في خطوة حاسمة نحو حل النزاع المستمر في الصحراء الغربية، اعتمد مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة قرارًا يؤيد خطة المغرب للحكم الذاتي في الإقليم، التي تقدمت بها المملكة المغربية منذ عام 2007.

والقرار، الذي تم تبنيه بمبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية، اعتبر أن هذه الخطة هي الحل “الأكثر واقعية” لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من خمسة عقود بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية.

وفي تعليق له على هذا القرار التاريخي، أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس أن المغرب حريص على إيجاد حل لا غالب فيه ولا مغلوب، وقال في كلمة بمناسبة إقرار الخطة من قبل مجلس الأمن: “إننا نعيش مرحلة فاصلة في تاريخ المغرب الحديث، فهناك ما قبل 31 أكتوبر 2025، وهناك ما بعده”.

وأضاف أن هذا القرار يأتي تزامنًا مع الذكرى الخمسين لـالمسيرة الخضراء والذكرى السبعين لاستقلال المغرب، وهو ما يعتبر “تحولًا تاريخيًا” في مسار القضية.

وتابع الملك محمد السادس قائلاً: “رغم التطورات الإيجابية التي تعرفها قضية وحدتنا الترابية، يبقى المغرب حريصًا على إيجاد حل يحفظ ماء وجه جميع الأطراف”.

وأكد أن المغرب لا يعتبر هذا التقدم “انتصارًا”، بل هو “فتح جديد” في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي للنزاع المفتعل في إطار حل توافقي يعتمد على مبادرة الحكم الذاتي.

كما وجه العاهل المغربي نداءً صادقًا إلى إخوانه في مخيمات تندوف، داعيًا إياهم إلى اغتنام هذه الفرصة التاريخية للعودة إلى الوطن والمساهمة في تنمية وطنهم وبناء مستقبلهم في إطار المغرب الموحد.

وأعرب عن دعمه لمسار الحوار الصادق مع الجزائر، مشددًا على ضرورة بناء علاقات جديدة تقوم على الثقة وحسن الجوار.

وفي ختام كلمته، جدد العاهل المغربي التزامه بالعمل على إحياء الاتحاد المغاربي وتعزيز التعاون والتكامل بين دوله الخمس، مؤكدًا أن هذه الوحدة هي السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة.

كما أعرب العاهل المغربي عن شكره للرئيس الأمريكي على جهود بلاده في حل النزاع، وأشاد بجهود المجتمع الدولي الداعمة لوحدة التراب المغربي.

في ذات الوقت، دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى حوار صادق بين البلدين من أجل تجاوز الخلافات وبناء علاقات قائمة على الثقة والأخوة.

هذا وصوّت مجلس الأمن الدولي لصالح القرار بـ 11 صوتًا مؤيدًا، دون معارضة، مع امتناع 3 دول عن التصويت.

والقرار الذي رفضت الجزائر المشاركة فيه، يُعد تأكيدًا على دعم المجتمع الدولي لخطة المغرب في منح الصحراء الغربية حكمًا ذاتيًا تحت السيادة المغربية.

هذا القرار يُعتبر خطوة هامة نحو حل سياسي واقعي ودائم للنزاع في الإقليم، الذي يعتبر من الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي وفقًا للأمم المتحدة. يُشار إلى أن الصحراء الغربية هي الإقليم الوحيد في القارة الإفريقية الذي لا يزال وضعه معلقًا بعد الاستعمار.

المغرب يقترح منح الصحراء الغربية حكمًا ذاتيًا تحت سيادته

يقترح المغرب منح الصحراء الغربية المتنازع عليها حكمًا ذاتيًا تحت سيادته “في إطار وحدته الترابية”، كحل وحيد لإنهاء النزاع القائم منذ العام 1975 مع جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم.

وعرض المغرب “مبادرته للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء” في 11 أبريل 2007، استجابة لدعوات مجلس الأمن الدولي الذي يتولى النظر في هذا النزاع، بغرض التوصل إلى “حل سياسي نهائي” له.

وصوّت مجلس الأمن الدولي الجمعة، وبمبادرة من الولايات المتحدة، لصالح دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، معتبرا أنها الحل “الأكثر واقعية” للإقليم المتنازع عليه، رغم معارضة الجزائر.

وبعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة على الإقليم المتنازع عليه أواخر العام 2020، نجح المغرب في كسب تأييد دول غربية لمقترحه أبرزها فرنسا وبريطانيا، العضوان الدائمان في مجلس الأمن، لكن جبهة البوليساريو والجزائر يرفضان حتى الآن هذا المقترح.

والمشروع الذي يقترحه المغرب ليس نهائيًا، بل يعرض التفاوض حوله مع جبهة البوليساريو التي ترفض المشروع، مؤكدة على المطالبة بإجراء استفتاء لتقرير مصير المنطقة، نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين العام 1991 برعاية الأمم المتحدة دون أن تنجح في إجرائه.

ويسيطر المغرب على الجزء الأكبر من المنطقة، ويعتبرها جزءًا من أراضيه قبل أن تخضع للاستعمار الإسباني أواخر القرن 19، ويؤكد أن سيادته عليها “لن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات”.

ماذا تضمن قرار مجلس الأمن؟

صوّت مجلس الأمن الدولي، وبمبادرة من الولايات المتحدة، لصالح دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، معتبرا أنها الحل “الأكثر واقعية” للإقليم.

ويتبنى مشروع القرار الأميركي الذي عُرض للتصويت الجمعة موقفًا مؤيدًا لخطة الرباط المقدمة عام 2007، والتي تنص على منح الإقليم حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية.

وامتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما لم تشارك الجزائر، في حين صوّت الأعضاء الباقون الأحد عشر لصالح القرار الذي جدد أيضا ولاية قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء الغربية لمدة عام واحد.

ويعتبر هذا القرار أحدث وأقوى تأييد من هيئة أممية لخطة الرباط، التي تحظى بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، فضلاً عن غالبية دول الاتحاد الأوروبي وعدد متزايد من الدول الإفريقية.

ويمتد الإقليم على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة الإفريقية، ويبلغ عدد سكانه 567 ألف نسمة وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.

ويؤكد المغرب، الذي يسيطر على نحو 80% من أراضي الصحراء، أن الإقليم جزء لا يتجزأ من ترابه الوطني، ويطرح خيار الحكم الذاتي تحت سيادته باعتباره الحل الواقعي والنهائي للنزاع. ولكن جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، تتمسك بإجراء استفتاء لتقرير المصير كما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع عام 1991، وهو ما يشكّل محور الخلاف المستمر منذ عقود بين الطرفين.

وترجع جذور النزاع إلى عام 1975، عندما وقعت إسبانيا قبل انسحابها من الإقليم “اتفاقية مدريد” مع كل من المغرب وموريتانيا لتقاسم إدارة الصحراء، وهو ما رفضه الصحراويون الذين أسسوا جبهة البوليساريو وبدأوا المطالبة بالانفصال.

كبير مستشاري الرئيس الأميركي يدعو إلى مفاوضات شاملة لحل قضية الصحراء الغربية

دعا كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، إلى مفاوضات تشارك فيها جميع الأطراف، للتوصل إلى حل دائم بشأن ملف الصحراء الغربية.

وقال بولس في منشور على حسابه في منصة “إكس”: “ندعو جميع الأطراف إلى الانخراط في المفاوضات من دون تأخير للتوصل إلى حل دائم لملف الصحراء يقوم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”.

وأضاف: “نتفق مع الملك محمد السادس على أهمية إطلاق حوار أخوي بين المغرب والجزائر لبناء علاقات قائمة على الثقة”.

ووصف المقترح المغربي للحكم الذاتي بأنه “جاد وواقعي ويشكل أساسا للحل”.

واختتم بولس منشوره قائلا: “تحت قيادة الرئيس ترامب تلتزم واشنطن بالعمل مع جميع الأطراف لتحقيق سلام عادل ودائم”.

هذا وكانت خرجت أعداد كبيرة من المغاربة إلى الشوارع في العاصمة الرباط وفي مختلف مدن البلاد احتفالا بتصويت مجلس الأمن الدولي الجمعة، وبمبادرة من الولايات المتحدة، لصالح دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية.

