عبد السلام فاروق يكتب: هنا تتكلم الحضارة
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
الشمس تشرق من جديد.. لكنها اليوم تشرق بحكاية مختلفة، حكاية مصر التي لا تشبه سواها. هنا، على هذه الهضبة المطلة على الأهرامات، حيث يصافح الحاضر الماضي، ينبثق هذا الصرح الشامخ كحلم قديم تجسد بين أحضان الصحراء. إنه المتحف المصري الكبير.. لوحة فنية مرسومة بأنفاس الأجداد، وقصيدة محفورة بحروف من نور.
تتألق الواجهة بحجر الألباستر الشفاف، كأنه ضياء انبثق من عين حورس ليضيء طريق الحضارة.
المتحف المصري الكبير، هو الحدث الأبرز اليوم في عالم الآثار ، فهو أكبر مشروع حضاري وثقافي عالمي تم تنفيذه في الوقت الراهن، وقد تم تصميمه ليكون بمثابة بوابة عبر الزمن لتتلاقى حضارة 5000 عام مع الحضارة الحديثة. و يعرض أكثر من 100 ألف قطعة أثرية.
يقام المتحف على مساحة حوالي 500 ألف متر مربع، ويغطي المبنى نحو 186 ألف متر مربع ؛ حتى يتسع لعرض مثل هذا العدد الهائل من التحف الأثرية التى تمثل أحقاب ممتدة من حضارة مصر القديمة ، منذ ما قبل التاريخ وحتى العصرين اليوناني والروماني في مساحة 92000 متر مربع.
العبور .. على سلم التاريخ!
واجهة المتحف مكسوةٌ بالحجر الألباستر الذي يسمح بنفاذ الضوء من خلال الأشكال الهندسية، وتم الاستعانة بنفس درجات الألوان التي كانت تميز الفن عند المصريِّ القديم والموجودة على جدران المعابد والتماثيل الأثرية القديمة، وفي مدخل المتحف نجد تمثال رمسيس الثاني يستقبل الزوار والذي يصل وزنه إلى (83) طنًا.بالإضافة إلى (السلم العظيم- Grand Stair) وهو المدخل لمبنى المتحف وعند صعوده ترى التماثيل الأثرية يمنةً ويسرةً بشكلٍ يوحى بالفخامةً ، ويبعث على تخيل أحقاب تاريخية مضت لدى صعودك مع كل خطوة من هذا السلم الهائل ، رغم هذا تصلك برودة المكيف المدمج من أسفل السلم بفكرةٍ هندسيةٍ رائعةٍ!!
يستهل زائر المتحف زيارته برؤية "ميدان المسلة" الذي تُعرض فيه أول مسلة معلقة بالعالم . يرى أمامها الواجهة المهيبة للمتحف "حائط الأهرامات" بعرض 600 متر وارتفاع 45 متراً، يدلف منها الزائر إلى داخل المبنى الذي يتألف من كتلتين رئيسيتين هما:1- مبنى المتحف : يقف فى صدارته تمثال رمسيس الثاني فى استقبال زائريه. والمبنى يضم العديد من القاعات من أبرزها قاعة الملك توت عنخ آمون التي تضم كنوز الملك مجتمعةً معاً لأول مرة ،ومكتبة للكتب النادرة ومخازن للآثار.
2-مبنى المؤتمرات : الذي يضم قاعة ثلاثية الأبعاد ومركزًا ثقافيًا وساحة مطاعم رئيسية وممشى تجاري ومحلات تجارية.أما بالنسبة للساحات الخارجية فتضم متحف مركب الشمس ومجموعة من المطاعم والعديد من الحدائق.
وخلال تلك الرحلة الأسطورية التاريخية الممتعة سوف يستمتع الزائر برؤية تاريخ مصر الأثرى فى شكل مسلسل مرتب زمنياً من حقبة ما قبل التاريخ حتى العصر الرومانى .
