تمّ ربط عشرات المعتقلين معا بالحبال وعصب أعينهم مع إجبارهم على الانحناء وتقييد أيديهم إلى الخلف.

ويقول إن ظروف الاعتقال كانت قد ساءت بشكل كبير منذ بدء الحرب في غزة عام 2023.

ويقول أبو الرب "لم تعد لدينا حقوق إطلاقا، حتى أبسطها"، مشيرا إلى منع الأوراق والأقلام وأجهزة التلفزيون والصحف.

ويضيف "تمت مصادرة كل ما لدينا من ملابس وأغطية. كنا ننام على الحديد لأيام.. ونعاني الأمرّين في الشتاء"، مضيفا "حتى شبابيك الغرف أزالوها.. وما كان يقدّم لنا من طعام لا يكفي طفلا صغيرا".

ونشرت منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية تقارير عن سوء المعاملة داخل السجون، الأمر الذي نفته هيئة السجون الإسرائيلية، مؤكدة التزامها بالقوانين.

وقبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، يقول أبو الرُّب، نجح السجناء في انتزاع بعض المكاسب مثل إدخال الكتب والسماح بممارسة الرياضة وإقامة الندوات والدراسة من بعد. "كنّا نلعب الكرة الطائرة وكرة الطاولة.. ونعقد 3 جلسات تثقيفية وتنظيمية يوميا ونتعلّم اللغات".

وضع محمود العارضة (50 عاما) في الحبس الانفرادي عام 2021 بعد إعادة توقيفه عقب هروبه و5 آخرين من سجن جلبوع عبر نفق حفروه باستخدام ملاعق الطعام وأدوات بدائية.

وصدرت في حقه أحكام عدة بالسجن المؤبد منذ عام 1996 بتهمة قتل جنود إسرائيليين والانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي.

في غرفته في الفندق التي يتشاركها مع شريكه في عملية الهرب أيهم كممجي، يتحدث العارضة عن "ضرب يومي وتنكيل" في السجن، "لقد نلت من الأذى في السنتين الماضيتين ما لم أنله خلال 30 عاما".

كميل أبو حنيش أمضى 22 سنة في السجون الإسرائيلية مدانا بالقتل وبتأسيس "كتائب أبو علي مصطفى" (الفرنسية)عدم يقين

وعلى غرار رفاقه، يتحدث أبو حنيش عن "غصة في القلب، لأننا تحررنا وهناك إخوة ورفاق درب لم يحالفهم الحظ ويبقى قسم كبير منهم محكوما لعشرات السنين".

وحصل أبو حنيش خلال فترة اعتقاله على ماجستير في العلوم السياسية، ونشر كتبا.

ولا يزال داخل السجون الإسرائيلية نحو 11 ألف سجين فلسطيني، بحسب بيانات رسمية فلسطينية الشهر الماضي.

ويفيد الخبير في شؤون المعتقلين في نادي الأسير الفلسطيني حسن عبد ربه بأن "الأسرى المبعدين مستضافون في مصر، فيما تتحمل قطر نفقات الإقامة، لحين التوصل إلى اتفاق على دولة يمكن أن تستوعبهم"، مشيرا إلى أن "الأمور ليست يسيرة".

إعلان

ويوضح عبد ربه أن الوجهات المقترحة تتضمن قطر وتركيا وباكستان وماليزيا، ويقول "لا أستطيع النوم منذ وصلت إلى مصر. لا أريد الدخول إلى غرفتي. أفضل الجلوس في الخارج ورؤية السماء دون حواجز".

ويقول أبو حنيش "نحن في عدم يقين، ولكن مهما كانت المحطة التالية، تبقى أفضل ألف مرة من السجن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات السجون الإسرائیلیة ویقول أبو إلى مصر أبو الر

إقرأ أيضاً:

موسى: إشغالات فنادق أكتوبر 100% قبل افتتاح المتحف المصري الكبير

كشف الإعلامي أحمد موسى عن وصول نسبة الإشغال في فنادق مدينة السادس من أكتوبر إلى 100%، في ظل الاستعدادات المكثفة لافتتاح المتحف المصري الكبير، ما يعكس حجم الإقبال الدولي على حضور هذا الحدث العالمي المرتقب.
 

أحمد موسى: مصر تضع اللمسات الأخيرة استعدادا لافتتاح المتحف المصري الكبيرأحمد موسى يعلق على كلمة النائب محمد أبو العينين في الجلسة العامة للاتحاد البرلماني الدولي بجنيف

وأوضح موسى، في برنامجه "على مسئوليتي" المذاع على قناة صدى البلد، أن الحكومة وجهت بتقديم دعم إضافي للمطارات المصرية لتسهيل حركة الوفود والزوار القادمين من مختلف دول العالم، مؤكدًا أن ذلك يعكس جاهزية الدولة لتنظيم افتتاح يليق بمكانة مصر.
 

وأشار إلى أن المتحف المصري الكبير سيكون فخرا لكل مصري، باعتباره أحد أهم المعالم الثقافية والسياحية الجديدة التي ستجذب أنظار العالم إلى مصر.

 

طباعة شارك أحمد موسى الإعلامي أحمد موسى المتحف المصري الكبير

مقالات مشابهة

  • السجن 17 عاما في حق مدانين بنشر معلومات إلكترونية كاذبة بالبرازيل
  • أصوات عربية تنتفض لنصرة السعودية.. سموتريتش: أنا آسف للإهانة التي سببتها
  • بيان مشترك ل (١٥) دولة عربية وإسلامية يدين مصادقة الكنيست على مشروعي قانونين لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة والمستوطنات غير القانونية
  • بعد قضائه 43 عاما في السجن ظلما.. السلطات الأميركية تستعد لترحيل مهاجر هندي
  • اللجنة الأولمبية تريد عدم استضافة دولة إسلامية لأي أحداث رياضية بعد حظر تأشيرات رياضيين إسرائيليين
  • مشاركة 1255 دار نشر من 49 دولة في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر
  • 45 دولة و6 آلاف رياضي.. أول دولة عربية تفتتح أضخم حدث شبابي آسيوي لعام
  • موسى: إشغالات فنادق أكتوبر 100% قبل افتتاح المتحف المصري الكبير
  • ضابط استخبارات روسي يحذّر بوتين من السفر إلى بودابست ويطرح دولة عربية خليجية كبديل