وعبّر المغاربة عن فرحتهم بالتصويت على دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، من خلال مسيرات واحتفالات شملت مدن المغرب المختلفة.

وقد شهدت مدينة سطات أجواء احتفالية مباشرة بعد اعتماد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 2797 حول الصحراء المغربية، وفي مدينة الداخلة، استمرت الاحتفالات بعد التصويت على القرار، معبرين عن دعمهم للموقف المغربي في القضية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الاقتصاد المغربي السيادة المغربية على الصحراء الصحراء الغربية الصحراء المغربية العاهل المغربي العاهل المغربي محمد السادس المغرب من الولایات المتحدة ت مجلس الأمن الدولی جبهة البولیساریو العاهل المغربی جمیع الأطراف هذا القرار

إقرأ أيضاً:

مجلس الأمن يعتبر الحكم الذاتي للصحراء تحت سيادة المغرب الحل الأكثر جدوى

اعتمد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، مشروع القرار الأمريكي بشأن قضية الصحراء الغربية، في نسخته الثالثة، تحت رقم 2797 (2025)، والذي جدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام إضافي، حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر 2026.

وحظي القرار بتأييد 11 عضواً من أعضاء المجلس، فيما امتنعت ثلاث دول عن التصويت، وهي روسيا والصين وباكستان، بينما اختارت الجزائر عدم التصويت.



وأكد القرار الأممي أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمكن أن يشكل الحل الأكثر جدوى للنزاع، في إشارة إلى المقترح المغربي الذي تقدمت به الرباط عام 2007، والذي وصفه عدد من أعضاء المجلس بأنه "أساس واقعي وعملي للتسوية".

كما دعا القرار إلى استئناف المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو، بمشاركة الجزائر وموريتانيا، من أجل التوصل إلى حل سياسي "عادل ودائم ومقبول للطرفين"، قائم على التوافق ومبدأ تقرير المصير، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.


وأعرب المجلس عن دعمه الكامل للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي ستيفان دي ميستورا، في جهودهما الرامية إلى دفع العملية السياسية، مشيدا بالمشاورات التي يجريها المبعوث مع الأطراف الإقليمية المعنية.

وفي أبرز بنود القرار، رحب المجلس بمبادرة المبعوث الشخصي لعقد اجتماع مباشر بين الأطراف، مؤكدا على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار و"تجنب أي أعمال من شأنها تهديد العملية السياسية".

كما دعا القرار الدول المانحة إلى زيادة التمويل المخصص للاجئين الصحراويين، معربا عن "قلق بالغ إزاء النقص الحاد في الموارد الإنسانية".

ورحب القرار باستعداد الولايات المتحدة لاستضافة المفاوضات المقبلة، دعما لجهود الأمم المتحدة في التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع.

وطلب المجلس من الأمين العام تقديم إحاطة دورية حول تطورات الملف، إلى جانب مراجعة استراتيجية شاملة بشأن مستقبل بعثة "المينورسو" خلال الأشهر الستة المقبلة، استنادا إلى نتائج المفاوضات.

وأكد القرار، في ختامه، على إبقاء قضية الصحراء الغربية قيد نظر مجلس الأمن الدولي، إلى حين تحقيق "حل سياسي نهائي ومتوافق عليه".

مقالات مشابهة

  • ملك المغرب يرحّب بقرار مجلس الأمن المؤيد لخطة الحكم الذاتي
  • الإمارات ترحب بقرار مجلس الأمن الدولي الداعم لمبادرة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء المغربية
  • مجلس الأمن يصوت لصالح خطة المغرب للحكم الذاتي
  • ما هي الدول التي صوتت لدعم خطة المغرب للحكم الذاتي بالصحراء؟
  • مجلس الأمن يؤيد خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية
  • العاهل المغربي يدعو لحوار مع الرئيس الجزائري.. ثمّن دعم مجلس الأمن للحكم الذاتي
  • من 50 عاما.. مجلس الأمن يقر بالحكم الذاتي للصحراء الغربية
  • مجلس الأمن يعتبر الحكم الذاتي للصحراء تحت سيادة المغرب الحل الأكثر جدوى
  • عاجل. مجلس الأمن يصوت لصالح خطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء الغربية