البهو والدرج العظيم
الدرج العظيم أو البهو الرئيسي هو أول مستقبل لزوار المتحف، ويضم البهو الرئيسي تمثال الملك رمسيس الثاني، وتمثالي الملك سنوسرت المعروض بحديقة متحف التحرير، ورأس بسماتيك الأول، وعمود مرنبتاح، ويحتوى الدرج العظيم على 108 درجات بارتفاع 26 مترا، ما يقارب ارتفاع عقار مكون من 9 أدوار، تُعرض عليها أكبر القطع الأثرية بالمتحف، وتُوجد به أربعة مستويات للدخول.
ينقسم المبنى إلى ستة فصوص، أولاً بند A، B الخاصين بقاعة الملك توت عنخ آمون التى تحتوى على 5600 قطعة من كنوزه مجتمعة لأول مرة تحت سقف واحد، وهى تقسم إلى قاعتين مساحة كل قاعة منهما 7 آلاف متر مربع بإجمالي مساحة 14 ألف متر مربع، وبند C الخاص بعرض القطع الضخمة ثقيلة الحجم، وهذا الجزء مفتوح على مثلث كبير جدا يصل طول ضلعه إلى 200 متر، موضوع عليها أكبر القطع بداية من تمثال رمسيس وصولا لكل القطع في الحقب المصرية المختلفة، ويصل عددها إلى 87 قطعة و8 قطع بالبهو، بخلاف ميدان المسلة المعلق الذي تم إضافته بالبهو الخارجي للمتحف وباقي الستة فصوص بند D،E ، F تمثل القاعة الأساسية للعرض التي تحتوى على 25 ألف قطعة، وهناك قاعة للعرض المؤقت للقطع التي تمثل مصر في المعارض الخارجية ووضع قطع بديلة لها، فنحن نمتلك أفضل سيناريو للعرض المتحفي، فقد تم الاختيار بدقة شديدة للقطع من خلال لجنة علمية متخصصة للمعارض .
ثمة ستة مخازن مصممة على أحدث التقنيات والطرق الحديثة، تستوعب أكثر من 50 ألف قطعة، والغرض من إنشائها استمرار مركز الترميم الذي يعتبر أكبر مركز للترميم به، يضم نخبة من المتخصصين والدارسين على مستوى العالم، فالمركز يستقبل الآثار من جميع أنحاء الجمهورية المكتشَفة قديماً وحديثاً.
مساحة الحائط الجدارى أو حائط الأهرامات تتجاوز ال 22 ألف متر، وهو يتكون من سبعة أهرامات ويشمل الحائط على ضلعين فى اتجاه الشرق بطريق الإسكندرية والثالث من ناحية الشمال وهو الخاص بالواجهة الزجاجية، ورقم سبعة له مدلول في الحضارة الإسلامية وجميع الديانات وله مدلول نفسي وديني «سبع سماوات - ألوان الطيف السبعة» الضلع الشمالي للحائط مكون من الزجاج ، ليكون نافذة إلى العالم لنؤكد من خلالها دور مصر الأول فى الريادة فهي منبع الحضارات، التي بدأت من الجنوب للشمال ونقلها الغرب وقاموا بتطويرها ليؤكد استمرارية هذا الدور من خلال هذا المشروع الثقافي الكبير.
المخطط العام للمتحف يضم مركزاً للمؤتمرات، وسينما ثلاثية الأبعاد، و28 محلاً تجارياً، ومطاعم، وفندقاً سياحياً، بالإضافة إلى 100 ألف تحفة أثرية، على مساحة تصل إلى 117 فدانا.
الفكرة القائم عليها تصميم المتحف هى تلاقي ثلاثة إشعاعات تنطلق من الأهرامات الثلاثة في نقطة واحدة تحدد جسم المتحف! وقد رُوعي في ارتفاع الحوائط أن تصل إلى أبعاد الهرم الأكبر بحيث إذا أقمنا خطًا مستقيمًا من نهاية حوائط المتحف سيصل إلى أعلى قمة الهرم الأكبر بمنطقة الأهرامات، ويمثل هذا الموقع إطلالةً فريدة على المتحف.
ذكاء الموقع
يتميز المتحف المصري الكبير بموقعه الإستراتيجي، حيث يقع على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي، بالإضافة إلى قربه من مطار أبو الهول الدولي الجديد؛ مما يتيح وصول أعدادا كبيرة من السائحين، كما أنه يقع مباشرة على الطريق الذي يربط بين M75 السريع الرئيسي طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي وكذلك الطريق الدائري الذي يخدم منطقة القاهرة الكبرى والمدن القريبة منها.
يمتلك المتحف العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة بما يحويه من مساحات هائلة، وما يضمه من مركز للمؤتمرات،و سينما ثلاثية الأبعاد،ونحو ثلاثين محلاً تجارياً، ومطاعم، وفندق سياحى.
جاء بناء المتحف المصري الكبير، في موقعه المختار فوق الهضبة الصحراوية الواقعة بين الأهرامات والقاهرة الحديثة، ما يتيح الفرصة لزائرية لمشاهدة أهرامات الجيزة الثلاثة : خوفو، وخفرع، ومنكورع عبر الحائط الزجاجي الموجود بالمتحف المصري الكبير.
يهدف المشروع إلى إنشاء متحف المصري الكبير بجوار الأهرامات في محافظة الجيزة "على بعد 15 كيلومتر جنوب غرب القاهرة" لدعم حفظ وترميم التراث الثقافي والتاريخي، ولتعزيز الأنشطة المتعلقة بالمجال المتحفي كعرض القطع الأثرية والأنشطة التعليمية، مما سيساهم في تطوير صناعة السياحة وخلق فرص العمل في مصر، وبالتالي دعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المتحف المصري المتحف المصري الكبير مصر المتحف المصری الکبیر متر مربع ألف متر
إقرأ أيضاً:
يوسف القعيد عن المتحف المصري الكبير: هرم رابع ينضم لأهرامات مصر
وصف الكاتب والروائي الكبير يوسف القعيد، الحدث المرتقب لافتتاح المتحف المصري الكبير بأنه الهرم الرابع الذي تبنيه مصر في العصر الحديث، مؤكدًا أن أهميته تضاهي الأهرامات التاريخية الثلاثة التي خلدت الحضارة المصرية، موضحًا أنه حدث سيبقى أثره لفترة طويلة قادمة.
وشدد «القعيد»، خلال لقائه مع الإعلامي عمرو حافظ، ببرنامج كل الكلام، المذاع على قناة الشمس، على أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُمثل حدثاً فاصلاً على مستوى الدولة المصرية، معقبًا: «ده حدث كبير جدًا ومن الأحداث الكبرى والعظيمة، والتعبير اللي أنا كتبته في مقالي بجريدة الأهرام إن ده الهرم الرابع بنبنيه الآن بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بيبنيه المصريون جميعًا بهذه القيادة الوطنية العظيمة».
وأكد أن هذا الصرح يمتلك قيمة تاريخية دائمة ولا يقل أهمية إطلاقًا عن الأهرامات الثلاثة اللي خلدت حضارة مصر على مدى سنوات طويلة جدًا جدًا وهذا الحدث سيبقى معنا لفترة طويلة قادمة من الزمان وسندرك أهميته الآن ولاحقًا.
وفي لفتة تقديرية، خصّ الكاتب والروائي الكبير يوسف القعيد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بعبارات شكر خاصة، واصفًا إياه بأنه صاحب الفكرة الأوّلية لإقامة المتحف المصري الكبير، قائلًا: «فاروق حسني أنا أعذره كوزير ثقافة وهو صاحب أول من تكلم عن هذا المتحف، وأنا أوجه له الشكر وأشكره وأشكره باسم كل المصريين.. لا بد أن مصر كلها تقول له شكرًا على فكرته وعلى تنفيذها وعلى خروجها للوجود بهذه الطريقة غير العادية».
وأشار إلى الدور الذي يلعبه المثقفون والمبدعون في المناصب القيادية، مؤكدًا أن فكرة فاروق حسني كانت فكرة مبدع ومفكر سبق زمانه ومنصبه، معقبًا: «فاروق حسني سبق زمنه وسبق وظيفته وسبق دوره، ومصر كلها.. أنا بعمل لك وسام من حبة قلبي كمصري يشعر بالانتماء لوطنه ويشعر بدوره الوطني العظيم جدًا».